هل سيكون العراق ضحية حرب مقبلة؟

الاراء 01:42 PM - 2019-05-14
عدالت عبدالله

عدالت عبدالله

ان العراق وبسبب عوامل عدة، وعلى رأسها عامِلَي الجيو-سياسي Geopolitics وخارطة التقسيمات الطائفية، بلد معرض لأن يكون ضحية حرب قادمة بين الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الإسلامية الإيرانية. 

صحيح ان فرضية الحرب لاتزال مبكرة وتنعدم حالياً معطيات قاطعة توحي بوقوعها، ولكن مع ذلك، هناك الكثير من المؤشرات تُبين بأن ثمة فعلاً تمهيد مبرمج لحربٍ وشيكة بات يتوقف حدوثهاعلى طرق وكيفية تعاطي أطراف الصراع مع الإستفزازات السياسية والإقتصادية والأمنية المتبادلة، التي صارت تُلغم تدريجياً السبل السلمية والسياسية الممكنة للحيلولة دون نشوب الحرب كآخر خيار لحسم الصراع.

والعراق طبعاً، هو واقع في قلب المشهد والحدث، ولايمكنه تجنب المستجدات الخطيرة الآنية واللاحقة إذا ما أراد ذلك. كما ان الحديث عن مبدأ: "العراق أولاً"، الذي دعا اليه رئيس الجمهورية "برهم صالح" في إجتماعات متتالية مع رؤساء الكتل السياسية بإعتبار ان هذا المبدأ هو مبدأ وقائي لحماية العراق من تداعايات الصراعات الإقليمية والدولية وضمان أمن البلاد والعباد واستقرارهما، يظل، هو الآخر، مجرد حديث الإجتماعات، أوتفاهمات نظرية لاترقى الى الممارسة الفعلية، ذلك لأن الأطراف في العملية السياسية، وبكل صراحة، لا تلتزم بها، ومرد ذلك واضح للعيان!: ليس لمعظم هذه الأطراف أصلاً استقالية تامة في إتخاذ المواقف تجاه هذه الصراعات والتجاذبات الخارجية!، وإنما عادة ما تُبلور موقفها، بناءً على ما تمليها عليها دول إقليمية أو دولية حتى ولو كانت هذه الإملاءات بمثابة مفخخات سياسية لتوريط البلد وفقدانه لأي عِماد حقيقي تقوم عليه سياسة" النأي بالنفس"، خصوصاً تجاه مؤآمرات وتحشدات عسكرية مُستجدة تصدر عنقوى دولية وإقليمية متنازعة في هذه الأيام وتهدد أستقرار العراق، فما بالك في ظل غياب أي إجماع عراقي وثقافة سياسية وطنية تُفَضّل الإنتماء للبلد على الإنتماء السياسي للطائفة ونزاعاتها بل فِتَنها التقليدية التاريخية مع المذاهب والطوائف الأخرى. 

من جانب آخر، ليس للعراق اليوم سياسية إقليمية واضحة المعالم ومبنية على أسس مؤسساتية لا حزبية وطائفية كي تزول الخشية من مثل هذه التوقعات. فالبلد خالٍ تماماً من المناعة المطلوبة إزاء هذا الأمر، والدليل هو العلاقات الثنائية الخاصة والمشبوهة أحياناً التي تربط كل حزب سياسي مع أطراف خارجية، والتي تعود جذورها أساساً الى الصراعات الداخلية والفتن الطائفية التي وصلت بهم الى مرحلة تشبث هذه الأحزاب بمبدأ سياسي في غاية الخطورة، هو مبدأ "الإسقواء بالخارج" إستهدافاً للخصوم السياسيين من جهة وفرض الهيمنة في العملية السياسية وعلى الدولة وأجهزتها، من جهة أخرى. 

وقد أدى الرهان على هذا المبدأ الخطير الى ظهور ردود افعال داخلية مماثلة لدى الأطراف السياسية الأخرى لدرجة فقدان قدرة إشتغال العديد من هذه الأحزاب السياسية المتخاصمة على أي مستوى من مستويات التوكل الديمقراطي و"الإستقواء بالداخل"، أي كسب التأييد الشعبي وتقديم مشاريع سياسية وطنية مستقلة جامعة تُغلق الأبواب والمنافذ بوجه أي تدخل خارجي في شؤون العراق الداخلية، ما يعني ان هذا البلد ولهذه الأسباب قاطبةً، هو مهيأ أصلاً للتورط في صراع الآخرين في المنطقة وحروبهم، لاسيما نتيجةً لتدني المسؤولية السياسية وغياب الإنطلاق من منطلقات وطنية للتعامل مع الأزمات والتحديات الداخلية والخارجية للبلد، وفي ظل أستمرار تأزم العلاقة ايضاً بين مصالح الشعب العليا ومصالح الأحزاب الضيقة، والذي تجلى بوضوح تام في مقاطعة الكثير من العراقيين للإنتخابات التشريعية التي جرت في العام الماضي.

 

عدالت عبدالله / عن ايلاف 

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket