الكرد والأزمة السورية

الآراء 03:41 PM - 2024-04-04
* علي شمدين

* علي شمدين

(٢)
هل من مستجيب؟!

لم يعد خافياً على أحد بأن منطقة الشرق الأوسط باتت تعيش متغيرات عاصفة تحمل معها تحولات جذرية يمكن تلمس ملامحها الأولية على أرض الواقع بوضوح، وقد تسارعت تداعياتها أكثر مع تنفيذ حماس لعملية (طوفان الأقصى)، بتاريخ (٧/١٠/٢٠٢٣)، والتي باتت تنذر بحرب عالمية ثالثة، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على بلدنا سوريا الذي يعيش منذ ما يقارب الثلاثة عشر عاماً كارثة حقيقية خلّفت وراءها الملايين من القتلى والجرحى واللاجئين والمشردين والمغيبين قسراً، فضلاً عن تدمير بنيتها التحتية ومؤسساتها ومنشآتها العامة.
في ظل هذا التصعيد الخطيرالذي تشهده المنطقة، عُقدت الجولة (٢١)، من مباحثات آستانة خلال يومي (٢٤-٢٥/١/٢٠٢٤)، والتي فشلت في الخروج بقرارات من شأنها أن تدفع بالأزمة السورية نحو الحل، وإنما كادت قراراتها أن تقتصر على الدعوة إلى مواجهة ما سمته بـ(الخطط الانفصالية)، وذلك وفقاً لما جاء في البيان الصادر عن هذه المباحثات التي حضرتها وفود الدول الضامنة (روسيا وتركيا وإيران)، وممثلو (الحكومة السورية، والإئتلاف المعارض)، ولا شك بأن الموقعين على هذا البيان لا يقصدون بقولهم هذا حزباً أو إدارة بذاتها بقدر ما يقصدون بذلك مواجهة طموحات الشعب الكردي في سوريا واستهداف وجوده القومي ليس إلّا.
ولعل ما يثبت هذا الكلام هو ما أعلنه رئيس وفد المعارضة السورية إلى هذه المباحثات (أحمد طعمة)، لمراسل (قناة رووداو)، عندما قال:( إن القوات التركية والجيش الوطني التابع للمعارضة، توجه ضرباتها إلى القوى الانفصالية، وهي ضربات شرعية بالتأكيد، ونحن ندعمها ونؤيدها.. ثم كيف تريدنا أن نتصرف مع من يريد الضرر ببلادنا ويريد اقتطاع جزء من الأراضي السورية لصالح مشاريع لا تمت لسوريا ؟)، ولا شك بأن هذا التصريح لم يأت من فراغ وإنما جاء تعبيراً صريحاً عن العقلية الشوفينية التي توارثتها قيادات المعارضة من سلفها (البعث). هذه العقلية المريضة التي تستنجد حتى بالشيطان من أجل إنهاء الوجود الكردي. هي نفسها التي شكلت القاسم المشترك بين الموقعين على بيان آستانا الأخير..
ففي الوقت الذي تستميت فيه الجهات الشوفينية، المعارضة منها للنظام والموالية له، من أجل استغلال هذه المتغيرات بدقة وإتقان من أجل اقتلاع الوجود الكردي من جذوره، نجد الحركة السياسية الكردية في سوريا غارقة في دوامة شديدة من التشتت والتمزق، وهي تشاهد بأم عينها تسارع عمليات تفريغ المناطق الكردية وتغيير ديمغرافيتها السكانية. الأمر الذي يفرض عليها أن تراجع سياساتها التي أثبتت تجربة السنوات السابقة من هذه الأزمة عقمها، وأن تنفلت من دوامة الخلافات الثانوية التي غرقت فيها دون مبرر، وأن تتجاوز صراعاتها العقيمة التي لاتصب الماء إلا في طاحونة الخصوم، وتجتمع من دون تأخير أو استثناء حول طاولة مشتركة للاتفاق على خطاب سياسي واقعي خال من الشعارات العقيمة، ويلبي في حده الأدنى طموحات شعبنا في الحرية والعيش الكريم، هذا الشعب المقهور الذي بات يعيش بأكثريته الساحقة تحت خط الفقر فاقداً الأمن والاستقرار في ظل التهديدات التركية اليومية بالقصف بالمسيّرات والقتل والتدمير والاجتياح، بدعم من القوى الشوفينية والميليشيات المتطرفة التي تنضوي تحت سقف (الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية).
فهل من مستجيب؟!

PUKMEDIA

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket