داعشيات يمارسن الدعارة وأشبال الخلافة متسولون

تقاریر‌‌ 03:39 PM - 2019-05-21
فتاة داعشية تتسول بعد الاطاحة بالتنظيم الارهابي في الموصل

فتاة داعشية تتسول بعد الاطاحة بالتنظيم الارهابي في الموصل

نشرت مجلة (المجلة) اللبنانية تقريرا في عدد الصادر يوم الاثنين، حيث عنونت على غلافها "داعشيات يمارسن الدعارة وأشبال الخلافة متسولون".

 الطفل الفلاني يتهم الطفل الآخر ويقول له: «أنت أبوك مرتد قتل أبي لأنه كان مجاهداً في سبيل الله»، الآخر يرد عليه غاضباً: «أنا أبي شرطي وأبوك كان إرهابياً يقتل الناس والحكومة قتلته».  هذا ما عنونت به مجلة (المجلة) اللبنانية في غلافها في العدد الذي صدر يوم الا ثنين.

المشهد من إحدى أسواق الموصل، والطفلان موصليان لا يتجاوز عمراهما التاسعة، هذا المشهد يعكس حال المدينة التي تحررت عسكرياً ولكنها لحد الآن محتلة من قبل مشاعر الانتقام والانكسار... محتلة من قبل العوز والفقر من التحولات الخطيرة... تركة داعش ثقيلة لا يمكن لحكومة كحكومتنا تحملها، والكلام للصحافي الموصلي أحمد محمد.

ويقول أحمد محمد من الموصل لـ«المجلة»: «المدينة تائهة، هكذا أشعر، الشارع كان حديثه سابقا عن أوكار وأنفاق ومضافات ومعسكرات داعش، نحن اليوم مستمرون بالحديث عن داعش لكن عن مخيمات النازحين ومخيمات العزل، عن أطفالهم الذين تحولوا إلى متسولين ونسائهم اللواتي يتم استغلالهن جنسيا مكرهات أو طوعا».

 

الدعارة سبيلا لإبعاد الشبهة

ويوضح: «هناك مخيمات بجنوب الموصل هي مخيمات الحاج علي والقيارة وحمام العليل ويطلقون عليه المخيم الأميركي أو المخيم القديم، وهي ممنوع الدخول إليها إلا بموافقات أمنية... المخيم الأميركي الموجود بحمام العليل جنوب مدينة الموصل هو لعوائل داعش، وهم مضطرون أن يبقوا بالمخيم فليس لديهم مكان آخر، كثير من النساء لا يستقبلهن ذووهن»، مشيرا إلى «وجود حالات لاستغلال جنسي وغدت حديث الشارع والذي يكون إما من منتسبي الحشد الشعبي أو العشائري مقابل حمايتهن من الضغوطات الاجتماعية والملاحقات الأمنية أو من منتسبي الشرطة التي تسيطر على المخيمات، وهناك حالات لنساء اخترن طريق الدعارة إما لإبعاد الشبهة الداعشية عنهن وإما لتوفير حاجياتهن المعيشية، يمارسن الدعارة مقابل مبالغ بسيطة ومستلزمات بسيطة متعلقة بالمخيم من سلال غذائية أو الانتقال لخيام أفضل نوعا ما، مقابل 6 آلاف دينار أي أقل من 5 دولارات».

أحمد الذي التقى عددا من النساء، واطلع على عدة حالات لاستغلال أبناء وبنات عوائل تورطوا مع التنظيم، يؤكد أن «نساء من المخيمات ممن كان زوجها داعشيا أو كان أخوها داعشيا وتورط بجرائم، يعملن بالدعارة مقابل الحماية من الملاحقة الأمنية أو لتأمين قوت يومهن، وصولا إلى استخدام الأطفال في التسول، إلا أن الجهات المسؤولة في الموصل تتكتم عليها لاعتبارات اجتماعية وأمنية».

ويشير أحمد محمد إلى أن «نسبة التسول في ازدياد وهناك أرقام مخيفة... الحكومة المحلية والاتحادية لا تهتم بمستقبل هؤلاء الأطفال الذين ينتظرهم مستقبل معتم، وهناك عصابات منظمة تقوم بإجبارهم ونقلهم بسيارات إلى داخل الموصل، لغرض التسول في شوارع المدينة، وبعد حلول الليل تتم إعادة الأطفال إلى المخيمات مع سحب الأموال التي حصلوا عليها».

ويكشف أحمد محمد عن فساد حتى في المؤسسات الحكومية فيما يتعلق بتزوير المستمسكات لأناس كانوا ضمن تنظيم داعش، ويقول بهذا الخصوص: «هناك عصابات قامت بتزوير المستمسكات الرسمية لدواعش، وهم الآن يعيشون في كركوك أو بغداد أو حتى إقليم كردستان، وعدة مرات كنا نسمع عن ضبط مزورين أصدروا هويات أحوال مدنية لدواعش في نينوى وشهادات جنسية لدواعش منهم موجودين خارج البلاد مثلا في تركيا مقابل مبالغ مالية كبيرة بالتواطؤ مع ضباط ومنتسبين في دائرة أحوال الموصل».

 

داعش والأساليب الخبيثة

إذن أشبال داعش بعد التحرير يتحولون إلى متسولين، ومنذ بروز داعش في العراق في يونيو (حزيران) 2014. أظهر التنظيم وبشكل بارز الأطفال في دعاياته، ففي الفترة 2015-2016، وهي ذورة تجنيد الأطفال، ظهروا في 254 مناسبة ودعاية للتنظيم، من لم يقتل منهم أو يغادر إلى خارج العراق تجده اليوم في المخيمات أو على الطرقات يتسول، ولكن لا يجب أن ننسى أن الأطفال تغذوا على الفكر الداعشي فهم متشدّدون أيضاً، كثير منهم يمتلك القدرة على القتل والتحول إلى انتحاريين، وكانت المعسكرات في مدن العراق المحتلة من التنظيم، تعلّم الأطفال ما بين سن 6 و16 عاماً حمل السلاح وتنفيذ الإعدامات، والتي تقدر أعدادهم بالآلاف ــ من الأيتام أو المخطوفين أو من قيادات الصفين الأول والثاني في تنظيم داعش، وكان إلى جانب تعليمهم القتال، يتعلمون كيف يطيعون الأوامر في عملية غسل للدماغ ممنهج.

وكما القيادات الداعشية، فقد ذاب الأطفال ونساء الحسبة وكتائب الخنساء بعد عمليات التحرير بين النازحين وداخل بعض المدن، فيما قتل وهرب آخرون إلى سوريا أو دول أخرى رغم خطورة إهمال تلك الشريحة، بخاصة الأطفال والنساء الذين فقدوا ذويهم في المعارك وعزلوا في مخيمات خاصة، من التحول إلى أعداء للدولة والمجتمع.

لا قوائم رسمية تحدد الساكنين في داخل المخيمات ويمكن لأي عائلة أن تخرج أو تدخل من المخيم من دون متابعة، وأن عوائل داعش هي الأكثر انتشاراً في مخيمات جنوب الموصل، والقيارة، وحمام العليل.

واجهنا أحد المسؤولين عن المخيمات في الموصل بما يتم تداوله، وهو مدير دائرة الهجرة والمهجرين فرع نينوى خالد عبد الكريم، الذي خلال حوار «المجلة» معه يسهب في شرح الخدمات التي تقدمها مديريته للمخيمات، في حين يعتبر أن «قضية الاستغلال الجنسبي وممارسة الدعارة حالات فردية».

 

رسمياً... لا مشكلة

ويقول عبد الكريم من الموصل: «نحن في محافظة نينوى لدينا 14 مخيما تمتد من ناحية القيارة، والمدرج، والحاج علي، وناحية النمرود، وهي مخيمات النمرود والسلامية، والقسم الثاني ناحية الحمام وفيه مخيم حمام الأول والثاني، إضافة إلى مخيم جبل سنجار الواقع في قضاء سنجار»، مضيفا أن «أعداد العوائل حاليا أكثر من 39 ألف عائلة موجودة في عموم مخيمات الموصل أي ما يعادل 200 ألف نسمة»، نافيا وجود ما يسمى مخيمات العزل، قائلا: «نحن نتعامل بكل إنسانية مع العوائل الموجودة بالمخيمات التي نزحت خلال عمليات التحرير، وتم تدقيقها أمنيا ودخولها إلى المخيمات».

أما بخصوص حفظ الأمن الداخلي والخارجي في المخيمات، فيشير إلى أن «مسؤولية الأمن تنقسم إلى قسمين، قسم يتعلق بالأمن خارج المخيم وهي من مسؤولية وزارة الداخلية المتمثلة بمديرية شرطة محافظة نينوى عن طريق أفواجها المنتشرة في القيارة، أو في مخيم حاج علي أو النمرود أو مخيم الحمام، أما بخصوص الأمن الداخلي، فهناك نوعان من الأمن الداخلي، هناك بعض مخيمات خاضعة للأمن الوطني ومخيمات أخرى يتحمل مسؤوليتها الأمنية الأمن الوطني وإدارة المخيم».

ويضيف: «عموم المخيمات تتم إدارتها من قبل منظمات أممية دولية أو محلية، ولكن الغالبية العظمى هي دولية وكذلك منظمة الهجرة الدولية التي تدير مخيم الحاج علي ومنظمات أخرى تدير منظمات العليل والسلامية إضافة إلى منظمة محلية تدير مخيم جبل سنجار، فيما وزارة الهجرة والمهجرين هي المشرفة، لكن السلطة الإدارية والقانونية هي تابعة للحكومة المحلية والمتمثلة في إداراتها المحلية سواء كان في ناحية النمرود أو السمام أو القيارة أو قضاء سنجار».

وعن المساعدات يقول: «لدينا توزيعات تكون على شاكلتين، فإما أن تكون توزيعات موسمية شتوية أو صيفية، والتوزيعات المنتظمة كالمساعدات الإغاثية المنتظمة متمثلة بالسلال الغذائية والسلات الصحية وكذلك توزيع مادة النفط والغاز للطبخ والتدفئة».

ولدى سؤالنا عن حالات استغلال النساء داخل المخيمات، يؤكد على أنه «لا معلومات مؤكدة عن وجود مساومات حول الجنس مقابل الإغاثة في مخيمات نينوى الـ14، وهناك تقارير دولية، لكن في الحقيقة لم نجد شيئا على أرض الواقع، مستدركاً: «لكننا نعرف جيداً أن هناك أناساً تتراوح نسبهم بين 3 إلى 4 في المائة، وبرغبتهم قد يبيعون أنفسهم أو يدفعون بأطفالهم للتسول».

ويضيف: «كما أننا لا نمنع الناس من الدخول والخروج من المخيم، ولديهم حرية كاملة، لأنهم ليسوا محتجزين، والهجرة تتعامل مع النازحين وفق النظم الدولية وهي المعاملة الإنسانية، لذلك لا نسأل عن موقفهم الاجتماعي أو السياسي، ويقتصر على الموقف الأمني حتى لا يؤثروا على استقرار المخيمات والمحافظة».

ويتابع: «هناك تهويل لموضوع الاستغلال الجنسي في المخيمات من قبل الإعلام، والاستغلال الجنسي مقابل السلال الغذائية هي حالات فردية، أما موضوع الدعارة فلا ننسى أن المخيم بالنهاية هو مجموعة مجتمعات منتشرة وكل مجتمع لديه مشاكل، سواء التحرش أو الدعارة أو مشاكل أخرى».

ويختم حديثه معنا قائلا: «لدينا أكثر من 13 ألف منزل مهدم في المدينة بحاجة إلى أموال طائلة لإعادة الحياة مرة أخرى، البنى التحتية تم تدميرها خلال عمليات التحرير، والكثير من النازحين غير مسجلين، حتى الجهات الدولية لا تحصيهم أو عجزت عن إحصائهم، نحن بحاجة إلى فكر يحارب الفكر الداعشي».

 

الحكومة غير مهتمة

من جهتها، تكشف رئيسة لجنة الرعاية الاجتماعية والمرأة في مجلس محافظة نينوى، هيام إلهام، لـ«المجلة» عن عدم وجود «إحصائية معينة عن الأطفال المتسولين، مشيرة إلى أن «التقارير الصحافية والمنظمات تتحدث عن عمليات اغتصاب أو ممارسات جنسية إجبارية، وفي حقيقة الأمر لا توجد أي بلاغات رسمية من العائلات»، مستدركة: «لكن واقع المخيمات يشير إلى صعوبة العيش داخل الخيام، وقد يُضطر المواطنون فعلياً لبيع أنفسهم مقابل الطعام، لأفراد وليس لجهات منظمة».

وتضيف: «ليس هناك اهتمام بهذا الموضوع حتى إننا في لجنة الرعاية الاجتماعية عندما كانت لدينا تقارير تخص تسرب الأطفال من المدارس كان يتم التعامل معها بشكل سطحي، رغم أنه موضوع خطير جدا على المجتمع، لأن الأعداد تتزايد يوما بعد يوم وذلك بسبب سوء الأوضاع المادية للمواطنين، وكذلك بسبب عدم الاهتمام بمجال التعليم»، متابعة: «اليوم كثير من الأطفال هم متسربون من المدارس، وهناك أعداد كبيرة من المتسربين بسبب فارق السن، فخلال 5 سنوات لم تكن العوائل ترسل أطفالها إلى المدارس بالموصل بسبب الخوف من أفكار داعش لذا اضطروا إلى قطعهم عن الدوام ولكن بعد العودة وتحرير الموصل أصبح الطفل فوق السن القانونية التي لا تسمح له بالدراسة في الدوام الصباحي للمرحلة الابتدائية ولم تجد وزارة التربية حلولا لكثير من المشاكل المشابهة».

بخصوص مخيمات العزل والأطفال المشبعين بفكر داعش وإعادة دمجهم في المجتمع، تشير إلى أن «المشكلة ليست فقط أطفال المخيمات أو أطفال داعش ولكن لحد الآن مدارس الجانب الأيمن من الموصل لم يتم افتتاحها، وهناك أعداد هائلة من الأطفال المحرومين من الدراسة، وحتى التدريس داخل المخيمات كان يقتصر على تدريس مواد بسيطة وليس جميع المواد المقررة، وهو ما يتم فقط لإلهاء الأطفال خلال ساعات قليلة، ولكننا نحتاج دراسة شاملة كاملة واهتماما جديا».

وحول استغلال النساء في المخيمات، تقول: «لم تردنا شكاوى رسمية ولكنني أسمع، وكذلك اطلعت على تقارير، ولكن لم تسجل لدي أي شكوى رسمية» مضيفة: «التحديات كبيرة كانت أربع سنوات دمار وخراب لا يمكن اجتيازها بين ليلة وضحاها، كنا ندرك أنها بعد التحرير ستكون أصعب عما قبل التحرير».

 

أممية غائبة

الكثير يرى أن الحكومة الاتحادية والمنظمات الدولية مسؤولة عن استمرار المعاناة في المخيمات لأنهم يستثمرون الأموال الطائلة الممنوحة لإغاثة النازحين لزيادة أرصدتهم المالية الشخصية، ولو كانت فعلياً تسعى لإنهاء المأساة لكانت قد حولت أموال الإغاثة إلى تعويضات للمتضررين، وعزلت عائلات داعش المشبوهة في مخيم واحد، وسمحت للمواطنين العاديين بالمساهمة في إعادة الاستقرار من خلال العودة إلى المدن وبناء منازلهم.

وفي السياق، خرجت «هيومان رايتس وتش» بمجموعة تقارير كان آخرها قبل أيام، حيث وصفت فيه حبس العوائل العراقية بتهمة العلاقة مع داعش بأنه غير قانوني. وقالت نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة، لُمى فقيه، في بيان نشرته المنظمة، إن «اقتراح الحكومة العراقية بحبس عائلات أعضاء داعش لا ينتهك القانون الدولي فحسب، بل يتعارض مع هدف الحكومة المُعلن المُتمثل في تحقيق المصالحة بين السكان ما بعد داعش» مبينة أن «احتجاز العائلات غير المتهمة بارتكاب أي جرائم هو شكل من أشكال العقاب الجماعي الذي يغذي النقمة ويعلّق حياة الآلاف من المواطنين إلى ما لا نهاية».

وتحظى الموصل بنصيب الأسد من تلك العوائل، باعتبارها من أكبر وأهم معاقل التنظيم السابقة وعاصمة الخلافة المزعومة لـداعش، تأتي بعدها الأنبار ثم الحويجة كأكبر منطقتين في البلاد جرى فيهما عزل واضح لذوي التنظيم، حيث تم إبعادهم في مخيمات محددة.

وقد يقفز عدد العوائل التي يتهم بعض أفرادها بالانتماء إلى التنظيم المتطرف إلى أرقام مخيفة، إذا ما اعتبرنا أن الجماعات السكانية الممنوعة من العودة إلى بعض المناطق المحررة منذ سنوات، من ذوي الدواعش.

واختلفت طريقة تعامل الحكومات المحلية والجماعات العشائرية وحتى السكان في المحافظات التي كانت تحت سيطرة داعش مع عوائل التنظيم، ففي أغسطس (آب) 2016. قرر مجلس محافظة صلاح الدين «الطرد الفوري» لأقارب عناصر داعش، لفترة تتراوح بين 10 سنوات ومدى الحياة.

وظهرت في المحافظة خلال تلك السنوات، عمليات ثأر عشائرية، وحاول زعماء القبائل تطويقها بأي شكل من الأشكال، وكان قرار إبعاد عوائل التنظيم هو الحل الأسرع.

وفي يوليو (تموز) 2017، قرر مجلس قضاء الموصل ترحيل عائلات عناصر تنظيم داعش من المدينة وإسكانهم في مخيمات خاصة بهم بحجة أن أفرادها بحاجة لإعادة تأهيلهم نفسيا وفكريا.

وشهدت مدينتا حمام العليل والقيارة وقرى جنوب الموصل عمليات انتقام واسعة النطاق، حيث أقدم محتجون غاضبون من ذوي ضحايا تنظيم داعش على مهاجمة الدور السكنية لعائلات عناصر داعش وأضرموا النيران في بعضها.

 

PUKmedia/عن مجلة "المجلة" اللبنانية

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket