مام في الشام

الآراء 08:48 PM - 2023-07-29
علي شمدين

علي شمدين

(٢٨)
(من الشرارة اندلع اللهيب)

لقد لاقى البيان التأسيسي للاتحاد الوطني الكردستاني الذي بثته إذاعة صوت العراق من الشام بتاريخ (١/٦/١٩٧٥)، تفاعلاً واسعاً واهتماماً كبيراً بين أوساط الرأي العام المتابع للشأن القومي الكردي والوطني العراقي، وبدأ الحزب الجديد بقيادة مام جلال يستقطب من حوله المنظمات والجماعات السياسية ومجموعات وعناصر البيشمركة الذين تشتتوا إثر اتفاقية الجزائر المشؤومة، وفور الإعلان عن بيان التأسيس سارع (فريدون عبد القادر)، بالمجيء من كردستان العراق إلى الشام حاملاً معه قرار رفاقه بانضمام (عصبة شغيلة كوردستان)، إلى الاتحاد الوطني الكردستاني، ومن بعده وصل (عمر دبابة)، أيضاً إلى الشام وأعلن هو الآخر عن انضمام (الحركة الاشتراكية الكردستانية)، وتوافدت مجموعات البيشمركة وقياداتها بالوصول إلى الشام قادمة من طهران للالتحاق بمعسكرات الاتحاد الوطني الكردستاني التي تم إنشاؤها في سوريا، وحول ذلك يتحدث عادل مراد في كتاب (أصدقاء طليطلة)، بأنه في طهران كان هناك رفاق قاموا بتجميع اللاجئين وإرسالهم إلينا في سوريا، مثل عدنان مفتي، و محمود عثمان، وشمس الدين مفتي وآخرين، ويقول: (أتذكر بأن طائرة إيرانية كانت تأتي إلى دمشق في الأسبوع مرتين، وكل رحلة كانت تحمل إلينا مجموعة من العناصر التابعة لنا، وكنا نقوم باستلامهم وتنظيمهم، وتأجير الشقق لهم، وتدريب العسكريين منهم.. وفي الرحلة الأخيرة استقبلنا عدنان مفتي والدكتور محمود عثمان أيضاً..).
ولا شك بأن قيام مام جلال بعمل تاريخي كهذا، كان يستدعي وجود جهات دولية وإقليمية تقف إلى جانبه وتدعمه في مواجهة نظام دموي كان يتحدى المجتمع الدولي وينتهك جميع قوانينه الإنسانية، وفي هذا المجال يؤكد مام جلال في حواره مع مراسل جريدة الشرق الأوسط (معد فياض)، بأنه كانت هناك دول بادرت بحماس إلى دعمهم (ماديا وعسكريا وسياسيا)، ويقول مام جلال: (عندما تأسس الاتحاد الوطني الكردستاني تلقينا دعماً ليبياً وسورياً، وكذلك تلقينا دعماً سياسياً من الاتحاد السوفياتي السابق، فكان الدعم الليبي ماديا، والسوري كان عسكريا من خلال التدريب والتسليح، حيث كان لنا معسكران للتدريب في سوريا، واحد قرب دمشق والثاني في القامشلي، وفي بعض الأحيان كانت سوريا تدعمنا ببعض الأموال إلى جانب السلاح المجاني..).
ومن الشام بدأت الهيئة المؤسسة بتعزيز صفوف الاتحاد الوطني الكردستاني، وبناء هيكله التنظيمي، وتنظيم علاقاته الداخلية والخارجية، وتأسيس قنواته الإعلامية، وتدريب تشكيلاته العسكرية، بشكل متسارع وبتسابق مع الزمن لتجاوز الكارثة التي حلت بالشعب الكردي نتيجة لإتفاقية الجزائر التي تمت في (٦/٣/١٩٧٥)، فعقدت الهيئة المؤسسة اجتماعها الأول برئاسة مام جلال بتاريخ (١٧/١٢/١٩٧٥)، وقررت فيه البدء بحرب الأنصار ضد قوات نظام البعث، وفي هذا المجال يقول عادل مراد في كتاب (أصدقاء طليطلة)، بأن الهيئة المؤسسة قامت بتوزيع المهام فيما بينها، كما يلي: (تم تكليفي- أي عادل مراد- بمسؤولية العلاقات الخارجية في الاتحاد وتكليف الأستاذ نوشيروان مصطفى بمسؤولية قيادة التعبئة للعمليات العسكرية وكان مقره في بلدة ديريك على الحدود العراقية- السورية، وكان معه الأستاذ عبد الرزاق عزيز ميرزا والدكتور خضر معصوم وعدد من خيرة الضباط منهم النقيب إبراهيم عزو و سيد كريم و حسن خوشناو ومجموعة من المثقفين الشباب أمثال فرهاد شاكلي وداوود الجاف وعبد الرحمن سنجاري وسامان كرمياني وشوان صالحي، وكانت الأمور التنظيمية السرية والفكرية من مهام مام جلال، حيث تم انتخابه من بيننا ليكون الناطق الرسمي للاتحاد الوطني الكوردستاني، وأنيطت مهام الإعلام وبعض الأمور التنظيمية السرية والعلاقات العامة بالدكتور فؤاد معصوم بدمشق وكان مسؤولا عن اصدار صحيفة الشرارة) .
ولهذا فقد أخذ مام جلال من الشام منطلقاً لخطواته المتلاحقة التالية من أجل الإعداد لإشعال الثورة في جبال كردستان في أقرب فرصة، وبدأ يعد من هناك للثورة ويحشد الطاقات على كل الصعد (السياسية والعسكرية والإعلامية والتنظيمية..)، من أجل إسقاط نظام بغداد الدموي في ظل شعار (الديمقراطية للعراق، والحكم الذاتي الحقيقي للشعب الكردي في كردستان العراق)، وفي فترة قصيرة استطاع الاتحاد الوطني الكردستاني إنجاز تشكيلاته التنظيمية والعسكرية التي نهضت من تحت أنقاض الكارثة كالمارد الذي انبعث من تحت الرماد، يقول بلند شالي في كتابه (انبثاق ثورة من رماد ثورة.. )، مايلي نقلاً عن عدنان المفتي: (فتح الاتحاد الوطني الكردستاني في مدينة القامشلي معسكراً لتأهيل وتدريب وتنظيم البيشمركة والكوادر التي كانت تلتحق بصفوفه، وتم تكليف النقيب إبراهيم عزو بالإشراف على هذا المعسكر، وبدأ بتنفيذ تلك المهمة فوراً ومن دون أن يدخر جهداً في تنفيذ الأوامر وتدريب البيشمركة وتأهيل الكوادر، وكانت هناك مجموعة من الكوادر التي كانت تساعده في تجهيز المعسكرات وتأمين مستلزمات التدريب وتوعية الكوادر والبيشمركة ومن بينهم مام بوزي ميراني).
ومن الشام، وبعد عام من تأسيس هذا الحزب الوليد، تم الإعداد لإشعال الثورة من جديد في جبال كردستان العراق، ومن تلك الشرارة التي أشعلها مام جلال في الشام إندلع لهيب الثورة الجديدة في جبال كردستان، والتي تأججت نيرانها بدماء مئات الآلاف من الشهداء الأبرار، وفي المقدمة دماء شهداء المفرزة الأولى بقيادة النقيب المهندس الشهيد (إبراهيم عزو)، التي انطلقت من مدينة (القامشلي)، بتاريخ (١/٦/١٩٧٦)، من منزل الجندي المجهول خليل عبدي (صور)، الذي يقول في لقاء أجراه معه الإعلامي (آياز هركي)، حول ذلك: (ظل البيشمركة في بيتي إلى يوم ١/٦/١٩٧٦، الذي كان يصادف الذكرى الأولى لتأسيس الاتحاد الوطني الكردستاني، وبعد ذلك غادروا بيتي، وبحسب معلوماتي فإنهم عبروا نهر دجلة إلى جزيرة بوتان في شمال كردستان، وذلك عن طريق مصطي سمو، من قرية مزري التي تقع بالقرب من قرية عين ديوار، التابعة لمنطقة ديريك..).

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket