الاتحاد الوطني الكوردستاني .. التأسيس .. البدايات والنهوض

لقاءات 11:14 AM - 2018-05-31
الاتحاد الوطني الكوردستاني .. التأسيس .. البدايات والنهوض

الاتحاد الوطني الكوردستاني .. التأسيس .. البدايات والنهوض

اجرت صحيفة الاتحاد البغدادية حوارا مع المناضل الفقيد عادل مراد سكرتير المجس المركزي وعضو الهيئة التأسيسية للاتحاد الوطني الكوردستاني، قبل اعوام حول بدايات تأسيس الاتحاد الوطني والنهوض.

PUKmedia وبمناسبة الذكرى الـ43 لتأسيس الاتحاد الوطني يعيد نشر الحوار لاهميته في تسليط الضوء على بدايات الاتحاد الوطني الكوردستاني ودور الرئيس مام جلال والصعوبات وصولا الى اليوم.

شكل الجزء الجنوبي من كردستان، خصوصا في النصف الثاني من القرن الماضي ، الجزء المضيء والحيوي في الحركة التحررية للشعب الكردي، خصوصا في أعقاب انهيار الثورة فيه، منتصف السبعينيات، فعاش الشعب الكردستاني على أثره فترة حرجة ومترنحة، وهذا، في (1\6\1975) وهو اليوم الذي يعتبر برأي المؤرخين الكرد، يوم التحرك الجماهيري الشامل على طريق النضال، وإحياء الثورة الكردية بشكلها السليم، وبقيادة شابة عزيمتها لن تلين، فانطلق من ذلك اليوم الاتحاد الوطني الكردستاني، ليمثل عددا من التنظيمات والقوى السياسية والشخصيات الوطنية، في كردستان، آنذاك، ولتعمل سوية تحت راية الاتحاد الوطني الكردستاني، ولترتبط الثورة الجديدة المعاصرة في جنوب كردستان باسم هذا الحزب الجديد، كونه حاكى التطلعات الوطنية الكردستانية، من خلال إرادة عدد من الشباب الكرد المتحمسين للثورة، الذين لمّت شملهم هموم الوطن، من ايران وسوريا وأوربا ومن قلب كردستان أيضا، وينشئوا التنظيم السياسي الجديد، رغم الصعاب والتحديات الكبيرة التي واجهتهم، إلا أنهم واصلوا دربهم، إلى أن نالوا مرادهم في ايقاد شعلة الثورة الكردية من جديد، وأصبح هذا الحزب الوليد، قويا في ساحة المعركة، وازدادت قوته يوما بعد آخر، وإلى يومنا هذا، وحافظ على قوته داخليا وخارجيا، من خلال شبكة من العلاقات المتشعبة غربا وشرقا، بفضل حكمة قائده الملهم، الرئيس “جلال طالباني”، رغم غيابه الذي دام أكثر من سنة، إلا أن إرثه النضالي الطويل لا يزال يلقي بظلاله الكثيفة على تحقيق النجاحات التي حققها ويحققها الاتحاد الوطني الكردستاني، في كل الاستحقاقات المحلية والخارجية، بلا منازع. وللخوض في أسباب هذه النجاحات المبهرة، للاتحاد الوطني الكردستاني على مدار السنوات (38) الماضية، كان لزاما على صحيفة (الاتحاد) اللقاء بالأشخاص الذين لم تغب عنهم أية لحظة من التاريخ النضالي للاتحاد الوطني الكردستاني، وكانت هذه الشخصية بالفعل، أحد المؤسسين لتنظيم الاتحاد الوطني، وهو لا يزال يعمل كسكرتير للمجلس المركزي للاتحاد الوطني الكردستاني، وهو الاستاذ “عادل مراد”، وكان لنا معه لقاؤنا الطويل التالي مع سيادته:

 

 البيئة السياسية داخلياً واقليمياً في مرحلة ما قبل التأسيس

 

 بداية.. حبذا لو حدثتنا وباستفاضة عن تجربتك الشخصية، عن الأجواء العامة في كردستان والمنطقة، قبل انبلاج فجر الاتحاد الوطني الكردستاني..؟

بداية، أتوجه بالشكر إلى صحيفتكم، لإتاحتها لنا هذه الفرصة، لكي نقلب الأوراق، ونحن نعيش الذكرى التاسعة والثلاثين لميلاد الاتحاد الوطني الكردستاني، ولنعيد إلى أذهان الجيل الصاعد من شباب شعبنا، تجربتنا النضالية بين صفوف الاتحاد الوطني الكردستاني، بدءا من مراحل نشوئه، ومرورا بمرحلة النضال والكفاح المسلح، وانتهاء إلى المرحلة الراهنة التي نعايشها معهم الآن.. لقد تأسس الاتحاد الوطني الكردستاني في ظروف بالغة الحراجة والصعوبة، التي كان تمر بها البلاد والمنطقة عموما، في تلك الأثناء، وعلى اثر  انهيار الثورة الكردية في الاقليم الجنوبي من كردستان، غداة الاتفاقية المشؤومة بين (شاه) ايران ونظام (صدام حسين)، في (6\3\1974) تم تفكيك جزء رئيسي من الحركة التحررية الكردية، بشكل دراماتيكي، وهذا التفكيك السريع للحركة، حقيقة كانت بفعل عدة عوامل، أهمها: 

أن الثورة الكردية في تلك السنوات قبل أن تنهار، كانت تعتمد اعتمادا كليا على المساعدات التي كانت تأتي اليها من طرف واحد، وهو من نظام شاه ايران، بالرغم من أنه كان يضمر كراهية شديدة لشعبنا الكردي، ولم ينس الدرس الذي لقنته الثورة الكردية في (11\3\1970) لنظامه، حينما تم على تفاهمات والتي تحولت فيما بعد الى اتفاقية بين القيادة الكردية والحكومة في بغداد.. واعتبر الشاه هذه الاتفاقية بمثابة ضربة موجعة لأركان وهيبة نظامه في المنطقة، برغم من ادعاءاته المتكررة، أنه يروم إلى اصلاح البين بين الحركة الكردية والنظام في بغداد.

سعي الدائم للشاه، سواء في السر أو في العلن، إلى إعادة توتير العلاقات بين الكرد والنظام العراقي، مستغلا  النويا السيئة التي كان يبطنها نظام صدام حيال الكرد، رغم تلك الاتفاقية الثنائية..

ان اتفاقية (الجزائر) المقيتة، كانت بمثابة الصراع الاقليمي والغربي على أشلاء الثورة الكردية، والتي حدثت فعليا في (6\3\1975).

عدم استدراك القيادة الكردية آنذاك الواقع، وعدم الاستفادة من العبر السابقة، من خلال ميل اغلب قيادة تلك المرحلة إلى الاعتماد على ايران.. باستثناء بعض القيادات التي لم تنثن عزمهم، بالرضوخ إلى أمر الواقع الذي فرضه نظام شاه على الثورة الكردية بكردستان العراق.. ومن هؤلاء، طيّب الله ثراهم (صالح اليوسفي، دارا توفيق، علي هزار..) وكان توجه هؤلاء ينسجم مع التوجه العام للشعب الكردي، بضرورة التصدي لنوايا النظام العراقي، الذي كان يمهد للانقضاض على الثورة الكردية، وبالتواطؤ مع عدد من الدول الاقليمية والغربية.. وهذا ما تجلى فعليا، وبصورة أوضح من خلال قيام النظام العراقي  بمحاولته  الفاشلة لاغتيال قائد الثورة الكردية، لوقتذاك (الملا مصطفى بارزاني) علاوة على المحاولات الغادرة الأخرى، الفاشلة..

لقد اندفع الشارع الكردي، كان يطالب القيادة بالمضي قدما بالثورة على النظام العراقي، ومن أبرز تجليات تلك الدعوات، هو خروج مئات الآلاف من المواطنين من العمال والفلاحين وطلبة جامعة السليمانية، وأساتذتها، ولجوؤهم إلى الجبال بغية الاستمرار بالثورة.. وفي المقابل بدأ النظام العراقي سلسلة ممارساته الوحشية ضد سكان المدنيين، فقام بعدة عمليات وحشية، منها قصفه الهمجي لمدينة قلعة دزه وفيها جامعة السليمانية في (24\4\1974)، واستشهد من جرائها العشرات من الطلبة وأساتذة الجامعة.. ومن المؤسف أن القيادة الكردية في تلك الفترة هي التي طلبت من الناس في المدن الخروج منها، برغم دعواتنا الصريحة  في المنظمة الطلابية التي كنت  ممثلا سكرتيرية طلبة كردستان.. وبرأي أن تلك الترتيبات تمت بتوجيهات من (الشاه) أو من مستشاريه الذين نصحوا القيادة الكردية.. في خطوة من النظام الايراني بتهجير أكبر عدد ممكن من المدنيين من مدنهم، مما يستدعي التدخل الاممي السريع، لإمكانية إنشاء إدارة كردية محلية، وليظل النظام العراقي والكرد يتربصان ببعضهما، دائما.. على غرار ما فعلته بريطانيا، في الهند، بتأسيسها من جسد الأراضي الهندية دولة بنغلادش، بنفس الطريقة وبنفس المآرب.. رغم فشل هذه التجربة.. -وهنا لا بد أن أنصح الأكاديميين الكرد بالاهتمام بهذا الموضوع التاريخي الهام بالدراسة والتمحيص..- 

 

ألم تكن هنالك من خيارات أمام القيادة الكردية وقتذاك، غير خيار القاء السلاح جانبا، والانتظار لما ستحملها المتغيرات الدولية، من فرص سانحة..؟

كما أسلفت أن اتفاقية آذار التي تمت بين (صدام حسين) والمرحوم(الملا مصطفى بارزاني)، ودون علم الشاه، اعتبره هذا الأخير بمثابة طعنة من الخلف في خاصرته، وقد حاول جاهدا أن يطيح بهذه التفاهمات، ومحاولة الايقاع بين الحكومة العراقية والقيادة السياسية في كردستان العراق، بشتى السبل، وقد نجح في ذلك بنهاية المطاف.. لكن إذا ما عدنا ثانية الى ربيع عام (1974)، حيث اكتظت المخيمات التي أقيمت على الطرف الايراني باللاجئين الكرد من العراق، وبدأت حكومة الشاه، بحشد قواتها المدرعة على الحدود مع العراق، بمختلف الأنواع من الأسلحة الثقيلة، حتى التي حرم استخدامها بعد الحرب العالمية الثانية، من قبيل (مدافع الثقيلة 205) وتحولت على أثره جبهة (رواندوز) إلى جبهة جديدة بين الجيشين الايراني والعراقي، فيما كانت قوات البيشمركه، تخوض في مناطق الهضاب في جبهات عند كركوك وأربيل، معاركها مع شراسة القوات العراقية.. وفي خضم تلك الأجواء النارية في كل الجبهات، استطاع الايرانيون أن يظهروا الأوضاع، لقادة الكرد بأنهم باتوا مستهدفين من كل الجبهات، وأن القوات العراقية، عاجلا أما آجلا  ستخوض معارك ضارية ضدهم، إن لم يلتجئوا ويسلموا أمرهم إلى السلطات الايرانية.. لكن في السر بدأ التحرك نحو اتفاقات ثنائية بين السلطات الايرانية والعراقية، وأخرى ثلاثية بينهما وبين الأتراك، وبرعاية أمريكية، تقضي بحسم أمر الثورة الكردية في العراق.. وأتذكر هنا أيضا، وفي (كانون الثاني \ 1975)  حذر (أنور السادات) الطرف الكردي، من خلال لقائيه بكل من السيد (سامي عبدالرحمن، ومحسن دزئي) وبعده بأسبوع لقاء السادات مع (مام جلال) وحذر خلالهما (السادات) (مام جلال) بأن ثمة مؤامرة كبرى تحاك ضدكم يا استاذ جلال.. فحذار.. وعليكم الانتباه.. وأخذ  (مام جلال) تلك التحذيرات على مضض، على محمل الجد، على عكس القيادة الكردية، التي كانت تردد، الايرانيون يساعدوننا، فكيف لهم أن يتآمروا علينا بغةً.. ولم تمض أشهر قليلة حتى تبين للقاصي والداني، تآمر ايران والعراق وتركيا على الكرد بإفشال ثورتهم، وكان لا بد ان تبدأ مرحلة الكفاح المسلح الشعبي التي امتدت لهيبها من خانقين إلى زاخو، وهم يدعون إلى إعادة ايقاد نار الثورة، مستخدمين في ثورتهم ما توفرت في جعبتهم من أسلحة وأعتدة قتالية، وأتذكر، أن كافة الفئات العمرية انخرطو في تلك الثورة الشعبية، ولكن السلطات الايرانية، التي خيرت قادة الكرد الذين كانوا على أراضيها، إما بالعودة إلى العراق، أو ان يبقوا  في ايران، لكن شريطة عدم ممارسة أي عمل يمت بالسياسة بصلة..، مع انبلاج فجر الاتحاد الوطني الكردستاني.. الذي بدت ملامحه بالبزوغ ابتداء من اجتماعنا الرباعي الاول في الـ(25\5\1975) والذي ضم (مام جلال، الدكتور فؤاد معصوم، والاستاذ عبد الرزاق ميرزا، وبحضوري –عادل مراد-) في مقهى (طليطلة) الشعبي وسط دمشق، بإمكاناتنا المالية البسيطة، وبعده بأيام قليلة، عقد في برلين، اجتماع مماثل لاجتماعنا في الأهداف والبرامج، وحضره الدكتور كمال فؤاد، نوشيروان مصطفى، السيدة هيروخان، لطيف رشيد، وعشرة شخصيات أخرى، وتم في تلك الاجتماع اختيار ثلاث شخصيات منهم، وهم الاخوة (الدكتور/ كمال فؤاد، والسيد عمر شيخ موس، والأخ نوشيروان مصطفى) ليصبح عدد اللجنة المؤسسة (7) أشخاص، وأعلنا على أثرها في (1\6\1975) البيان التأسيسي الأول، ومن أهم الأفكار التي تضمنها: أننا ماضون في استمرار شعلة الثورة الكردية، على امتداد أراض كردستان..

مرحلة التأسيس والعمل السياسي والكفاحي للاتحاد الوطني الكردستاني

 كيـــف بدأتم بلملمة شمل الثورة الكردية في جنوب كردستان، وانتم خارج الوطن، وكيف تجاوب أبناء شعب كردستاني، مع مشروعكم النضالــــي، وتوجهات الاتحاد الوطني الكردستاني؟

لا شك أن الدور المتعاظم، في بناء هذا المشروع التنظيمي الوطني، كان لـ.”مام جلال”، وكنا متفقين معه، حول الطروحات والرؤى الاستراتيجية التي كان يطرحها حول هذا التنظيم الوليد، لأنني ببساطة من جهتي، أعتبر نفسي وإلى الآن أحد التلامذة الذين تتلمذوا على يد (مام جلال) حيث تعلمت منه الكثير والكثير.. منذ لقائي الأول معه، عام (1971)، وكان ذلك ببغداد.. والبيان التأسيسي الأول صدر في (1\6\1975)، وهنا لا بد من التذكير، أن وكالة سانا الاخبارية السورية، قد ساهمت إلى حد كبير إعلاميا، لإسماع صدى البيان التأسيسي الأول لحزبنا، في الأوساط المحلية (الكردية) والعربية والدولية، إذ ظلت تذيعه على مدار خمس أو ست أيام متتالية.. وفي الآونة الاخيرة، شاءت الصدف، وأن رأيت نسخة كربونية منه، عند أحد زملائنا.. وبالطبع هذا البيان التأسيسي الذي أصدرناه للرأي العام المحلي والأجنبي، جاء عشية سلسلة طويلة من النقاشات المستفيضة، والحوارات والمداولات الطويلة التي استمرت أيام طويلة، بالإضافة إلى لقاءاتنا المعتادة مع الشخصيات والقوى السياسية الكردية والعربية والاقليمية التي كانت لها ثقلها السياسي آنذاك في الساحة السياسية، لكننا ركزنا في بادئ الأمر على التنسيق مع القوى السياسية العربية الثورية، خصوصا العراقية والايرانية والفلسطينية كـ(الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بقيادة جورج حبش، والجبهة الديمقراطية بزعامة نائف الحواتمة، وياسر عرفات، وآخرين..) إلى جانب عشرات القوى الثورية العالمية التي كانت نشطة وقتذاك في لبنان.. وأتذكر في إحد لقاءاتي مع (جورج حبش) ولدى سؤاله عن أخبار (مام جلال)/ فأجبته: أنه منهمك في الترتيبات الميدانية واللوجستية بإعادة إحياء الثورة الكردية ضد نظام صدام.. فاستغرب (حبش) من هذه الخطوة الجريئة، قائلا: أظن أن الظروف الاقليمية وحتى الدولية، بعد تفهمات (6\3) قد مالت كلها لصالح “صدام حسين”، وأن كل القوى السياسية الاقليمية والدولية وحتىالشيوعية تؤيد في توجهات “صدام”، في ظل الصراعات الدائرة في المنطقة.. وبرأيي إن أية خطوة في الاتجاه ستكون بمثابة انتحار سياسي لـ(مام جلال) الذي هو موضع تقدير واحترام من قبل جميع القوى السياسية الثورية وحتى من قبل زعماء الدول العربية.. لهذا أنصحه بعدم التفريط بهذه الحظوظ التي يكتسبها (مام جلال) وبألا يقدم على خطوة كمثل هذه.. إلا أنني أكدت له أننا بعد أن أسسنا تنظيمنا الوليد (الاتحاد الوطني الكردستاني) أننا ماضون بجدية قدما في انجاز مهمتنا الوطنية، بايقاد شرارة الثورة الكردية مجددا، مهما كانت التحديات والتضحيات والخسائر التي تتنظرنا، سيما وأن الحقائق الموجودة على ارض كردستان مهيئة ومشجعة، لخطوتنا، في إشارتي إلى أن الجماهير الكردستانية سرعان ما لبت نداء بياننا وبرامجنا التي كانت تحاكي مصالحهم مباشرة.. هذا فضلا عن ايماننا بضرورة استمرار النضال الوطني في وجه المؤامرة التي حيكت وتحاك يوميا، ضد شعبنا.. وأتذكر بعدها بفترة ليست بطويلة، ولدى اجتماع (صدام حسين) بعدد من الشخصيات العشائرية الكردية المنخضعين أو ما يطلق عليهم اسم (الجحوش) مقولة (صدام حسين): (الآن أعرف أن (جلال طالباني) بدأ بتحركاته في تحشيد رجالاته.. لكن أريد أوكد لكم أنه لو نبتت نخلة في رأس جلال طالباني، لن يستطع ان يوصل بضع أنفار من رجاله إلى الجبال..) لكن بقوة عزيمتنا وإصرارنا في المضي قدما في اطلاق شرارة الثورة من جبال كردستان، استطعنا في (1\6\1976) إرسال (67) رجلا من قوات البيشمركه، وهم مدججين بمختلف الأسلحة والأعتدة اللازمة، وارسالهم إلى جبال كردستان، بقيادة المناضل النقيب الطيار (إبراهيم عزو) وأعلنوا الثورة من جبال زاخو.. إلا أن أيادي الغدر طالتهم، واستشهد عدد منً هؤلاء الثوار، كدفعة أولى من سلسلة قوافل شهداء الثورة الكردية،.. لكن نكسة استشهاد هؤلاء الثوار، قد زادت من عزيمتنا في الإصرار بمواصلة النضال والثورة، وهذا ما تحقق بالفعل، حيث قدِم شباب الكرد من كل أرجاء كردستان، إلينا، راغبين بالالتحاق بصفوف الثوار، واتذكر هنا مقدم عدد من مواطنينا الكرد من شرق كردستان، سيرا على الأقدام، لكي يلتحقوا بثوار الاتحاد الوطني الكردستاني، ومن بين هؤلاء اتذكر الطيبين الذكر (الملازم سيد كريم، سامان كرمياني وأخرين.. ) وفي موازاة كل ما ذكرناه، كان عناصر ونشطاء كومه له (عصبة شغيلة كردستان) أيضا ينشطون في مختلف المدن والقصبات الكردية، وفي خضم تلك الأجتماعات واللقاءات المكثفة التي كانت تجريها قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني، مع مختلف القوى والشخصيات الكردية من داخل كردستان، من أجل حشد الطاقات، تلقت قيادتنا اتصالا مع (العصبة الماركسية اللينينة) التي كان يقودها الشهيد (شهاب شيخ نوري) الذي اعتقل فيما بعد، وتم تصفيته من قبل جلاوزة نظام صدام في بغداد. والجناح الآخر لتلك العصبة المعروفة كان الحركة الاشتراكية الكردستانية، التي كانت بقيادة (علي عسكري مع رسول مامند والشهيد رؤوف بك مصطفى)، مع التنويه أن مؤسسها الفكري كان (صالح اليوسفي) الذي خضع فيما بعد، للاقامة القسرية، ببغداد. وفي نهاية المطاف انضم الجناحان إلى صفوف الاتحاد الوطني الكردستاني، بقيادة (جلال طالباني). وإلى هذه المرحلة، حقق الاتحاد الوطني انجازا داخليا هاما، كما كنا نطمح إليه، وهو أن يكون الاتحاد الوطني الكردستاني المظلة الجديدة التي تحتضن جميع القوى السياسية والشرائح الشخصيات الوطنية المؤثرة في الساحة الكردية، بهدف الانطلاق الى المرحلة التالية وهي مرحلة الكفاح المسلح ضد جبروت نظام بغداد.. وإن كان عمليا ثمة خطان تحت مظلة الاتحاد الوطني الكردستاني، جناح الحركة الاشتراكية الكردستانية، ومن أبرز قاداته (كاردو كلالي، علي هزار، الشيخ محمد شاكلي، صالح اليوسفي، علي عسكري وكوادر أخرى كانوا قامات رفيعة في الميادين العسكرية) والجناح الآخر هو (العصبة الماركسية اللينينة) وهو الجناح الأقدم، الذي تأسس في بدايات السبعينيات من القرن الماضي، وكان يقود هذه العصبة الشهيد “شهاب شيخ نوري” ومن أبرز قاداتها (سالار عزيز، أبو شهاب، شاسوار جلال، فريدون عبدالقادر، أنور زراب، جعفر عبدالواحد..) وللأسف تعرض هؤلاء المناضلون إلى غدر من قبل شاه ايران، حينما قام بتسليمهم إلى النظام العراقي الذي سرعان ما تم اعدام بعضهم واصدار أحكام جائرة ضد الآخرين بالسجن المؤبد، جورا وبهتانا.. غير أن جذوة هذه العصبة لم تنطفئ باستشهاد هؤلاء القادة، بل بالعكس، إذ انخرط القادة الذين تم اطلاق سراحهم من المعتقلات، مجددا بين الثوار، ومن أبرز تلك الأسماء (جبار فرمان، ارسلان بايز، سلام برزو، عمر سيد علي، آوات عبدالغفور، آسو شيخ نوري، سعدون فيلي..).. باختصار بدأت فكرة تأسيس الاتحاد الوطني بشيء صغير، سرعان ما أصبح كبيرا، عما هو عليه الأن الاتحاد الوطني الكردستاني، سيما وأن أمينه العام السيد مام جلال، أصبح رئيسا لجمهورية العراق، وباجماع شعبي عراقي عريض، وفي ولايتين على التوالي، وهذا بحد ذاته انجاز مشرف لتاريخ نضال الشعب الكردستاني ككل. وكذلك إلقاءه كلمة باللغة الكردية في أرفع منبر دولي، في  الدورة العمومية للأمم المتحدة عام (200). وبدوري أنا واثق بأن الاتحاد الوطني الكردستاني، رغم المؤامرات الداخلية والخارجية التي عصفت وتعصف به،  سيعود أقوى مما كان عليه، في السنوات الماضية، في الساحة السياسية الكردستانية والعراقية معا، بفضل اعتمادنا على نهج جديد، الممثل بضخ هيكل وتنظيم الحزب بدماء وكوادر جديدة، ولعل النتائج الأولية لامسناها، في نتائج الانتخابات التشريعية في العراق.. مؤخرا، تشهد على ذلك..

 مرحلة الاستقرار والبناء بحاضرها و مستقبلها

إلى أي مدى بات انعقاد المؤتمر الحزبي الرابع للاتحاد الوطني الكردستاني ملحا زمانيا..؟

باعتقادي لو أي حزب آخر، في العراق أو في كردستان، غاب عنه رئيسه، أكثر من سنة، لكان تمزق إن لم ينهار تماما.. لكن بفعل تماسك القيادة في الاتحاد الوطني الكردستاني، الآن، واستشعارها بالمؤامرات التي تتربص به، ادركت واقعه واقع البلاد، واصبح الذين كانوا و لايزالوا يراهنون على اضعاف الاتحاد الوطني، ومحاولة تقليص دوره كردستانيا وعراقيا باءت بالفشل الذريع، بفعل البنية المتينة التي أرساها (مام جلال) في هيكلة وتنظيمية الحزب، جعلت منه، كل المحاولات البائسة تتكسر مجرد  اقترابها منه، هذا من جهة، ومن جهة ثانية متانة علاقات الاتحاد الوطني الكردستاني، وكاريزمية (مام جلال) في بناء العراق الجديد، وقبله دوره في إرساء دعائم الاستقرار في اقليم كردستان العراق، وحجم علاقاته مع القوى السياسية الكردستانية والعراقية والأجنبية التي تدعم تطلعات شعبنا الكردي، على مدار تاريخ نضاله الطويل... كل تلك العوامل ساعدت في بقاء الاتحاد الوطني صلبا ومنيعا، في وجه المخططات الفاشلة باستهدافه.. لهذا يمكنني أن أضيف هنا أيضا، أننا نحن الأن بصدد عقد المؤتمر الرابع للاتحاد الوطني الكردستاني، والمؤتمر تم تأخيره، كما تعلمون لدواعي وأسباب معروفة للعيان، ومن المقرر أن يعقد قبل نهاية العام الجاري.. لكن لأننا دائما في الحزب نراهن على الدماء الجديدة الممثلة بالجيل الجديد، وهو ما يعتبرونه الجيش الالكتروني، وكذلك لاخلاص دماء شهداء عوائل (17) ألف عائلة من أسر شهداء الاتحاد الوطني الكردستاني، وتفهم قيادته للواقع المستجد والذي يتجدد يوميا في البلاد، وعلى دماثة خلق (مام جلال) الذي شارك في الانتخابات الاخيرة، دون أن يدلي بتصريح أو إشارة للناخبين بأن يصوتوا لقائمة حزبه، بل بالعكس شارك في التصويت مثله مثل أي مواطن عراقي.. أن الاتحاد الوطني سيكون في طليعة القوى السياسية في كردستان والعراق، في غضون السنوات القليلة المقبلة.. ولأننا أيضا في المجلس المركزي، سوف نعتمد، من الآن فصاعدا في بناء هيكل جديد للحزب. 

في ظل انحسار هيبة ودور الأحزاب ذات التوجهات الاشتراكية، وكذلك اليسارية التوجه في كردستان والعالم، ومنها من اندثرت تماما.. برأيك كيف حافظ الاتحاد الوطني الكردستاني على نفسه، واستطاع أن يكون احد الاحزاب الرئيسة في الساحتين الكردستانية والعراقية، وإلى الآن..؟

الاتحاد الوطني الكردستاني، حزب حيوي يمكن له العيش والتكيف مع مختلف الظروف، مهما كانت قاسية، فمنذ فترة تأسيسه، اعتمد الحزب على سياسة نسج الوشائج مع مختلف الأحزاب والقوى السياسية الكردستانية والعراقية على حد سواء، إذا ما استثنينا، موقف الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي، منذ البدء، السلبي، وهذا بطبيعة الحال، شيء اعتيادي في الحقل السياسي.. أما الآن فنحن كقوى كردستانية رئيسة في الحكومة المشتركة، مع الأطراف الأخرى.. قوة الاتحاد الوطني الكردستاني،  تبلور في غياب (مام جلال) بسبب مرضه المفاجئ، إذ استطاع التغلب على الصعوبات والتحديات التي واجهها، خصوصا في العام المنصرم، ونتائج الانتخابات العامة في اقليم كردستان العراق،  وتحقيقه نتائج باهرة في الانتخابات التشريعية العراقية وانتخابات مجالس محافظات الاقليم بشكل باهر.. لهذا أرى لمستقبل الجيل الجديد من قيادات وكوادر الحزبية للاتحاد الوطني الكردستاني بتفاؤل كبير، وأن مستقبلا زاهرا ينتظرهم، إذا ماعملوا ضمن أجندات التي أرساها القائد مام جلال.. وتأكيدي على التفاؤل نابع من النتائج الباهرة التي حققها الاتحاد الوطني الكردستاني في بعض من مناطق كردستان، لم يكن يوجد فيها موظف إداري واحد للاتحاد الوطني الكردستاني، فعلى سبيل المثال لا الحصر، ففي منطقة (مخمور) الكردية التابعة إداريا لمحافظة الموصل، فقد حصل الاتحاد الوطني  المرتبة الاولى بكل جدارة، وسط دهشة وذهول القوى السياسية التي تتحكم إداريا بتلك المنطقة.. وكذلك الحال في منطقة (سنجار) إذ تكاد هذه البلدة خارجة عن دائرة نفوذ الاتحاد الوطني الكردستاني.. وقد حصل الاتحاد الوطني على أكثر من (40) ألف صوت لمواطنينا في سنجار وقراها.. هذا فضلا عما حققه الاتحاد الوطني من مراكز متقدمة في المناطق المستقطعة من كردستان، وهنا لا بد من الإشارة إلى ما حققه حزبنا من فوز كاسح لنتائج الانتخابات التشريعية في محافظة كركوك، ونتائجها إن دلت على شيء إنما تدل على كردستانية كركوك بقراها وقصباتها.. وأنا أعتبر إن نتائج هذه الانتخابات الأخيرة استفتاء غير مباشر من قبل سكان محافظة كركوك على أن الغالبية العظمى من ساكنيها من الكرد، دون منازع..

الاتحاد الاوطني الكردستاني لم يدرج في لائحة الأحزاب التابعة للدول الشيوعية والاشتراكية في العالم، كعقيدة وممارسة بالتبعية لها، وهذه نقطة هامة، بالرغم من اتصالاتنا وعلاقتنا القوية مع مختلف القوى اليسار العالمي والشيوعية الدولية، فعلى سبيل الذكر، كنت قد التقيت الدبلوماسي السوفيتي الشهير “يفغيني بريماكوف” في منزل السيد “مصطفى جاف” وهو شخصية وطنية كردية مشهورة ومحترمة، في (1977)، والتقيت به كمندوب أممي يعمل في لبنان وقتذاك، وكان أيضا رئيسا لوكالة نوفتسكي الاخبارية السوفيتيتة، وقتذاك.. وكذلك كانت لنا علاقات متميزة، وحافظنا على تلك العلاقات المتميزة مع الحزب الشيوعي الصيني، وكذلك الأحزاب الشيوعية في لبنان وسوريا وتركيا.. وكل هذه الأحزاب اضمحلت الآن، بعد أن كانت قوى سياسية يحسب لها الحسبان في بلدانها.. أما الاتحاد الوطني الكردستاني، فقد استطاع أن يبقي على هيكله التنظيمي بشكل أقوى عما كان عليه، ولعل سر ذلك، هو اعتمادنا على مختلف الشرائح الاجتماعية وبغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والطبقية والاجتماعية.. وقبل سنوات عدة انضم الاتحاد الوطني الكردستاني إلى منظمة الاشتراكية الدولية، كحزب فاعل فيها، وتبوأ السيد (مام جلال) منصب نائب الرئيس لمنظمة الاشتراكية الدولية، وإلى الآن نحظى بعلاقات متينة بمختلف الأحزاب الاشتراكية الدولية في مشرق العالم ومغربه، فضلا عن قوة علاقتنا مع القوى ذات التوجه اليساري في المنطقة والعالم، وحتى مع العديد من الدول الاقليمية والغربية.. هذا كل بفضل سياسة حزبنا الحكيمة والمتسقيمة مع كل قضايا الإنسانية حول العالم، وفي مقدمة تلك القضايا القضية الكردية..

 

*ماذا تقول اخيرا؟

ــ لا لا.. إن ما تركه لنا (مام جلال) من إرث فكري وسياسي، جعلنا لا نحيد عن نهج الاتحاد الوطني الكردستاني، في المضي قدما شرقا وغربا، من أجل مصلحة الشعب الكردي وتطلعاته المشروعة، وأن نمد يدينا حتى مع أندادنا، فعلى سبيل المثال، في عهد رئاسة “تورغوت أوزال” لتركيا في تسعينيات من القرن الماضي، فقد وطد “مام جلال” علاقات وثيقة مع حكومة (أوزال) وهذه العلاقات أدت إلى سلسلة من اللقاءات المباشرة بين (مام جلال) و(تورغوت اوزال) وحكومة عهده، وبالتالي هذه اللقاءات فسحت المجال أمام قادة حزب العمال الكردستاني وقادة الاتراك، لاول مرة، منذ نشوب الحرب بينهما بداية الثمانينيات.. وهذه السياسة الوطنية العامة والمتكاملة، التي اتبعها الاتحاد الوطني الكردستاني، دليل ساطع على نهجه على مختلف صعد كردستان، وليس التقوقع داخل جزء دون غيره من الأجزاء الأخرى لكردستان . .

 

 PUKmedia

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket