حوار العمر... الرئيس مام جلال: اتفاقية واشنطن مع الديمقراطي كانت خطوة كبيرة ومهمة جدا

کتب 01:41 PM - 2019-02-05
الرئيس مام جلال

الرئيس مام جلال

تنشر صحيفة الصباح الجديد، وعلى حلقات، كتاب (حوار العمر... مذكرات الرئيس جلال طالباني... رحلة ستون عاما من جبال كردستان الى قصر السلام)، وهو من اعداد صلاح رشيد، وقام بترجمته الى اللغة العربية شيرزاد شيخاني.

والكتاب عبارة عن حوار مطول مع فقيد الأمة الرئيس مام جلال، على مدى عدة سنوات، وجمعها في كتاب واحد، لتكون على شكل مذكرات للرئيس مام جلال تناولت العديد من الجوانب في حياة الرمز والقائد مام جلال، على جميع الأصعدة، حيث يوثق مراحل مهمة من تاريخ النضال القومي، وكفاح ونضال الرئيس مام جلال.


الحلقة 57 

إعداد: صلاح رشيد

ترجمة: شيرزاد شيخاني

 

دعم إيران لعودة الاتحاد الوطني

 

* خلال تلك الفترة القصيرة نسبيا، إستطاع الإتحاد الوطني أن يستعيد عدة مدن ومناطق سابقة من يد قوات مسعود البارزاني، هل تلقيتم دعما إيرانيا لتحقيق ذلك؟

– في البداية لم نستطع تأمين إنسحاب منظم كما قلت، ولذلك حاولنا أن نجمع تلك القوات على الحدود وأن نعود الى مقرنا القديم في (ناوزنك) لإعادة تنظيمها مجددا، ونجحنا في تنظيم عدة آلاف من البيشمركة، وحينها وقعت بعض الهجمات علينا ولكننا تصدينا لها، وكانت إيران وعدتنا بالمساندة لكنها تراجعت، وقبلها ذهب كوسرت الى إيران وأبلغهم بأن البارتي إتفق مع النظام العراقي وأنهم عازمون على مهاجمتنا، فقال الإيرانيون “لا تخافوا، الأسلحة التي تستخدمها القوات العراقية سنجهزكم بمثلها، إذا جاءوا بالدبابات سنعطيكم دبابات، وإذا أرسلوا قوات الجيش سنساندكم بقوات البسييج”. وحسب ما سمعنا بعد إحتلال العراق لمدينة أربيل أصدر محسن رضائي أمرا فوريا بقصف مقر مسعود البارزاني بمنتجع (سري رش) بالصواريخ وفعلا وجه تلك الصواريخ نحوها، وظن الإيرانيون في البداية بأن هجوم القوات العراقية هو مخطط اميركي لجر الجيش الإيراني الى أتون المعركة، ولكن القيادات الإيرانية الأخرى رفضت قصف مقر البارزاني، وإلا فقد كان هناك عدد من القادة الإيرانيين الذين هددوا و قالوا بأنهم سيزجون بقوات البسييج الى المعركة و بأنهم لن يسمحوا للقوات العراقية أن تنتصر على الإتحاد الوطني. وكان الإيرانيون منزعجين من عودة قواتنا الى منطقة (ناوزنك) داخل حدودهم، وخافوا أن تتقدم القوات العراقية نحوها و تقع مناطقها الحدودية بيد تلك القوات المعادية وقد تأتي معها جماعة مجاهدي خلق و الكرد المعارضين للنظام الإيراني، كل ذلك ساهم في أن تستعجل إيران بمساعدتنا وتصد تلك المخاوف عن حدودها.

 

* وماذا كانت تلك المساعدات؟

– المساعدات كانت عبارة عن أسلحة إشتريناها منهم، ولكنهم قالوا “من الآن فصاعدا سنقف معكم، فقد أخطأنا حين قصرنا في دعمكم” ورفع هذا الموقف الإيراني من معنويات البيشمركة، وعند التخطيط لعملية العودة كان هناك رأيان:

الأول: أن يخوض الإتحاد الوطني حرب العصابات مع البارتي.

الثاني: أن نهجم على المناطق التي خسرناها و نستعيدها.

لم تشاركنا قيادات قوات البسييج في وضع الخطة ولكنهم أرسلوا بعض الخبراء لمساعدتنا لوضع خطة (الخدع) ، وأعطونا بعض صواريخ الكاتيوشا، لأن عددها كان قليلا عندنا. وهكذا بدأنا الهجوم إنطلاقا من منطقة (شاناخسي) و (باسني) وحررناها وقضينا على قوات البارتي من بكرة أبيها، و وصلت قواتنا الى حدود (جوارتا) و وقعت معركة ساخنة بين (قلاجوالان) و (جوارتا) فإنهزموا وهربوا من هناك. وفي محور (بينجوين) ساعدتنا إيران مرة أخرى بتأمين الأسلحة و الذخائر و تقدمت قواتنا تحت قيادة فريدون عبدالقادر و شوكت الحاج مشير و حررت (بينجوين) و (ناباريز). وكان فريدون، الملا بختيار، سالار عزيز، الملازم عمر، مصطفى جاورش و مصطفى سيد قادر في مقدمة صفوف القوات المقاتلة وقاموا بدور كبير في تحرير المناطق وإستعادتها (10).

 

هزيمة البارتي و هرب قواتها نحو كركوك

* كيف إنهزمت قوات البارتي بهذه السرعة و الى أين هربوا؟

– حين علموا بتحرك قواتنا حاولوا شن بعض الهجمات على القوات التي يقودها كوسرت في (جوارتا) ولكن كوسرت ألحق بهم هزيمة ولاحقهم بقواته، فهربوا نحو جبل (أزمر) ومن هناك الى مدينة السليمانية، حينها ظنوا بأن القوات الإيرانية تشاركنا لذلك لم يستطيعوا البقاء في السليمانية. كانت خطتنا تقضي بأن يتولى جبارفرمان قيادة قوات تحرير قضاء دربنديخان، ويتولى فريدون وشوكت تحرير (بينجوين)، وكوسرت والرفاق الذين ذكرتهم يحتلوا (جوارتا) ومنها يتقدمون نحو السليمانية، و وضعنا قوة إضافية في (دوكان) لنكمل حصار قوات البارتي داخل هذه الدائرة. وكانت هناك قوى أخرى مستقرة في (قردجاغ) لم تنسحب أصلا من هناك، وكان رأيي أن تتقدم تلك القوات نحو بازيان، ولونجحت هذه الخطة لكان بالإمكان أن نطوق قوات البارتي من أربع جهات، ولكن تلك القوات لم تلتزم بخطتي (ولا أريد أن أسمي المسؤول عن ذلك) ولذلك حدث فراغ مكن قوات البارتي من الإنفلات، فبعد أن سد طريق دوكان عليها هربت نحو (جمجمال) على طريق كركوك، ولكن الناس جميعا هبوا ضدهم وأنت تعلم بأن المنكسر المهزوم ما يكون حاله عند خسارة المعركة، ولذلك إرتفعت معنويات الناس في تلك المناطق ولاحقوا قوات البارتي. فحدثت الفوضى بصفوف قواتهم حتى أنهم لم يلحقوا بجمع ملفات مكتب تنظيمهم في السليمانية وتركوها في بيتي وإستولينا عليها جميعا وهكذا إنهزموا وهربوا الى كركوك يتقدمهم مسعود البارزاني ومن هناك عادوا الى مناطقهم. وبدأوا يبثون دعايات كثيرة ضدنا وبأن هناك عشرة آلاف من قوات البسييج تساندنا وتشاركنا في المعارك، وأقولها للتاريخ بأن فردا واحدا من البسييج لم يشاركنا في أي معركة ماعدا بعض قادتهم شاركونا في وضع الخطط الهجومية وتأمين الأسلحة والمعدات والذخائر لنا.

وأريد أن أٌقول، بأنني أعتقد بأنه كان هناك نوعا من إتفاق بين العراق وإيران، لأن رفاقنا جمعوا قواتهم وسار بعضهم نحو مدينة حلبجة لتحريرها، وأخرى إتجهت نحو أربيل و (سري رش) بعد أن حررت (دوكان). وقوات أخرى بقيادة محمد الحاج محمود ومصطفى سيد قادر جاءت من (ناوزنك) وحررت رانية وجبل ( كيورش) وتقضي خطتهم بالتقدم نحو شقلاوة لإستعادتها، بعد كل تلك الإنتصارات وتقدم قواتنا بدأت التدخلات تتكثف. التدخل الأول جاء من العراق، فقد أرسلوا برسالة من كفري الى جبار فرمان يقولون فيه “الى جبار فرمان، نحذركم من التقدم نحو أربيل، ففي حال حدث ذلك سنضربكم مرة أخرى”. وفي ذات الوقت هاتفني الاميركان ورجوني بأن أتخلى عن تحرير أربيل وقالوا “إذا ذهبتم الى هناك سيتدخل العراق في المعركة حينها لن نستطيع أن نقف مكتوفي الأيدي وسنضطر الى ضربهم، ونحن الآن في مرحلة الإنتخابات وصديقكم كلنتون يخوض معركة الرئاسة الثانية و سيكون ذلك محرجا له فنرجو منكم مراعاة هذا الوضع”. كما أن الإيرانيين بدورهم قالوا “لاتتجاوزا الحدود التي وصلتهم إليها حاليا”، لولم تكن تلك التدخلات والتهديدات لكان سهىلا علينا المضي والتقدم نحو أربيل وشقلاوة وتحريرهما، فقوات البارتي إنهارت تماما. على كل حال ما فعلوه بنا، أذقناهم ضعفين، عقدنا إجتماعا وناقشنا الأمر بيننا وتوصلنا الى قرار بأنه لا ينبغي أن نصم أذاننا عن النداءات التي تأتينا من أنحاء العالم”. ولذلك وقفنا في الحدود التي وصلنا إليها ومع ذلك عاودت قوات البارتي هجماتها و وصلت الى حدود (دوكان) ولكننا ألحقنا بهم هزيمة منكرة وعادوا الى قواعدهم وإستقرت القوت جميعا في الحدود الحالية.

 

الدور التركي في الاقتتال الداخلي

*وهل كانت هناك أسباب أخرى غير القصف التركي لإنسحابكم؟

– لم يكن إنسحابا بالمعنى الصحيح، بل حاولوا دفعنا الى الوراء خطوة خطوة، ولكننا صمدنا ولم ننسحب من أي موقع، رجاني ديفيد ويلش كثيرا وقال “أرجوك إخلي ولو جبلا أو تلة حتى أتذرع به لطلب التفاوض مع الأتراك” أجبته “لا لن ننسحب، بل سنواصل قتالنا شبرا بشبر فنحن قاتلنا وسنبقى في مكاننا ولن نتخلى عنه”. ولكن دبابات الأتراك دخلت بكثافة في القتال الى جانب البارتي، فعلى سبيل المثال نجحت تلك الدبابات في الصعود الى (تلة حمد اغا) وأخذتها منا، ثم إستولت على منطقة (هيران)، ومن ناحية أربيل تقدمت الدبابات صوب وادي (سماقولي) وإحتلت رواندوز، كانت الدبابات تأتي من كل مكان، والطائرات كانت تحوم فوقنا، وقوات الكوماندوس التركية ومدافعها على الأرض. لقد إستجمعوا أفضل طائراتهم المتقدمة من ضمن قواتهم في حلف الناتو من نوع (اف 15 و16) وكان القصف مستمرا من الصباح الى المساء.


اتفاقية واشنطن

اتفاقية واشنطن وبين الإتحاد والبارتي

 

* بعد فشل جهود كثيرة لتحقيق المصالحة إثر معركة (عاصفة الثأر) تدخلت اميركا ونجحت في عقد إتفاقية واشنطن لتحقيق السلام والمصالحة بينكم و بين البارتي، هل لنا أن نعرف كيف حصل ذلك الإتفاق و ماهو تقييمك له؟

– جاءت الإتفاقية بمبادرة من اميركا، لقد بذل الاميركان سابقا جهودا مضنية مع الحزبين لتحقيق المصالحة، وأرسلوا وفودا عديدة الى كردستان و بالأخص روبرت دويتش الذي تجشم عناء كبيرا بهذا المجال، ومنذ البداية وافقنا على جميع المقترحات التي قدمها الاميركان، ولكن البارتي كان يرفضها دوما. وبعد توقيع إتفاقية أنقرة في 31/10/1996 تراجع البارتي مرة أخرى عن إلتزاماته. وكانت الإتفاقية تضم 16-17 مادة وافقنا نحن عليها جميعا، ووافق عليها أيضا سامي عبدالرحمن الذي ترأس وفد البارتي، ولكن المكتب السياسي لحزبه لم يوافق، وهكذا بدأ الاميركان بالمبادرة لأخذ زمام الأمور بأيديهم وحاولوا أن يفعلوا شيئا حتى لا تتعرض تجربة كردستان الى الأنهيار ويستفيد منه النظام العراقي، وخاصة أن البارتي بعد إحتلاله أربيل جر النظام الى أتون المواجهة وأراد أن يعطيه دورا في ذلك، ولكن الاميركان حاولوا إفشال تلك المخططات ومنع النظام من أي تدخل، ولذلك إستدعونا الى واشنطن وأتذكر أنه في أول لقاء جمعني مع مسعود، كان هو جالسا في غرفة و حين دخلت عليه تصافحنا بحرارة و جلسنا معا، فإستغرب الاميركان هذا اللقاء الحميم لأنهم لم يكونوا يتوقعون ذلك.وبعد مناقشات مستفيضة بيننا وبين البارتي توصلنا الى قبول المشروع الاميركي الذي أعد بهذا الشأن، وكان الاميركان قدموا لنا مشروعا آخر فيما سبق وهو مشروع يلبي معظم مطالبنا الأساسية من حيث إستعادة الأموال و توزيع المساعدات والعودة الى أربيل. وظن بعض أعضاء البارتي أن هذا المشروع صاغه و كتبه الدكتور برهم صالح و لذلك رفضوه، فأعد الاميركان مشروعا بديلا ووافقنا عليه و وقعناه معا، وأخذوا نص الإتفاق الى السيدة مادلين أولبرايت و طلبتنا السيدة أولبرايت فذهبنا إليها أنا و مسعود بارزانی و برهم و هوشيار زيباري. قدمت السيدة أولبرايت تهانيها إلينا وقالت”هذا إتفاق جيد، وأوعدكم إذا إلتزمتم به فسندعمكم وندافع عنكم وسنساعدكم أيضا في إعادة إعمار بلدكم، وأنا على إستعداد لكي أعلن الإتفاق أمام و كالات الأنباء لأؤكد لكم دعم اميركا، ولكن لدي بعض الشروط عليكم أن تعدوني بالموافقة عليها وهي:

أولا: تعدونني بأن تطبعوا الأوضاع، وأن تتحول مدن أربيل ودهوك والسليمانية الى مدن آمنة للكل.

ثانيا: تصبحون شركاء في الموارد المالية و توزعونها بينكم بالعدل.

ثالثا: تقبلان معا بتنظيم إنتخابات جديدة.

رابعا: توحدوا الحكومة والإدارتين.

فإذا قبلتم بهذه الشروط الأربعة، سآتي معكم و أعلن الإتفاق.

سبقني مسعود بارزانی بالرد عليها وقال “نوافق على جميع الشروط وبزيادة أيضا” و قلت أنا “أضم صوتي الى صوت كاك مسعود وأقبل جميع شروطكم”، خرجنا من عندها، ثم أعلن الإتفاق بحضورها ورعايتها.

 

* وما كانت أهم نواقص إتفاقية و اشنطن برأيك؟

-أعتقد بأننا تركنا بعض الثغرات في الإتفاق، منها: تنص المادة الأولى من الإتفاق “يجب على البارتي أن تعطي حصة من موارد منفذ إبراهيم الخليل الى الإتحاد الوطني ” لكن المادة لم تحدد مقدار الحصة أو نسبتها التي يجب أن نستلمها. ولذلك حين جاء الوقت توزيع الحصص قالوا في البداية أن الموارد هي 30 مليون، ثم قالوا أنها 10 ملايين فقط! فلو حددنا الحصة لكان لزاما على البارتي أن تسلمها لنا كما إتفقنا ولم نكن نتعرض لكل تلك المشاكل فيما بعد. وتطرق الإتفاق أيضا الى مسألة (البرلمان الإنتقالي) لكنه لم يحدد هل أن المقصود هو تجديد البرلمان القديم، أو هو إنتخاب برلمان جديد، فلو حددنا ذلك لما وقعنا في خلاف. وحول أمن أربيل، إتفقنا أن تتشكل هيئة من البارتي والإتحاد والتركمان والآشوريين، ولم نحدد سقفا زمنيا لذلك، لو فعلنا ذلك لكان بإمكاننا أن نسرع عملية التطبيع. وبالطبع كانت هناك ثغرات أخرى يجب أن نسدها قبل توقيع الإتفاق ونوضح النقاط بشكل أفضل، حتى لا يلوي أي طرف عنق تلك النصوص بما يتوافق مع مصلحته، وكي لايبقى لدى أي طرف حجة أو مبررا للهروب من تنفيذه.

 

* وماكانت الأهمية السياسية للإتفاق بالنسبة للقضية الكردية؟

– رغم كل الثغرات التي تحدثت عنها، ولكني أعتبر الإتفاقية خطوة كبيرة ومهمة جدا لو نظرنا إليها بعين المصلحة القومية و الاستراتيجية، فهذه هي المرة الأولى التي تتدخل فيها اميركا وعبر وزارة خارجيتها في قضية خلافية داخلية كردية، وهي المرة الأولى أيضا التي تهتم اميركا بقضايانا على أعلى المستويات السياسية، وتأتي وزيرة الخارجية بنفسها لرعاية الإتفاق وتقدم تهانيها لنا وتسعى لتوحيد الصف الكردي وتعلن دعم بلادها للإتفاق. وضم الإتفاق أيضا نقاطا وإشارات مهمة جدا فيما يتعلق بالفدرالية و الديمقراطية للعراق و عدم السماح للتدخلات الخارجية. وكانت الإتفاقية بحد ذاتها إنتصارا كبيرا للشعب الكردي، فأنظر بنفسك كيف أن اميركا حين تتدخل لحل أية قضية في بلدان العالم فإنها ترسل موفدا منها، ولكننا حظينا بإهتمام ورعاية وزيرة الخارجية نفسها. وأعتقد بأنه رغم الثغرات الموجودة بالإتفاق ولكنه رفع مستوى القضية الكردية في المحافل الدولية وأقر بأهمية القضية الكردية ونضال الشعب الكردي وإهتمام اميركا بوحدة الصف الكردي ومستقبل شعب كردستان. ولذلك أعتقد بأن الإتفاق كانت له أهمية دولية وأسفر عن تحقيق جملة من الخطوات الإيجابية، فقد أنهى القتال الداخلي الى الأبد، ولم تحدث مصادمات ومناوشات إعلامية أو مهاترات بعده، ثم ساهم الإتفاق بالعودة التدريجية للمشردين من ديارهم، ثم بدأ إنسحاب القوات، ثم شرعنا بتطبيع الأوضاع بين الطرفين.وكان مسعود البارزاني يتحدث دوما عن ضرورة وأهمية عودة الثقة بيننا، وبعد الإتفاق توصل قال “الآن أنا أثق بأن مام جلال يريد حقيقة أن يتصالح معنا، وكل المعارك والمواجهات التي وقعت لم تكن ترضيه أو ترضيني بل فرضت علينا، وكان ذلك بحد ذاته كسبا مهما”. وبعد ذلك توصلنا الى عدة إتفاقات منها تفعيل وإحياء المجلس الوطني الكردستاني وما تبعها من إنجاز بعض الأعمال لأجل التطبيع.


مستقبل الصراع

بين الإتحاد والبارتي

 

*بعد تجاوز تلك المرحلة بسنتين، هل تعتقد بأن الصراع العسكري سيتحول الى صراع مدني بين البارتي و الإتحاد الوطني؟

– من جهتنا كإتحاد وطني قررنا أن يكون صراعنا مع البارتي صراعا نموذجيا وإيجابيا، فبدلا من القتال وتبادل الشتائم و المهاترات، نحول الصراع والمنافسة الى حالة إيجابية، ولنبدأها من منافساتنا الحزبية، و نؤطرها بإطار السياسية الوطنية والقومية، و نحصرها داخل الحكومة بيننا و نتسابق من أجل خدمة المواطن وتحقيق أمانيه، ونعمل لأجل توحيد قوات البيشمركة وجعلها قوة وطنية، ونتنافس على مستوى المنظمات الديمقراطية، ولنر من يقدم الخدمة الأفضل ويتصرف بشكل أكثر ديمقراطية ويحقق الحريات أكثر من الآخر، دعونا نتنافس هكذا ولنر من سينتصر في الميدان.

 

* كثيرا ما يتردد القول بأن الإتحاد الوطني يتعامل دائما بمرونة مع البارتي و بأن مام جلال يقدم تنازلات كثيرة للعائلة البارزانية، هل تعتقد بأن هذه التصرفات تفيد فعلا لإقرار السلام، ألا تعتقد بأن ذلك ضعف منكم؟

– أقر بأن هذه المرونة موجودة عندي وأني معتاد عليها، ولكني أعتبرها تصب في خدمة قضيتنا القومية وتحقيق السلام وهو الهدف الأسمى للشعب، فهذه العائلة تحتاج الى مواقف تعيد الثقة بيننا وتطمئن قلوبهم تجاهنا ولذلك أتعامل معهم بهذا الأسلوب. بالنسبة لي لدي علاقة قديمة جدا مع العائلة البارزانية منذ عهد الملا مصطفى، وكانت لي علاقة طيبة مع الشيخ أحمد البارزاني وكذلك مع العديد من أبناء وأحفاد البارزانيين، فعلى سبيل المثال كانت علاقتي جيدة جدا مع الشيخ صادق ومع عبيدالله نجل البارزاني. كذلك مع عدد كبير من البيشمركة الذين أحاطوا بالملا مصطفى، وأعتقد بأن هذه العلاقات ضرورية ومطلوبة، وخاصة أنت تعرف بأن هذه العائلة تقود وتترأس الحزب الديمقراطي الكردستاني وهم قادته الحقيقيون، ولذلك فإن تحسين العلاقة مع هذه العائلة سينعكس على تحسين العلاقات بين البارتي والإتحاد الوطني.

وأعتقد بأن مام جلال حين يتصرف هكذا فهو لايريد شيئا لنفسه، بل من أجل تحقيق مكسب لكردستان وتحقيق أماني شعبه، وأظن بأن الشعب بأكمله يدرك هذه الحقيقة ويستوعبها ولا أرى ذلك ضعفا مني، أما كيف يفسر أعضاء البارتي هذه العلاقة فهم أحرار، ولكن الآن أصبح الجميع يدرك بأن الإتحاد ينطلق من موقع القوة لتحسين علاقاته معهم.فليس وضع بيشمركتنا أسوأ من وضعهم، و حكومتنا ليست أسوأ حالا من حكومتهم، فعلاقتنا مع شعبنا أفضل، ومع تركيا واميركا ويران والدول العربية تتطور. وكذلك علاقاتنا مع الإشتراكيين الديمقراطيين وخاصة بعد أن أصبحنا مرشحين لعضوية منظمة الإشتراكية الدولية، ولذلك فهم مسعود البارزاني ورفاقه بأننا لسنا ضعفاء، بل نحن حريصون عبلى مصلحة الكرد وحل مشاكله وخلافاته.

 

* وهل تعتقد بعد كل هذا القتال و المصادمات أن تنجحوا في توحيد الإدارتين و تشكيل حكومة موحدة؟

– حول تأسيس الإدارة الموحدة أعتقد بأن الفكرة لم تنضج بعد عند البارتي، وتتذكر أنه حين شكلوا حكومتهم برئاسة نيجيرفان البارزاني كتبت مقالا وقلت فيه “بأننا مستعدون للإنضمام الى حكومة نيجيرفان و قبوله كرئيس للحكومة”. ولكنهم رفضوا.ولذلك أعتقد بأن البارتي لم يصل بعد الى قرار بتوحيد الحكومتين رغم أنهم منزعجون من هذا الإنقسام، ولكنهم لم يصلوا بعد الى قناعة كاملة بتوحيد الإدارتين.

 

PUKmedia 

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket