غوته والزرادشتية.. عن الصراع الأبدي بين الخير والشر

ادب و فن 11:30 AM - 2019-12-08
غوته والزرادشتية.. عن الصراع الأبدي بين الخير والشر

غوته والزرادشتية.. عن الصراع الأبدي بين الخير والشر

لم يرتبط أمير الشعر الألماني يوهان فولفغانغ فون غوته طيلة حياته بالثقافة الفارسية وبعلاقة روحية بالشاعر حافظ وحسب، بل حتى تعاليم وممارسات زرادشت الذي عاش في الألفية الأولى قبل ميلاد المسيح، ألهمته وأثارت إعجابه.
الناقدة الأدبية كريستينا مور تسلط الضوء على العلاقة بين غوته والزرادشتية.
الخير والشر وصراع الأضداد أمور موجودة منذ بدايات الإنسانية وقد تراكمت في أنماط مألوفة. وهو أمر نلمسه أيضا في تصور التاريخ لدى القديس أغسطين في ديالكتيك الفيلسوف هيغل وفي التعاليم الدينية، مثلا في الزرادشتية.
هذه الثنائية ضاربة بعروقها في القدم وما زال تأثيرها قائما إلى يومنا هذا لدى الشعراء والمفكرين. فمن سيدهشه إذن أن يهتم غوته بتعاليم وممارسات النبي القديم زرادشت، ويستلهم في مسرحيته فاوست، عبر الشخصية الماكرة ميفيستو، شخصية أهريمان ذات الطبيعة المظلمة، من الكتاب المقدس للزرادشتيين أفيستا، بل حتى القرابين الزرادشتية سنصادفها من جديد في عمل غوته وتستحق منا أن نلقي نظرة عليها، شأنها في ذلك شأن السؤال عما إذا كانت علاقته بالزرادشتية شبيهة بعلاقة آرسطو وفولتير ونيتشه وكانط بها وأن القوة الأخلاقية للتعاليم الزرادشتية أثرت به.

اللغة كوسيلة للوحي الحدسي
تتأسس الكلمة ويتأسس معناها حسب غوته على ضرورة داخلية وطبيعية. فاستعمال الوحدات اللغوية مرتبط بعاطفة الشاعر. وهكذا يتوجب أن نفهم اللغة كوسيلة للوحي الحدسي. وعبر هذا الفهم يوضح غوته العلاقة بين ديانة قدماء الفرس وازدهار فن الشعر في الشرق. فهي، وفقا لشعور غوته، من توحد بين المعنى والروح وهي وحدة تنبع من الأصلي والطبيعي، مثل اللغة نفسها.



عنصر النار يمتلك دورا أساسيا في الديانة الزرادشتية

سلطة العناصر
إن مجالات الدلالة لدى غوته المتمثلة في النار والسماء والنبات، كما يمكننا اكتشاف ذلك مثلا في مسرحية فاوست أو الديوان الغربي الشرقي، هي متجذرة أيضا في التعاليم الزرادشتية، بل تمثل محور فكرتها. وهكذا يجعل غوته فاوست يوضح ذلك قائلا: " من لم يعرف/ العناصر/ قوتها/ خصائصها/ لن يكون معلما/ فوق العقول".
ويلعب عنصر النار في الزرادشتية دورا أساسيا: ففي كل طقس تضحية يتم إشعال نار خالصة،  ستشكل المحور الذي سيدور حوله كل الطقس. وعبر ذلك يختلف التقليد الروحي للزرادشتيين عن الممارسات الدينية القديمة، يحيث أن جوهرا غير شبيه بالإله، وهو النار، من يحظى بالتقديس.
وبالنسبة لغوته فلقد مثل ذلك صدفة سعيدة: فبلاد فارس، بلاد الشعر، أو وطنه الشعري الثاني، هو لم يتطور عن أي دين كيفما كان، بل عن دين طبيعي "دين من يقدس النار"، والذي كان يشعر بالقرب منه. لقد رأى في هذا الدين "قلب الأمة الفارسية". ففي الديوان الشرقي يتغنى في قصيدة من قصائده بعبدة النار الذين أضحوا يعيشون في الشتات، بعد دخول العرب إلى بلاد فارس.

PUKmedia/عن موقع (قنطرة)

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket