سيرة حياة مام جلال السياسية في الشام

الآراء 10:28 PM - 2024-01-15
*تحسين طه جوماني

*تحسين طه جوماني

انتهت سلسلة الحلقات التي كتبها الأخ علي شمدين عن حياة مام السياسية في الشام، والتي بلغت الخمسين حلقة نشرت في جريدة (كوردستانى نوى)، وقد احتفظت لدي بالكثير من هذه الحلقات.
إن الأخ علي شمدين، كسياسي وككاتب من غرب كردستان، يتمتع بحس مرهف في الكتابة عن الحركة الكردية ومتابعة تاريخها، ويعتبر كتابه الحركة الكردية في سوريا وظاهرة الإنشقاقات (1916-2016)، واحد من أفضل الكتب وأكثرها أهمية من بين تلك التي كتبت حول الحركة الكردية في غرب كردستان، فقد حلل فيه بالتفصيل الظروف السياسية والتاريخية لذلك الجزء من كردستان، وخاصة خلال المرحلة الجديدة من العمل الحزبي في غرب كردستان والتي أعقبت الخمسينيات من القرن المنصرم، ولهذا فإن اختياره هذه المرّة لموضوع يتناول الحياة السياسية لمام جلال في المنفى، ومتابعة تحركاته السياسية في الشام، يستحق كل التقدير والاهتمام.
لقد ظهر دور مام جلال خلال هذه الرحلة السياسية التي تابعها علي شمدين، أكثر فعالية وتنوعاً، وما أن نقرأ السيرة السياسية لمام جلال خلال هذه المتابعة التي أنجزها الكاتب في حلقات متتالية، حتى ندرك أيّ دور لعبه مام جلال، كما أننا نتذكر كيف أن جريدة (واشنطون بوست)، تحدثت عن مام جلال بعد وفاته،  وكتبت التالي: (لقد أمضى هذا الرجل معظم حياته في النضال من أجل القضية الكردية).
كانت القضية الكردية هي القضية الأكبر بالنسبة لمام جلال، وكذلك كان يدفع بالقضية الكردية نحو دائرة البحث عبر الكتابة والتفكير الحديث، وكان مام جلال يكتب حول هذه القضية الكتب والمقالات، ولهذا فإننا لا نبالغ عندما نقول بأنه من المستحيل أن تخلو الكتابات الكردية التي كتبت خلال المرحلة التي أعقبت الستينيات، من الحديث عن أدبيات مام جلال السياسية، هذا فضلاً عن أنه كان خلال زياراته لمختلف الدول عبر الوفود أو الزيارات الخاصة، يأخذ معه القضية الكردية إلى تلك الدول ويضعها تحت الأضواء في قصورها الكبيرة..
وعلى صعيد الحركة الكردية، فإن الأخ علي شمدين يؤكد خلال بحثه بأن مام جلال لم يفكر في مصلحته الشخصية قط، ولا في موقعه السياسي، وإنما كان له هم أكبر، وهو إحياء نضال الحركة الكردية، وعمل بقدر استطاعته من أجل أن يكون للكرد في كل جزء من كردستان تمثيلهم وقضيتهم القومية الخاصة بهم، ولهذا قدم مام جلال ومن دون انقطاع للحركة الكردية في غرب وشمال وشرق وجنوب كردستان، مثالاً مهماً لترابط النضال القومي الكردي وتكامله.
ومن هنا، فإنه من الضروري قراءة هذا البحث الذي أنجزه الأخ علي شمدين، وأن يتم طبعه ونشره على نطاق واسع، حتى يصل هذا العمل الذي استهلك الكثير من الجهد الدؤوب، إلى كل بيت، وأن يوضع في الصف الأول من رفوف المكتبات التي تضم الكتبت حول الحركة الكردية.
لقد بلغ نضال الكرد في غرب كردستان غايته، وبات الآن لديهم دستورهم وإدارتهم السياسية الخاصة بهم، وأصبحوا لاعبين مهمين في المنطقة، ولذلك من المهم أن يتم الحديث عن أولئك اللاعبين السياسيين، الذين كان لهم نصيبهم في مجال الإبداع وتنظيم طاقات الحركة الكردية خلال هذا النضال، كل حسب دوره..
لقد كان الموقع السياسي والجغرافي لغرب كردستان، ومساهمته في إنجاح الحركة الكردية في جنوب كردستان، كان موقعاً مهماً وقيماً جداً خلال عدة عقود مضت من الزمن، فعندما انهارت ثورة أيلول في جنوب كردستان، أصبحت الشام مكاناً للاجتماعات الكردية الحاسمة من أجل حشد الصفوف للبدء بالثورة من جديد، ولهذا فقد دق جرس البدء بالثورة الجديدة ومتابعة النضال القومي من الشام، كما أن وجود مام جلال في الشام، سواء على الصعيد السياسي أو على صعيد علاقاته السياسية الواسعة، خلق الفرصة الحاسمة لولادة مرحلة جديدة من النضال الكردي في جنوب كردستان.
لا شك بأن حكاية (مام في الشام)، هي في الوقت نفسه كتابة وإعادة صياغة تاريخ عدة عقود ماضية من التاريخ الكردي في غرب وشرق وشمال وجنوب كردستان، وتظهر كذلك الدور الشجاع الذي لعبه مام جلال في النضال القومي للشعب الكردي، وكان لابدّ لهذا التاريخ أن يكتب، لأنه وكما يقول إسماعيل بيشكجي: (يجب على الكرد أن يبحثوا عن تاريخهم بأنفسهم، وأن ينقبوا عنه بجهودهم)، وقد خطا الأخ علي شمدين هذه الخطوة التاريخية الهامة، ولاشك بأن بحثه هذا سيكون من أفضل المصادر لإحياء بعض الأحداث التاريخية التي جرت في تلك المرحلة، والتعريف بالدور القومي الهام الذي لعبه الرئيس مام جلال فيها..

PUKMEDIA

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket