وداعا يا ( به ريي بيفازا )

آثار‌‌ 12:55 PM - 2018-07-09
وداعا يا ( به ريي بيفازا )

وداعا يا ( به ريي بيفازا )

وداعا يا ( به ريي بيفازا )

وداعا يا ( به ريي بيفازا ) بعد ان اغتالتك ايادي ابناء  مدينتك العزيزة ئاميديي العمادية كما اغتالوا قبلك بوابتها الشرقية وكل مافيها من جمال واثار

قد يستغرب القاريء اللبيب من هذ العنوان لمقالة لا تتكلم عن قادة او بطل تاريخي من الابطال بل هي تتحدث عن صخرة ارتبطت اسمها بمدينةتأريخية الا وهي ئاميديي- العمادية (2) منذ الازل واذا سألت اهل المدينة صغيرهم وكبيرهم عن ( به ري بيفازا- حجر الابصال ) لاجابوك بشغف واعتزاز انها تلك الصخرة الجاثمة على جانب اليمين من الطريق النازل من بوابة الباشا – الشرقية في ئاميدييالتي تمهدمها من قبل ايدي الجهله–العمادية او على رأس الالتفاتة الثانية لطريق السيارات الصاعد الى ئاميديي.

كانت ظلال هذه الصخرة محطة لبيع الفلاحين و المزارعين من اطراف القلعة لمنتوجاتهم الزراعية المختلفة للساكنين فيقلعة ئاميديي – العمادية نفسها اي ما يشبه  اسواق الجملة في ايامنا هذا وذلك لان القلعة كانت محصنة ولها ثلاثة ابواب لا يسمح لاحد ان يدخلها او يخرج منها الا بموافقاتخاصة  وكان الساكنين فيها من الامراء واقربائهم فقط  ويمنع دخول القوافل الى المدينة وبيع سلعهم داخل المدينة وقد  ويظهر ان منتوج البصل كان السائد في عملية البيع والشراء ولاهميته الغذائية ولهذاسمي الصخرة ب (به ري بيفازا) و المعنى باللغةالعربية  (حجرالابصال).

ولربمامن كان يمر بهذ الطريق زائرا او مغادرا ئاميديي العمادية ياخذ استراحة تحت ظلالها بعد مشقة الطريق. 

 

ولهذه الصخرة ذكريات في اذهان الكثير من سكان ئاميديي الكبارمنهم والصغار فكم من هؤلاءالكبار تجمعوا في العصريات في المدينة ليسيروا مشيا بنزهة الى هذه الصخرة الجاثمة على جانبي الطريق المبلط والغير المبلط ليشاركوها في التمتع بالنظرالى الوادي الفسيح الممتد من به ري سيليالى كانيا سينه مي(كانيا سنجي ) والممتدالى قريتي كاني وديري ومن ثم الى مريبكا الجميلة وده شتا كاريتي( الساحة الفروسية لآمراء ئاميديي)  و الى صبنه وبهرام زلا (بريمزلا) الى ان يغيب الشمس خلف الافق وبعد ان يقضوا الوقت بالحديث ومناقشة المشاكل التي تواجه المدينة وليقفلوا راجعين الى المدينة وليجتمعوا في الليل في دور احدهم وليكملوا احاديثهم او ليستمعوا الى احدى قصص عيساي باني او اغاني (سترانيت) رشيد شوتي و ابراهيمي ملاهيمي وغيرهم من المعروفين في القلعة.

اما اطفال ئاميديي فكانت لهم اساليب اخرى بالاحتفال  بهذه الصخرة فكانو ينظرون اليها نظرة حب واعتزاز وحتى تقديس فكانوا كلما مرت مجموعة بهذه الصخرة يأخذون بأيدي بعضهم البعض ليكونوا حلقة حولها ويلتفون ويرقصون بأيقاع جميل على انغام اغاني اطفال فلكلورية مثل :

(قتكانم قتكانا هه ر قوتكي مالا كه لي كاني هه رقوتكي ماره ك تي فه كوشتي هه رقوتكي).

ثم يبدؤون بسباق لتسلق الصخرة والوصول الى قمتها ثم البدء بالقفز منها على الطريق الترابي وكانت هذه اللعبة تكثر في الشتاء وعندما يغطي الثلج الجبال والطرقات والصخور ولتبدأ عملية التزحلق عل الثلج من تحت اقدام الصخرة والى حافة الطريق المبلط في الاسفل.

كان لهذه الصخرة ميزة قلما كنت تجدها في الصخور الاخرى الا وهي سماع رنة شبيهة بصوت وتر الة  موسيقية جميلة اتية من بعيد وكان الاطفال يعتقدون بأن داخل هذه الصخرة معدن يشبه الذهب بل هو الذهب نفسه اواي معدن اخر ويسبب هذه الرنة الجميلة.

بالاضافة الى كل هذا عندما كان ينظر الانسان الى هذه الصخرة من مرتفع او من مكان بعيد يخيل اليه صورة انسان بكتفين عريضين وبراس كبير وعينين مفتوحتينولكان بأمكان نحات ماهر ان ينحت منها نصبا لانسان او حيوان يشار اليه بالبنان وليبق مفخرة لمدينة ئاميديي- العمادية.ولتكن مثلها مثل الاعمدة الصخرية في العالم  كصخرة ستونهنج قرب سالسبه ري في ولتشاير في المملكة المتحدة اوكتماثيل الاربعة لرؤوساء الولايات المتحدة الامريكية في جبال رشمور التلال السوداء لولاية داكوتا في الولايات المتحدة الامريكية ). وكان من الممكن استثمار هذه الصخرة سياحيا بأن تسوى الارض حولها ويبنى عليها كازينو او مطعم حضاري جميل ذات واجهة مشرفة على الوادي الفسيح الذي سبق ذكره وليتمتع زواره بالمناظر الجميلة ليلا ونهارا.

ولكن كل هذه المميزات لهذه الصخرة لم تؤخذ بنظر الاعتبار من قبل القائمين على شوؤن المدينة ولا الدوائر لسياحية للاحتفاظ بهذه الصخرة في مكانها بل ليقوموا بتهشيمها وتحطميها وازالتها من مكانها بحجة اختصار طريق السيارات الى المدينة ولتلافي استدارة واحدة في الطريق القديم والذي كان يعكس جمالية للمرء عند صعوده بالسيارة الى ئاميديي- العمادية (شكل-2).وما جرى لهذه الصخرة المقدسة فقدحدث للبوابة الشرقية من التخريب التي بقيت اثارها الى الستينات من القرن الماضي حيث اختفت تماما في الوقت الحالي.

 اما البوابة الغربية ( بوابة سقافا – بهدينان ) في طريقها الى نفس المصير اذا لم تؤخذ اجراءت لمنع التجاوز والمحافظة على استمرارية ديمومتها )كما كان الحال بالنسبة الى قصر الامارة الذي صارع الزمن الى الخمسينات من القرن الماضي (3) والذي لم يبق منه غيرشعار امارة ئاميديي- العمادية الذي كان يعلو بوابة قصر الامارة في عهد امارة بهدينان (3 و 4) والذي بقي شامخا  بعد ان وصل يد التدمير والتخريب الى دار الامارة  في الخمسينات من القرن الماضي و لا زال باقيا الى يومنا هذا محصورا بين جدران الدور السكنية معروضا الى السرقة والتخريب في كل لحظة. علما يعتقد بأن لهذا الشعار لعنة تصيب كل من يتجاوز عليه او على قلعته المقدسة (2).

كما ان   الاهمال والتجاوزالمتعمد شمل ضريح سلطان حسين وزوجته نائلة خان مع ضريح الامير اسماعيل وابنته روشن خان وذلك ما بني حولهما من دور سكنية ومحلات اللهو. اما المدارس المنشئة والمؤسسة من  قبل امراء اللذين تولوا الحكم في امارة بهدينان (ئاميديي) مثل مدرسة قباد (قوباهان ) ومدرسة مرادخان والمدرسة الجديدة  ومدرسة الامام قاسم وحصن ايشقه لا بالاضافة الى الحصن الثلاثين التي بنيت سفوح القلعة من جميع الجهات للدفاع عنها من مهاجمة الاعداء(5) لم يكن احسن حظا من سابقاتها. واخيرا وليس اخرا المعبد الزراده شتي كوراسيريجيحاليا يعاني من نفس الظاهرة ولكنه قاوم التخريب بسبب كونه جزء من الطبقة السطحية الصخرية للقلعة ومع هذا يلاحظ زحف الابنية السكنية عليها ولربما  في طريقه الى الاختفاء ويصبح مصيره مصير ما سبقه من الاثار.

واخرهذه التجاوزات هدم ومحو اثار مدرسة عمادية الابتدائية للبنين والتي عملت منذ الثلاثينات من القرن الماضي على محاربة الجهل والامية ليست فقط في القلعة بل في اجزاء كثيرة من بهدينان  والتي تخرج منها مجموعة كبيرة من المثقفين والمربين والللذين لا زال بصماتهم الثقافية  مرسومةعلى كل بقعة من ارض كوردستان. وهنا لا بد ان نذكر شعار امارة ئاميديي- العمادية الذي كان يعلو بوابة قصر الامارة في عهد امارة بهدينان (3 و 4) والذي بقي شامخا  محصورا بين جدران الدور السكنية مع بقاء لعنته على كل من يسيء اليه او الى قلعته الشامخة (شكل-6) معروضا الى السرقة والتخريب في كل لحظةولكن لعنته   باقية لتصيب كل من يقترب منه او يتجاوز عليه كما اصاب الكثيرين من قبل بعد ان اساءوا اليه والى كل ما له علاقة به من ابنية واراضي.

 

وكل هذا حدث نتيجة للجهل و التعصب والانتقام و بحجة توفير مساحات للاراضي السكنية بسبب زيادة السكان  والهجرة الغير المبرمجة من القرى والارياف وخاصة بعد سقوط امارة بهدينان سنة 1842م (2) مما ادى الى التجاوز على كل ما هو جميل وتاريخي في القلعة و لتصبح الان وكأنها مدينة اشباح لا يوجد من يسأل عن احوالها وما لها وما عليها  وحتى على مستوى الاعلام  المرئي و المقري في كوردستان حيث يلاحظ الاهمال والنظرة اللاابالية من قبل القائمين على سير الامور سواء في المدينة نفسها او على مستوى الاقليم.

ولا بد من توجيه نداء الى السلطات التنفيذية –وخاصة البلدية والاوقاف ودوائر السياحة في ئاميديي ودهوك واربيل بالالتفات الى هذه القلعة  وان لا يسمح بأي نشاط عمراني فيها الا بموافقاتهم على ان تبرز سيماتها  التأريخية و السياحية ولرب سائل يسأل ما العمل بالنسبة الى ما هو عليه الحال من البناء والفوضى في القلعة وقد يكون الجواب تشكيل لجنة مكونة من الاداريين والمهندسين المعماريين ومن له علاقة بالبيئةلتأخذ عل عاتقها  هذه المهمة. اما ما يبنى من مدن وقرى حول القلعة قد تكون  مراكز تجارية متنوعة وفضائيات لنشاطات وفعاليات مساندة لقلعة ئاميديي-  العمادية السياحية .

نشكر كل من د فرح وسام الهاشمي والمهندسات ميديا عنايه و وان ئاميدي على تزويدنا بصور به ري بيفازا

نحن نحب الماضي لانه ذهب ولو عاد لكرهناه

ادولف هتلر

 

 

المصادر:

1 ـ بركت امان.2004.دراسة عن قلعة ئاميديي العمادية اطروحةدكتوراه جامعة فون شتاين. المانيا. 

2 ـ عمادي الباشا طارق.2012 ئاميديي- العمادية. اثار و تأريخ. دار النشر امزون. لندن. المملكة المتحدة.

3 ـ الرديني وصفي حسن. 1984. من اثار مدينة العمادية. اربيل. كوردستان. العراق.

4 ـ هنري بايندر.1878. كوردستان و ميزوبوتوميا. باريس.فرنسا. ترجمة يوسف حبي.2001.اربيل.كوردستان العراق.

5 ـ توفيق زرارصديق. حول اصل كلمة العمادية. مجلة دهوك (14).دهوك. كوردستان. العراق.

6 ـ شعار امارة بهدينان حاليا في ئاميديي ـ العمادية والمحصور بين الجدران السكنية.

 

الهوامش:

الشكل رقم 1 ( صخرة) بيفازا

الشكل رقم 2 صخرة بيفازا اثناء الهدم

شكل ـ 3 موقع به ري (صخرة ) بيفازا بمحاذات الالتفاته الثانية للشارع الصاعدالى ئاميديي- العمادية

شكل ـ 4  قلعة ئاميديي والصخرة الجاثمة على نهاية الشارع المبلط على الجانب الايسر من الصورة.

شكل ـ 5 بوابة الباشا (الشرقية) لأميديي والطريق النازل بأتجاه الشرق ( وركورث  1898م نقلا عن بركت 2004 )

شكل ـ 6شعار امارة بهدينان حاليا في ئاميديي ـ العمادية  والمحصور بين الجدران السكنية

 

 

ا.د طارق الباشا عمادي

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket