رئيس الجمهورية: لامناص من تعزيز ثقافة الحوار والتفاهم

08:53 AM - 2018-02-18
رئيس الجمهورية: لامناص من تعزيز ثقافة الحوار والتفاهم

رئيس الجمهورية: لامناص من تعزيز ثقافة الحوار والتفاهم

فيما يأتي نص كلمة سيادة رئيس الجمهورية الدكتور فؤاد معصوم في احتفالية المجمع العراقي للوحدة الاسلامية:

 

"بسم الله الرحمن الرحيم

{فَبَشِّرْ عِبَادِي الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}

صدق الله العلي العظيم

السيدات والسادة الحضور الكرام

السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاته

يطيبُ لي أن أبدأ التحدثَ إليكم بالإعرابِ عن تثمينيَ العالي للأهداف النبيلة التي تَلتئم لأعلائها إحتفالية "المجمع العراقي للوحدة الاسلامية" هذه. وهي أهدافٌ.. لا ريب أننا اليومَ.. في أحوجِ ما نكونُ إليها من أجل رفدِ النصرِ المجيدِ الذي حقّقه شعبنا على الإرهاب.. بإنتصارٍ فعليٍ ومؤزر أيضاً في معركةِ بناء السلم الأهلي وتوطيدِ الوحدةِ والإستقرار ومباشرة عملية الإعمار في كل العراق ولا سيما إعمار المناطق المحررة. 

بيدَ أننا نتطلع بقوة كذلك.. الى أن يشمل الأمنُ والتقدمُ دولَ المنطقة كافة.. بما يضمن إبعاد شبح الإرهاب والحروب عن الجميع. ونغتنم هذه الفرصة لندعو المجتمع الدولي إلى تركيز جهوده وإمكانياته لإنهاء النزاعات ووقف الحروب ودعم الأمن والسلم وتشجيع فرص التنمية في المنطقة وكل العالم.

لقد قدمت بلادنا تضحيات غالية من أجل الإنتصار على تنظيم "داعش" الارهابي ودولته الزائفة وعقليته الاجرامية وفكره المنحرف. والعراقيون شديدو الفخر بهذا النصر الذي تم بعون من الله جل وعلا، وبفضل قوة ارادتهم ووحدتهم، وكفاءة وبسالة رجال قواتنا المسلحة بكافة تشكيلاتها في الذود عن وطنهم وحريتهم ومقدساتهم، ما أكسبنا احترام ودعم شعوب العالم أجمع. 

لكن النصر على داعش هو أيضاً نصرٌ عظيمٌ للصورة المشرقة للمسلمين وديانتهم السمحاء التي دأبت على الدفاع عن قيم العدالة والسلام والخير والمحبة بين كل البشر على إختلاف ألوانهم وقومياتهم وأديانهم ومذاهبهم ومعتقداتهم. وهذه القيم التي تشترك فيها كل الأديان السماوية، نتمسكُ بها الآن بقوة أكثر من أي وقت مضى. ففي عالمنا المعاصر.. وحتى على مستوى العلاقات الدولية.. ليس هناكَ ما هو أرفعُ قيمةً ونفعاً من التقاربِ والتفاهم بين الأمم والمجتمعات، وليس هناكَ ما هو أكثرُ ضرورةً وأهميةً من قبولِ الاختلاف والتنوّع لإدامة الإخاء والتعايش سواءٌ داخلَ المكون الواحد أو بين المكونات المختلفة.

ومن نِعم الله لا شك.. أن الأديانَ ذاتها تحث البشر على الحوار والتفاهم والتوافق والصداقة بين بعضهم البعضِ.. حيثُ ليس هنالك من اختلافاتٍ كبيرةٍ في المبادئ والقيم الأساسية بينها، وهذا ما يسهِّلُ أو يفرضُ علينا جميعاً البحثَ عن المشتركاتِ لابرازها وتطويرها مع قبولِ الاختلافات واحترامِ الخصوصيات.

السيدات والسادة الحضور

لقد عاش العراقيون على مر الأزمنة في ظل علاقات أخوة ومحبة وتضامن بين أبناء مختلف المذاهب والأديان والقوميات متعاونين متكاتفين. وهاهم أثبتوا تمسكهم بهذه العلاقات مجددا بتصديهم البطولي وانتصارهم على قوى الأرهاب والشر والجريمة. بل هاهم الآن عازمون  على طي صفحة الخلافات ورص الصفوف والتعاون باعتبارها الأرضية الصلدة اللازمة.. لضمان سلامة امن واستقرار بلدهم وحماية وحدته وسيادته ومستقبله ومكانته الدولية. 

وبداهة، فان تعزيزِ ثقافةِ الحوار والتفاهمِ والتعايشِ الديمقراطي البناء تبرز كمستلزمات لا مناص منها الآن ليس فقط لتحقيق عودة كريمة للنازحين الى مناطقهم او لاجراء الانتخابات التشريعية المقبلة في موعدها القانوني ووفق شروطها الدستورية.. أو لتحقيق المصالحة المجتمعية والشروع بعملية اعادة اعمار المناطق المحررة فحسب.. بل لأرساء وحدة وطنية راسخة تضمن الانطلاقنحو انجاز الأهداف التنموية الاستراتيجية والتقدم بعزم نحو اقامة دولة المواطنة وتثبيت أسس النظام الديمقراطي الاتحادي بما يخدم حماية المصالح العليا للبلاد وحقوق وحريات كافة المواطنين دون تمييز ديني أو قومي أو مناطقي مهما كان.

إن التضحياتِ التي قدمُّها شعبنا من أجلِ حريته وأمنه وسلامه وسلام البشرية تتطلبُ منا أيضا تأكيدِ أهمية الحوار والتعاون بين المرجعيات الدينية، وكذلك أهمية العملَ على تعزيز روح المشاركة والمبادرات الميدانية البناءة على كافة المستويات بين هيئات وعلماء الدين كافة، من أجل خلق بيئةٍ وطنيةٍ سليمةٍ وصالحة للانطلاق إلى ما هو أكثر أهميةً وإلى ما يقعُ في صميمِ المواجهةِ المشتركة مع التحديات المستقبلية وفي المقدمة منها الاسهام في ترسيخ روح الوحدة والمصير المشترك بين كل أبناء الشعب وفي تقريب جهات النظر بين الفرقاء السياسيين، والعمل على جميع المسارات المتاحة من أجل تعزيز الوئام والتماسك المجتمعي ورفض التطرف والطائفية والفكر التكفيري فضلا عن توعية المواطنين وحثهم على نبذ الخلافات وتوحيد الصفوف للتصدي لأي خطر محتمل للعصابات الارهابية ضد اي من مكونات شعبنا.. 

آملُ لجهودكم هذه أن تكونَ خطوةً مهمةً نحو تعزيز روحِ التفاهم والتقارب والوحدة.. وتصفية مظاهر التمزقِ والأنقسام التي هي منفذٌ أساسٌ لكل أنواع النعرات الشريرة والأدران والأخطار.

والسلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاته.” 

 

PUKmedia 

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket