درس من بارزاني لم يتعلمه ابنه وحفيده

الآراء 04:22 PM - 2023-08-31
كامران قرداغي*

كامران قرداغي*

المؤشرات كثيرة الى ان الشوط الذي قطعه مسعود بارزاني وحزبه الديموقراطي الكردستاني نحو بغداد صار اطول من الشوط الذي يعيدهما الى اربيل.
والحق ان نائب رئيس الوزراء العراقي طارق عزيز تواضع عندما وصف خلال زيارته موسكو الاسبوع الماضي ، الاتصالات بين بغداد وبارزاني، بانها «جيدة» فالناس في كردستان صاروا يتحدثون عن قرب توقيع اتفاق بين مسعود بارزاني والرئيس صدام حسين.
في اي حال لم يعد البارزانيون يتحدثون بخجل واستحياء، كما كانوا يفعلون حتى وقت قريب عن خيار اجراء مفاوضات بين زعيمهم وصدام.
ففيما كلفوا منذ نحو سنة منشقا سابقا عن الاتحاد الوطني الكردستاني هو السيد حسين سنجاري بصفته «مستقلاء مهمة الكتابة عن «فوائد المفاوضات مع بغداد في صحف عربية موالية الصدام، واجراء اتصالات في هذا الخصوص في غير عاصمة عهد مسعود بارزاني اخيرا مهمة الترويج للمفاوضات وتبرير اجرائها مباشرة الى ابن شقيقه ولي عهده العضو النافذ في المكتب السياسي لحزبه السيد نيجيرفان بارزاني الذي اوضح هذا الموقف في لقاء صحافي عقده في عقده في 29 من الشهر الماضي وبثته وسائل اعلام حزبه في كردستان العراق فبعدما شدد نيجير بارزاني (في اللقاء الصحافي ( على «اننا ككرد وكبارتيين ( حزب) لانخاف من مزايدة أحد واضاف انه يتوجب علينا ان نبدأ المفاوضات مع الحكومة المركزية ومهد السيد نيجيرفان لدعوته هذه بطروحات مسهبة عن الاميركيين الذين اكد انهم فرحوا» لان ايران تدخلت واعادت الى كردستان العراق السيد جلال طالباني زعيم الاتحاد  الوطني الكردستاني، بعدما كان استعان بارزاني، قبل ذلك بقوات صدام ودباباته وعناصر استخباراته وامنه لانتزاع اربيل والسليمانية من عدوه اللدود.
والاسباب كثيرة في نظر نيجيرفان بارزاني لـ «فرح» الاميركيين بالتدخل الايراني فسياستهم غير واضحة بالنسبة الى الكرد ولا يريدون ان تكون ارادة الكرد موحدة اي انهم لا يريدون ان تكون ارادة الكرد في ايدي الكرد انفسهم ( اقرا في ايدي من حزب بارزاني ) لذلك فهم لم يستحسنوا هذا التوازن (اي انفراد حزب بارزاني بالسيطرة على كردستان العراق ).
وفي حال عدم وضوح سياستهم، وطالما انه ليس لديهم شيء للكرد، وفي الوقت الذي تكون انت (حزب بارزاني الشخص الوحيد الذي تستطيع ان تتكلم وتملك الارادة السياسية (...) فانا اتصور انهم كانوا فرحين بهذا التدخل الايراني).
ولايترك السيد نيجيرفان لدى جمهوره مجالا للشك في ان الولايات المتحدة هي سبب كل مشاكل الكرد وحروبهم الداخلية والصراع بينهم على السلطة والنفوذ الأمر الذي يعطي حزب بارزاني الحق في ان يقرر نيابة عن الشعب الكردي كله، ان يعيد كردستان العراق الى حضن صدام حسين.
وهذا تحديدا ما يريده السيدنيجيرفان الناطق باسم عمه وعشيرته وحزبه بتاكيده  وهذا اخطر ما قاله بالنسبة الينا ليس مهما من يحكم في بغداد.
نشرت صحيفة برايه تي الناطقة باسم الحزب الديموقراطي الكردستاني في ضوء تصريحات نيجيرفان بارزاني سلسلة افتتاحيات بعنوان اين يتم الحل لقضية شعبنا، هدفها، كما يوضح مضمونها، تهيئة الاجواء لاجراء المفاوضات مع بغداد او ربما لاعلان نجاحها ( فطالما ان كل المشاكل في العالم حلت عبر الحوار فان «قضيتنا» يجب حلها عبر الحوار ايضا. وهذا كلام سليم طبعا لولا انه يتجاهل جوهر المشكلة، كما تجاهلها السيد نيجيرفان بارزاني، وهو ان لاحل لقضية الاكراد ولاي قضية فيها مصلحة للشعب العراقي، مع صدام حسين.
ولعل اتفاق اذار (مارس) 1970، الذي اعترف لكرد العراق بحكم ذاتي محدود، وما ال اليه من مصير ماسوي يدل على ان المشكلة ليست في التوصل الى اتفاق في حد ذاته .
فصدام حسين وافق على اتفاق أذار 1970 بعد جلسة واحدة لم تستغرق اكثر من ساعات قليلة مع الزعيم الراحل ملا مصطفى بارزاني، لكنه الغاه ببساطة متناهية عندما حان وقت تطبيقه في اذار ١٩٧٤ «برايه تي نفسها أشارت الى ان أهداف الاتفاق لم تتحقق في حينه لان الحكومة المركزية لم تتعامل بمبدئية مع القضية الكردية فهل تريد صحيفة بارزاني الابن اقناع الكرد بان هذه الحكومة ( وهى حكومة صدام حسين فى الحالين ) تحولت مبدئية» الان ؟
بعبارة أخرى من المهم جدا للزعيمين البارزاني مسعود و نيجيرفان ان يعرف من يحكم فى بغداد ؟
فهذا على الاقل هو السؤال الذي طرحه بارزاني الكبير، الذي يزعمان انهما يواصلان رسالته، على اعضاء قيادة حزبه قبل قبوله توقيع اتفاق ۱۹۷۰ مصطفى بارزاني حذرهم من ان توقيع اتفاق مع صدام حسين ونظامه البعثي ليس له قيمة اطلاقا.
واضاف انه شخصيا لا يثق مثقال ذرة بصدقية هذا النظام عبر وثيقة يوقعها صدام. لكنه ختم بانه سيوقع الاتفاق ليس لايمانه بانه سيصمد، بل كي لايتهم بانه يفرض رايه الشخصي على قيادة حزبه التي طلبت بالاجماع توقيعه لهذا كان الكرد يعتبرون بارزاني الكبير زعيما حكيما.
وهو لعله يتململ اليوم في قبره حزنا على خلف طالح لم يستطع أن يتعلم اهم درس تركه لهم سلف صالح.

 

*نشر المقال في صحيفة "الحياة" اللندنية  (العدد ٢٣٢٠)- أيلول 1996

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket