معتز حماد: فرشاة الفنان سلاح قادر أن يكتب تاريخياً

لقاءات 05:10 PM - 2020-02-03
.

.

يبحثُ في رسوماتهِ عن وطنٍ يحترمُ الجميعَ ويستمدُّ قوته الفنية من هموم الناس وأوجاعهم، وعلى صوت فيروز حيث يكمنُ سرُ الإبداع، لا يطيلُ حديثاً ولا يدخل في جدالٍ يختصرُ الأشياءَ ولا يسمحُ للواقع أنْ يفرضَ عليه المسمَّيات فهوَ يختار أصدقائه بنفسه ويحدد أوقات فراغه كما يريد.

ولأنَّه يؤمنُ بأنَّ أيَّ سلطةٍ من السلطات الحكومية ستزول يوماً ما فهوَ ينبذُ الحديثَ عن السياسة.

عاصر الوجع قديماً لذلك يعشق قراءة شعر مظفر النوّاب ويفضل الاستماع إلى الابوذيات، من أحلامه البسيطة التي كان يروم تحقيقها هي الدراسة في كلية الإعلام والتخرج منها وبسبب الأوضاع الأمنية في بغداد آنذاك لم يكتملْ هذا الحلم.

بعدها التحق للدراسة في كلية القانون ليتخرجَ منها ويصبح بعدها عضوًا في نقابة المحامين ليمارسَ مهنة المحاماة؟، وهو عضوٌ في اتحاد الفنانين التشكيليين والصحفيين والحقوقيين.

(وقراءاتٌ في أعماق) كان من أهم المعارض التي اشترك فيها التشكيلي معتز حماد كما شارك في كثير من المعارض الفنية في العراق.

 

وفيما يلي نص الحوار:

*ما هي العوائقُ التي تواجهها في عملية رسم لوحتك، وما هي الاعتبارات التي تأخذ بها وأين تكمن صعوبة الرسم؟

 أنا لا أبدأ الرسم وفي ذهني فكرة مسبقة أمسك الريشة وأغمسها في الألوان ثم أترك نفسي على سجيتها ثمَّ أنَّ رسامًا مثلي تدور في مخيلتي عدة أسئلة محيرة يجب عليّ أن أضع تساؤلاتي في اللوحة التي أروم رسمها.

 

*من أين تستمد هذه الرمزية التي نراها في لوحاتك من علَّمكمْ كلَّ هذا؟

أنت تتحدث عن الرمزية وأتصور أنك تعني ماهية اللوحة وتفسير قصد الرسام والغرض منها وهذه هي المشكلة التي يعاني منها الرسام لأنَّ فن الرسم يختلف بطبيعته عن الفنون الأخرى في أنه غير مفهوم لعامة الناس لكن بطبيعة الحال إذا كان الموضوع واقعياً فالطبيعة هي مصدري الأساسي في عملية بناء اللوحة أمّا إذا كان الهدفُ منها خياليًا فاعتمادي الكبير على المخيلة التي أستمدها من البُعد النفسي.

 

*متى كانتْ بداية أول لوحة رسمتها وما الغرضُ منها؟

 في مرحلة الإبتدائية حيث اكتشاف موهبتي وكانت اللوحة الأولى لي هي الناعور لما يحملُ من معزة خاصة في نفسي بسبب صوته الشجي.

 

*ما هي العوامل التي تزيد من إبداع اللوحة التي في يد رسامها هل يحتاج إلى طبيعة معينة أو مناخ خاص أو الرسم فن لا تحدهُ ظروف؟

بالطبع لكلِّ فنٍ طقوسه الخاصة الرسم في الليل بعيدًا عن الضجيج هو وقتي المفضل مع الاستماع لصوت المطربة فيروز خصوصًا في فصل الشتاء حيث يمكنني من التميز في رسم اللوحة.


*ولكي يكون القارئ على إطلاع والذي قد لا يعرفُ منهم كثيرًا عن الرسم ما هي فنون الرسم وإلى أي نوع من فنون الرسم تصنف نفسك هل هناك مدرسة معينة تنتمي إليها؟

 للفن عدة مدارس تجد منها الواقعية والتجريدية والفن الحديث أمَّا أنا فلا أنتمي إلى مدرسة بعينها لكنني أميل للفن الحديث أكثر.

 

*عدم اهتمام الحكومات المتعاقبة بعد ٢٠٠٣  بالفن وأهله وتحديداً الرسم هل أحدثَ في نفسك نوعاً من الإحباط والفشل؟

انا لا أرسم ليهتمَ بيَ الآخرون أنا أرسم لأنَّني أحملُ قضيةً ذات قيمة أكبر من كلِّ المسمَّيات وفي الفن كما في السياسة هنالك الكثيرون يعيشون القضية بصدق وكثيرون يتاجرون بها وأنا واحدٌ من الفريق الأول.

 

*هل تعتقد أنَّ هناك أشياءً مشتركةً بين الرسم والشعر أو حتى الموسيقى؟

أنا  من هؤلاء الأشخاص الذين يعتقدون أنَّ هناك شيئاً لا يمكنُ تفسيره في فن الرسم يجعل الجمهور في حالة  تعجب.

 

*هل تستطيع أن تكتشف لنا عن ماهية هذا الشيء؟

نعم هنالك علاقة حميمية بين الشعر والرسم حيث أن الشاعر يجسد مراحل الحياة عن طريق الكلمات والرسام يجسدها عن طريق الألوان والنقطة التي تجمع الرسام بالشاعر هي الإحساسُ والقدرةُ على تصوير الأشياء في العمل فكلاهما يشتركان بعوامل نفسية  تكمن في دواخلهما وتعزز قدرة الإبداع.

 

*ما رأيك بالمهرجانات التي تحدث في البلد وما مستقبل الرسم وهل برأيك أنَّ الرسام لا يجبُ أنْ يحصرَ نفسه في دائرة ضيقة كالمسابقات التي نراها؟

يجب على المهرجانات والمسابقات الفنية أن تأخذ دور الغربال الذي يعزل الأشياء الناعمة من الخشنة لكن أتصور أنَّ الفنان لايمكن حصره في دائرة ضيقة حتى لا يقللُ من نجاحاتِ أعمالهِ بأمورٍ ظاهريةٍ سطحيةٍ حتى الطفل صاحب الموهبة في المدرسة عليه أنْ يعيَ مدى أهمية الفن وأهدافه الحقيقية.


*لا ترغب بالعلاقات الواسعة ولا تحب كثرة الأصدقاء ولا تفضل التجمعات غالباً ما تكون منكبًا على نفسك وترغب في اختصار الأشياء هل هذه حالة خاصةٌ أمْ عامةٌ لدى كلِّ الرسامين؟

لا أعرف كيف يكون الفنانُ مبدعاً وهو يستهلك هذا الكم الكبير من اللقاءات الاجتماعية والصداقة لا تحدد بكثرتها من عدمه بل باختيار النوع الذي يكون ملائماً ومنسجمًا مع طبيعة التفكير والرؤى.

 

*معتز الإنسان يعيش حاله حال كثير من العراقيين الذين لا يزالون يعانون التهميشَ والحرمانَ من أبسط الحقوق لكن ماذا عن معتز الرسام؟

أحد الرسامين الكبار كان يبيع لوحاته ليشتري الخبز لكن أرى أنّ الفن أكبر من أنْ يستحقَ مالاً أو حتى يقيم بثمن.

 

*ما الأشياء التي كانت شغل الشاغل في منحك الأولوية في الرسم؟

ليس هناك مهم وغير مهم في الفن. لكنَّ الناعورَ و الوطنَ المفقودَ و بقايا إنسانٍ و المرأةَ النازحةَ والمدينةَ المفقودةَ هذه اللوحاتُ كان لها أثرٌ كبيرٌ في نفسي.

 

*لم تنل نصيباً كبيراً من الشهرة هل هذا الأمر يزعجكم وهل تطمحون إلى نشر اسمكم في ساحة المعرفة في المستقبل؟

لم تكن الشهرة يوماً من الأيَّام ميزانًا للإبداع والنجاح والأمر لا يزعجني بتاتاً بقدر ما يجب أنْ يوصلَ الفنانُ رسالته قدر المستطاع.


* معتز الكبير فنياً والفقير مادياً إلى درجة أنّه لم يجدْ  مكاناً يأوي إليه لحفظ لوحاته  هل هو قادر أن يواجه بإمكانياته البسيطة كل هذه الفوضى والتشرذم التي صنعها القائمون على الحكم في العراق؟

من لم يتذوقْ طعمَ الفن ولا يعرف قيمته الحقيقية لا تنتظر منه انصافاً وحقاً أقول لهم شيئاً مهمًا هو أنَّ سلاحَ فنانٍ كالفرشاة قادرٌ أن يكتبَ تاريخياً.

 

 PUKmedia/ محمد تحسين الحياني

 

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket