الحكيم: مام جلال تمكن بتفكيره المتقدم أن يتجاوز أحلك الظروف وأخطرها

العراق 10:18 AM - 2022-10-04
سماحة السيد عمار الحكيم رئيس تيار الحكمة الوطني

سماحة السيد عمار الحكيم رئيس تيار الحكمة الوطني

وجه سماحة السيد عمار الحكيم رئيس تيار الحكمة الوطني كلمة في الذكرى الخامسة لرحيل فقيد الامة الرئيس مام جلال، اكد خلالها ان تســتذكــر الشعوب مــواقــف قــادتــها ورمــوزهــا.. مسـتلهمة مـنهم الـعزيـمة والـصبر والإيـثار.. والمسارات الـصحيحة بـما يـتسق مـع المـبادئ والقيم التي ضحى من أجلها أولئك القادة الكبار..فيما يأتي نص الكلمة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمـد وآله الطاهرين وصحبه المنتجبين. 
السيدات والسادة الحضور..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
فــي الــظروف والمــسارات الــصعبة الــتي تــمر بــها الأمـم.. تســتذكــر الشعوب مــواقــف قــادتــها ورمــوزهــا.. مسـتلهمة مـنهم الـعزيـمة والـصبر والإيـثار.. والمسارات الـصحيحة بـما يـتسق مـع المـبادئ والقيم التي ضحى من أجلها أولئك القادة الكبار..
تمر علينا الذكرى الخامسة لرحيل الزعيم الوطني مام جلال طالباني رئيس جمهورية العراق الأسبق رحمه الله، بمرارة كبيرة وألم عميق، لفقده وغيابه عن الساحة العراقية وعن شعبه الكوردي في هذه الظروف الحساسة من تاريخ البلاد.
إن وجود القادة الكبار ضرورة وغيابهم خسارة وذكراهم ذخيرة، أينما حلوا ومتى ما آستذكروا في أي زمان ومكان، فطبيعة تفكيرهم وحراكهم وسلوكهم يدفع شعوبهم وأتباعهم ومحبيهم لتجديد العهد معهم ومراجعة سيرهم وتجاربهم ومبادئهم ليكملوا المسيرة ويأخذوا منهم الدروس والعبر الناجحة ويعززوا المواقف ويواصلوا الطريق.
إن شخصية الراحل مام جلال طالباني كانت فريدة ومؤثرة في الساحات الكوردية والعراقية والدولية وقد تمكن بتفكيره المتقدم أن يتجاوز أحلك الظروف وأخطرها وأن يؤسس لمراحل مفصلية في تاريخ العمل السياسي العراقي.
فعلى المستوى الكوردي كان زعيما ملهما ومحبا لأبناء جلدته، ومتفانيا في الدفاع عنهم في سوح الجهاد ومعارضة النظام الإستبدادي العنصري الذي إستهدف أبناء شعبه بكل صنوف العنف والقسوة والتهميش، ولكنه لم يتخل يوماً، عن كونه قائدا عراقيا إتسعت رؤيته لتشمل جميع العراقيين بكافة إنتماءاتهم القومية والدينية والمذهبية والسياسية.
إن الحفاظ على هوية (العراق والكورد) معا، كانت من شواخص تجربته التي جعلت منه قائداً عراقيا بإمتياز.
مام جلال طالباني لم يتخل يوما عن الحقوق المشروعة لأبناء جلدته الكورد بشهادة أصدقائه ومنافسيه، ولكن ذلك لم يجعله يغفل يوماً عن كامل الجغرافيا العراقية وتنوعاتها، وقد أنشد فيه الجواهري الكبير قائلا (شوقاً جلال كشوق العين للوسن/ كشوقِ ناءٍ غريب الدَّار للوطن/ شوقاً إليك وأنت النُّور مِنْ بصري/ وأنت مني محلَّ الرُّوح في البدن). ليصور عمق العلاقة والعاطفة بين مام جلال العراقي الكوردي وبين الشاعر العراقي العربي الراحل محـمد مهدي الجواهري.
لقد كان يعتقد أن قوة العراق تـكمن فـي تـنوع مكوناته.. وأن إحـترام خـصوصـية تـلك المـكونـات لايـلغي وحدتها وتماسكها ضمن مشتركات الوطن الواحد.. ومصير الأمة الواحدة.
ولـذا تـوحـدت عـليه قـلوب الـعراقـيين.. كـما تـوحـدت لـديـه هـموم الـعراقـيين وتـطلعاتـهم.. فـعاش رمـزا ومـات رمـزا وطنيا تفتخر به الأجيال عبر التاريخ..
وهذا ما انعكس بشكل جلي على طبيعة علاقته مع المكون الإجتماعي الأكبر في البلاد من خلال صلته المباشرة بالنجف الأشرف وحوزتها ومرجعياتها وأسرها العلمية إلى جانب علاقاته الوثيقة بالعشائر العربية في الفرات الأوسط والجنوب.
فكان ولايزال محط إحترام وتكريم المكونات العراقية وفي مقدمتها المكون الشيعي الذي يتذكر مواقفه الوطنية في الدفاع عن المرجعية والمكون الأكبر وحقوقه في المحافل والمحطات الوطنية والدولية.
ولايمكن أن نغفل بشكل خاص عمق علاقة الراحل بأسرة آل الحكيم خلال عقود طويلة من الزمن، منذ النضال المشترك مع شهيد المحراب الخالد آية الله العظمى السيد محـمد باقر الحكيم (قدس) في ساحات المعارضة الملتهبة، والتعاون والشراكة في التأسيس السياسي لمرحلة ما بعد سقوط الدكتاتورية مع والدنا الراحل سماحة السيد عبدالعزيز الحكيم (رحمه الله)، والتراكم والإستمرار في علاقته الوثيقة معنا شخصيا، حتى وفاته المؤلمة.
لايمكن أن ننسى هذا التاريخ المشترك وهذا الإرث الثمين وتلك المواقف المفصلية أبدا، وسيبقى مام جلال حاضرا في قلوبنا وعقولنا ووجداننا ما حيينا وسنبقى نذكر لأبي شلال مواقفه المشرفة أينما كنا وكلما حانت الفرص والمناسبات.
إنني أناشد إخوتي وأخواتي من أبناء شعبنا الكوردي الأبي، كما أناشد أبناء مام جلال ورفاقه ومحبيه في الإتحاد الوطني الكوردستاني ولاسيما رئيس الإتحاد الوطني الكوردستاني الأخ العزيز الأستاذ بافل طالباني وحلفاءه في الحزب الديمقراطي الكوردستاني والقوى الوطنية والكوردستانية الأخرى أن يعقدوا العزم على مواصلة منهجه ومبادئه ومسيرته الوطنية الغراء، في الوحدة والتكاتف والتمسك بمشروعه، والمضي بالمعادلات التي رسمها الراحل الكبير في حياته والحفاظ عليها وتقويتها وتأكيدها.
فعراق اليوم بحاجة ماسة الى المزيد من الإعتدال والعقلانية والحوار والإنفتاح والوحدة والإنسجام بين العراقيين جميعا، وقد كنتم ومازلتم من أعمدة هذا المنهج القويم الذي يجب أن يستمر بقوة تكريما لذكرى مام جلال و القادة الوطنيين كافة.

السيدات والسادة الكرام.. 
حري بنا أن نستلهم مـن هـذه المناسـبة الـوطنية الـعزيزة عـلى قلوبنا.. تـوحيد المـواقـف والمـسارات الـمطلوبـة، ولاسـيما مع ما يمر به بلدنا من لحظات حاسـمة في تـاريخه الحديث.. وإني عـلى ثـقة بـأن روح الراحل مـام جلال تـتوق ليأخذ كــل مــنا تــلك الـمـواقــف الــوطــنية الــحاســمة فــي حـلحلة الخلافــات بــروح الإيــثار وتــغليب المصالح العليا للبلد. 
وإسمحوا لي أن أتحدث بصراحة معهودة بين أهلي وإخوتي في إقليم كوردستان..
لا أحـد مـنا يـنكر أن هـناك خـللاً بـنيويـا فـي طـبيعة مـسار الـعملية الـسياسـية الـقائـمة الـيوم.. ولاسـيما أنها مرت بظروف إستثنائية منذ التأسيس.. وإن الإســتمرار عـلى قواعد الإستثناء يهدد نظامنا الـسياسـي ويـعرضـه الـى أزمـات خـانـقة ومـتوالـية.. وهـذا مـا نـعانـيه الـيوم مـن إنسـداد سـياسـي لـم ينفع معه حتى خيار الإنتخابات المبكرة. 
ولا أحـد مـنا يـنكر أيـضا.. أن دسـتورنـا الإتـحادي بـحاجـة الـى تـطويـر وتـفسير وتـعديـل للعديد من مـواده بما يتناسب مع متطلبات التطور في التجربة السياسية طيلة العقدين الماضيين من عمر التجربة الديمقراطية في العراق. 
وحينما لاتـكون الأزمات والمشاكل السياسية هينة أو عادية.. فإن ذلك يتطلب أن يكون دور المعالجة إستثنائيا يتناسب مع حجم المشكلة وضرورة مواجهتها بحزم وحسم ومسؤولية.
وهذا ما يجعلني أنتهز فرصة هذه المناسبة الوطنية الكبيرة في مخاطبة إخوتي من قيادات إقليم كوردستان الذين لا أشك في إخلاصهم وحرصهم الوطني.. في النظر نحو بغداد بذات العين التي كان ينظر بها الزعيم الراحل مام جلال إلى بغداد.. وأن يكونوا سببا حقيقيا في معالجة الإنسداد السياسي الذي وصلنا اليه.. لاسيما بعد البادرة الطيبة والموقف المسؤول في إستئناف عمل مجلس النواب.
إن الإتفاق على إختيار مرشح رئاسة الجمهورية لايقتصر على تلبية إستحقاق المكون الكوردي فحسب وإنما يمثل حاجة وطنية ملحة لمنع إنزلاق البلاد نحو نفق مجهول.. وإن الإستعدادات لمعالجة الخلل البنيوي الذي أشرنا اليه سلفا .. يتطلب أولا تشكيل حكومة وطنية مسؤولة وقوية تمهد الطريق لمرحلة الإنتقال الآمن في إجراء إنتخابات مبكرة .. خالية من العيوب والملاحظات والإشكاليات السابقة المعروفة.
وهو مايصعب تحقيقه من دون إنتخاب رئيس جمهورية متفق عليه كورديا ومصوت عليه وطنيا داخل قبة البرلمان، بما يتناسب مع خطورة المرحلة المقبلة وأهميتها في الإصلاح والمعالجة.
لقد كنا دوما ولانزال من دعاة الحوار الوطني .. والجلوس إلى طاولة الحوار والتفاهم والإنسجام .. وهو أمر نحتاجه اليوم أكثر من أي وقت مضى .. ولكننا في الوقت ذاته يجب أن لانتهاون في مواجهة التحديات بروح القانون والدستور .. والإلتزام بالسياقات الدستورية في حفظ الدولة وسيادة مؤسساتها.
إن أملنا كبير في الإحساس العالي والإستشعار الكبير للمسؤولية الوطنية لدى إخوتنا في إقليم كوردستان.. وإن البذرة التي زرعها الزعيم الراحل مام جلال ومن قبله الزعيم ملا مصطفى بارزاني (رحمهما الله) قد أتت أكلها.. وسيستمر أثرها بإذن الله ويبزغ خيرها نجماً في سماء العراق.
نجدد تعازينا الحارة ومواساتنا الدائمة ووقوفنا معكم أيها الإخوة والأهل والأحبة ونتمنى لكم المزيد من التوفيق والتألق والنجاح والعمل الوطني المشترك، مؤكدين لكم إعتزازنا وإصرارنا على هذه العلاقة الوثيقة وترابطنا التاريخي المتين.

رحم الله مام جلال.. ورحم الله شهداء العراق جميعا
رحم الله شهداء البيشمركة.. والحشد الشعبي.. وجميع صنوف قواتنا المسلحة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

PUKMEDIA 

 

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket