الإرادة المشتركة قبل الإدارة المشتركة

الاراء 08:53 PM - 2019-03-09
الإرادة المشتركة قبل الإدارة المشتركة

الإرادة المشتركة قبل الإدارة المشتركة

ما يجري في كركوك ليس بوضع طبيعي، في الحقيقة المدينة اكتسبت طابعا عسكريا في الآونة الأخيرة.. سابقا كان التركمان و العرب قلقين من الأوضاع و كانوا يطالبون باستمرار بتطبيع الأوضاع و كان الكورد منزعجين من ذلك الطلب، لكن الأمور الآن أنقلبت بمعنى أن الأغلبية الكوردية في المدينة يطالبون بتطبيع الأوضاع و التركمان و العرب يزعجهم ذلك المطلب!

و الحقيقة إن العرب و التركمان كانوا على حق في طلبهم سابقا كما أن الكورد حاليا من حقهم أن يطالبوا بنفس ذلك المطلب.

ويصل إلى مسامعنا باستمرار في وسائل الأعلام تصريحات لممثلي المكونات المختلفة مفادها أن الحل الوحيد لمشكلة كركوك هو الإدارة المشتركة.

لكن ما يرى من أفعال هو عكس تلك الأقوال الواردة في وسائل الإعلام فليس هناك مكون يعمل لخلق الإدارة المشتركة و مع الأسف لحد الآن اللغة المتبعة بين المكونات هي التهديد و الوعيد و تهميش الآخر.

المفاوضات التي جرت لتشكيل حكومة الإقليم بين الأطراف السياسية الكوردية عامة وبين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني خاصة مرة أخرى أعادت قضية كركوك إلى الواجهة دون أن يتمخض عنها خبر مفرحا ، بل نتج عنها سلسلة من ردود الأفعال.

المجلس العربي في كركوك و الكتلة العربية في مجلس المحافظة وممثلي التحالف العربي في مجلس النواب أصدروا بيانا مشتركا يبعث على الأسى لأنه مليء بالتهديد ويفوح منه رائحة الدماء و يغلب عليه عقلية حقبة ما قبل سقوط البعث.

ومن جهة أخرى عقد  القوى التركمانية اجتماعا مشتركا وأصدروا بيانا رفضوا فيه أي حل يفوح منه رائحة الكورد! 

وأصدر كل من رئيس الجبهة التركمانية وأحد أعضاء الكتلة التركمانية في مجلس المحافظةـ بيانين أعطوا لأنفسهم فيها حجما أكبر من واقعهم الحقيقي.

والكورد و بسبب التعنت الحزبي يراوحون مكانهم فلا هم يتفقون فيما بينهم و لا هم يحسبون حسابا للمكونات الأخرى مما زاد الطين بله فأزدادت بسببه الأوضاع في المدينة تعقيدا.

ولحد الآن كل مكون وحسب مصالحه الخاصة يفكر ويجتمع ويقرر و يتصل ببعض الدول كما يطرح على الأمم المتحدة و المنظمات الدولية بعض الحلول من وجهة نظره.

لحد الآن لا يملك أي مكون مشروعا جامعا خارج إطار مصالحه يراعى فيه مصالح جميع المكونات، والأخطر مما سبق  غياب الدولة وعدم وجود رؤية عند الحكومة العراقية لحل هذا الموضوع الحساس و يتضح للعيان إن دور دول الجوار وتدخلاتهم في ثروات و مصير كركوك أكبر من دور الحكومة العراقية أن لم نقل أنها غائبة عن المشهد.

إن مسألة الإدارة المشركة كحل حين يطرح لم يخرج من إطار دائرة التصريحات لأنه ولحد الآن لم يوضع قاعدة لبناء تلك الإدارة وعليه يجب أولا العمل على خلق إرادة مشتركة داخل المكونات جميعا لأن أية إدارة مشتركة ترى النور مستقبلا عبر اتفاق مشترك لن تنجح ما لم يكن خلفها إرادة مشتركة، لذا على الأخوة العرب خاصة بعد ما عانوه من ويلات أن يبتعدوا عن لغة التهديد و يصحوا من حلم ما قبل عملية تحرير العراق، كما على التركمان أن يكونوا واقعيين و أن لا ينسوا واقعهم الحقيقي و ليحتفظوا بنصائحهم لأنفسهم فربما يفيدهم و يفيد المدينة، و على الكورد إن يعرفوا أنه ليس باستطاعتهم أن يقرروا مصير المدينة منفردين ويستحوذوا على مقاليد الحكم فيها.. 

وختاما أقول لهم متى ما وصلتم لإرادة مشتركة ستفكون عقدة الإدارة المشتركة.

 

شوان الداودي

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket