ماذا حدث في تركيا؟

تقاریر‌‌ 11:51 AM - 2016-07-18
ماذا حدث في تركيا؟

ماذا حدث في تركيا؟

مساء، الجمعة، ظل الوضع في تركيا غامضاً ومبهماً، هل نجح الانقلاب أم لا؟، وسائل الإعلام في تخبط بين تصريحات عسكرية تؤكد سيطرة الجيش على السلطة، وتصريحات مضادة من أردوغان وأعضاء حكومته تؤكد فشل الانقلاب وتدعو الشعب للنزول إلى الشوارع للدفاع عن ديمقراطيته. فما هي الصورة الحقيقية للأحداث ولماذا فشل الانقلاب أخيرا؟.
وأعلن الجيش التركي أنه تولى السلطة على البلاد، من أجل الحفاظ على الديمقراطية وحقوق الإنسان. وأكد الجيش التركي أن جميع العلاقات الخارجية الحالية للبلاد ستستمر.
في غضون ذلك، أشارت إحدى الوكالات الحكومية إلى أن رئيس الأركان التركي خلوصي آكار احتجز رهينة لدى "العسكريين" الانقلابيين، إضافة إلى عدد آخر بمقر قيادة الجيش التركي في أنقرة.
يقول جاريث جينكينز، باحث وكاتب في الشؤون العسكرية في إسطنبول "من الواضح أن هذا الانقلاب تم التخطيط له بشكل جيد جدا لكن باستخدام دليل تكتيكات يعود للسبعينيات."
بالفعل كانت محاولة انقلاب غريبة تنتمي للقرن 20 وانهزمت أمام تكنولوجيا القرن 21 وقوة الشعب. فعندما حاول "مجلس سلام" صممه عناصر من الجيش لأنفسهم الإطاحة بالرئيس التركي رجب طيب إردوغان وحكومته، التي أخذت سلطويتها في التزايد، بدا أن الجنرالات والضباط المتمردين يقاتلون بعقلية حرب سابقة. كان الأمر أشبه بما حدث في تشيلي عام 1973 أو أنقرة عام 1980 أكثر منه أمر يحدث في دولة غربية حديثة عام 2016.
قام المتمردون بخطوتهم عندما كان الرئيس بعيداً عن المدينة في عطلة في أحد المنتجعات. سيطروا على المطار الرئيسي وأغلقوا جسرا فوق مضيق البوسفور في إسطنبول وأرسلوا دبابات للبرلمان ولأنقرة للسيطرة على مفارق الطرق الرئيسية وأذاعوا بيانا على محطة (تي.آر.تي) الرسمية أعلنوا فيه فرض حظر التجول وأمروا الناس بالبقاء في منازلهم.
لكنهم لم يعتقلوا أي من قيادات حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، ولم يغلقوا محطات التلفزيون الخاصة أو اتصالات الهواتف المحمولة أو مواقع التواصل الاجتماعي، مما مكن أردوغان ومساعديه من دعوة مؤيديهم بسرعة للنزول إلى الشوارع لمقاومة الانقلاب.
ويقول المحلل التركي سنان أولجن، الباحث في مركز كارنيجي أوروبا البحثي، إن أكبر عائق واجههم هو أنهم تصرفوا خارج تسلسل القيادة العسكرية، وبالتالي افتقروا للموارد الكافية للسيطرة على مواقع السلطة الرئيسية. وقال أولجن، وهو أيضا دبلوماسي تركي سابق "مخططهم أيضا لم يكن فعالا حيث فشلوا في البداية في السيطرة على أي من منشآت عسكرية في تركيا أو أي من القيادات السياسية."

وسائل الاتصال الحديثة
واستخدم إردوغان- الذي اتهم مرارا بالتدخل في وسائل التواصل الاجتماعي ومحطات التليفزيون- تكنولوجيا الاتصالات الحديثة بفطنة لإيصال رسالته للجماهير البالغ عددهم نحو 80 مليونا، ليتفوق على تحرك المتآمرين. واستخدم "فيس تايم"، وهو تطبيق فيديو للمراسلة على الهاتف الذكي، لبث رسالة حية على الهواء عبر محطة "سي.إن.إن تورك"، وهي محطة تلفزيونية خاصة حاول المتآمرون إسكاتها وفشلوا.
وقال في رسالته "دعونا نحتشد كأمة في الميادين... أعتقد أننا سنتخلص من هذا الاحتلال الذي وقع في فترة وجيزة. أنا أدعو شعبنا الآن للنزول للميادين وسنعطيهم الرد الضروري". وقال الرئيس إن المتمردين حاولوا تفجير الفندق الذي كان مقيما فيه في منتجع مرمريس جنوب غرب البلاد، كما دار تبادل لإطلاق النار هناك بين الجنود والشرطة الموالية للحكومة بعد مغادرته. وخلال 20 دقيقة من إذاعة بيان الانقلاب، كتب رئيس الوزراء بن علي يلدريم رسائل تدين الانقلاب على تويتر وتؤكد للأتراك أن القيادة العليا للقوات المسلحة لم تساند التمرد.
وكان إردوغان ويلدريم، بدورهما، يحذوان حذو العديد من الشخصيات الثورية التي استخدمت تقنيات الاتصال الحديثة وقتها ليكونوا أوسع حيلة من أعدائهم. فمن القس البروتستانتي مارتن لوثر الذي استخدم الصحف المطبوعة عام 1517 لنشر أطروحاته التي تنتقد الكنيسة الكاثوليكية، وصولا إلى آية الله الخميني الذي سجل أشرطة صوتية نسخت ووزعت في أنحاء إيران لهزيمة الشاه عام 1979.
وفي تركيا، تمكن مساعدو إردوغان من إبلاغ وسائل الإعلام التركية والعالمية بأن الرئيس الذي يتولى السلطة منذ 2003 آمن ولم يعتقل، حتى في الوقت الذي كان يستولي فيه جنود على محطة "تي.آر.تي" التلفزيونية.
واستخدم عبد الله غول، سلف إردوغان في المنصب نفس تطبيق "فيس تايم" لإعلان تحديه لمدبري الانقلاب على محطة "سي.إن.إن تورك"، وتحدث رئيس الوزراء السابق أحمد داوود أوغلو إلى تلفزيون "الجزيرة" عبر الهاتف ليصف محاولة الاستيلاء على السلطة بالفاشلة. بينما سارع زعماء أحزاب المعارضة الثلاثة بإدانة الانقلاب، وعجت وسائل التواصل الاجتماعي بدعوات للتظاهر ضده.

غياب الولاء والإصرار وربما الفهم
وقام الانقلابيون بمحاولة غير متقنة لإسكات محطة "سي.إن.إن تورك" المملوكة لشركة "تيرنر إنترتينمنت سيستمز" الأمريكية و"دوغان شاهين القابضة". وحطت طائرة هليكوبتر تقل مجندين وضابطا واحدا في المحطة، لكن قيل لهم إنه من المستحيل قطع إشارة البث.
أمر الجنود بإخلاء مؤقت للاستوديو، وعندما عادت المحطة للبث، وصفت المذيعة نيفسين مينجو والمدير العام إردوغان أكتاش مزاج الجنود الشبان. وقالت مينجو "هؤلاء الجنود الشباب لم يكن لديهم سوى الخوف في أعينهم ولا أي دلالة على الولاء أو الإصرار".
وأضافت قائلة "طلبوا منا قطع البث وقلنا أنه لايمكن فعل ذلك. ولم يعرفوا كيف يقومون بذلك، لذا ظل الاستوديو الفارغ على الهواء طوال الوقت إلى إن استعدنا التحكم."
وخلال الانقطاع، جاب رجل يرتدي قميصا وردي اللون الاستوديو وهو يصيح قائلا "الله أكبر"، لإظهار دعمه لإردوغان. كما استخدم رجال الدين المؤيدون لأردوغان، ولأول مرة، مكبرات الصوت في المساجد لحث الأتراك على النزول للشوارع تحت راية "الجهاد".

اشتباكات في العاصمة
وشهدت العاصمة التركية أنقرة اشتباكات عنيفة بين مؤيدي الانقلاب والمناهضين له، فيما تحدثت وكالة "الأناضول" عن مقتل 17 شرطياً في المدينة، بينما أفادت قناة "NTV" بأن مقاتلة تركية من طراز "F16" أسقطت مروحية كانت تقل عددا من العسكريين الأتراك المؤيدين للانقلاب.
وذكرت وسائل إعلام مختلفة وقوع انفجارات قوية في أنقرة، وذلك وسط أنباء عن إطلاق مروحيات حربية النار على المقر الرئاسي بالعاصمة التركية وتطويق دبابات لمقر البرلمان والمطار في أنقرة.
وفي الوقت ذاته ذكرت وكالة "سبوتنيك" الروسية سماع أصوات طلقات نارية بالقرب من مقرها في منطقة غونشلي على بعد 5 كلم من مطار أتاتورك باسطنبول، بينما أفادت قناة "سي أن أن تورك" بإصابة عدد من المدنيين جراء إطلاق عسكريين النار عليهم في جسر عبر مضيق البوسفور.
وأعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، إغلاق المجال الجوي فوق الأراضي التركية، قائلاً: في خطاب بثته قناة "NTV": "تم إغلاق المجال الجوي، وسنسقط أية طائرات من الأرض أو من الجو".

وزير الدفاع: محاولة الانقلاب على السلطة سيتم قمعها في أقرب وقت
من جانبه قال وزير الدفاع التركي، فكري إيشيق، إن "محاولة الانقلاب على السلطة في الدولة سيتم قمعها في أقرب وقت"، داعيا العسكريين إلى عدم الخضوع لأوامر غير قانونية.
وأعلن فكري: أن غالبية العسكريين لم يدعموا الانقلاب، مضيفا أن "الجيش التركي لايمكن أن توجهه أوامر تأتي من بنسلفانيا"، في إشارة منه إلى مدينة أمريكية اتخذها مقرا له المعارض التركي فتح الله غولن الذي اتهمه أردوغان بالوقوف وراء محاولة الانقلاب.
فيما نقلت قناة NTV التركية عن محافظ اسطنبول، واصف شاهين، قوله إن محاولة الانقلاب في المدينة تم إحباطها، ويجري حاليا نقل قوات عسكرية إضافية إلى اسطنبول. هذا ولم يستبعد شاهين إرسال دبابات إلى هناك "إذا لزم الأمر".
وأعلن مسؤول إعلامي في هيئة الاستخبارات القومية التركية، أن الجنرال خلوصي آكار، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، تم تحريره بعد احتجازه من قبل الانقلابيين، وعاد إلى أداء مهامه.

يلدريم: منظمو الانقلاب سيدفعون ثمنا غاليا لتصرفاتهم
وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إن تركيا تشهد محاولة للاستيلاء على السلطة في البلاد.
وأوضح يلدريم أن "مجموعة من العسكريين" يقفون وراء محاولة الانقلاب، مضيفا أن الضالعين فيها سيدفعون "ثمنا غاليا" لتصرفاتهم.
وأضاف: إن تركيا شهدت نقطة سوداء في تاريخ الديمقراطية التركية أمس بمحاولة الانقلاب الفاشلة.
وتابع في مؤتمر صحفي متحدثاً باسم الرئاسة التركية: أن العصابة الإرهابية الموازية حاولت النيل من ديمقراطية تركيا، ولكنها فشلت في ذلك، لأن الشعب التركي وقف في وجهها.
ودعا يلدريم المواطنين للنزول إلى الساحات الليلة، وأشار إلى أن تبعات المحاولة الانقلابية الفاشلة ما زالت متواصلة.
وحيا يلدريم الشعب التركي الذي نزل إلى الشارع، وحمل العلم التركي في وجه الانقلابيين.
وقال رئيس الوزراء التركي: إن هذه المحاولة الانقلابية أسفرت عن استشهاد عدد من قوات الأمن والشرطة والمدنيين.
وأضاف: "أنقذنا الوطن من مصيبة كبرى"، وأكد أن المحاولة الانقلابية لم تأت بأمر من القيادة العسكرية، وإنما جاءت بخطة محدودة من مجموعة عسكرية صغيرة مرتبطة بجماعة إرهابية، وفشلت محاولتهم الانقلابية.
وقال: إن العملية الانقلابية أسفرت عن 161 قتيلا، و1440 مصابا، وتم اعتقال 2839 عسكرياً من مختلف الرتب بتهمة التورط بالعملية الانقلابية الفاشلة.
وتابع رئيس الوزراء التركي: اتصلت بنا قيادات من عدد من الدول الصديقة وأكدوا وقوفهم إلى جانبنا.
وأشار إلى أن التنظيم الموازي سيقف أمام العدالة، وسيلقى العقوبات التي يستحقها.
وقال: الخامس عشر من يوليو أصبح عيداً للديمقراطية. أستذكر بالرحمة والشكر شهداءنا وشرطتنا ومواطنينا، وأتقدم بالتعزية لذويهم، أقبل جبين جميع المواطنين الذين نزلوا إلى الشوارع رافعين الأعلام في مواجهة عصابة منظمة فتح الله غولن الإرهابية
وتابع: الأمر الذي يسعدنا هو أن المحاولة لم تكن من قبل قيادة الجيش، إنما من جانب منظمة فتح الله غولن الإرهابية. ليس هناك ما يقلقنا فيما يتعلق بوضع قادة الجيش، حيث جرت السيطرة على الوضع بشكل تام، وخلال فترة قصيرة سيعود ضباطنا إلى مهامهم.

أردوغان: لن نستأذن أحداً لمحاكمة الانقلابيين
من جانبه، قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إنه لن يستأذن من أحد لمحاكمة الانقلابيين، وسنقوم بتطهير البلاد من الانقلابيين، وسنلاحقهم في منازلهم وأينما كانوا.
وأضاف أردوغان خلال كلمة ألقاها في تجمع جماهيري في منطقة كيسيكلي في إسطنبول: "لن نسمح لـ"الكيان الموازي" بتقسيم الدولة الواحدة"، واعدا الأتراك أن البلاد ستخرج بأسرع وقت من هذه الأزمة.
وقال الرئيس التركي أمام حشد من أنصاره يهتفون مطالبين بتطبيق عقوبة الإعدام، إن مثل هذه المطالب قد تبحث في البرلمان بعد محاولة انقلاب نفذتها مجموعة داخل الجيش مساء أمس، وأدت لمقتل 161 شخصا على الأقل.
وتابع: أن محاولة الانقلاب نفذتها قلة بالجيش. وبدا الرئيس التركي هادئا وعلت وجهه ابتسامة، وكان يرفع إبهامه أمام أنصاره علامة على الانتصار بين الحين والآخر.
وأضاف: "الجيش جيشنا وليس للهيكل الموازي. أنا القائد الأعلى"، مشيرا إلى شبكة يقودها خصمه اللدود فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة والذي يتهمه بالتحريض على الانقلاب وعلى محاولات سابقة للإطاحة به.
وقال أردوغان: ان محاولة الانقلاب هي إهانة للديمقراطية واستهانة بالشعب التركي، مثمنا الدور الذي لعبه هذا الشعب في مواجهة الانقلابيين ونزوله إلى الميادين والشوارع لنصرة الدستور.

الاتحاد الأوروبي يدعم الحكومة التركية الشرعية
أعرب الاتحاد الأوروبي عن دعمه الكامل للحكومة المنتخبة ديمقراطيا في تركيا، داعيا العودة إلى النظام الدستوري بأسرع وقت، وجاء ذلك على لسان رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك.
وقال توسك في بيان: ان "تركيا هي شريك أساسي للاتحاد الأوروبي"، مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبي "يدعم بشكل كامل الحكومة المنتخبة ديمقراطيا، ومؤسسات الدولة، وسيادة القانون".
كما دعت فيديريكا موغيريني، مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون السياسة الخارجية والأمن، فى حسابها على تويتر إلى احترام المؤسسات الديمقراطية في تركيا.
وكتبت موغيريني، التي تشارك في أعمال قمة "أوروبا - آسيا" في العاصمة المنغولية، تعليقا على الأنباء حول محاولة انقلاب في تركيا: "أنا في اتصال مستمر مع وفد الاتحاد الأوروبي في أنقرة وبروكسل من منغوليا. أدعو إلى ضبط النفس واحترام المؤسسات الديمقراطية في تركيا".
من جانبه قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن "تدخل الجيش في شؤون أي دولة غير مقبول، ومن المهم أن يتم وبسرعة وبشكل سلمي تأكيد نظام مدني دستوري وفقا للمبادئ الديمقراطية في تركيا".
وجدد الأمين العام للأمم المتحدة في بيان، تعليقا على الأحداث الجارية في تركيا، جدد مطالبته بالهدوء وضبط النفس والمحافظة على الحقوق الأساسية".
وقال "في هذه اللحظة من عدم اليقين في البلاد(تركيا)، أدعو إلى الهدوء ونبذ العنف وضبط النفس والحفاظ على الحقوق الأساسية، بما في ذلك حرية التعبير والتجمع".

العفو الدولية تدعو تركيا لعدم تبني الإعدام بعد الانقلاب
حثت منظمة العفو الدولية السلطات التركية على تجنب تبني عقوبة الإعدام بعد سحق محاولة الانقلاب، وذلك في ظل بعض الدعوات لاستخدام هذه العقوبة ضد كبار مدبري الانقلاب.
وقال الباحث بمنظمة العفو الدولية في الشأن التركي أندرو جاردنر إن "العودة إلى عقوبة الإعدام وقمع المعارضة ستضيع النصر "الذي تحقق عبر توحد تركيا للدفاع عن الحقوق ضد ما كان يمكن أن يكون حكما عسكريا".
وأضاف الباحث "تم تجنب التهديد الخطير للحكم العسكري.. الآن يجب أن يواجه مدبرو الانقلاب العدالة، ويتعين احترام سيادة القانون للجميع".
وردد أنصار الحكومة خلال مظاهرات هتافات مطالبة باستخدام عقوبة الإعدام، في حين نقلت وسائل الإعلام المحلية عن مسؤول قوله إن هذا قد يوضع في الاعتبار.
وقال أردوغان أمام حشد من أنصاره يهتفون مطالبين بتطبيق عقوبة الإعدام إن مثل هذه المطالب قد تبحث في البرلمان.

باريس: محاولة الانقلاب لاتعطي شيكا على بياض لأردوغان
من جانبه، قال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت: إن محاولة الانقلاب في تركيا ليست "شيكا على بياض" للرئيس التركي أردوغان ليقوم بعمليات تطهير بعد إحباط الانقلاب العسكري. كما تساءل عما إذا كانت تركيا شريكا حيويا في الحرب على تنظيم داعش الارهابي.
واضاف وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت لشبكة "فرنسا 3" التلفزيونية: أن محاولة الانقلاب في تركيا لاتعني إعطاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "شيكا على بياض"، داعيا أنقرة إلى احترام دولة القانون.
وتابع آيرولت: نريد أن تعمل دولة القانون بصورة تامة في تركيا، مشيرا إلى أن محاولة الانقلاب لاتعطي أردوغان "شيكا على بياض" لتنفيذ عمليات "تطهير".
كما قال وزير الخارجية الفرنسي: إنه ينبغي طرح أسئلة عما إذا كانت تركيا شريكا حيويا في الحرب على تنظيم داعش الارهابي في سوريا. حيث أضاف: "هناك أسئلة تطرح وسنطرحها. إنها حيوية بعض الشيء لكن هناك شكوكا أيضا. دعونا نكون صادقين حيال هذا الأمر."


فتح الله غولن لايستبعد أن يكون أردوغان نفسه من دبر محاولة الانقلاب
نفى الداعية التركي فتح الله غولن في مقابلة الاتهامات التي وجهها إليه أردوغان بالوقوف خلف محاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا مساء الجمعة، مؤكدا أنه لايستبعد أن يكون أردوغان نفسه من دبر هذه المحاولة.
وفي مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز قال غولن ردا على سؤال بشأن ما إذا كان بعض من مناصريه في تركيا شاركوا في المحاولة الانقلابية "أنا لا أعرف من هم مناصري".
وأضاف غولن: "بما أنني لا أعرفهم لايمكنني أن اتحدث عن أي تورط"، مشيرا إلى أن المحاولة الانقلابية "يمكن أن تكون دبرتها المعارضة أو القوميون. أنا اعيش بعيدا عن تركيا منذ 30 عاما وأنا لست من هذا النوع".
وقال غولن: "أنا كمؤمن لايمكنني أن أرمي الاتهامات بدون براهين ... ولكن بعض القادة يدبرون هجمات انتحارية وهمية لتعزيز دعائم حكمهم وهؤلاء يسري في مخيلتهم مثل هذا النوع من السيناريوهات".
ولفت الداعية إلى أنه لايستبعد أن يكون أردوغان نفسه هو من دبر المحاولة الانقلابية بقصد تثبيت دعائم حكمه، معتبرا هذا "أمرا ممكنا".
وغولن (75 عاما) الذي يعيش منذ 1999 في منفى اختياري في شمال شرق الولايات المتحدة ويندر أن يجري مقابلة صحافية يرأس حركة "حزمت" (الخدمة) التي تتمتع بنفوذ واسع في تركيا ولديها شبكة ضخمة من المدارس والمنظمات الخيرية والمؤسسات.

اسباب الفشل
قالت صحيفة نيويورك تايمر الأمريكية في تعليقها على الانقلاب الفاشل في تركيا إن الانقلاب فاجأ الجميع بما فيهم الأتراك أنفسهم، و إذا كانت محاولة الانقلاب التركية مفاجأة فإن هناك أسباباً وجيهة لعدم حدوث انقلاب .وذلك استناداً إلى عقود من الأبحاث والدراسات المعمقة حول كيف ومتى ولماذا تحدث الانقلابات .
وزادت الصحيفة: بعد انتفاضة مساء الجمعة ذات الأنماط المتباعدة يقول علماء السياسة الذين يدرسون أنماط الانقلابات العسكرية إن تركيا تعتبر من الدول ذات المخاطر المنخفضة في حدوث انقلاب عسكري فيها.
وبينت الصحيفة: لقد علق وزير الخارجية الأمريكي جون كيري على الانقلاب الفاشل بدعمه للحكومة المنتخبة، معرباً عن الحيرة التي يشعر بها كثير من المراقبين بالقول " لقد فاجأت محاولة الانقلاب الجميع بما فيهم الشعب في تركيا " مضيفاً " يجب أن أقول إن هذا الحدث كان يفتقر للبراعة في التخطيط والتنفيذ ".
وأردفت الصحيفة " الفجوة بين التمرد في تركيا والانقلابات السابقة تفسر لماذا فشلت المحاولة، ولكن وضعت العديد من الأسئلة التي هي بحاجة للرد. فتركيا ليست ذاك البلد الذي ترتفع فيه مخاطر الانقلاب. فالانقلابات عادة ليست بالضرورة أن تكون مؤامرات فردية، فهناك عوامل هيكلية تساهم في حدوث الانقلابات .وقد حددها علماء السياسة من خلال تتبع العوامل مثل الاتجاهات الاقتصادية والحريات السياسية والصحة العامة و أنماط تنبؤية عدة .
 "جاي أول فيلدر" الذي يعمل في مجال التنبؤ السياسي، والذي أسس نموذجاً عملياً يعتمد على الرياضيات لجمع بينات الدول لتقييم مستوى خطر حدوث انقلاب في أي بلد يقول " إن تركيا كانت من البلدان التي لا يوجد لديها إنذار مبكر لحدوث انقلاب أو تمرد، لقد كان أمراً مستبعداً جداً. لقد كان نسبة حدوث انقلاب في تركيا لا تتجاوز 3%، وذلك استناداً على بيانات 2016 م. مضيفاً: وتعتبر تركيا من الدول المستقرة، وعادة البلدان المعرضة لمخاطر الانقلابات العسكرية تكون نسبة وفيات الرضع عالية وارتفاع في مستوى الفقر وأداء الاقتصاد يكون ضعيفاً. لكن في تركيا الاقتصاد ينمو ووفيات الرضع تنخفض بنسب عالية .
وزاد الخبير أول فيلدر: إن البلد عادة يكون بعيداً عن الانقلابات إذا كان هناك نزاع مسلح في الدول المجاورة. ورغم أن تركيا لديها تاريخ من الانقلابات يقول أول فيلدر: لقد تغيرت البلاد كثيراً منذ آخر انقلاب عام 1997 لقد مرت عشرون عاماً لم نشهد انقلاباً واحداً في تركيا. ويضيف أول فيلدر بأن هناك عاملاً مهماً جداً ومسبباً للانقلابات، وهو صراع النخب العليا في الدول مثلاً قطاع الأعمال مع الجنرالات والقضاء والتجار وغيرها، لكن في تركيا لا توجد أي علامات على هذا النوع من الصراع بين أقطاب النخبة.
وأضافت الصحيفة " تشير البحوث في مجال التنبؤ السياسي أن تنفيذ انقلاب ناجح هو بمثابة وصفة لعمل خبز الكعك وإذا تخطيت الخطوات أو تجاهلت المكونات فمن المؤكد أنك ستفشل ".
وكتب ناينهال سينغ أستاذ في كلية الحرب الجوية في أمريكا كتاباً بعنوان "الاستيلاء على السلطة" والذي يركز على عوامل نجاح وفشل الانقلابات. يقول إن الانقلاب مثل الألعاب التنسيقية. ووفقاً لهذه النظرية عندما تقنع قادة الضباط والجنود بأن عملية الانقلاب ستكون سريعة وناجحة سيتحفز الجنود على الانضمام إلى العملية.
وتضيف الصحيفة: الانقلابات الناجحة في دولة مثل تركيا والتي لديها مؤسسات عسكرية وسياسية قوية تتبع عادة نموذج الانقلاب المؤسسي وفقاً لبراين كلاس، وهو زميل في كلية لندن للاقتصاد .
في الانقلاب المؤسسي يجب على الجيش التوحد للاستيلاء على الحكم واستخدام القوة الكاملة للسيطرة على الحكم من الأعلى إلى الأسفل، وهو ما حدث في انقلاب 1980 في تركيا. و يحمل هذا السيناريو لعبة التنسيق البسيطة إلى حد ما ما بين النخب العسكرية، ثم ستجد النخب الأخرى أنه ليس لديها خيار سوى أن تسير على الخطة .
واختتمت الصحيفة بالقول " كان الانقلاب ناجحاً في تركيا عام 1997 بعد نجاح النخب العسكرية في العمل مع مؤسسات المجتمع المدني وغيرهم ممن عارضوا الحكومة. كما نجح الانقلاب العسكري في مصر عام 2013 وسط احتجاجات واسعة ضد الحكومة .
وفي الانقلاب الأخير في تركيا بدا أن قادة الانقلاب يفتقرون إلى الحلفاء، ولم تصدر أي من منظمات المجتمع المدني أو الأحزاب السياسية بياناً تدعم فيه التمرد. لقد بدا الانقلاب محكوماً عليه بالفشل فقط .ولايزال من غير الواضح ما الذي دفع المتمردين للقيام بهذه المحاولة، فالتفسير الأكثر وضوحاً واستناداً إلى التاريخ أن هذا الانقلاب افتقد إلى الكفاءة وسوء التخطيط .

PUKmedia

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket