إنّهم يُقاتلون على ظهور الحمير !!

الاراء 02:58 PM - 2016-02-06
إنّهم يُقاتلون على ظهور الحمير !!

إنّهم يُقاتلون على ظهور الحمير !!

كانوا هناك لا شيء. وجوه ضائعة، خطوات ضائعة، مواقف ضائعة. عراة حتى من ورقة التوت!
هل هكذا يكون المفاوضون باسم الثورة، المفاوضون باسم الثوار؟ زميل كان في جنيف نقل الينا بعضا من تلك اللحظات الكوميدية (التراجيدية). السوريون بحاجة الى من يقول "لا" في وجه النظام لان وجود المعارضة، ووجود الرأي الاخر، اكثر من ضروري في دولة مثل سوريا تتمتع بديناميكية اجتماعية، وثقافية، وتاريخية، واقتصادية..
اي "لا"، بل اي "لاءات" قالها الفريق المعارض في المدينة السويسرية؟ صحافي مرافق للفريق ضاق ذرعا بالاتصالات الهاتفية التي كان يجريها رياض حجاب مع مرجعياته. سأل "هل انتم قطيع من الخراف هنا؟". وقال الصحافي ان حجم حجاب كان يتقلص، وهو يتكلم هاتفيا، ليغدو بحجم خروف فعلا او حتى بحجم ارنب...
نُقل الينا كم كان العسكريون يسخرون من المدنيين. لو كانت بايديهم مفاتيح السجن، او مفاتيح المقبرة، في جنيف لقاموا بانقلاب عسكري ضدهم. ذات يوم في دمشق مع باتريك سيل، وقد راح يستذكر مسلسل الانقلابات العسكرية في سوريا ابان الخمسينات والستينات من القرن الفائت، قال لنا "كما لو ان الانقلابات العسكرية هنا حاجة، او لوثة، بيولوجية".
وعلينا ان نتصور ماذا كان حصل في سوريا لو ان ذاك الطراز من الضباط وصل الى السلطة. قال سيل ضاحكا "من كان حسني الزعيم او اديب الشيشكلي يحسب نفسه حين ينظر في المرآة؟". ماك آرثر، او دوكليرك، او باتون، او مونتغري؟
اضاف ضاحكا "مدفع الدبابة، مثل انف الجنرال، ينبغي ان يكون موجها الى القصر الجمهوري".
هؤلاء الذين ذهبوا الى المفاوضات، اي ورقة كانت في ايديهم. مرة اخرى حتى ورقة التوت لم تكن في ايديهم. طرحوا شروطا قبل الجلوس الى المقاعد. لو كانوا هم الذين يتقدمون على الارض، هل كانوا ذهبوا، اساسا، الى المفاوضات...
لم يتركوا احدا الا وشتموه باستثناء الجهة التي زودتهم بالمال، وبالتعليمات. بالرغم من ذلك، صدمت تصرفاتهم صحافيا خليجيا شديد الحماس لـ "الثورة" في سوريا، وقال "ذهبوا الى هناك كما الطناجر الفارغة وعادوا من هناك كما الطناجر الفارغة". لم يسأل زميلنا من يقف وراء تلك الطناجر الفارغة...
حتى اميركا شتموها. ولعل جورج صبرا الذي كان اكثر ضياعا من غيره قد قرأ عن نظرية هنري كيسنجر حول التلازم بين الحقيبة والدبابة. النظرية التي طبقها الديبلوماسي الاميركي المخضرم ريتشارد هولبروك في البلقان. العراة ارادوا ان يقطفوا "ثمار النصر" حتى قبل ان يدخلوا الى ردهة المفاوضات...
وقيل ان فك الحصار عن نبّل والزهراء زعزعهم وزعزع مرجعيتهم. لنقل انها ثورة. اي ثورة تلك (من اجل الحرية والديمقراطية والعدالة) تحاصر بلدتين بالحديد وبالنار لان "المخلوقات البشرية" التي فيهما تنتمي الى طائفة محددة؟
متى كانت هذه قيم الاكثرية السنية في سوريا، الاكثرية النبيلة التي لطالما كانت رائدة العرب والعروبة، والنموذج الفذ في التعايش بين الطوائف؟ من كان يعرف طائفة الاخر، الصديق والزميل، في سوريا، قبل ان تندلع تلك "الثورة القذرة"، ودون ان يرفع احد الصوت، لا في المنطقة، ولا في العالم، في وجه ذلك النوع المعيب، والمفجع، من الحصار...
اي دولة يمكن ان يقيمها من يخطفون الاساقفة، ويفقأون عيون الكهنة، ويحرقون او يحاصرون قرى تنتمي الى مذهب اسلامي آخر، دون ان يعني هذا اننا لا نصرخ في وجه اي محاولة من النظام للترويع او للتجويع، حتى لو اتخذ شذاذ الآفاق من المدنيين دروعا بشرية. لكنها الحرب، ومتى لم تكن الحرب قذرة، ولا انسانية، وعمياء، من زمان ماتت الثورة ومات الثوار...
نحن امام معارضة استماتت مرجعيتها لتمثيل "جيش الاسلام" و"احرار الشام" في الفريق المفاوض فقط ليقال ان للفريق موطىء قدم على الارض، ودون ان يبقى سرا ان هناك جهات عربية واقليمية حاولت تهريب بعض من قيادات "النصرة" الى المفاوضات. هذه المحاولة لم تتوقف بعدما بدا من الايقاع الميداني ان الفريق اياه سيذهب الى جنيف في 25 شباط على شاكلة دواليب الهواء...
كما فعلوا في جنيف-2، وكان رهانهم هائلا على لعبة الدم، فعلوا في جنيف-3، وهم يتقهقرون على كل الجبهات، ليبدو، بعد حين، الا مكان لهم لا في جنيف ولا في دمشق.
اذا كان اهل النظام يريدون حلا. هناك قامات شاهقة في سوريا. ممَ يشكو هيثم مناع وحسن عبد العظيم، وغيرهما وغيرهما ليكونوا شركاء في الرؤية قبل ان يكونوا شركاء في السلطة؟
اما اولئك الذين ذهبوا الى جنيف فلندعهم يسخرون من بعضهم البعض "انهم يقاتلون على ظهور الحمير"!.

PUKmedia/ نبيه البرجي

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket