دستور سوري بلا لجنة، أم لجنة بلا دستور؟

الآراء 10:11 PM - 2021-11-10

قبل أن تبدأ الجولة السادسة من محادثات الوصول الى صيغ مشتركة حول دستور سوري جديد محتمل، تم التأكيد من قبل جميع الأطراف المعنية انها مضيعة للوقت في ظل حروب غير متوقفة، وتدخلات اقليمية سافرة في الأزمة السورية، وأن كتابة الدستور يتطلب على الأقل مرحلة هدنة طويلة أو وقف اطلاق نار شامل في عموم سوريا، الا أنه طالما لم تتوقف الحرب ولم تنسحب الدول الاقليمية وطالما أن المرتزقة يسيطرون على مناطق محتلة من سوريا فان الدستور سيكون وبالاً جديداً على كاهل الأزمى لسورية المستعصية على الحل بحسب الارادة الدولية التي لم يرسم ملامح الحل الى الآن رغم قطار "جنيف" غير المتوقف.
بينما كانت تدار المناقشات والحوارات حول مستقبل الدستور السوري، والدولة السورية، والشعوب السوري، كانت هناك عمليات قصف في الداخل السوري من جانب تركيا على الكرد ومناطق الادارة الذاتية وعلى وسط دمشق من جانب المعارضة العربية، مما يظهر أن جميع الجهود التي تبذلها هيئة الأمم المتحدة، ومجموعة أستانا، وكافة أصدقاء سوريا، والمتعاطفين مع الشعب السوري، ومبادرات الادارة الذاتية الكردية في الداخل باتت هباء منثوراً.
وراء الأبواب المغلقة، انتهت المفاوضات، بل وفشلت، بحسب تصريح البمعثو الأممي كير بيدرسون الذي أعلن بانه كانت مخيبة للأمال لأن المجتمعين لم يفهموا الطريقة السليمة لدفع المسار التفاوضي الى الأمام، وبالتالي عدم التوصل لتفاهمات وأرضية مشتركة.
يعتبر النظام المعارضة العربية بأنها منفصلة عن الواقع، بينما يتهم المعارضة النظام بأنه غير جاد في التسوية السياسية، وهما على حق وعلى باطل معاً، لأن أحدهم يتبع السياسات الروسية والآخر يتبع السياسات التركية، بينما الشعوب السورية والداخل السوري يشوى بنار الحقد والكراهية من جانب العدوين اللدولين: النظام والمعارضة، فيما المجتمع الدولي يتفرج على هذا المشهد اتراجيدي بأعني واسعة ودهشة دون تقديم حلول شاملة وكاملة.
الطرفان، النظام والمعارضة، يجب أن يقبلا بطرف ثالث له وجوده القوي على الأرض وهذه المعضلة تظل اشكالية اقليمية ودولية ليست من صلاحيات النظام ولا المعارضة، وأهمها الدول الضامنة لتخفيف الأزمة، إذ يجب أشراك الطرف الأقوى في سير تلك المحادثات ومن ثم المشاركة في صياغة دستور مقبل، فربما يبدأ مسار الحل دولياً، ولتبدأ معها حلحلة الأزمة السورية بدءاً من الدستور وتمهيداً للشروع في تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254، لأننا كلنا في سوريا ما زلنا نجرب الحلول الأمنية والعسكرية دون تهدأة داخلية أو خارجية.
التجربة السورية مريرة، وتتجه نحو مرارة أكثر إذا لم يتم تقديم الحلول الدولية السياسية على العسكرية، ولهذا يجب على الجميع إذا كانوا يتحملون مسؤولية وطنية حيال هذه الأزمة أن يحددوا مفاهيم السيادة ووحدة الأراضي والسيطرة الأمنية، والاحتراز من التدخلات الاقليمية وكلها مخاطر حذرت منها الادارة الذاتية الكردية، حذرت الجانبين: نظام دمشق والمعارضة المدعومة من تركيا، الا أنهما باتا يتصرفان في نصمائر الشعوب السورية دون رقيب وحسيب الى أن وصلت الأزمة الى أوجها في أنها أصحبت أزمة قاتلة، لتصبح الاعتداءات الخارجية والداخلية يومية لا تحكمها لا سياقات الجغرافيا ولا سياقات الحياة بل العداء القاتل حيال سوريا ككل.
بعد عشر سنوات ونصف من الحرب وخراب جزئي وشامل، ونزوح جماعي وفردي، باتت المسؤولية جسمية وخطيرة جداً، وتتطلب جهوداً دولية كثيفة للوصول الى صيغ أرقى للتوافق السوري الداخلي، لرسم ملامح الدولة السورية المقبلة، بعد فشل الدولة الشمولية وحكم الحزب الواحد، والأهم عدم التعويل على العامل الاقليمي الذي شرد البلاد والعباد على مدى أكثر من عقد أسود.
فتح الله حسيني

PUKmedia

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket