الاعتراف بالفساد لا يكفي

الاراء 01:26 PM - 2016-02-11
حسين فوزي

حسين فوزي

 من الجيد ان يطلع علينا سياسي، نائب او موظف عمومي سابق، ليحدثنا من التلفاز عن المرتشين ويعترف بأنه تقاضى رشوة، وتصل به الجرأة في ان يدين «الجميع» بالفساد، رغم اننا نعرف وفق منطق العلم والفلسفة ايضاً، ان التعميم بالمطلق غير جائز، ليس بقصد الدفاع عن احد، لكن الحكمة العراقية تقول «لو خليت قلبت»، وهي حكمة نابعة من الثقة بأن هذا الوطن ينجب خيرين نزيهين، كما انجبت «المهاجر» عصابات من اللصوص يتحصنون بمواقعهم السياسية. واعتقد ان الاعتراف بالفساد، سواء لشخص او مجموعات، إن وجدت في نفسها الجرأة بالاعتراف لتطهير الذات، ما دام ليس من «الاعترافات» المأخوذة بالتعذيب والإذلال الشائعة بعد شباط 63، يستدعي مجموعة من الأسئلة والإجابات:

- عندما دفعت رشوة لاغتيال الرئيس الراحل عبد الناصر، وسلم «المرتشون» المكلفون بالاغتيال الـ 3 ملايين دولار للدولة، بنى بها عبد الناصر برج الجيزة. وهو خير ما فعل فكان في القاهرة معلم مضاف لتراث الدولة الفاطمية، وقبله الأهرامات، وسدود محمد علي باشا. والسؤال هنا هو: هل جرى «تسليم» رشوة المليون دولار للدولة؟ إن كان كذلك فهذا بعض تطهير للذات مقبول، وإن لم تدفع اموال الرشوة للدولة او تصادر، فمعنى هذا ان المرء يرتشي ويلعن المرتشين، على طريقة توبة البعض المزمنة في مواصلة المعاصي!.

- لدينا جهات رئيسة معنية بالفساد، بعضها له سجل حافل في ملاحقة الصغيرة والكبيرة، ضمن آليات عمل عريقة، وصلت الى حد ان وزير الثقافة الاسبق د. مفيد الجزائري استدعي للنزاهة لأنه حوّل مبلغاً من الدولار إلى الدينار خارج آليات التحويل الرسمي، حتى اثبت انه فعل هذا ليحصل على مبلغ اكبر من السوق، بعد مفاضلة بين 3 عروض اصولية، لإنجاز المهمة التي خصص لها المبلغ. فهل ان هيئة النزاهة، أو الرقابة المالية، او دائرة المفتش العام، ساءلت «المعترف» عن تفاصيل موضوع الرشوة المعترف به، وأين استقر مبلغ المليون دولار؟!. - اخيراً فإن رئاسة مجلس النواب، ورئاسة السلطة التنفيذية، من خلال وزارة العدل، هما طرف في مثل هذه الاعترافات، عليهما اطلاع الشعب، او على الأقل، اطلاعهما على تفاصيل الرشوة المعترف بها، وسؤال السيد المعترف عن اية وثائق تثبت ما ذهب بشأنه في ادانة «الجميع» ليس لأن «الجميع» ابرياء، لكن من الضروري ان تعرف السلطات المسؤولة، وتطلع الشعب على المقصود بالفاسدين جميعاً، واظن انهم جمع من المسؤولين، وليس الجميع، إلا إذا ما اعتبرنا اخذ شرطي مغلوب على امره مبلغ 10 آلاف دينار جريمة كبرى حكم عليها 10 سنوات، فيما البعض، بالأخص في وزارات معينة، قد تلقى حساباته المصرفية ملايين الدولارات، فيما يتم تسريب مواد غذائية غير صالحة وفاسدة إلى بطون العراقيين.

ويظل هذا وحده غير كافٍ، بدون تطهير اليد والجيب من اي مال حرام، وتقديم اية وثائق تفضح المرتشين لسلطات الدولة.. فعندها فقط تتطهر الذات ويمكن للشعب ان يغفر!.

 

 

حسين فوزي/صحيفة الصباح العراقية

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket