مام في الشام

الآراء 11:20 AM - 2023-12-17
 علي شمدين

علي شمدين

(٤٧)

(مام جلال في مذكرات نور الدين زازا)
لا شك بأن مام جلال وخلال تواجده في الشام أواسط الخمسينيات من القرن المنصرم، كان قد لعب إلى جانب المتنورين الكرد الآخرين الذين كانوا قد لجأوا إلى دمشق حينذاك، دوراً طليعياً مؤثراً في يقظة الشعب الكردي في سوريا، وساهم بفعالية في تشجيع المؤسسين الأوائل على فكرة تأسيس أول حزب سياسي كردي في سوريا، وساعدهم في إنجاز وثائقه وتشكيل قيادته واختيار نور الدين زاز رئيساً لهذا الحزب الذي تم الإعلان عنه رسمياً في (١٤/٦/١٩٥٧).
ومع أن فئات واسعة من أبناء الشعب الكردي في سوريا وحركته السياسية، وخاصة أعضاء الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، وأنصاره ظلوا ممتنين لهذا الدور التاريخي الذي لعبه مام جلال حينذاك ومدينين لمشاركته المؤثرة في انطلاقة حركته السياسية، وباتوا يفتخرون به كشخصية كاريزمية ورمزاً قوميا إلى يومنا هذا، إلاّ أنه مع ذلك ظل هناك من يتربص بهذا الدور ويتنكر له انطلاقاً من خلفيات سياسية حاقدة، سواء ببث الاتهامات الظالمة أو نشر الإشاعات الكاذبة، لا بل بلغ الأمر ببعضهم إلى تجاهل دوره المعروف في دعم المؤسسين الأوائل ومشاركته معهم في بلورة فكرة تأسيس أول حزب كردي في سوريا، ولجوئهم إلى تزوير التاريخ لغايات سياسية غير نزيهة.
لقد بلغ التلاعب بتاريخ الحركة الكردية في سوريا إلى حدّ تزوير مذكرات شخصية هامة بحجم نور الدين زازا الذي أشاد فيها بدور مام جلال ووقوفه إلى جانب المؤسسين الأوائل حينذاك، ومساعدتهم في انجاز الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا، واستعانتهم بخبرته في كتابة وثائق الحزب الوليد، والاستفادة من تجربته التنظيمية في بناء هيكله وحشد الجماهير والفعاليات السياسية والثقافية والاجتماعية حوله، والمثال الذي يمكننا ذكره في هذا المجال، هو ما فعله (روني محمد دملي)، الذي قام بترجمة كتاب الدكتور نور الدين زازا (حياتي الكردية) ، من الفرنسية إلى العربية، والذي حذف منه الصفحة (١٤٠) ، الواردة في النص الأصلي المنشور باللغة الفرنسية عام (١٩٩٣)، بأسلوب بعيد عن الأصول المهنية للترجمة، وذلك لمجرد أن تلك الصفحة تضمنت شهادة الدكتور زازا واعترافه بدور مام جلال في تأسيس الحزب.
وفيما يلي ترجمة الكاتب (درويش غالب درويش)، لفقرات من الصفحة (١٤٠)، التي تجاهلها (روني محمد دملي)، والتي لم يقم بترجمتها من النسخة الفرنسية الصادرة عام (١٩٩٣)، والمنشورة بعنوان (Ma vie de kurde) :
(لقد كان جلال طالباني، وهو أحد أبرز قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي ، لاجئاً سياسياً حينذاك في سوريا، وشارك معي في عملي من خلال دراسة النظام الأساسي لحزبه الديمقراطي الكردستاني، وقمنا معاً بمقارنته بالواقع الكردي في سوريا، وذلك من أجل تأسيس حزب كردي بما يتلائم مع واقع الكرد في سوريا، وقد تحقق هذا الحلم في أواخر عام ١٩٥٧، وأصبح الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا حقيقة واقعة، وكانت أهداف هذا الحزب هي الدفاع عن الكيان الوطني لأكراد سوريا، والمطالبة بحقوقهم الثقافية والإدارية، في إطار نظام ديمقراطي لعموم البلاد، وبمجرد وضع النظام الأساسي انتخب الأعضاء المؤسسون للحزب لجنة تنفيذية مؤقتة تعمل حتى انعقاد المؤتمر، وتكون هي بمثابة الهيئة العليا للحزب، وبعد انتخابي رئيسًا للحزب، بدأت اللجنة التنفيذية المنتخبة في تنظيم الأعضاء، وبعد وقت قصير جدًا، وعلى الرغم من الاختيار الصارم للغاية لهم، أصبح لدى الحزب الكثير من الأعضاء، ومن ثم قمنا بنشر أعمال مكتوبة باللغتين الكردية والعربية سراً من أجل تثقيف الأكراد، وإطلاعهم على وضعهم ككل، وخاصة في المناطق الكردية في سوريا، و كذلك في الدول العربية والعالم بشكل عام..) .
وما يؤكد قول الدكتور نور الدين زازا (رئيس الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا)، حول الدور الذي لعبه مام جلال في دعم قيادة الحزب الجديد ورئيسه الدكتور نور الدين زازا، ومساعدتهم في تعزيز صفوف حزبهم وحشد الجماهير حوله، هو ما يذكره الكاتب (سامي أحمد نامي)، أيضاً في كتابه (لوحات من التاريخ المفقود) ، والذي يقول بأن مام جلال والدكتور نور الدين زازا وصلا إلى القامشلي أواخر عام (١٩٥٧)، من أجل التواصل مع الشخصيات الكردية المعروفة في الجزيرة، ومع الجمعيات السياسية مثل (جمعية وحدة الشباب الديمقراطيين الكرد في سوريا)، وإقناعها بالإنضمام إلى الحزب هذا الحزب الجديد، وفي هذا المجال يقول سامي أحمد نامي، بأنه: (عندما تأسس الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا، كان الدكتور نور الدين زازا قد أكمل دراسته في سويسرا ، وعاد للتو إلى سوريا، وحينذاك كان جلال طالباني يتابع سنته الدراسية في كلية الحقوق بجامعة دمشق، وقد قام هذان المناضلان بدور فعال من أجل تجميع كل التنظيمات الكردية في سوريا داخل حزب واحد، ولهذه الغاية تحديداً كانا قد وصلا إلى القامشلي بتاريخ ٢٨/١١/١٩٥٧.. ) .

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket