اوجه الاختلاف والتشابه بين جرائم عمليات الانفال و ابادة الكورد الايزيديين

کوردستان 05:38 PM - 2022-08-03

لو امعنا النظر في كلا عمليتي الاباد الجماعية ( الانفال سيئة الصيت) وهي عمليات نفذها النظام البعثي البائد  في اطار سياسات التطهير والابادة، وعمليات الابادة للايزيديين التي نفذها جماعة داعش الارهابية ضد الايزيديين والمكونات القومية والدينية الاخرى في سهل نينوى عقب سيطرتها على المنطقة. 
واذا حاولنا اجراء مقارنة بين العمليتين، قد يكون سهلا بالنسبة لي كوني شاركت في فتح المقابر الجماعية لضحايا الانفال و مقابر الكورد الايزيديين و وثقت الكثير من الادلة و اعددت تقارير صحيفة عن المقابر كثيرا، خاصة مقابر المهاري في الديوانية و تلة شيخية في السماوة و  حمرين حيث ضحاياها من المؤنفلين، في نفس الوقت كنت من المشاركين في عملية فتح مقابر خانة سور و برديا و مفرق حردان لضحايا الايزيديين.
ان العمليتين الابادة قد نفذت في وقتين وتاريخين مختلفين ونفذت من قبل نظامين مختفلين الهدف منهما التطهير العرقي وابادة الجنس للشعب الكردي و مكوناته المتعايشة في سهل نينوى، والعمليتين تطبيقا لنفس العقلية الشوفينية يجمعها الفكر المتعصب والهمجية. مع ذلك ثمة كثير من التشابه والاختلاف بين عمليتي ابادة المؤنفلين والكورد الازيديين.
لو نظرنا الى الفكرة التي نفذت عمليات الانفال و ابادة الكورد الايزيديين، نلتمس ان عمليات الانفال نفذت من قبل النظام المقبور تحت مسمى اسلامي مأخوذا الاسم من القرأن الكريم لاعطاء الشرعية الدينية لعمليات الابادة ، بمعنى اخر اخذت الدين الاسلامي غطاء لعمليات الانفال. في نفس الوقت نفذت جماعة داعش الارهابية لابادة الكورد الايزيديين تحت راية الله اكبر. اي ان منفذي كلا العمليتين اخذوا الدين غطاء لجرائمهم في كلتا المرحليتين .
بخصوص تاريخ تنفيذ عملية الانفال سيئة الصيت، فقط تم تنفيذ عمليات الانفال سنة 1988 خلال ثمان مراحل امتدت لمدة اقل من سنة راح ضحيتها اكثر من 182 الف شخص وشملت العمليات اغلب مناطق كردستان بدءا من كرميان و جافايةتي مرورا بمناطق شمال اربيل وصولا بمنطقة بهدينان، كون المساحة التي نفذت فيها عمليات الانفال واسعة فان عدد ضحاياها كانت كبيرة. اما عمليات الابادة التي نفذتها جماعة داعش الارهابية كان عدد ضحاياها اقل بكثير لان المساحة التي شملت العملية منطقة ضيقة مقارنة بجرائم الانفال حيث شملت سهل نينوى و سنجار وبعض المناطق الاخرى وسط العراق عليه فان عدد ضحايا القتل الجماعي للكورد الايزيديين كان اقل بكثير من عمليات الانفال.
مع وجود اقاويل عن قيام النظام البعث ببيع فتيات كورديات الى دول عربية مثل مصر لكن ليس هناك ادلة تثبت بشكل قطعي بان النظام المباد قام ببيع فتيات الكورد المؤنفلات. بالمقابل ان جماعة داعش الارهابية قامت بسبي الفتيات الايزيديات بشكل واسع و تم بيعهن في سوق نخاسة ناهيك عن اجبارهن للزواج بقيادات داعش.
لو نظرنا الى الفترة التي نفذت فيها عمليتين الانفال و ابادة الكورد الايزيديين نرى ان عمليات الانفال نفذت سنة 1988 حيث ان تقدم التكنولوجيا لم يكن متطورا و منتشر وسائله ، اما عملية ابادة الكورد الايزيديين نفذت في الفترة بين 2014 ـ 2017 تقريبا حيث تشعب وسائل الاتصال والاعلام ناهيك عن وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا اثر كثيرا على وجود و عدم وجود الادلة عن الجريمتين.
من جهة اخرى نفذ النظام المباد عمليات الانفال بسرية تامة الى حد يقال انه تم قتل سواق الحفارات والشفلات بعد تنفيذ عملية الابادة، ظننا منه انه يمحي اثر الجريمة كليا و لا يتم الكشف عنها الى ابد الابدين، لكن نجاة عدد من الضحايا باعجوبة بحكمته تعالى كان وسيلة لكشف هذه الجرائم ، لكن الادلة على هذه الجرائم قليلة و غير متوفرة الا بشكل قليل، على عكس ذلك نفذت جماعة داعش الابادة بشكل معلن بدافع الترهيب والتخويف و نشرت هذه الجماعة جرائمهم على قنواتهم الاعلامية، بذلك تتوفر ادلة دامغة عن جرائم داعش 
خلال فترة تنفيذ جرائمه لكن المجتمع الدولي لسبب ما غض بصره و غلق اذانه و دون تحريك ساكنا، لكن بعد تحرير العراق تم تحديد العديد من مواقع الماقبرالجماعية من قبل التحالف الدولي و باشرت المنظمات الدولية ابرزها icmp و الصليب الاحمر الدولي دعم عمليات التنقيب و كشف المقابر الجماعية ، لكن بسبب قلة الادلة على جرائم الانفال بقي في نطاق ضيق و محلي لم يعرف بشكل واسع دوليا على عكس جرائم ابادة الكورد الازيديديين حيث كان التحالف الدولي متواجدا بشكل واسع في موقع الاحداث هذا من جهة و الادلة التي تناقلتها القنوات الاعلامية باخص الادلة المأخوذه من وسائل الاعلام التي تمتلكها جماعة داعش والتي تبث الجرائم بدافع الترهيب والتخويف كما اسلفت ومن جهة اخرى ساهمت كثيرا في تدويل الجرائم و تعريفها على مستوى البرلمانات الدولية بشكل اوسع من جرائم الانفال.
ودخل المجتمع الدولي بشكل كثيف الى حد تشكيل مجلس الامن الدولي لجان لتقصي الحقائق و جمع الادلة ( اليونيتات ) على وجه الخصوص حيث جمع الاف من الادلة الدامغة على جرائم جماعة داعش الارهابية وساهم ذلك في تدويل جرائم داعش بشكل اوسع دوليا. من جهة اخرى تحرير و نجاة العديد من المعتقلات و الناجيات ازالوا النقاب على عديد من الجرائم خلال لقاءات و وامام اللجان الخاصة التي شكلت لغرض التحقيق في جرائم داعش و جمع الادلة 
اما بخصوص شكل وحجم المقابر الجماعية التي كشف النقاب عنها من قبل الجهات المعنية نرى تشابها كبير بين الجريمتين الانفال وابادة الكورد الايزيديين حيث يظهر للناظر ان العمليتين نفذت من قبل جهة واحدة وليس جهتين واذا نظرنا الى شكل الحفر الذي قتل فيها الضحايا نرى بوضوع هذا التشابه حيث كان عمق كل حفرة تتراوح بين 80 سم الى متر بينما تتراوح عرض كل حفرة بين 4 الى 5  امتار اما طول الحفرة فكانت 8 الى 10 امتار.
تظهر اثار الذخيرة الحية على ضحايا الانفال ما يدل ان المؤنفلين قتلوا رميا بالرصاص بعد تقيدهم او قد دفنوااحياء، هذا ما اكده الناجون من عمليات الانفال.

يقول فرج خلال لقاء اجراه معه صحفي ( قيدوني انا وابن عمي معا و رمونا الى داخل الحفرة و قاموا برمينا بشكل عشوائي بعد ان دفعونا نحو الحفرة بشكل احسست بحرارة دم ابن عمي الذي استشهد فورا ومن ثم  قاموا تغطية الجثامين بالتراب عن طريق شفلات، ونجاني الله باعجوبة من اجل الكشف عن هذه الجريمة، تيمور ناجي اخر يتحدث عن نفس اسلوب رجال النظام في قتل عائلته حيث تم العثور على جثامينهم في مقابر شيخية في بادية السماوة.
اما جرائم ابادة الايزيدين تختلف كليا عن جرائم الانفال حيث تم ذبحهم على اكثر، الحالات التي كشفت في المقابر الجماعية تثبت ذلك، يتبين بشكل واضح اثار الدماء بجوانب الحفر، في مقبرة خانة سوور للكورد الايزديين تبين لي بشكل واضح ان مجرمي داعش ذبحوا الضحايا على حافة الحفرة ومن ثم رموهم الى داخل الحفرة وجميع الضحايا رؤوسهم مفصولة عن اجسادهم.
في عمليات الانفال تم تغطية الجثامين المؤنفلين بشكل كلي بواسطة التراب بسمك تتراوح بين 50 الى 80 سم، اما ضحايا الكورد الايزديين فكان مقابرهم مكشوف دون تغطية الحفر .حين تواجدي عند الحفر، رأيت ذلك في مقبرة خانة سور قرب ناحية سنوني، وهناك جثامين دفنوا تحت اكوام التراب كما رأيت في مقبرتي مفرق حردان و قرية برديا.
من نقاط التشابه بين جريمة الانفال وقتل الايزيديين وابادتهم ، تلمست خلال متابعتي و تجوالي ولقاءاتي التي اجريتها مع بعض الناجين، انه تم تفريق ضحايا الانفال قبل نقلهم الى مواقع القتل والابادة، اكثرية ضحايا مقبرة تلة شخية في السماوة كانوا من النساء والاطفال بينما كان ضحايا مقبرة مهاري في الديوانية جلتهم من الرجال والشباب ، وهكذا الحال بالنسبة لابادة الايزيين حيث تم تفريق و تصينف الضحايا، فالفتيات الاتي تتراوح اعمارهن من 15 الى 40 تم سبيهن بعد نقلهن الى الرقة و الموصل اما الاتي تفوق اعمارهن ال 40 سنة قتلن وتم عثور على مقبرتهن داخل سنجار و تحوي على النسوة المعمرات، وهناك مقابر تحوي على الرجال فقط دون النساء . 

نفذ النظام البعثي جرائم الانفال في اماكن بعيد كل البعد من موقع اعتقال الضحايا بحيث تبعد بعض المواقع الابادة اكثر من 800 كيلومتر او اكثر من موقع الاعتقال وبعيدة عن مواقع السكن والتجمعات السكانية، بينما نفذت جماعة داعش الارهابية جريمتهم في اماكن قريبة من المساكن والتجماعات السكانية، فمثلا مقبرة خانة سور لا تبعد الا بضعة كيلومترات عن ناحية سنوني السكنية.
هذا ما لمسته من التشابه واختلاف بين جرميتي الانفال وابادة الكورد الايزيديين وقد يكون هناك نقاط اخرى تجمع الجريمتين بامكان اجراء بحوث دراسية للوصول الى نقاط بشكل اعمق.

PUKmedia الصحفي فؤاد عثمان/ متابع لشؤون المقابر الجماعية في العراق


شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket