صورة المرأة في رواية كنَه آتة خان

کتب 06:08 PM - 2019-11-10
صورة المرأة في رواية كنَه آتة خان للروائية

صورة المرأة في رواية كنَه آتة خان للروائية

د. بهاء عبد المجيد استاذ الأدب الأنجليزى بكلية التربية جامعة عين شمس وروائى ومترجم و صدرت له رواية حديثًا بعنوان خمارة المعبد .

هذه الرواية أدهشتنى و ملكت مشاعرى و حواسى منذ أن شرعت فى قرائتها فالحكى فيها بسيط و تلقائى و الأحداث تجرى تباعاً و تتلهف لتعرف حكاية السيدة "آته خان" الكردية مع كنَتها جينى الأنجليزية . الرواية يمكن تقسيمها الى خمسة أجزاء كل جزء منها يحكى قصة العائلة الكردية و علاقتها بجينى و علاقتها بالأخر الأجنبى .

الجزء الأول من الرواية تبدأ باستعداد الأسرة التى تعيش فى السلمانية للذهاب إلى بغداد لآستقبال حسن ابن السيدة اته خان العائد من لندن حيث ذهب للدراسة لمدة طويلة و لكنه لم يعد فقط بالدكتوراة و لكن بزوجة انجليزية و طفلين. تصف الرواية الرحلة و مدينة بغداد و حب أهالى القرية الكردية لهذه المدينة العريقة فتصف الكاتبة محلاتها و أسواقها و شوارعها و جوامعها و حركة البشر و المطار . تستقبل العائلة ابنها حسن و عائلته بالترحاب و الحنين و الودة .ثم تبيت العائلة فى فندق احد الأصدقاء الذى يستقبلهم أستقبالاً حسنًا و يقدم لهم أصناف الطعام و الشراب . تعود الأسرة إلى السلمانية و هناك تأخذ الرواية منحناً أخر ففى الفصول الأولى تركز الرواية على شخصية "آته خان" الأم و الحماة و تصورها على أنها شخصية قوية ،متحققة ،كريمة الخصال و الشيم، لها دور أيجابى فى حياة زوجها "ميرزا على " و ابنتها "بخشان" الفتاة المثقفة التى تجيد الأنجليزية و تكون حلقة الوصل بين جينى وأفراد العائلة . أما الجز الثانى فنرى تطور العلاقة بين جينى هذه الفتاة الأنجليزية الفقيرة و التى تحب حسن و ترحل معه اإلى موطنه كردستان والتى ظلت طوال الوقت مشاهدة لما يحدث حولها رافضة احياناًهذا المجتمع ليس فقط لكونها اجنبية و لكن لصعوبة التواصل من خلال اللغة الكردية، و التى لا تعرف منها بكاد غير كلمات قليلة، رغم مساعدة بشخان لها ،الا أنها كانت تشعر بالسأم و الضجر لصعوبة التواصل . فاللغة و الثقافة المتمثلة فى العادات و التقاليد وفى المأكل و المشرب وطرق الأحتفال تختلف أحياناً من بلد إلى أخر و هذا ما يؤدى الى الصدام الحضارى و عدم الفهم ،وضربت لنا السيدة الكاتبة كثيراً من المواقف مثلاً ذكريات حسن و أته خان عن طفولتهما فى رمضان برغم عدم وعى جينى بهذه الطقوس رغم أدعاء حسن أن زوجته جينى أسلمت و تفقهت فى الدين.و المثل الثانى متعلق بالملابس و رفض جينى أرتداء الزى الكردى حيث أنه يعيق الحركة ويظهر مفاتن المرأة بشكل مبالغ فيه فتفضل أرتداء التى شرت و الجينس و هذا يعرضها لأنتقادات كثيرة من قبل أهل حسن و معارفه الذين ظلوا طوال الوقت رافضين لهذه الأجنبية و كأنها مستعمر أجنبى احتل أرضهم ربما هذا الرفض لمحة لاشعورية لرفض العراق و كردستان قوات الأحتلال المتمثلة فى الولايات المتحدة و قوات الأمم المتحدة أذا اردنا أن نخرج من الرواية من التأويل الأجتماعى الى المستوى النفسى السياسى الذى تمتلىء به هذه الرواية الجميلة العميقة رغم صغر حجمها .تخيم ظلال التوتر و الحرب النفسية فى هذا الجزء بين جينى و حماتها و برغم محاولة كل منهما أن تتماسك و ان تحافظ على الأحترام و المسافة الأجتماعية و الأنسانية نجد أحياناً من جانب الأم التى تبدو فى واقع الأمر من خلال مقولاتها التى تتسم بالحكمة و المثالية تشير فى بعض الأحيان إلى بغض جينى و الرغبة فى التخلص منها رغم دفاع حسن عنه، فجينى لم تتعلم اللغة ورافضة لم هو كردى وشرقى . و فى نفس الوقت نجد جينى ترفض نموذج الأم الحماة التى تتطوع بفعل أشياء يمكن للأخرين القيام بها فترفض جينى أن تتدخل فى تربية أبنائها أو فى شكل العلاقة مع زوجها فهى نمزذج للمراة العقلانية المتزنة .

الذات الأنثوية موجودة بوضوح فى هذه الرواية و هو لا يقلل من قيمة النص و لكنه يعطى خصوصية للنص الذى يعتمد على تفاصيل الحياة اليومية و الأعتراف النسوى و زخم المشهد السردى لحياة القرية فلم تنسى الكاتبة ان تصور ببراعة الصراع النثوى و الأنسانى داخل المرأتان فأتة خان تريد أن تكون المرأة الأولى فى المنزل المسيطرة على زمام الأمور فهى تسَلف مشخلاتها و ملابسها ليس حبأً فى الخير على ما أعتقد ولكن تريد أن يكون لها اياد بيضاء على كثير من النسوة و حينما ننظر لجينى نرى أن الصراع متمثل لديها فى غيرتها على زوجها حسن من النسوة الكرديات و خاصة" كولالة" قريبته رقتها و لطف حسن معها . و لكن الصراع الطبقى و الثقافى يجعلها متقلبة المزاج رافضة للشأن الكردى فهى لم تهيأ نفسياً و لا أجتماعياً لهذا الدور فتظل مكتئبة و حزينة و ترغب فى العودة و هذا مايسمى ابالصدمة الحضارية التى تتميز بعدم التكيف و الضجر ثم تاتى بعد ذلك مرحلة القبول و لكن لم تصل لهذه المرحلة، و لم تنهى جينى رحلتها بالأندماج مطلقاً، فقد شعرت بالغربة و الأغتراب فى نفس الوقت، و تزحينا هذه الرواية إلى روايات الكاتب الأنجليزى أم .أى . فورسترمثل " الطريق إلى الهند " و رواية "حيث تخاف الملائكة الهبوط" فهما يتحدثا عن رحلة البطلة الأولى مسز مور إلى الهند و الأساطير المتعلقة بها التى لاتبدو صحيحة معظم الوقت و الذى يؤدى بصديقتها" مس أدلا" ان تتوهم أن السيد عزيز الطبيب قد أغتصبها فى أحد الكهوف . أما البطلة الثانية لرواية فورستر وهى الأرملة" لليا " الأنجليزية و التى سافرت إلى ايطاليا للتنزه فانبهرت بها و بالشاب الأيطالى جينو الذى لم يحبها و لكن أحب مالها و ماتت وهى تضع طفلها الذى أنجبته من جينو. فى الجزء الثالث من الرواية نشعر بجينى ووحدتها فى هذا المنزل الغريب بعد سفر حسن فى مهمة عمل، فتفتقده و تصبح صيداً سهلاً للتهكم الحميد من قبل أهل القرية و عشيرة حسن . فى الجزء الرابع و يتناول سفر جينى إلى لندن لترى عائلتها و هنا تصطحب جينى اخت حسن بخشان و يسافر معهم ايضا حسن . 

 

بقلم د. بهاء عبد المجيد- القاهرة

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket