العلم الكوردي ما بين السيادة القومية وانتهاك الرموز

الاراء 02:39 PM - 2019-01-19
العلم  الكوردي ما بين السيادة القومية وانتهاك الرموز

العلم الكوردي ما بين السيادة القومية وانتهاك الرموز

في خضم موضوع رفع العلم الكوردي مجدداً فوق مقرات الإتحاد الوطني الكوردستاني في كركوك لم أحبذ الحديث عنه في ذلك الوقت، ولكنني كنت أنوي الحديث عنه بعد هدوء الأجواء لتكون لي كلمة لكلا الطرفين.

ذلك العلم الذي يتخذه إقليم كردستان علماً له في الحقيقة منذ تأسيس جمهورية مهاباد إلى يومنا هذا هو علم قومي للكورد. 

بعد عملية تحرير العراق عام 2003 إلى أحداث 16 أكتوبر سنة 2017، ذلك العلم كان يرفرف حتى جبال حمرين ولم يكن هنالك أي اعتراض أو تحسس من أي جهة حوله. وحسب المادة 3 من الدستور العراقي فإن "العراق بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب" ويحق لكل مواطن كوردي الإعتزاز بذلك العلم ورفعه في الأماكن الخاصة كما يحق للأحزاب والأطراف الأخرى.

في كل العالم، البلديات والمنظمات وحتى الشركات لهم علمهم الخاص وما يرمز لهم ويرفعونه فوق مقراتهم ومكاتبهم.

وفي المناطق التي تسمى المتنازع عليها حين قام محافظ كركوك وقائمة التآخي في مجلس محافظة كركوك والتي تمثل الأكثرية في ذلك المجلس ودون الرجوع إلى التشاور أو التفاهم مع القوميات الأخرى في تلك المناطق في بداية 2017 اقروا ذلك العلم علما رسميا ورفعوه الى جنب العلم العراقي فوق المؤسسات الحكومية والرسمية للدولة العراقية في كركوك. ونتيجة لذلك كانت هناك ردود أفعال سلبية والحكومة العراقية في عملية بما يسمى بـ"فرض القانون" فرضت الأمر الواقع بدون مسؤولية وزادت من حساسية الوضع وخلقت أزمة في المدينة حين منعت رفع علم كردستان فوق مقرات الأحزاب الكوردية ومما زاد الطين بلة هو إنزال العلم الكوردي الذي كان يرفرف بيد تمثال البيشمركة ووضع العلم العراقي بدلاً عنه دون الشعور بأن هذا العمل يجرح الإحساس القومي لدى الكورد في حين هم يشكلون مكونا اساسيا في المجتمع العراقي وأن البيشمركة وفي ظل ذلك العلم كان يحمي مدينة كركوك وأهاليها بمختلف قومياتها ومذاهبها من بطش الدواعش وكانوا ينعمون بالسلم والأمان بالإضافة إلى أن قوات البيشمركة وبحسب الدستور هي جزء من المنظومة الدفاعية للدولة العراقية.

وكما فعل الأمريكان تحت مسمى التحرير دخلوا العراق وبعد ذلك اعتبروا أنفسهم محتلين فإن الحكومة العراقية وباسم "فرض القانون" دخلوا كركوك وتحت ذلك الشعار لم يخرقوا القانون فحسب بل خرقوا العديد من فقرات الدستور العراقي فيما يخص حقوق فئة معينة، ومثالا على تلك الخروقات هو منع رفع العلم الكوردي وإعادة عمليات التعريب وإبعاد المسؤولين والمدراء الكورد عن مناصبهم، وكل هذا ولّد شعوراً لدى الكورد بعودة النظام البعثي إلى المدينة بدلا من فرض القانون.

وكان لاستمرار ذلك الوضع تداعيات سلبية وكان من الأجدر للكورد أن يبعدوا هذا الموضوع عن المزايدات السياسية فيما بينهم وأن يتعاملوا مع الموضوع باعتباره موضوعا قانونياً وليس سياسيا والتوجه إلى المحاكم لحسم تلك الخروقات الدستورية عن طريق القانون وإعلام الرأي العام بالداخل والخارج بأن السلطة العراقية بالإضافة إلى العلم العراقي والرئيس ورموز الدولة قد رفعوا آلاف الأعلام الدينية والمذهبية وصور القيادات والمراجع الدينية والمذهبية وليس فقط العراقية وإنما بعض الدول الأخرى أيضا في الشوارع وفوق العديد من المؤسسات الرسمية والحكومية في المدن العراقية كافة وفي نفس الوقت يتم منع رفع العلم الكوردي في مدينة كمدينة كركوك حيث يمثل فيها الكرد الأغلبية وبحسب الدستور هي منطقة متنازع عليها.

ولكن ما يؤسف هو أن مشكلة الكورد هي عدم ايمانهم بالقانون لحماية مكاسبهم القانونية والدستورية ووضع كل تلك المكاسب في سوق المساومات السياسية. ومشكلة العراق هي أن النخبة من المثقفين والمنفتحين إلا القليل منهم هم، ينجرون دون وعي خلف الشعارات السياسية التي تحرق الأخضر واليابس أكثر من السياسيين اصحاب الشعارات الرنانة انفسهم.

 

شوان الداودي

 

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket