حملة ضد الكورد

الاراء 06:59 PM - 2017-12-12
.

.

الكورد لم يهزموا .. والشيعة لم ينتصروا

تحريض عنصري واجراءات انتقامية ضد الاقليم

استعرت الجزء الاول من العنوان من مقال نشرته جريدة "الحياة" اللندنية منتصف الشهر الماضي (الاثنين 13 تشرين الثاني) للكاتب اللبناني (شيعي) حازمالامين اشار فيه الى ما تخلل هتافات وشعارات وردات المشاركون في الزيارة الاربعينية الاخيرة من تعابير عنصرية وكلمات شماتة، وهتافات موجه ضد الكورد والتحريض عليهم، وتصوير ما حدث في كركوك على انه "هزيمة" للكورد.

يقول الكاتب ان ما حدث في كركوك ليس بالهزيمة للكورد، ولا هو بالنصر للشيعة، لان ما حصل تسبب باضرار كبيرة للعراق، كل العراق. لكن هناك من يريد تحويله الى عكس ذلك تماما، بدوافع بعضها عنصري والاخر طائفي. وان الشعور بنشوة "الانتصار" لدي الحشد الشعبي انتقل الى اوساط شيعية جاهلة، ما دفعها الى اعتبار رئيس الوزراء حيدر العبادي "بطلا" ليس لانه "هزم داعش في الموصل" بل لانه "هزم الاكراد في كركوك". 

الذي لفت انتباهي لمقال الكاتب حازم الامين، عنوان المقال، الذي يقول نصه "الاكراد وقد صاروا قتلة الحسين بن علي" رسم فيه تصور "مثير" للكيفية التي برع فيها الساسة الشيعة  (الجماعات الاسلامية) في استغلال الدين (الاسلام) او المذهب (الشيعي) في "تلفيق" التهم واستخدام الاساليب (المراوغة) بهدف الحاق الاذى بالاخرين، وكذلك الاعداء المفترضين. او في استهداف من يختلف معهم، حقا كان ذلك او باطلا. لا اريد الاستمرار في شرح هذا الامر، واكتفي بالاشارة الى براعة هؤلاء في اغراء الجمهور من البسطاء والسذج، حيث يقول الكاتب توجد هناك "سهولة الاستجابة والجهوزية الشعبية لتلبية" الغرض، فلا صعوبة تمنعهم من "ضم الاكراد الى قتلة الحسين".

اوردت هذه الاشارات من المقال اعلاه، لغرض التنبيه الى ان الترويج لمثل هكذا افكار مغرضة لن تصب في خدمة العراق، ولا في تعزيز وحدنه، كما يزعم البعض لفظا ويمارس افعال التمييز بين فئات المجتمع العراقي، بهدف اشاعة اجواء الانقسام والفرقة والتناحر. 

الموضوع الذي يعالجه هذا المقال وهو الحملة العنصرية ضد الكورد، التي روجت لها اطراف في التحلف الوطني (الشيعي) وتوسع نطاقها وزادت حدتها بعد احداث "احتلال" مدينة كركوك، ثم تشجع اصحابها نتيجة الاجرات الحكومية الانتقامية ضد الاقليم من اغلاق للمنافذ وايقاف لحركة التنقل، دون مبرر معقول، وهي انتهاك صريح للدستور. حيث اعتادت الحكومات المركزية، على مثل هذه الممارسة المخلة بمبدأ الشراكة وكذلك بوحدة البلاد. وعدم التعامل مع المواطنين بشكل عادل بغض النظر عن الاصل العرقي او القومي او الانتماء الديني او المذهبي او المعتقد الفكري او السياسي. هذا بالضبط ما يتعارض ونصوص الدستور.

يجري الان التحريض ضد الكورد في اقليم كردستان وفي المناطق المتنازع عليها، واتسع ليشمل الكورد القاطنين في بقية انحاء العراق (المحافظات الجنوبية والوسطى) في حملة عنصرية لم يشهد العراق مثيلا لها في السابق، حتى في عهد البعث الذي برع في تطبيق سياسة التعريب ضد الكورد.

يتعرض الكورد القاطنين في المحافظات الوسطى والجنوبية الى حملة تمييزعنصرية تروج للكراهية واشاعة اجواء معادية يقف وراءها اطراف في التحالف الوطني(الشيعي) ويرافقها اعتداءات وتهديدات واساءات تقوم بها قوى وجماعات شيعية، بعضها مسلح، والاخر متنفذ في الاجهزة الامنية والحكومية.

ان هذه الحملة التي تستهدف جزء مهم من المجتمع العراقي وفئة وطنية لها كامل حقوق المواطنة، بغض النظر عن الاختلافات السياسية وتباين والاراء والافكار حول الاستفتاء او غيره من مشاريع وتوجهات، لا يجوز التجاوز عليها او استغلال هذه الاختلافات للتنكيل بها او الاعتداء على افرادها.

يشكل الكورد الذين يعيشون خارج حدود اقليم كردستان، كتلة سكانية كبيرة نسبيا، ورغم عدم وجود ارقام دقيقة عن حجمها، فالتقديرات تشير الى ان هناك اكثر من ثلاثة ملايين من الكورد الذين يعيشون في بقية انحاء العراق، مليون منهم يقطن في العاصمة بغداد وحدها، وربما اكثر.

ولا تقتصر اهمية هذه الكتلة البشرية على حجمها العددي، فهي تتكون من فئات سياسية نشطة، وافتصادية منتجة، وثقافية متنورة، وكذلك تضم في صفوفها كفاءات متميزة في كافة مجالات الحياة، كانت لها، وما تزال اسهامات مهمة في نهضة العراق وتقدمة وبناء دولته الحديثة.

اردت من هذه الاشارة الى اهمية هذه الفئة من المجتمع العراقي، التذكير بان اعمال التنكيل والاساءة ومحاولة معاقبة او الانتقام من الكورد بدوافع سياسية (مستبدة) او قومية (عنصرية) انما يعود بالضرر الكبير على كل العراقيين، ويفاقم من مظاهر الانقسام والتخندق في اطر غير وطنية، كالطائفية والعرقية والمذهبية والعشائرية.

لقد ادى الانقسام الطائفي الذي نجحت في الترويج له، والتشجيع على ترسيخه، القوى الطائفية في العراق الى احداث شروخ خطيرة في الحياة السياسية والاجتماعية، وتنامي في مظاهر النزاعات الفردية والعشائرية والاختلافات المذهبية، مما ساعد، ويساعد على المزيد من التنافر والتخندق بين فئات المجتمع. ولن تفعل الحملة العنصرية التي تجتاح العراق الان، والتي يسعى من خلالها، بعض اطراف التحالف الوطني (الشيعي) الى تعزيز نفوذه وحماية الفاسدين من انصاره، لن تفعل سوى تعريض العراق الى المزيد من المخاطر، واعاقة محاولات الاصلاح التي يسعى لتحقيقها رئيس الوزارء السيد حيدر العبادي.

 

PUKmedia قـاســم مـحـمــد غــالي

 

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket