جرائم داعش ضد الايزيديين

کوردستان 11:18 AM - 2021-08-02

من هم الايزيديون؟
الايزيديون هم اقلية عرقية ودينية تعتبر من اقدم الديانات ويكتنفها العزلة والغموض السيما قبل المأساة التي الحقتها بهم الدولة اللاسلامية المزعومة، واسم الايزيدية نفسه مثير للجدل والبعض يربطه باسم الايزيدية اي اتباع يزيد بن معاوية الخليفة الاموي الذي عرف بقتاله الشيعة وضلوعه في تدبير مقتل الامام الحسين (ع) في كربلاء، والبعض ربط اسم الايزيدية بكلمة إيزيد EZID اي "الله" باللغة الكوردية وتعني الكائن الاسمى وهو يشدد على التأثر بالزرداشتية والثقافة الهندية الايرانية، يتراوح عدد سكان الايزيديين بين 700 الف- مليون نسمة، يعيش معظمهم في العراق والبعض في سوريا وتركيا والمانيا وجورجيا وارمينيا.

بداية المأساة وهجوم داعش:
في اوائل آب 2014 شن تنظيم داعش هجومه على منطقة سنجار شمال العراق واحكم السيطرة على الاقليم ما دفع حوالي 35 الى 50 الف شخص من المجتمع الايزيدي ومعظمهم من النساء والاطفال إلى اللجوء إلى مواقع في جبال سنجار للنجاة بأرواحهم، كما فر نحو 130 الفا منهم الى مدن دهوك واربيل في كوردستان العراق.
شكل هجوم سنجار بداية حملة عالية التنظيم وبالغة الوحشية لمحو الهوية الايزيدية قتل فيها الآلاف من الايزيديين مباشرة، في حين اختطفت المئات من الفتيات الايزيديات والاطفال واخذوا اسرى لدى التنظيم ليتم بعد ذلك مقايضتهم وبيعهم واسترقاقهم. تضمن تقرير البعثة الفيدرالية لحقوق الانسان شهادات كثيرة لنساء وفتيات ايزيديات تم استرجاعهم من التنظيم تحدثن فيها عن الممارسات الجنسية الوحشية لعناصر داعش في حقهن، ما يؤكد أن التنظيم اعتمد ايدولوجية ممنهجة من الاسترقاق والعنف الجنسي يرتقي إلى وصفه بالجرائم ضد الانسانية او جرائم الابادة الجماعية.

جرائم الابادة الجماعية:
هي اي فعل يرتكب بقصد اهلاك جماعة قومية او اثنية او عرقية او دينية بصفتها هذه اهلاكا كليا ام جزئيا: قتل افراد الجماعة، الحاق ضرر جسدي او عقلي جسيم بأفراد الجماعة، اخضاع الجماعة عمدا لاحوال معيشية يقصد بها الاهلاك الفعلي كليا ام جزئيا، نقل اطفال الجماعة عنوة الى جماعة أخرى ومن هنا يمكن تصنيف ما تم ارتكابه بحق الايزيديين على أنه جريمة إبادة جماعية يجب ان تتخذ بحقه الاجراءات الدولية والمحلية بصورة ضرورية وانصاف مظلوميتهم بصورة عادلة، وحسب قانون روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية عام 1998 م والمادة الثانية الفقرة الاولى من قانون منع إبادة الجنس البشري للعام 1948 فأن جرائم داعش ضد الايزيديين هي جرائم إبادة جماعية.

الجرائم المرتكبة ضد الايزيديين
وفقا للشهادات التي جمعتها البعثة الدولية لحقوق الانسان، ارتكب تنظيم داعش نمطا واضحا من جرائم الابادة الجماعية من طريق الحاق اذى جسدي او عقلي جسيم بأفراد الجماعة ومن طريق تعهد خوض احوال معيشية يقصد ُبها انزال الاهلاك الجسدي بالجماعة كليا او جزئيا، وتبين ان داعش ارتكب جرائم ضد الانسانية من خلال هجومه على منطقة سنجار في شمال العراق، أي منطقة وجود الايزيديين وكان عملا بسياسة تنظيم الدولة اللاسلامية وفق نمط ممنهج من اعمال العنف الجسدي والعنف الجنسي ضد النساء والفتيات الايزيديات وضمن سياق واسع النطاق ووفقا لشهادات الفتيات الضحايا اللواتي خضعن للاسترقاق الجنسي على يد افراد التنظيم من مختلف الجنسيات.

دور المحكمة الجنائية الدولية
بعد هجوم داعش على منطقة سنجار تلقى مكتب المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية رسائل ودعوات من المجتمع المدني ومن حكومة اقليم كوردستان، طالبها بالتدخل والتحقيق في الجرائم المرتكبة من تنظيم داعش في حق الايزيديين باعتبارها جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الانسانية.
الا انه في 8 نيسان 2015 اصدرت المدعية العامة لدى المحكمة الجنائية الدولية السيدة فاتو بمسودة بيانا اعلنت فيه "تبدو احتمالية قيام مكتبي بالتحقيق وملاحقة اولئك الذين يقع عليهم اكبر قدر من المسؤولية ضمن قيادة تنظيم داعش محدودة"، وبررت قرارها بقولها ان الاساس القضائي لفتح تحقيق مبدئي في تلك المرحلة ضيق جدا باعتبار سوريا والعراق دولتين غير طرفين في بروتوكول روما المؤسس للمحكمة.
وباعتبار ان جريمة داعش ضد الايزيديين هي إبادة جماعية يجب على المحكمة الجنائية الدولية أن تتخذ كافة الاجراءات اللازمة لتعويض المتضررين واخذ حقوقهم من مرتكي الجرائم بحقهم مهما كانت جنسيتهم التي يحملونها لانهم تعرضوا للعنف والاتجار بهم وممارسة الجنس والتهجير القسري والقتل وهذه هي جزئيات تصنيف ما ارتكب بحقهم كإبادة جماعية.

رد فعل مجلس الامن بحق الابادة الجماعية الايزيدية 
منذ بدء هجوم داعش على الايزيديين في العام 2014 وحتى 2017 لم يتحرك مجلس الامن لاتخاذ اي قرار في شأن احالة القضية الايزيدية على المساءلة الدولية امام القضاء الدولي رغم المطالبات العديدة من منظمات المجتمع المدني والدول الاعضاء الى ان صدر القرار رقم 2379 حول محاسبة تنظيم داعش عن الجرائم التي ارتكبها في العراق، بما في ذلك الجرائم التي ترقى الى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية والابادة الجماعية، وطالب القرار بانشاء فريق تحقيق برئاسة مستشار خاص الامين العام لدعم الجهود المحلية الرامية الى مساءلة تنظيم داعش من طريق جمع وحفظ وتخزين الادلة في العراق على الاعمال التي ترقى الى مستوى جرائم حرب والابادة الجماعية والجرائم ضد االنسانية.
ورغم ترحيب العراق على لسان وزير خارجيته ابراهيم الجعفري آنذاك بالقرار واعتباره انتصارا للعدالة الانسانية وللضحايا، وتعبيرا عن الرفض العملي لوحشية داعش الا ان هذا غير كاف. مهمة فريق التحقيق اقتصرت على القاء المسؤولية على تنظيم داعش حول الجرائم المرتكبة ضد افراد المجتمع الايزيدي وتوثيق الادلة من دون الاحالة الى المحكمة الجنائية الدولية. ما اعتبره البعض فرصة ضائعة لتحقيق العدالة الدولية الشاملة.

الاجراءات الواجب على منظمة الامم المتحدة القيام بها حول الايزيديين
1- اعتبار جريمة الابادة الجماعية (الايزيدية) من الجرائم الخطرة والتي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره وفقا لما جاء في ديباجة نظام المحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 وفي المادة الخامسة منه.
2- اعتبار جريمة الابادة الجماعية (الايزيدية) انتهاكا لحقوق الانسان قد يصل وصفها الى تهديد للسلم والامن الدوليين (تستوجب تدخل مجلس الامن استنادا للفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة.
3 - الاعتراف الدولي بالاختصاص الشامل والذي يعني مالحقة الفاعل ومقاضاته أمام المحاكم الجنائية الوطنية بصرف النظر عن مكان ارتكاب الانتهاك أو جنسية الفاعل أو الضحية نفسها.
4 - اعتبار قاعدة (أما التسليم أو المحاكمة لمرتكبي جرائم الابادة بحق الايزيديين) قاعدة معترف بها على المستوى الدولي حيث تلزم الدول في حالة عدم محاكمة فاعلي الجريمة بتسليمه للقضاء الدولي بأعتبار هذا الاخير قضاء مكملا للقضاء الوطني وفقا لما جاء في (نظام روما) للمحكمة الجنائية الدولية عام 1998.
5 - التأكيد على منع جواز منح المتهمين بهذه الجرائم الحماية واللجوء في كافة الدول.   

القرارات الدولية حول داعش ضد الايزيديين باعتبارها جريمة ابادة الجماعية
توجد العديد من النصوص الاتفاقية الدولية حول جريمة الابادة الجماعية أهمها:
1 -معاهدة حظر الابادة والمعاقبة عليها لعام 1998.
2 - معاهدة حظر الابارتهيد لسنة 1973 والتي نصت في المادة (2) منها على اعتبار قتل أعضاء من مجموعة بشرية جريمة دولية.
3 -مشروع تقنين الجرائم ضد السلام وأمن الانسانية لعام 1996.
4 - نظام روما بشأن المحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 والذي دخل حيز النفاذ في عام 2002.

ما يجب ان تفعله الحكومة العراقية حول الابادة الجماعية ضد الايزيديين
يجب على الحكومة العراقية أن تتخذ القرارات المناسبة ضد مرتكبي جرائم الابادة الجماعية بحق الايزيديين، إضافة الى ذلك أن الحكومة العراقية لا تمتلك ولاية قضائية لتطبيق الاحكام على الجرائم الدولية التي ارتكبت في العراق بحق الايزيديين والتي تنص عليها بنود القانون رقم (111) للعام 1969، كما أن العراق غير منضم الى النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية لذلك لم يتبن إحالة الصراع الحالي الى المحكمة الجنائية الدولية وفقا للمادة 12 من النظام الاساسي للمحكمة.
من هنا لابد للعراق اجراء مجموعة من التعديلات على قانون العقوبات العراقي رقم 111 للعام 1969 لضمان اكتساب المحاكم العراقية الوطنية الولاية القضائية فيما يتعلق بالجرائم الدولية التي ارتكبت في العراق.
كما يجب على العراق الانضمام الى نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية لكي يتسنى له إحالة الوضع الخاص في البلد الى الولاية القضائية للمحكمة وفق المادة 12 من قانون روما.
إضافة الى ما تقدم يجب على العراق ان يقوم بتعويض المتضررين من جراء هذه الجرائم ماديا ونفسيا ومحاولة توفير العيش الكريم لهم والعمل ليعودوا طوعياً الى أماكن سكنهم ليشعروا بالطمأنينة إضافة الى ضرورة اجراء برامج أعادة التأهيل للمتضررين نفسيا وخاصة النساء اللواتي تعرضن للتعنيف والاغتصاب او الاطفال الذين تم قتل ذويهم وتعرضوا للتهجير القسري.

التوصيات التي يجب القيام بها حول الجرائم التي حدثت بحق الايزيديين
1- ضرورة احالة مجلس الامن ملف الجرائم الارهابية على المحكمة الجنائية الدولية تحت بند الفصل السابع باعتبار ان جنسية معظم المجرمين من دول موقعة على اتفاق روما المنشئ للمحكمة.
2- قبول اختصاص المحكمة الجنائية الدولية من الدولة العراقية.
3- تطوير برنامج دعم وحماية الشهود والضحايا الموجهة الى المجتمع الايزيدي المتضرر.
4 - التعاون بين العراق وبعض الدول العربية والاوربية الاخرى لغرض التحري والبحث عن النساء الايزيدييات المفقودات واعادتهن الى ذويهن في العراق.
5- جمع المعلومات والوثائق من اجل توثيق هذه الجرائم ابان سيطرة داعش من اجل توصيف هذه الجرائم كجرائم إبادة جماعية يعاقب مرتكبوها وفقاً للقانون الدولي.
6- اتخاذ المحكمة الجنائية الدولية الاجراءات اللازمة بحق مرتكبي هذه الجرائم لما لها من تأثير على العراق والدول المجاورة والعالم بوصفهم مجرمين من الممكن ان يضروا الامن والسلام الدولي.


أعداد الحقوقي
المقدم علب جمال قدوري



PUKmedia 

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket