الانتخابات في الأنبار.. شعارات على أطلال من الدمار

العراق 10:10 AM - 2018-02-18
الانتخابات في الأنبار.. شعارات على أطلال من الدمار

الانتخابات في الأنبار.. شعارات على أطلال من الدمار

تتنافس الأحزاب والكتل السياسية في الأنبار على كسب ثقة الجماهير من بين مليون وأربعة وخمسين ألف ناخب في محافظة الأنبار (110كلم) غرب العاصمة بغداد، توزعوا على (71) مركزاً انتخابياً، (11) منها مازال مغلقا في مناطق غربي الأنبار التي تحررت من سيطرة الجماعات الارهابية مؤخرا.

(31%) فقط من قاموا بتحديث بياناتهم حسب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات مكتب الأنبار، نسبة قد تعكس الرغبة الحقيقية للمشاركة في الانتخابات القادمة، وتمثل الصخرة التي ستتحطم عليها آمال الشباب المتحمس الذي قرر الدخول إلى المعترك السياسي.

أحمد الفياض (42 عاما) أحد المرشحين عن حركة النهضة الشبابية في مدينة الرمادي، يرى ان مضمار الانتخابات المقبلة سيكون الأصعب، استنادا الى حجم المشاركة الشبابية التي ترفض الانصياع لأية أجندات سياسية، تملي عليها برامج واليات لا تحقق أهدافها التي تسعى الى تصحيح مسار العملية السياسية.

الفياض تحدث قائلا: "في مؤتمراتنا الانتخابية والمناسبات التي تجمعنا مع جماهير عامة قد تكون مؤيدة أو معارضة، يكون خطابنا خالياً من الوعود المادية فنحن نتكلم عن مستقبل نسعى الى تحقيقه بمشاركة جماهيرنا، خطاب قد لا يجد آذانا صاغية بسبب ضجيج أبواق الفاسدين التي مازالت عالية ومؤثرة".

ويقول أيضا: "نجد أنفسنا أمام مهمة صعبة وتيار معاكس يحاول الإطاحة بمشروعنا الذي مازال يفتقر الى مقومات الصمود أمام كتل كبيرة تمتلك المال والنفوذ، ويقابلها جمهور فقد الثقة بكل خطاب سياسي ومشروع انتخابي، وأصبح يهزأ بكل ما حوله من فعاليات انتخابية".

ويضيف الفياض: أن "مهمتنا تبدو مستحيلة لاسيما أن المواطن قد فقد الثقة بكل ما حوله ولم يعد يقتنع بمضمون البرامج الانتخابية، حتى أن العملية برمتها لم تحفزه على تحديث بياناته، الأمر الذي يوفر فرصة ذهبية لبعض الكتل السياسية من خلال استغلال تلك الأصوات غير المحدثة لصالحها".

كيف لأشخاص مستقلين لا ينتمون لأي حزب أو تحالف سياسي أن يُنَظِموا احتفاليات ومهرجانات انتخابية بمبالغ طائلة، وكيف لهم أن يتمكنوا من تسجيل تلك الأحزاب الجديدة ما لم يتوفر لهم الدعم الكافي، سؤال مازال يردده السكان المحليون عند مشاهدتهم لأية فعالية انتخابية، لاسيما تلك التي تدعي أنها مستقلة وأنها انبثقت من رحم المعاناة.

عبد الحميد الصغير في العقد السادس من عمره والذي يقطن مدينة الرمادي، لم يعد يتأثر بتلك البرامج الانتخابية التي عاصرها منذ عام 2003 وحتى عام 2014، ووصف العملية الانتخابية "بالأمر المحسوم" وان ما يتم تداوله من دعاية وبرامج ما هي الا مضيعة للوقت والمال على حد وصفه.

الصغير قال: ان "الوجوه ذاتها وفي كل مرة تلبس ثوبا يتناسب والمرحلة التي نخوضها، جاءت للمرة الأولى بثوب الدين عندما ترشحت الأحزاب الإسلامية ومن ثم لبست ثوب العشائر كبديل عن تلك الأحزاب التي نبذها الشارع العراقي، واليوم تأتي بهيئة جديدة شبابية لتحاكي الشباب المندفع بحجة زج الدماء الجديدة للعملية السياسية، الا أن المحرك واحد لكل هذه الوجوه".

عملية الانخراط في أحزاب سياسية وان كانت ظاهرة جديدة الا أنها أصبحت أمراً مألوفا، لاسيما بعد غياب مظاهر الاغتيالات والتصفيات السياسية التي كنا نشهدها سابقا خلال الحملات الانتخابية، بسبب الاستقرار الأمني الذي تنعم به المحافظة، وغياب جماعات داعش والمجاميع المسلحة التي كانت تهدد كل حراك سياسي أو مجتمعي.

وربما يكون هذا احد أهم الأسباب التي شجعت الكيانات السياسية الكبيرة الى استثمار الطاقات الشبابية، محاولة منها لكسب شريحة مهمة ومؤثرة تسعى الى المساهمة في التغيير نحو الأفضل، لاسيما أنها عانت التهجير والغربة التي ولدت للغالبية الرغبة في التغيير وسحب البساط من أحزاب وشخصيات تسببت لهم بالظلم والتهميش.

مازن الخليفاوي، (38 عاما) احد السكان المحليين لمدينة الرمادي ومرشح عن الحركة الجماهيرية، يؤكد أن غالبية المرشحين الجدد واجهة شبابية لكتل سياسية كبيرة لم تعد تحظى بالقبول داخل الشارع العراقي، لاسيما في محافظة الانبار.

الخليفاوي تحدث قائلا: "بمجرد التحقق البسيط حول خلفية الأسماء والشخصيات التي تتردد على مسامع الجمهور من خلال اللقاءات التلفزيونية أو مواقع التواصل الاجتماعي عبر مضمون دعائي ركيك، نجد أن هذه الأسماء تنفذ أجندات الأحزاب السياسية المتهمة بنهب أموال العراق ودماره، وغالبا ما تجتمع هذه الأسماء بشخصيات سياسية بارزة خلال مناسبات رسمية".

محمد راضي الحلبوسي، (46 عاما) والذي يقطن مدينة الكرمة (10كلم) شرقي الفلوجة، لايرغب بالمشاركة في الانتخابات القادمة لعدم قناعته بكل ما حوله من شخصيات سياسية، فهو يرفض أن يكون جزءاً من "لعبة رخيصة" على حد تعبيره.

الحلبوسي تحدث قائلا: "عندما أتحدث عن الانتخابات أجد نفسي أتحدث عن لعبة كبيرة، أصبحت مكشوفة فان الذي يدعم تلك الفعاليات على علم يقين أن الحاضرين لا يؤيدونه ولا يرغبون به، وكذلك الحاضرون يعلمون جيدا أن هذه الكيانات والأحزاب تدعي الوطنية وأنها تهدف الى كسب أصواتهم فقط".

ويقول أيضاً: "في كل موسم انتخابي هناك سماسرة نعرفهم جيدا يقومون بجمع الأصوات مقابل مبالغ مادية، وفي هذا الموسم بدأت عملية جمع الأصوات مبكرا من خلال شراء بطاقات الناخب مقابل خمسين ألف دينار كراتب شهري لهذه البطاقة حتى موعد إجراء الانتخابات، وهذا ما يؤكد أن العملية محسومة، ومن باستطاعته أن يشتري أصوات الناس سوى أشخاص لهم باع طويل في هذا المضمار".

مع بداية الموسم الانتخابي يكون الحديث في مختلف الميادين عن الأحزاب السياسية والتحالفات والشخصيات البارزة، ويتم التركيز على هذه الموضوعات عبر وسائل الإعلام المتعددة ومواقع التواصل الاجتماعي، الا أن هذه المنافذ لا تمثل بوابة المرشحين الوحيدة الى نفوس وقناعات الجماهير، إذ يتم التوجه الى شيوخ العشائر باعتبارهم المستودع الأكبر لأصوات الناخبين.

لاشك أن لشيخ العشيرة القدرة على إقناع أتباعه بالتصويت لحزب أو شخصية سياسية تحظى بدعمه وتأييده بحكم التقاليد العشائرية، الا أن ما حل بمدن المحافظة نتيجة الممارسات الخاطئة لبعض السياسيين من خراب ودمار، حسب الشيخ محمود الجربوع (58 عاما) احد وجهاء مدينة الرمادي، الذي أكد انه لن يستقبل أي كيان سياسي يتطلع الى كسب أصوات أبناء عمومته.

الجربوع، تحدث قائلا: "لا يمكن لشيوخ العشائر ووجهاء المحافظة ممن يمتلكون مكانة مرموقة داخل المجتمعات العشائرية الضغط على أتباعهم للتصويت الى شخصية دون أخرى ولأسباب عدة، أولها أن المحافظة مازالت تعاني الخراب والدمار والنقص الشديد في الخدمات وثانيا غياب الثقة بين المرشحين والناخبين".

 

 

PUKmedia عن نقاش

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket