مام في الشام

الآراء 10:01 AM - 2023-09-17
علي شمدين

علي شمدين

-٣٥-

(اللجنة التحضيرية للتنسيق والتعاون)

من البديهي أن مشروعاً كردستانياً هاماً، كالذي طُرِحَ تحت عنوان (لجنة التنسيق الكردستانية)، ويسعى إلى لم شمل الحركة الكردية في عموم أجزاء كردستان ضمن إطار سياسي، ويهدف إلى إيجاد شكل من أشكال التنسيق والتعاون بين أطرافها وفقاً لبرنامج كردستاني عام يأخذ خصوصية كل جزء بعين الاعتبار، مشروع يقوده شخصيات كردستانية كاريزمية مثل (مام جلال، وعبد الرحمن قاسملو، وكمال بورقاي وعبد الحميد درويش)، وبدعم مباشر من رموز شيوعية مثل (خالد بكداش، وعزيز محمد)، ما كان ليمر بالتأكيد من دون مشاكل أو صعوبات.
ولهذا ومنذ الاجتماع الأول الذي عقدته (لجنة التنسيق الكردستانية)، في الشام عام (١٩٨٠)، والذي انبثقت عنه لجنة باسم (اللجنة التحضيرية)، مهمتها الإعداد لاجتماع الأحزاب الكردية والكردستانية التقدمية، وقد سارعت هذه اللجنة فور تشكيلها إلى إجراء الاتصالات مع مختلف هذه الأحزاب، وخاصة تلك التي كانت تتواجد حينذاك في الشام بكثافة، لاطلاعها على الأسباب التي دعت الى تشكيلها، وتعريفها بأهدافها المتمثلة في التمهيد لعقد اجتماع عام للأحزاب الكردية بُغية بَلْوَرَة إطار عملي من شأنه أن يوحد نضالها القومي والوطني، فبادرت هذه اللجنة إلى عقد العديد من الاجتماعات واللقاءات مع الأحزاب الكردية بهدف التوصل معها إلى تفاهم مشترك، ويقول عبد الحميد درويش في كتابه (أضواء على الحركة الكردية في سوريا)، حول ذلك: (إلا أن هذه الجهود لم تمر من دون عقبات ومشاكل، فقد أبدت العديد من الأحزاب الكردية مواقف سلبية من هذه اللجنة بذريعة أنها تشكلت من دون رأيها، فأخذت على عاتقها مهمة إفشالها، كما أن الحزبين الشيوعيين، التركي والإيراني، رفضا من جهتهما التعاون مع اللجنة التحضيرية بذريعة أنها لجنة قومية بينما هي أحزاب أممية!!؟.. هذا فضلاً عن أن اللجنة التحضيرية باتت هدفاً لبعض الجهات والأوساط غير الكردية، وخاصة الدول المهيمنة على كردستان التي بدأت تتحرك هنا وهناك من أجل وضع العراقيل والعقبات أمامها بغية إفشالها..).
المهم في الأمر، عاد عبد الحميد درويش إلى الشام بعد لقائه بالدكتور عبد الرحمن قاسملو في (أيلول ١٩٨٠)، في منطقة واوان بكردستان إيران، وقام بعرض نتائج هذا اللقاء على مام جلال وعلى الأعضاء الآخرين في لجنة التنسيق الكردستانية، ونقل إليهم موقف الدكتور قاسملو وحزبه الإيجابي من اللجنة التحضيرية.
بناء على هذه الاتصالات، تقرر تحديد موعد الاجتماع الأول للجنة التحضيرية، والذي انعقد في الشام بتاريخ (١٩- ٢٤/١١/١٩٨٠)، بحضور (الاتحاد الوطني الكردستاني، الحزب الاشتراكي الكردستاني في تركيا، الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا)، وحضور الحزبين الشوعيين (السوري، والعراقي)، كمراقبين، وغاب عن الاجتماع (الحزب الديمقراطي الكردستاني- أيران)، وفي هذا الإطار يقول درويش في كتابه (أضواء على ..)، ما يلي: (لقد طرح الأستاذ عزيز محمد على هذا الاجتماع اقتراح تعييني مسؤولاً للجنة التحضيرية، وأبدى كل من مام جلال، والأستاذ كمال بورقاي أيضاً موافقتهما على هذا الاقتراح، واستكمالاً للجهود السابقة ونتيجة للاتصالات المتواصلة التي جرت بين هذه الأحزاب الستة، تشكلت لجنة تحضيرية مهمتها الإعداد لاجتماع الأحزاب الكردستانية التقدمية..).
وفي إطار الجهود المكثفة التي بذلها أعضاء اللجنة التحضيرية في سبيل إنجاح مساعيها، عقد هؤلاء الأعضاء اجتماعاً موسعاً مع خالد بكداش (الأمين العام للحزب الشيوعي السوري)، في منزله بدمشق في صيف عام (١٩٨١)، وكان قد حضره حينذاك كل من (جلال طالباني/ أمين عام الاتحاد الوطني الكردستاني، عزيز محمد/ سكرتير الحزب الشيوعي العراقي، كمال بورقاي/ أمين عام الحزب الاشتراكي الكردستاني في تركيا، عبد الحميد درويش/ سكرتير الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، كريم أحمد/ عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي ورمو شيخو الفرحة/ عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوري)، وغاب عن هذا اللقاء ممثل (الحزب الديمقراطي الكردستاني ـ ايران)، وفي ختام اللقاء وعد خالد بكداش هو الآخر بأنه سوف يبذل كل جهده من أجل مساعدة اللجنة التحضيرية والوقوف إلى جانبها، لإيمانه بأنها تناضل من أجل قضية عادلة لشعب مضطهد في هذه المنطقة. 
وخلال اللقاء الموسع الذي عقده أعضاء اللجنة التحضيرية مع خالد بكداش، سأله مام جلال عن رأيه حول موضوع تعاون اللجنة التحضيرية مع أحزاب الاشتراكية الدولية، فيقول درويش في كتابه: (لقد أجابه خالد بكداش بالايجاب، وقال : من رأيي أن تُقيموا العلاقات مع أحزاب الاشتراكية الدولية لسببين، الأول هو: إن هذه الأحزاب تمثل قوة سياسية كبيرة في أوربا والعالم، ويمكنكم الاستفادة منها في حال قيام تعاون بينكم وبينها، والثاني هو: إن تعاونكم مع هذه الأحزاب قد يدفع بالأحزاب الشيوعية الى دعمكم وتحريضها على مساندتكم، وفي كل الأحوال فان التعاون مع أحزاب الاشتراكية الدولية مفيد لكم من دون شك..).
لقد كان موقفاً جريئاً، الموقف الذي أبداه حينذاك الأمين العام للحزب الشيوعي السوري (خالد بكداش)، المتهم بنزعة الكوسموبوليتية تجاه قوميته الكردية، والذي كان يسمى بـ(عميد الشيوعيين العرب)، عندما أكد صراحة على ضرورة تواصل الكرد مع (الإشتراكية الدولية)، في وقت كان الشيوعيون حتى ذاك الحين يجزمون بأن (الإشتراكية الدولية)، تشكل مع (الإمبريالية العالمية)، وجهين لعملة واحدة، ولا شك بأن هذا الموقف المسؤول أذهل مام جلال ومن معه من الحضور الذين ظلوا يشيدون بموقفه الجرىء هذا بإعجاب.

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket