حوار الثقافات لتجنب ظاهرة العنف والتطرف

الاراء 04:04 PM - 2018-10-04
حوار الثقافات لتجنب ظاهرة العنف والتطرف

حوار الثقافات لتجنب ظاهرة العنف والتطرف

تحت هذا العنوان شاركتُ في مؤتمر اليوم العالمي لحوار الثقافات في منظمة هيئة الأمم المتحدة للتربية والعلوم "اليونسكو" في باريس كباحث اكاديمي في فرنسا وكمواطن عراقي. تركزت كلمتي حول اثبات "ان ظاهرة العنف والتطرف الاسلامي العربي هي ظاهرة اجتماعية لا علاقة لها بالدين والعروبة". الاسلام والعرب تركوا تراثا حضريا وثقافيا غنيا للبشرية في بغداد والاندلس.

الشرق الأوسط او الأدنى ، شعوب هذه المنطقة كانت تجتمع حول سلطة تمثل العائلة المتكونة من ثنائية الدين والقومية. هذا المصطلح طرحه الاستاذ المفكر العراقي حسن العلوي. أخذتُ هذه الفكرة وأخضعتها للمناهج البحثية الحديثة في فرنسا. العراق او بلاد وادي الرافدين كان محكوم في هذه الثنائية من زمن السومريين والبابلين وخير شاهد مسلة حمورابي حيث يعطي اله شمش اله الحكمة والعدالة يعطي الى حمورابي القوانين، وهو تعبير عن ثنائية الدين والسلطة. اما في ايران، بلاد فارس ، من زمن الأخميديين والساسانيين والصفويين والقاجاريين تُنظَم البلاد بثنائية الدين والقومية. وكذلك في تركيا، حكم العثمانيون 700 ىسنة بثنائية الدين والقومية التركية. كل هذه البلاد كانت تجد حالة توازن بين هذه الثنائية. لا الدين اكل القومية او السلطة، ولا القومية اكلت الدين.

حصل في القرن العشرين انشاء الدول القومية على غرار اوربا. في تركيا، اتاتورك غلب القومية التركية وابعد الدين وقال هذا الدين تابع للعرب وليس لنا. وفي ايران رضا شاه والد محمد رضا شاه تبع نفس اسلوب اتاتورك في الحكم، حيث غلب العنصر الآري الفارسي على الدين. اما في العراق والدول العربية لقد اتبعت الاسلوب العلماني نفسه لتركيا وايران وغلبت القومية العربية على الدين وسموا بلدانهم جمهورية عربية او مملكة عربية او هاشمية للقبيلة العربية في الزمن الجاهلي والاسلامي. ورفع شعار امة عربية واحدة. هذا الاسلوب للحكم هو طاريء على تاريخ الشرق. لذلك، تركيا رجعت الى تاريخها وماضيها بالجمع بين الدين والقومية في ثمانينات القرن الماضي عن طريق اوربكان وبطريقة ديمقراطية سلمية غير عنيفة. واليوم السيد اوردغان عزز ثنائية الحكم. اما في ايران، فالامام الخميني وضع العربة على السكة ورجعت ايران الى ماضيها بازدواجية الدين والقومية لكن بثورة عارمة لأن الشاه لم يكن ديمقراطيا. اما العرب رجعوا الى ماضيهم اما بحرب مدمرة مثل العراق وسوريا وليبيا واليمن والجزائر وقليلا مصر وكل هذه الدول هي علمانية الا ان السعودية والمغرب والاردن لم تحصل فيها ثورة او حرب او دمار لانها حافظت على ثنائية الدين والقومية.

ولتأكيد هذه الفرضية، ننظر ان الربيع العربي انطلق من اكثر الدول العربية علمانية هي تونس ابو رقيبة. والان رجعت تونس الى هذه الثنائية. اما افغانستان فرجع الطالبان بحرب مدمرة.

ملخص القول، ان ظاهرة طالبان، وداعش والقاعدة هي ظواهر اجتماعية تبغي الرجوع الى الاصل.

من هنا نستطيع ان نقول ان تركيا وايران والسعودية ليسوا مشكلة بل هم الحل.

كان لهذ الطرح صدى كبير لدى سفراء العالم وخاصة سفراء الشرق الأوسط والأدنى. وكانت مداخلة سفير ايران اهمية كبيرة واعتبر هذا الطرح هو وضوح الرؤيا لما يحدث وانتقد السياسات الفوقية التي لم تاخذ بنظر الاعتبار الحركة الاجتماعية والارث الانساني لهذه الشعوب، بل توجه اصابع الاتهام والادانة للشعوب التي لا تريد الانفصال عن جذورها. 

 

أ. د. عبد علي سفيح

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket