مؤتمر الاتحاد.. والحاجة لقرارات استراتيجية تاريخية

الآراء 11:02 AM - 2023-09-27
فائق يزيدي

فائق يزيدي

يعقد الاتحاد الوطني الكردستاني مؤتمره العام الخامس يوم 27 ايلول الجاري، والآمال الشعبية والسياسية معقودة عليه في ظل الاوضاع والظروف الصعبة التي يمر بها اقليم كردستان، فمنذ تأسيسه في 1975 كان الاتحاد الوطني محط أنظار شعب كردستان ومبعث أمل وطمأنينة خاصة أن تأسيسه جاء في مرحلة مشابهة لما نمر به الآن بعد فشل ثورة ايلول وعقد اتفاقية آذار بين نظام البعث المنحل ونظام الشاه في الجزائر والتي كانت على حساب الكرد وحقوقهم، وحينها فقد الكرد كل أمل في العمل والنضال نحو نيل حقوقهم في العراق، خاصة وان من كان يفترض به أن يقود الثورة وهو الحزب الديمقراطي الكردستاني بات عاجزا عن ايجاد حل واكمال قيادة المرحلة حتى وصل به الامر الى حل نفسه ولم يعد له وجود سياسي، وهذا ما حدا حينها بالزعيم مام جلال الى التفكير بتأسيس قوة سياسية عسكرية جديدة تعمل على قيادة المرحلة والكرد مجددا الى بر الحرية ونيل الحقوق في العراق.
لقد نجح مام جلال ورفاقه في ذلك وتم تأسيس الحزب في 1975 وليلحق هذه الخطوة بخطوة جبارة أخرى وهي اطلاق ثورة جديدة بعد عام من التأسيس اي في 1976 وهو ما كان بمثابة إعلان ان الاتحاد الوطني قاد المرحلة وأعاد الروحية في شعب كردستان الذي فقد الامل قبل تأسيس الاتحاد الوطني.
اليوم بعد 48 عاما على تأسيس الاتحاد الوطني و6 أعوام على رحيل الزعيم مام جلال، فإن عقد المؤتمر الخامس يكسب أهمية كبيرة، حيث انه يعقد في مرحلة تاريخية حساسة وحرجة يمر بها اقليم كردستان وشعبه، فالاقليم وبعد غياب الزعيم مام جلال عن المشهد السياسي حين مرضه 2012 ورحيله بعد ذلك بخمسة أعوام، دخل مرحلة من التخبط الاداري والسياسي كانت نتيجة طبيعية لانتهاج الحزب الديمقراطي سياسة التفرد وتهميش الاتحاد الوطني وبقية الشركاء السياسيين في ادارة الاقليم وهو ما ادى بالمحصلة إلى ازمة مالية خانقة مستمرة لحد اليوم وباتت تمس معيشة المواطن في الاقليم، ولم يعد بمقدور حكومات الاقليم صرف رواتب موظفي القطاع العام، وتزامن ذلك مع الحرب على تنظيم داعش الارهابي وإبادة الايزيديين، وبعدها جاء الاستفتاء ليكون بمثابة القشة التي قصمت ظهر الاقليم، ولازال شعب الاقليم يدفع ضريبة هذه الخطوة غير المدروسة، وحتى النظام السياسي في الاقليم تأثر بشكل كبير بهذه الخطوة، فبرلمان الاقليم ومجالس محافظاته تم حلها بقرار من المحكمة الاتحادية، والحكومة مهمتها تصريف الاعمال وهي حتى عاجزة عن صرف رواتب موظفيها، فضلا عن عدم وجود دستور في الاقليم ينظم الحياة السياسية، ولا موازنة منذ عدة سنوات تكون ركيزة لادارة اقتصادية سليمة للاقليم، وهو ما يعني ان الاقليم امام خطر انهيار حقيقي ان لم يكن له ككيان ونظام سياسي، فبكل تأكيد انهيار لمؤسساته وحكومته التي وصفت في تقارير امريكية بالكارتونية.
امام هذا الوضع البائس والازمة الكبيرة التي يعاني منها الاقليم سياسيا واقتصاديا، وفي ظل العجز الذي يعاني منه الحزب الديمقراطي في معالجة الازمة وعدم تحمله لمسؤولياته، فإن مؤتمر الاتحاد الوطني يجب أن يكون نقطة انطلاق جديدة لعودة الاتحاد الى قيادة المشهد السياسي وتخليص الاقليم وشعبه من تبعات وتداعيات السياسات الخاطئة التي انتهجت خلال الاعوام المنصرمة.
إن مؤتمر الاتحاد الوطني اليوم أشبه ما يكون بما كان عليه الاتحاد حين تأسيسه، وكأن التاريخ يعيد نفسه والاوضاع مشابهة الى حد كبير ومن الضروري ان تكون هناك قوة سياسية تتحمل المسؤوليات الاخلاقية والوطنية وتقود المرحلة بعقلانية وواقعية لتخليص الاقليم من الازمات التي يعاني منها وابعاده عن حافة الهاوية، وهذا ما يجب أن يذهب إليه مؤتمر الاتحاد الوطني، بإتخاذ قرارات تاريخية استراتيجية بحجم المرحلة وتحدياتها، وان يذهب المؤتمر بموازة ذلك الى إعادة هيلكة الحزب وتجديد الدماء فيه ورسم سياسات جديدة تعيده الى قيادة الاقليم والدفاع عن حقوق شعب كردستان، فالمكتسبات المتحققة للكرد في العراق الجديد هي نتاج تضحيات ودماء آلاف الشهداء ولابد من الحفاظ عليها، وخير حزب يمكنه القيام بذلك هو الاتحاد الوطني، وهذه فرصة تاريخية يجب ألا يضيعها الرفاق في المؤتمر حتى يكون هذا المؤتمر بمثابة ولادة جديدة لحزب مناضل وكبير بحجم الاتحاد الوطني الكردستاني، فقوته باتت ضرورة مرحلية وآمال الملايين من الكرد معقودة عليه.
كل التوفيق للرفاق في المؤتمر، وكلي ثقة سيخرج المؤتمر بقرارات ومقررات تواكب المرحلة وتكون انطلاقة لتخليص شعب كردستان من الوضع الراهن.

 

PUKMEDIA

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket