الأخبار المزيفة تغزو المظاهرات العراقية

العراق 05:27 PM - 2018-07-28
الأخبار المزيفة تغزو المظاهرات العراقية

الأخبار المزيفة تغزو المظاهرات العراقية

الاحتجاجات على سوء الخدمات والفساد كانت فرصة لإطلاق العشرات من الأخبار الكاذبة، وبسبب قطع الحكومة للانترنيت وتعطش العراقيين لأخبار التظاهرات صدّق الكثير منهم منشورات مزيّفة أثرت سلبا على الحكومة وعلى المتظاهرين أنفسهم.

في يوم 14 تموز (يوليو) الجاري قطعت الحكومة العراقية خدمة الانترنيت بشكل نهائي في البلاد بعدما تطورت الاحتجاجات التي انطلقت من محافظة البصرة في الثامن من الشهر الحالي وكانت في بدايتها محدودة واعتقد المسؤولون انها روتينية تحدث كل صيف، ولكن الاحتجاجات تمددت الى اغلب محافظات الجنوب وبغداد.

قطع الانترنيت في حدث مهم كالتظاهرات أثار استياء السكان، فالعراقيون يعتمدون بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصا فيسبوك في الحصول على الأخبار، ووجدوا أنفسهم امام شاشات التلفاز لمعرفة اخبار التظاهرات، ولكن التغطية السيئة لأغلب القنوات التلفزيونية المحلية لم ترضهم، وما أن عادت خدمة الانترنيت بشكل بطيء بعد يومين حتى استعانوا ببرامج كسر الحظر عن البرامج، ولكن تداعيات قطع الانترنيت كانت اكبر.

تعطّش العراقيين لمشاهدة صور ومقاطع فيديو التظاهرات ونشرها على صفحاتهم الشخصية، دفع العشرات من الصفحات الى نشر اخبار كاذبة عبر استخدام صور ومقاطع فيديو قديمة، إضافة الى صياغة اخبار مفبركة ذات طابع سياسي، بعضها ضد إيران واخرى لصالح دول الخليج وكذلك بالعكس.

ومنذ انطلاق الاحتجاجات تم رصد عدد من الأخبار الكاذبة التي تداولها آلاف العراقيين على مواقع التواصل الاجتماعي، وأفرزت سجالات حادة فيما بينهم لم تخلُ من خطاب الكراهية او بناء آراء جديدة مبنية على هذه الأخبار المزيفة.

من بين هذه الأخبار المزيفة، تصريح للرئيس الأميركي دونالد ترامب مفاده "عاجل..دونالد ترامب: نحن متابعون للتظاهرات جنوب العراق"، وبعد ساعات قليلة على انتشار هذا الخبر، ظهر خبر آخر مفاده ان "الولايات المتحدة ترسل فرقتين عسكريتين الى العراق، ونزلت في مطار بغداد"، مع مقطع فيديو لطائرات أميركية تبين انها قديمة تعود إلى سنوات مضت.

 

 

السعودية لم ترسل الكهرباء إلى العراق

مع احتدام السجال بين العراقيين حول التظاهرات التي طالبت في البداية بتوفير الطاقة الكهربائية والخدمات، انقسموا الى فريقين الأول يتهم إيران بالوقوف وراء الأزمة بعدما اعلنت إيران قطع عدد من خطوط نقل الطاقة العراق لعدم تسديد الحكومة مستحقات العقد الموقع معها منذ أشهر، اما الفريق الآخر اتهم السعودية ودول الخليج بالوقوف وراء التظاهرات وتأجيج الشارع العراقي.

وسط هذا السجال ظهر خبر كاذب على صفحة مجهولة المصدر على فيسبوك اسمها "الإخبارية السعودية يقول "عاجل: اصدر الديوان الأميري بتوجيه خادم الحرمين الشريفين جلاله الملك # سلمان_بن_عبد العزيز امراً بمد خط كهرباء وماء الى المناطق الجنوبية من #العراق الذي يعاني اهل هذه المناطق من شحة بالكهرباء والماء الصالح للشرب وسيبدأ التنفيذ فوراً حسب اوامر سموه"، وانتشر الخبر بسرعة على صفحات عراقية في فيسبوك.

رئيس الوزراء حيدر العبادي لم ينجُ من الاخبار الكاذبة، اذ انتشرت صورة على مواقع التواصل الاجتماعي لقائد الثورة الإيرانية الخميني وحوله يجلس عدد من الأشخاص، وقالت الصفحات إن احد الاشخاص الجالس بجانب الخميني هو حيدر العبادي مع تعليق مفاده "العبادي احد طلاب الخميني فكيف التأمل بالإصلاح، إخوان حكومتكم ايران كلها مع الأحزاب الفاسدة".

بعد التحقق من الصورة تبين انها تعود الى اجتماع ضم الخميني مع عناصر من "الحرس الثوري الإيراني" في سبعينات القرن الماضي".

بعد ايام على الاحتجاجات اندلعت صدامات بين قوات الأمن والمتظاهرين في البصرة وبغداد، كان العراقيون يسمعون فقط عن ذلك ولكنهم كالعادة يبحثون عن صور ومقاطع فيديو، حتى انتشرت صورة لعنصر من قوات الامن العراقية وهو يوجه سلاحه الى شخص اعزل ممدد على الارض، تبين لاحقا أنها قديمة تعود الى العام 2014 وفيها عناصر امن ينفذون مهمة تدريبية في حفل تخرج عدد من قوات الأمن في محافظة كربلاء.

ولكن الخبر المفبرك الخطير الذي كان له اثر سلبي على الوحدة الوطنية كان يقول ان "قوات الأمن التي ضربت المتظاهرين هم من الضباط السنة من الموصل والانبار، ويسعون للانتقام من المتظاهرين الشيعة"، لا احد يعرف مصدر الخبر، ولم تقدم الحكومة تعليقا على ذلك.

النقيب في قاطع الشرطة في جانب الرصافة علي الربيعي نفى هذه الأخبار، وقال: انه "للأسف، هذا الخبر اثار نوعا من الكراهية ضدنا، عناصر قوات الأمن التي كانت قرب المتظاهرين هم من سكان المدن نفسها، وفي كل محافظة هناك قوات شرطة محلية وقوات لمكافحة الشغب، ومن المستحيل ان يتم جلب قوات من خارج المحافظات للقيام بهذه المهمة".

المئات من العراقيين المتعاطفين مع التظاهرات، لم يكتفوا بنشر الأخبار على صفحاتهم بل ارسلوا صور ومقاطع الفيديو الى وسائل الاعلام والصفحات العامة على مواقع التواصل الاجتماعي بعضها حقيقي والآخر لا، صفحة "نقاش" على فيسبوك تسلمت عددا من هذه الرسائل تبين أن بعضها مفبرك وقديم يعود الى سنوات ماضية.

 

 

مطالبات بانقلاب عسكري

بعد مرور أسبوعين على الاحتجاجات وما تعرض له بعض المتظاهرين من ضرب واعتقال، انتشر خبر مفبرك على انه تصريح لقائد جهاز مكافحة الإرهاب الجنرال طالب شغاتي تعليقا على الاعتداءات التي طالت المتظاهرين قال فيه "هذه ليست معركتنا ولن نلطخ أيدينا بدماء أبنائنا من اجل بعض المسؤولين الفاسدين".

ونقل الخبر عن مصادر مجهولة عن امتناع الجنرال طالب شغاتي إرسال قوات جهاز مكافحة الإرهاب لقمع المتظاهرين مطالبا الحكومة بالاستماع الى صوت الشعب قبل فوات الأوان"، وتبين ان الخبر كاذب، ولكن آلاف العراقيين صدقوا الخبر بسبب الشعبية التي تتمتع بها قوات جهاز مكافحة الإرهاب خصوصا خلال المعارك ضد المتطرفين.

هذا الخبر أوجد آراء جديدة بين العراقيين، فبعضهم قال ان التظاهرات لم تعد تجدي نفعا مع الحكومة والحل هو انقلاب عسكري يقوده جهاز مكافحة الإرهاب، وهذا الرأي أيضاً بني على تصريح كاذب لقائد هذه القوات.

 

 

قطع الانترنيت احد أسباب انتشار الأخبار الكاذبة

حيدر حمزوز الناشط المدني ورئيس شبكة "انسم" للإعلام المجتمعي يقول: ان "قطع الانترنيت هو انتهاك لحرية الرأي، وكان قرار الحكومة في قطع الانترنيت خلال التظاهرات غير صائب اذ انه ساهم في انتشار الاخبار الكاذبة، وأيضا صعوبة إبلاغ الرأي العام بان هذه الأخبار كاذبة بسبب انقطاع الانترنيت".

وحول انتشار العشرات من الاخبار المزيفة خلال التظاهرات، يقول حمزوز: ان "الدولة العراقية رغم امتلاكها شبكة اعلام عراقي بإمكانيات مالية وإدارية ضخمة لم تنجح في تأسيس منصة الكترونية لمحاربة الاخبار الكاذبة، نحتاج الى مؤسسات تقوم بنقل الحقائق بدلا عن حجب الانترنيت، كما أن مكافحة الأخبار المزيفة يحتاج الى إشاعة ثقافة مجتمعية حول التحقق من مصادر الاخبار، وهذه للأسف غير موجودة في العراق".

حتى اليوم ما زالت خدمة الانترنيت بطيئة اذ ما زالت الحكومة تحجب العشرات من المواقع الالكترونية وخصوصا مواقع التواصل الاجتماعي وبرامج الاتصال المجانية مثل واتس اب وفايبر، وهو ما اجبر العراقيين على استخدام برامج فك الحظر وهي شيء خطير كما يقول الخبير الرقمي عماد كريم.

ويؤكد عماد: ان "برامج فك الحظر التي بات العراقيون يستخدمونها في هواتفهم وحاسباتهم الشخصية للحصول على الانترنيت خطيرة جدا، خصوصا المجانية منها، فهذه البرامج تهدد خصوصية المستخدمين سيما وانها تعتمد على عنصر إيهام أجهزة الحظر بان المستخدم يقطن خارج العراق، كما ان هذه البرامج تستطيع الوصول الى المعلومات الشخصية بسهولة".

 

 

PUKmedia عن موقع نقاش

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket