القضاء على داعش عسكرياً.. هل ينهي خطره على العراقيين؟

تقاریر‌‌ 01:27 PM - 2017-11-17
القضاء على داعش عسكرياً.. هل ينهي خطره على العراقيين؟

القضاء على داعش عسكرياً.. هل ينهي خطره على العراقيين؟

بعد خسارته عشرات المدن:

القضاء على داعش عسكرياً.. هل ينهي خطره على العراقيين؟

الأسبوع الماضي اقتحمت قوات الجيش العراقي بلدة راوة آخر معاقل "داعش" في العراق، ولكن العراقيون يتساءلون؛ هل سيتخلصون أخيراً من الإرهاب بعد عقد من الزمن؟ أم أن للمتطرفين سلوكاً آخر لمواصلة العنف؟

 الأسبوع الماضي وبينما كانت قوات الأمن العراقية تطارد مقاتلي "داعش" في صحراء الأنبار باتجاه الحدود السورية بعد خسارة الإرهابيين مدنهم الأساسية في الموصل وتلعفر والحويجة، شن المتطرفون هجمات انتحارية استهدفت أحد مقرات "الحشد الشعبي" في مدينة كركوك وبعد يوم على الهجوم أعلنت قوات الأمن في المدينة اعتقال شبكة إرهابية داخل المدينة كانت تسعى لتنفيذ هجمات جديدة.

في بغداد أعلنت قيادة الجيش السبت الماضي اعتقال خلية إرهابية كانت تخطط لاستهداف الزوار الشيعة المتوجهين إلى مدينة كربلاء التي كانت تشهد مناسبة دينية خاصة للشيعة، وقال قائد "عمليات بغداد" الفريق جليل الربيعي ان الخلية جاءت من مدينة الموصل وكانت تنوي استهداف منطقة الكرادة في قلب العاصمة.

وبعد أيام قليلة من إعلان الحكومة العراقية استعادة السيطرة على أهم معاقل "داعش" في مدينتي الموصل وتلعفر شمال البلاد في آب (اغسطس) الماضي، تمكن إرهابيون من تنفيذ هجوم دامٍ عند أطراف محافظة ذي قار جنوب البلاد أوقع (74) قتيلا و (93) جريحا استهدف مطعمين ونقطة تفتيش يمر خلالها المسافرون بين مدن الجنوب للاستراحة.

تشير هذه الهجمات بوضوح الى ان تنظيم "داعش" اختار مبكرا إستراتيجيته المقبلة بعد خسارته الحكم في البلدات العراقية، وسيعود إلى تكتيك القتل والاغتيالات عبر التفجيرات لخلق الفوضى من جديد وانتظار أزمات السياسة ليعود مجددا الى إستراتيجية احتلال المدن.

المنهج الذي بدأه ابو مصعب الزرقاوي زعيم تنظيم "القاعدة" في العراق العام 2004 عبر القتل العشوائي واستهداف تجمعات السكان في مراكز المدن دون السيطرة عليها مع تصاعد حدة الخلافات بين السياسيين الشيعة والسنة هو الذي مهّد الطريق بعد عشر سنوات لتنظيم "داعش" الذي ولد من رحم "القاعدة" لاحتلال المدن بسهولة في 2014، إذ أن للإرهابيين صبراً طويلاً في التخطيط، كما أن الأفكار المتطرفة تعتاش على الأزمات والخلافات السياسية والمجتمعية.

اليوم وبعد ثلاث سنوات من المعارك باهظة الثمن وما خلفته من دمار وتضحيات كبيرة تمكن العراقيون من استعادة السيطرة على ثلث مساحة البلاد التي كانت تحت قبضة "داعش" في الانبار ونينوى وصلاح الدين، وتطارد قوات الامن العراقية المتطرفين منذ الأسبوع الماضي الى الحدود الدولية مع سورية في مؤشر الى تطور ملحوظ للقوة العسكرية العراقية.

ولكن القضاء على المتطرفين عسكريا لا يعني الانتصار عليهم، فالتنظيمات الإرهابية نجحت في جعل العراق متوترا طيلة العقد الماضي ومن دون أن يحتل مدينة واحدة عبر استراتيجية التفجيرات والاغتيالات، وينتظرون استغلال خلافات السياسيين وقرارات حكومية تثير استياء السكان.

 

 جيوش الخلايا النائمة

عندما سقطت الموصل رسميا بيد "داعش" في حزيران (يونيو) 2014 بعد انهيار ثلاث فرق عسكرية هناك (45) ألف عسكري تؤكد المعلومات على أن عدد الإرهابيين الذين هاجموا المدينة لم يتعد عددهم العشرات وهو ما أكده رئيس الوزراء حيدر العبادي الشهر الماضي عندما أعلن عن نيته فتح تحقيق في أسباب انهيار الجيش حينذاك.

ولكن في الواقع ان الموصل سقطت عمليا بيد الإرهابيين قبل ذلك التاريخ بأشهر بفضل الخلايا النائمة التي زرعوها في المدينة وكانت تقوم بمهام جباية الأموال من التجار والأهالي مقابل الحفاظ على حياتهم، وهذه الخلايا ساعدتهم في السيطرة على المدينة بسهولة، والشيء نفسه حصل في الانبار وصلاح الدين.

واذا كان "داعش" نجح في تجنيد المئات من السكان الى جانبه قبل ان يسيطر على مدن كاملة مأهولة بالسكان، إذن كيف الحال وقد احتل ثلاث بلدات رئيسية يقطنها 7 ملايين شخص، ووفقا لإحصاءات المنظمة الدولية للهجرة فان عدد السكان الذين نزحوا في حينها كان 3 ملايين شخص، هذا يعني أن اربعة ملايين شخص عاشوا تحت ظل دولة الخلافة لثلاثة أعوام.

ويقول النقيب في الجيش العراقي عبد الكريم اللامي لـ "نقاش": "عندما كنا نقاتل بين الاحياء السكنية في الموصل وتمر من خلالنا آلاف العائلات الهاربة من المعارك، كنا نعرف جيدا أن بينهم أعضاء في داعش، ولكننا لا نستطيع اعتقال الجميع والتحقيق معهم، نعرف جيدا ان إدارة مدن كبيرة مثل الموصل والانبار كانت تحتاج إلى آلاف من السكان المحليين استعان بهم داعش لهذا الغرض".

ويضيف اللامي "إنها مشكلة حقيقية، فدوائر الاستخبارات والمخابرات تواصل التحقيق واعتقال المئات من عناصر داعش، ولكن هناك المزيد الذين نجحوا في الاختباء، كما ان آلافاً من العائلات التي انتمى احد أفرادها الى المتطرفين هم موضع شك، بالتأكيد يجب طمأنة هذه العائلات وعدم اعتبارهم إرهابيين، وإلا فإنها ستتحول الى خلايا نائمة إذا تعرضوا لمعاملة سيئة".

بعد استعادة السيطرة على مدينة الموصل، قررت الحكومة العراقية عزل عائلات تنظيم "داعش" في مخيمات معزولة، والشيء نفسه حصل في صلاح الدين والانبار، فيما تعرض آخرون لهدم منازلهم ومنعهم من العودة وحتى الاغتيال، وفقا للخبير في شؤون الجماعات الجهادية هشام الهاشمي.

ويقول الهاشمي إن "ابرز التحديات التي واجهت الحكومة بعد التحرير هي التعامل بمهنية مع عائلات عناصر داعش، اختارت الحكومة عزلهم في معسكرات لا إنسانية وسكتت عن عقوبات ثأرية تعرضوا لها مثل هدم منازلهم والاغتيال ومنعهم من العودة الى منازلهم حتى أصبحت تسيء إلى سمعة الحكومة".

الهاشمي يضيف ان "المشكلة تكمن في ان عدد عائلات داعش يقترب من مئة ألف شخص وقد يتحول الكثير منهم الى جيل جديد من المتطرفين، وقد يكون القادم أكثر سوءا من السابق".

وليس خافيا ان المدن التي حررتها قوات الأمن العراقية منذ أشهر تعاني اليوم من أزمات أمنية وإدارية عديدة، وتشير الى عدم امتلاك الحكومة العراقية خطة محكمة لإعادة النظام، فالسلطة الأمنية بيد تشكيلات مسلحة غير متجانسة بعيدة عن رقابة الحكومة في بغداد، والسكان يعانون من مشكلات خدمية.

معركة استخبارات ومعلومات

المعركة المقبلة ضد المتطرفين ستكون معركة استخبارية تعتمد على المعلومات وليس على الجنود والدبابات، وفقا لعضو اللجنة الأمنية في البرلمان العراقي النائب اسكندر وتوت.

ويقول وتوت لـ "نقاش" إن "المعركة ضد الإرهابيين ستستمر ولكن يجب تغيير الخطط الأمنية، فالمتطرفون لم يعودوا قادرين على القتال وفق مبدأ الحروب النظامية، وقد يلجأ التنظيم إلى الاختباء وشن هجمات انتحارية وعمليات اغتيال".

ويضيف "نحتاج خلال الأشهر المقبلة الى تعزيز العمل الاستخباراتي والتنسيق مع الدول المجاورة لمنع تكرار الهجمات الإرهابية على مدننا، نحتاج الى معلومات عن الخلايا النائمة واماكن تواجدها خصوصا وان معلومات مؤكدة تشير إلى هروب مقاتلي داعش الى الصحراء الشاسعة في بين الانبار وصلاح الدين والموصل والتي تعرف باسم صحراء الجزيرة".

قبل العام 2014 كان المتطرفون يلجأون إلى التفجيرات لإيقاع اكبر عدد من الضحايا، وهذه التفجيرات تثير الخلافات بين السياسيين عبر تبادل الاتهامات فيما بينهم وتنعكس أيضاً على السكان عبر تبادل الاتهامات على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما افسح المجال لداعش لاستغلال الفوضى السياسية والانقضاض على الموصل والانتقال إلى مرحلة السيطرة على المدن بشكل كامل.

ومنذ أسابيع يشهد العراق أزمة سياسية هي الأشد، وهذه المرة بين العرب والكرد وليس بين السنة والشيعة، فالاستفتاء على انفصال اقليم كردستان وما تبعه من تحرك قوات الجيش الاتحادي للسيطرة على كركوك والمناطق المتنازع عليها بين الكرد والعرب والتركمان في صلاح الدين وديالى ونينوى يمثل أول التحديات التي تواجه البلاد بعد مرحلة القضاء على "داعش".

ويحاول الإرهابيون استغلال هذه الخلافات، وشنوا فعلا هجمات انتحارية في مدينة كركوك، وعلى السياسيين العراقيين تدارك الامور قبل فوات الأوان، وعلى الحكومة العراقية اتخاذ إجراءات حاسمة لتطمين السكان ودعم المحافظات التي خرجت لتوها من حكم الإرهابيين، كما تقول النائب عن الموصل نورة البجاري.

البجاري تقول لـ "نقاش" ان "الاقصاء والتهميش وتجاهل مطالب السكان في توفير فرص عمل واعمار مدنهم ومنازلهم يخلق التذمر على السلطات، وعلى الحكومة وضع خطة جدية لاعمار المحافظات المدمرة، والا فان المتطرفين سيسعون الى استغلال حالة التذمر وتجنيد المؤيدين إلى جانبهم.

 

PUKmedia عن نقاش

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket