بافل طالباني: توسيع دائرة الأصدقاء لتأمين التأثير في الساحة السياسية العراقية

العراق 05:39 PM - 2023-12-10
الاتحاد الوطني الكوردستاني PUKMEDIA

الاتحاد الوطني الكوردستاني

أتاح الحراك السياسي النشط لبافل طالباني، منذ انتخابه في أواخر سبتمبر الماضي رئيسا بلا شريك لحزب الاتّحاد الوطني الكردستاني، للحزب فرصة البروز مجدّدا على الساحة العراقية كخيمة لالتقاء الفرقاء وحلحلة الخلافات عبر الحوار، لتستأنف قيادة الحزب بذلك الدور الذي اضطلع به لفترة طويلة الرئيس العراقي الأسبق جلال طالباني.
السليمانية (العراق) - يواصل بافل جلال طالباني رئيس حزب الاتّحاد الوطني الكردستاني حراكه السياسي الهادف إلى إعادة ترسيخ مكانة الحزب في خارطة السياسة العراقية على قاعدة توسيع دائرة الأصدقاء داخل إقليم كردستان وفي عموم العراق، وذلك من خلال تكثيف التواصل والحوار مع الفاعلين السياسيين في الساحة العراقية على اختلاف مواقعهم في السلطة وتعدّد انتماءاتهم الحزبية وتوجهاتهم السياسية والأيديولوجية.
وشملت سلسلة لقاءات أجراها رئيس الاتّحاد الوطني في بغداد اجتماعه مع كل من رئيس الوزراء محمّد شياع السوداني ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، إلى جانب لقاءين مع كلّ من زعيم حزب الدعوة الإسلامية رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وقائد عصائب أهل الحق قيس الخزعلي.
وتكتسي اللقاءات مع كبار المسؤولين في الدولة العراقية، وكذلك مع السياسيين النافذين والمشاركين بقوة في السلطة، أهمية استثنائية لإقليم كردستان العراق الذي يعاني في الفترة الحالية تبعات خلافاته مع الحكومة الاتحادية والمنعكسة بشدّة على وضعه المالي والاجتماعي، من خلال تشدّد بغداد في تزويد حكومة الإقليم بالأموال الكافية لصرف رواتب عمالها وموظّفيها.
الاتّحاد الوطني مؤهل أكثر من الحزب الديمقراطي للتواصل مع بغداد بتجنبه الصدام مع كبار الفاعلين السياسيين هناك
ويعلم السياسي الكردي المحنّك بافل طالباني مدى تأثير الأحزاب والفصائل الشيعية في سياسة الحكومة العراقة التي وقفت أصلا وراء تشكيلها وتشارك فيها بعدد كبير من الوزراء والإداريين، كما يعلم دور تلك الأحزاب والفصائل في الضغط على الإقليم، وهو ما يفسر لقاءيه مع كل من المالكي والخزعلي.
ويبدو حزب الاتّحاد الوطني الكردستاني مؤهلا أكثر من منافسه الأول الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة أسرة بارزاني، للتحاور مع الأحزاب والفصائل الشيعية نظرا للعلاقات الجيدة التي حافظت عليها قيادة حزب الاتّحاد مع الفصائل والأحزاب، مقارنة مع المشاحنات والخلافات الكبيرة التي دخلت فيها قيادة الحزب الديمقراطي معها ما جعل قيادات شيعية مؤثّرة تتشدّد في سياستها إزاء الإقليم رغبة في الضغط على حكومته التي يتولى أفراد من أسرة بارزاني أهم مناصبها القيادية.
وتظهر تحركات بافل طالباني أنّ الحفاظ على علاقات جيدة مع أوسع طيف ممكن من الفاعلين السياسيين في العراق والمنطقة جزء أساسي من سياسته، وهو ما يتجسّد بشكل عملي في إقامته علاقات متينة مع ممثلي أكراد المنطقة، وتحديدا في سوريا، في وقت حرصت فيه قيادات كردية عراقية أخرى على ترك مسافة بينها وبين أبناء جلدتها تجنّبا لإثارة المشاكل مع تركيا التي تتخذ موقفا متشدّدا حيال أكراد سوريا.
وناقش الاتحاد الوطني خلال لقائه برئيس الحكومة الاتحادية “الأوضاع العامة للبلاد وجهود الحكومة لتقديم المزيد من الخدمات، حيث أكد الجانبان ضرورة التنسيق والتعاون بين القوى والأطراف السياسية بغية حل المشكلات وحماية الاستقرار في المنطقة”.
وأشار بافل طالباني أثناء مباحثاته مع السوداني إلى جهود وفد إقليم كردستان للوصول إلى اتفاق مع بغداد، معتبرا أنّ الاحتكام إلى الدستور والشراكة الحقيقية عاملان أساسيان لحل الخلافات.
وبشأن المستجدات الأمنية في المنطقة وعواقبها على العراق قال رئيس الاتحاد الوطني إنّ منظور الحزب يقوم على اعتبار “المنطقة تمر بمرحلة حساسة يجب التعامل مع تطوراتها بمسؤولية، وينبغي حماية البلاد من أي احتمال غير مرغوب فيه”.
وفي لقائه مع القاضي فائق زيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى العراقي دعا بافل طالباني إلى “مواصلة الحوار البنّاء بين القوى والأطراف السياسية بهدف تجاوز المعوقات وإنهاء الخلافات بالاحتكام الى الدستور والقوانين النافذة”، معبّرا عن دعمه “لاستقلال القضاء وأن يكون القانون حاميا حقيقيا لحقوق جميع الشعوب العراقية”.
وتمّ خلال اللقاء الذي جمع بافل طالباني مع نوري المالكي التطرق إلى موضوع الخلافات المالية بين الحكومة الاتحادية وحكومة كردستان العراق حيث شدّد رئيس الاتّحاد الوطني على ضرورة عدم الخلط بين المستحقات المالية للإقليم ورواتب الموظفين وصون معيشة المواطنين، من جهة، والخلافات السياسية من جهة ثانية.
كما تمّ التطرق إلى انتخابات مجالس المحافظات حيث جدّد بافل طالباني موقف الاتحاد الوطني بشأن وجوب إجراء الانتخابات في موعدها المحدد وخاصة في مدينة كركوك “لأن الأوضاع في المدينة لها خصوصية وتحتاج إلى تغييرات إدارية وتقديم المزيد من الخدمات”.
وفي اللقاء الذي جمع رئيس حزب الاتحاد بزعيم عصائب أهل الحق تم التشديد على ضرورة استمرار الحوار بين جميع الأطراف العراقية وإنهاء الخلافات عبر المعالجة القانونية والدستورية للمشكلات بين إقليم كردستان وبغداد.
ويأتي تحرّك قيادة حزب الاتّحاد الوطني صوب الفاعلين السياسيين في العراق بمثابة توسيع لحالة الوفاق التي بدأ بافل طالباني بالعمل عليها انطلاقا من إقليم كردستان وبدءا بالمنافس الأول والشريك الأكبر لحزبه، وذلك من خلال عقده في أوائل نوفمبر الماضي اجتماعا موسعا مع قيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني ممثلة بكل من نائبي رئيس الحزب نيجيرفان بارزاني ومسرور بارزاني، واعتبره مراقبون خطوة كبيرة باتّجاه تجاوز الخلافات العميقة التي ميّزت العلاقة بين الحزبين خلال الفترة السابقة وتنشيط التنسيق المشترك في مواجهة الظروف الصعبة التي تواجه الإقليم والاستعداد لمحطّات سياسية مهمّة من ضمنها الانتخابات المحلية في العراق والانتخابات النيابية في الإقليم.
واكتسى الاجتماع بحسب مراقبين أهمية خاصّة كونه انعقد في مرحلة حساسة محليّا وإقليميا تتميّز بتعاظم التحديات المالية والاقتصادية وبالتالي الاجتماعية جرّاء خلافات سلطات الإقليم مع الحكومة العراقية بشأن رواتب موظفي الإقليم وحصته من الموازنة الاتحادية، وكذلك التحديات الأمنية بسبب التصعيد التركي ضدّ عناصر حزب العمال الكردستاني المتواجدين في كردستان العراق، وبسبب تداعيات الحرب في غزّة والتي تتخذها ميليشيات شيعية سببا لاستهداف نقطتي تمركز القوات الأميركية في أربيل.
وفي وقت لاحق عقدت قيادة حزب الاتحاد الوطني سلسلة من الاجتماعات مع قادة وممثلين عن كل من حركة التغيير والاتحاد الإسلامي الكردستاني وجماعة العدل، في خطوة اعتبرها مراقبون جزءا من جهود الحزب بزعامة بافل طالباني لتشكيل جبهة حزبية في مواجهة الوضع الاستثنائي الذي يعيشه إقليم كردستان جراء ما يشهده من تعقيدات سياسية وصعوبات اقتصادية ومالية يعزى بعضها للخلافات بين بغداد وأربيل بشأن حصة الإقليم من الموازنة الاتحادية.

PUKMEDIA

* عن صحيفة (العرب) اللندنية

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket