واقع التنوع الاقتصادي في إقليم كردستان العراق ( 2)

الاراء 04:15 PM - 2013-06-19
واقع التنوع الاقتصادي في إقليم كردستان العراق ( 2)

واقع التنوع الاقتصادي في إقليم كردستان العراق ( 2)

السياسات الاقتصادية المتبعة في العراق هي امتداد للسياسات الاقتصادية التي انتهجتها الحكومة العراقية بعيد نجاح عملية تأميم النفط عام 1972، حيث ارتفعت مساهمة القطاع النفطي  الاستخراجي في الناتج المحلي الاجمالي الى اكثر من (٧٠%)، عمل هذا التحول في السياسة المتبعة على تكريس حالة التخصص الانتاجي و التجاري في الاقتصاد العراقي كاقتصاد نفطي، و ترك أثره البالغ على السياسات التنموية في العراق، و ابعدته عن الانشطة السلعية الاساسية التي تساعد الدول النفطية من استغلال الايرادات النفطية لتنويع اقتصادياتها و بالتالي تنويع صادراتها الخارجية.
وفي اقليم كردستان، بالرغم من عدم توفر اية سياسات تشير الى التنويع الاقتصادي  (عدا ما ورد في مسودة الخطة الاستراتيجية لحكومة الاقليم)، الا ان هناك مؤشرات  وان كانت بسيطة، تدل على سير الحكومة بهذا الاتجاه، سنحاول هنا الاشارة الى هذه المؤشرات، من خلال التعرج على السياسات الاقتصادية القطاعية المتبعة عبر تخصيصات الموازنة لهذة القطاعات الاساسية، وكذلك السياسة الاستثمارية، التي يمكن بواسطتها التخفيف من اعتمادها على الموارد الهيدروكربونية.
من الجدير بالذكر هنا، ان الكثير من السياسات الاقتصادية في اقليم كردستان باعتباره اقليما فدراليا ضمن جمهورية العراق الاتحادية، وفق المادة رقم (١٠٩) من دستور عام ٢٠٠٥، هو من الصلاحيات الحصرية للحكومة الاتحادية، نذكر منها، السياسات المالية، السياسات النقدية، اعداد الموازنة العامة. اي ان حكومة الاقليم غير قادرة على المساهمة الفاعلة في صياغة هذه السياسات المهـمة التي تنعكس بشكل كبير على اتجاهات نموها الاقتصادي، او اية خطوة تخطوها باتجاه تنويع اقتصادها. الا ان حكومة الاقليم تحاول من خلال حصتها من الموازنة العامة الاتحادية من اعداد موازنة عامة خاصة بها، لاعادة توزيع الحصة التي تقررها الحكومة الاتحادية البالغة (١٧%)، وفق اولوياتها على القطاعات الاقتصادية. حيث تشكل هذة الحصة من الموازنة العامة الاتحادية المتأتية اساسا من ايرادات النفط، كما اشرنا اليها معظم ايرادات حكومة الاقليم. و كذلك من خلال سياسة جذب الاستثمارات الى داخل اقتصاد الاقليم. ناتي هنا الى شرح وتوضيح قطاعي الزراعة والصناعة في الأقليم لبيان التطور الحاصل في القطاعين نتيجة وجود الأستثمارات سواء كان حكومية او الخاصة .
 القطاع الزراعي
يعتبر القطاع الزراعي من القطاعات الأقتصادية المهمة رغم وجود العديد من المشاكل والمعوقات التي تعيق تطور هذا القطاع ، الا ان الأحصاءات الرسمية التي صدرت من وزارة الزراعة في حكومة اقليم كردستان تبين بان الأنتاج الزراعي في هذا القطاع لم يصل الى المستوى المطلوب وسد الحاجات الغذائية للسكان، على سبيل المثال ، ان انتاج الحنطة خلال الفترة ( 1988- 2007 ) في اقليم كردستان لم يسد الحاجة المحلية الا بنسبة ( 50 % ) خلال الفترة المذكورة كمتوسط السنوي . اما انتاج الشلب فلم يسد الا نسبة (5% ) من الحاجة المحلية للرز ، في نفس الفترة.
 ان وضع انتاج بقية المحاصيل الأخرى سواء شتوية ام صيفية لم يكن افضل من الحنطة و الشلب، وان الأنتاج الحيواني ايضا قد شهد تراجعا واضحا في النمو خلال الفترة (2003 – 2010 ) حيث بلغ هذا التراجع في النمو مقدار  (22 %) خلال الفترة المذكورة.
لغرض تطوير القطاع الزراعي ورفع الانتاج النباتي والحيواني في هذا القطاع ، فقد تم وضع خطة استراتيجية خمسية من قبل وزارة الزراعة في اقليم كردستان خلال الفترة( 2009- 2013 )، وذلك بتخصيص مبالغ معينة للأستثمار الزراعي واعطاء القروض المصرفية للفلاحين والعاملين في القطاع الزراعي وفق شروط معينة لزيادة الأنتاج النباتي والحيواني ، ولتوضيح الخطة ناتي بجدول رقم (8).
يتضح من الجدول اعلاه، ان على حكومة اقليم كردستان ان تخصص سنويا وفق الخطة المرسومة مبلغ ( 10471297 ) الف دولار خلال فترة الخطة، و اذ نظرنا الى ما تمت الموافقة عليه من التخصيصات في الموازنة العامة للاقليم خلال السنوات الاولى من عمر الخطة اقل بكثير مما هي عليها في خطة وزارة الزراعة، هذا يبين قصر نظر معدي الخطة لانهم لم ياخذوا  بنظر الاعتبار الامكانات المالية و المادية للاقليم و كذلك اولويات الحكومة التي ركزت على حل مشكلة الكهرباء، مما ترتب عليه فجوة تمويلية ضخمة لم تؤد الى تحقيق النتائج المخططة لها. و الجدول رقم (9) يبين حجم الاموال المخصصة للقطاع الزراعي.
   ان المبالغ المخصصة للمشاريع الأخرى لغرض الأستثمار الزراعي باشكاله المختلفة قد وزعت حسب ما موضح في الجدول بشكل متوازن تقريبا وذلك حسب اعتقادهم بجدوى استراتيجية التنمية المتوازنة وهي احد الأستراتيجيات المتبعة في التنمية الزراعية . الا ان عدد المشاريع المقترحة كانت في بداية الخطة اكبر كلما تقدمنا في الخطة ينخفض عدد المشاريع المقترحة ، مثلا ان عدد المشاريع المقترحة في عام 2009 كان ( 377 ) مشروعا اما في عام 2010 قد وصل الى ( 349 ) وفي عام 2011 وصل الى ( 319 ) اما في عامي 2012 و 2013 كان عدد المشاريع ( 298 و302 ) على التوالي على مستوى الأقليم رغم ان المبالغ المخصصة للسنوات 2011 و2012 و2013 قد تصل الى ( 7740354 ) الف دولار امريكي اي حوالي ( 80%) من مجمل المبالغ المخصصة للأستثمار في القطاع الزراعي.
 القطاع الصناعي
هناك اهمية أقتصادية كبيرة للقطاع الصناعي بشكل العام ، وذلك في مجال تشغيل الايدي العاملة و تكوين الدخل القومي وخلق نمو اقتصادي كبير، و وجود روابط خلفية وامامية قوية في القطاع الصناعي و وجود علاقة قوية بين القطاع الصناعي والقطاعات الأخرى ، رغم ذلك ليس هناك اهتمام واضح و كبير في هذا القطاع، وان اهم مايميز هذا القطاع هو عدم وجود استثمارات كافية سواء كانت حكومية او عائدة للقطاع الخاص للنهوض به . كما وان لهذا القطاع دور مهم من خلال الروابط الامامية و الخلفية مع القطاعات الاقتصادية الاخرى و المساهمة في معالجة اختلال الهيكل الاقتصادي و تحسين ميزان المدفوعات من خلال احلال الواردات و تشجيع الصادرات و استيعاب الايدي العاملة و تحسين المستوى المعاشي.
ويعاني القطاع من تدن بالغ في المستوي العلمي في الهيئات و المؤسسات الحكومية التي تقوم بادارة النشاط الصناعي، اذ لايتجاوز حملة الشهادات الجامعية فما فوق اكثر من (7.60%) عام 2007، في حين يشكل حاملوا الشهادة الابتدائية فما دون نسبة (52.57%)، و لا يختلف الامر كثيرا بالنسبة للمشاريع الصناعية للقطاع الخاص، و يرتبط بالمؤشرات اعلاه تدني انتاجية العامل في القطاع الصناعي في اقليم كردستان. الجدول رقم (10) يبين الصورة بشكل اوضح.
و يعاني مشاريع القطاع العام الصناعي من صعوبات خاصة بها تتعلق بالادارة المركزية و التقييدات الكثيرة و ضعف الصلاحيات و ضعف المحاسبة على النتائج و ضعف روح المبادرة و تحمل المسؤلية و تحدد الجهات الوصائية، بالتالي ضعف المرونة و المبادرة و نقص المهارات الادارية الحديثة، و عدم القدرة على اتخاذ القرارات المستقلة وفق المعايير الاقتصادية، و ضعف العوامل المحفزة، و بفائض عمالة في مجالات عدة، و باساءة استخدام الصلاحيات و الفساد مما يزيد من تكاليف الانتاج.
ويعاني القطاع الخاص الصناعي من كون مشاريعه عائلية صغيرة، تتسم بضعف اساليب ادارتها و دوران اليد العاملة فيها، فالادارة في مشاريع قطاع الخاص لاتزال معظمها ادرة عائلية لا تفصل الادارة عن الملكية، و تنقصها المهارات الادارية الحديثة، و تغيب المحاسبة الحديثـة وفق المعايير الدولية، و غياب دراسة متطلبات الاسواق المحلية و الخارجية و ضعف التسويق.
لقد عانى هذا القطاع الكثير من المشاكل التي حالت دون تطوره، بل الى اكثر من ذلك دون استمراره و توقف النسبة العظمى منها بشكل كلي مما شل حركة التنمية الصناعية في اقتصاد الاقليم، الامر الذي ادى الى توجه السوق نحو السلع الاجنبية، و تزامن ذلك مع انهيار البنية الاقتصادية والانفتاح غير المسبوق على العالم الخارجي، الامر الذي ساهم بشكل كبير في تدمير الصناعات المحلية العامة و الخاصة و تحول الكثير من الصناعيين الى تجار صناعيين.
و بخصوص مساهمة القطاع الصناعي في توليد الناتج المحلي الاجمالي،  في عام 2008 مقارنة باعوام 2005 و 2006 و 2007 فقد شهدت ارتفاعا في مساهمتها، الا انها هي متدنية مقارنة بالقطاعات الاقتصادية الاخرى، وكذلك مقارنة بمدى مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الاجمالي لعام 2001 في كل من مصر و الاردن و تونس، 25.9%، 15.7%، 18.6% على التوالي، مما يدل على ضعف مساهمة الصناعة في اقليم كردستان في توليد الناتج المحلي الاجمالي و انخفاض الاهمية النسبية لهذا القطاع مقابل القطاعات الاقتصادية الاخرى في الاقليم و كذلك مقارنة بالدول المجاورة. الجدول رقم (11) يبين ذلك.
ويعاني القطاع الصناعي من تدني القدرة التنافسية مقابل المنتجات المستوردة، لان القدرة التنافسية تعتمد على العديد من العوامل كالجودة و السعر و الترويج و كفاءة الانتاج و التكنلوجيا و القدرات الفنية و المهنية للعاملين.
لمواجهة هذا الواقع ، اقدمت الحكومة على خصخصة معظم مصانع قطاع العام كما يبينه الجدول رقم (
كما يبينه الجدول اعلاه، ان عمليات الخصخصة بدأت منذ عام 2002 دون اية استراتيجية او سياسة مرسومة مسبقا، نظرا لصغر حجم القطاع الصناعي الحكومي في الاقليم الذي يتكون من (20) مصنعا، كان تأثير خصخصة (13) مصنعا منه ليس بالمستوى المطلوب. كان الهدف الرئيس من هذه العملية هو التخلص من الاعباء المالية الكبيرة التي كانت تقع على عاتق الحكومة لادارة هذه المشاريع الخاسرة.
* فيصل علي رئيس منتدى كردستان الاقتصادي

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket