كيف فازت الفصائل الشيعية في الانتخابات؟

تقاریر‌‌ 08:45 PM - 2018-06-16
كيف فازت الفصائل الشيعية في الانتخابات؟

كيف فازت الفصائل الشيعية في الانتخابات؟

يعد الفوز الذي حققته فصائل "الحشد الشعبي" في الانتخابات احد مفاجآت الانتخابات العراقية، وتفوقت على أحزاب شيعية تقليدية لها خبرة سياسية، كيف حققت الفصائل الفوز، وما اهدافها السياسية المقبلة؟

كان متوقعا ان تحصل الفصائل الشيعية على مقاعد نيابية في اول تجربة سياسية حقيقية لها مستفيدة من الشعبية التي نالتها خلال مشاركتها في المعارك ضد تنظيم "داعش"، ولكن كانت مفاجأة ان تحصل على المرتبة الثانية في الانتخابات برصيد (47) مقعدا ستكون مؤثرة بلا شك تحت قبة البرلمان الجديد.

تحالف "الفتح" التشكيل السياسي الذي شكلته الفصائل الشيعية القريبة من إيران لخوض الانتخابات ويتزعمه هادي العامري الشخصية المثيرة للجدل، وهو المعروف بعلاقاته المميزة مع ايران ويعتبر صديقا مقربا للقائد في الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني، كما انه لا يمانع الجلوس مع المسؤولين الأميركيين، وكان اخرهم السفير الاميركي في بغداد.

ويضم تحالف "الفتح" (18) حزبا سياسيا تملك اغلبها فصائل مسلحة وأسلحة ثقيلة وابرزها "بدر" التي يتزعمها العامري، "الصادقون" بزعامة قيس الخزعلي، "الطليعة الاسلامي"، "الجهاد والبناء" و"حزب الله العراق".

وحصل التحالف المثير للجدل على المرتبة الثانية في الانتخابات بعد "سائرون" بزعامة مقتدى الصدر، متفوقا على ائتلاف رئيس الوزراء حيدر العبادي "النصر"، و"دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، و"الحكمة" بزعامة عمار الحكيم، والاحزاب الثلاثة هي التي كانت الفائزة دوما والممثلة للسكان الشيعة على مدى العقد الماضي.

في الحقيقة ساهمت عدة عوامل مهمة في فوز الفصائل الشيعية في الانتخابات، استياء السكان الشيعة من الاحزاب التقليدية التي حكمت البلاد منذ العام 2006، الشعبية التي نالتها خلال المعارك ضد المتطرفين والتعاطف الشعبي مع الاف القتلى والجرحى في صفوفهم، تهديد الناخبين في بعض المناطق، واخيرا حملة مقاطعة الانتخابات ساهمت ايضا في الفوز.

  

استياء شيعي من الأحزاب الحاكمة

يمثل احتلال "داعش" ثلث مساحة البلاد وانهيار الجيش في العام 2014 الاخفاق الاكبر للأحزاب الشيعية الحاكمة ليضاف الى اخفاق توفير الخدمات والامن، وعندما تشكّلت الفصائل الشيعية لوقف هجوم المتطرفين على بغداد والمحافظات الشيعية جنوب البلاد وخصوصا كربلاء والنجف، بدأ السكان الشيعة ينظرون لهم على انهم امل جديد في الخلاص ليس من الازمة الأمنية فحسب بل من الازمة السياسية والاقتصادية وسوء الخدمات.

كما ان السكان الشيعة خصوصا الطبقة الفقيرة تعاطفت مع الفصائل الشيعية لأنها ضمّت الالاف من ابنائهم، ومع اشتداد المعارك قتل وجرح الاف منهم، وكانت مشاهد تشييع القتلى في الشوارع، والجرحى الراقدين في المستشفيات مؤثرة في اذهان العراقيين، وشعر لاحقا السكان الشيعة ان الاحزاب الشيعية التي حكمتهم على مدى السنوات العشر الماضية هي السبب في هذه الأزمات.

ويقول هيثم الربيعي (57 عاما) وهو محام في بغداد لـ "نقاش" لقد "انتخبت قائمة الفتح لانهم يستحقون المشاركة في السياسة، حضرت مجالس عزاء العديد من ابناء جيراني وأقربائي واصدقائي يقتلون في المعارك لتحرير البلاد من الإرهابيين الذي احتلوا مدننا بسبب فشل الاحزاب الحاكمة".

بدأت الاحزاب الشيعية التقليدية تشعر بالقلق من تصاعد شعبية "الحشد الشعبي" بعد تحرير بلدة "جرف الصخر" في تشرين الاول (اكتوبر) عام 2014 بعد معركة شرسة قتل فيها المئات من مقاتلي الفصائل الشيعية، وحاولت احزاب "الدعوة" و"المجلس الاعلى الاسلامي" والفضيلة تشكيل فصائل شيعية لمحاكاة الفصائل الاخرى، ولكنها كانت بلا تأثير ولم تشارك فعليا في المعارك.

وبعد تحرير مدينة تكريت الاستراتيجية في نيسان (ابريل) 2015، أدركت الفصائل الشيعية التي شاركت في المعركة الشعبية التي حصلت عليها وبدأت بتوسيع دورها من ميدان المعارك الى ميدان السياسة، لكنها كانت مثار جدل بعد تورطها في عمليات انتقامية ضد بعض السكان وممتلكاتهم.

 واعلن قيس الخزعلي زعيم فصيل "عصائب اهل الحق" ورئيس حزب "الصادقون" في مؤتمر صحفي مثير في تموز (يوليو) 2015 ان "النظام السياسي القائم على النظام البرلماني اثبت فشله، وبالتالي هناك حاجة إلى التحول للنظام الرئاسي، هذا هدفنا وسنسعى لتحقيقه".

ومع ارتفاع درجات الحرارة في صيف تلك السنة وتدهور تجهيز الطاقة الكهربائية خرج آلاف من العراقيين جنوب البلاد في تظاهرات واسعة وخصوصا في مدينتي البصرة والناصرية وطالبوا بإقالة وزير الكهرباء، وهنا تدخلت "كتائب حزب الله" احدى الفصائل الشيعية الموالية لإيران، واصدرت بيانا أعلنت فيه نيتها "عقد لقاء مع وزير الكهرباء لمناقشة المشكلة، وتقديم الفاسدين للقضاء"، كما طلبت من الشرطة عدم التعرض للمتظاهرين.

 قبل الانتخابات الاخيرة بأسابيع قليلة جددت الفصائل الشيعية تأكيد هذه الاهداف، ووضعت محاربة الفساد ضمن اولوياتها، ويقول عضو تحالف "الفتح" عبد الامير حسن لـ "نقاش" إن "محاربة الفساد ستكون اولى الخطوات التي سنقوم بها في البرلمان من اجل توفير الخدمات للسكان، المصالح الشخصية عطلت توفير هذه الخدمات خلال السنوات الماضية".

على المستوى السياسي تضمن البرنامج الانتخابي: "تشكيل جبهة سياسية وطنية موحدة لتحقيق مشروع التغيير الذي يتبناه التحالف"، وايضا "السعي الى إجراء تعديلات هامة على بعض فقرات الدستور التي لا تتناسب مع الواقع العملي في العراق".

 

نفوذ على الأرض

تمتلك جميع الفصائل الشيعية مقرات دائمة في اغلب الاحياء والمناطق الشيعية منذ تأسيسها وما زالت موجودة حتى اليوم، بينما ما زال الاف من مقاتليهم ينتشرون في بلدات سنية عدة برغم طرد المتطرفين، وهذا الامر ساهم في زيادة رصيد هذه الفصائل في الانتخابات.

ومثلا في محافظة ديالى تسيطر الفصائل الشيعية على العديد من المدن السنية، وقال العديد من السياسيين السنّة في المحافظة ان بعض العشائر خائفة من نفوذ الفصائل الشيعية ولهذا قرروا عدم انتخاب احزاب سنية وانتخبوا بدلا عن عنهم أحزاباً شيعية لحماية أنفسهم.

كما ان الفصائل الشيعية كونت علاقات جيدة مع عشائر سنية ساعدتها في الانتخابات، مثل عشائر الجبور في بلدة "العلم" في صلاح الدين التي حصلت بالمقابل على مدى السنوات الاربعة الماضية على الاسلحة الجيدة بينما عانت باقي العشائر السنية من التهميش.

 

حملة مقاطعة الانتخابات

بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات 44.5% وهي أدني نسبة في الانتخابات منذ العام 2006 بعد حملة مقاطعة قادها عراقيون بشكل واسع تعبيرا عن استيائهم من العملية السياسية وقانون الانتخاب الذي لا يسمح كثيرا في التعبير عن ارادة الناخبين.

ووفقا لمفوضية الانتخابات شارك في الاقتراع (10.840.989) ناخبا وكانت حصة الفصائل الشيعية منها (1.397.561) اي (13.4%) من عدد الناخبين في عموم البلاد، وهي نتيجة مثيرة للاهتمام لها اسبابها.

حملة مقاطعة الانتخابات تركت الاحزاب العراقية امام جمهورها فقط بعيدا عن آراء العراقيين المستقلين، ويبدو ان جمهور الفصائل الشيعية كبير، اذ يبلغ عدد مقاتلي الفصائل الشيعية نحو (120.000) مقاتل وفقا للحكومة العراقية، غالبيتهم من الفصائل الشيعية القريبة من إيران.

ومع احتساب اصوات هؤلاء اضافة الى عائلاتهم واقربائهم فان النسبة ستكون كبيرة، بينما خسرت تحالفات شيعية مثل "دولة القانون" و"الحكمة" الكثير من الاصوات بسبب استياء الناخبين منهم وكذلك عدم امتلاكهم فصائل شيعية شاركت في مقاتلة المتطرفين.

حتى الآن لا يمكن التكهن بالدور الذي ستلعبه كتلة الفصائل الشيعية داخل البرلمان، ولكن المؤكد ان دورها سيكون مؤثرا خصوصا في قضايا سياسية معقدة أبرزها موقف العراق من الصراع الدائر في سورية إذ تقاتل فصائل شيعية عراقية هناك، وكذلك الموقف من بقاء القوات الاميركية في البلاد اذ ترفض الفصائل ذلك بشكل قاطع وهددت صراحة باستهداف هذه القوات واعتبارها قوات احتلال، والموقف من التقارب الدبلوماسي مع السعودية ودول الخليج وهو امر انتقدته هذه الفصائل بشدة قبل الانتخابات.

PUKmedia / عن نقاش

 

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket