حضارة الحُبْ

المهجر‌‌‌‌ 09:41 AM - 2016-01-26
حضارة الحُبْ

حضارة الحُبْ

تركنا بساتين الأطياب دون وداع
لنبحث عن أوطان تيه ندى المنافي
بقيت تئنُّ ناياتنا ونواقيسنا اليتيمة
فوق لهب الله وتحت رايات الضّباع
لم يُسْمَعْ صُراخنا من كثرة الآلام
أُجّلَتْ كل اللقاءات حتى يحين موعد الدّمعات
سنروي كل قصص أبطال الحروب الخاسرة
لشهرزاد وكهرمانة وعروس نينوى وعشتار
لحماقة الخريف وعبدة قمصان الظلام
لسادة الفتن الذين تخفّوا بالعباءات
ونحروا البراءة وجزّوا الرؤوس وآغتالوا الحياة
لأجيال البنفسج وآهات الصمت القادم
من خاصرة المنابر وملامح الطُّغاة
سنطلبُ من الشمس أن تدفن توابيت الساسة
وكل الأوغاد وسُرّاق الهويات القديمة والجديدة
من الذين عصروا الأوجاع وذبحوا الأفراح
وصلبوا العذارى وقيّدوا الجنون وخنقوا الأمل
في بُحيرات الفجائع وشهوات الهزائم
سنبحث عن الحقيقة ونجمع جماجم الورود
نُشيّد حضارة الحُب ونجمع الحمام واليمام
نُعطّر تُراب آشور ودموع أكد وزيتون آرام
نبني وطناً لكل عشّاق أطياف الغسق
نسن شرائع السلام ونُعيد أنغام الناي
ونتجول في رحاب أُوروك والجنائن المعلّقة
لنجمع أشلاء القلائد والأيقونات والألحان
كي تعود النوارس المهاجرة والعصافير الذبيحة
لتتعطّر بالكافور والحندقوق والحنّاء والنعناع
وتُلملم الجمال على أكتاف دجلة وأحضان الفرات
.............
سأقتحمُ فوضى العالم بحطام ياسميني...!!
بزُرقة سمائي أُرنّمُ مع الجوع والعطش
أُكلّمُ آلام الشمس بضجيج صمتي
بصفصاف دمعي أُخيط ثوباً للمدى
بخيوط عيني أفرش طريق الملكوت
أتنزّه بحدائق أشواك المريمات
أُعيدُ للحُبّ زهوه وللأُقحوان رحيقه
بفراديس البياض ونقاوة الثلج
أمتطي السماء بحكمتي البيضاء
أدخل الى مُدن الله دون جواز سفر
أعبر الغموض وأصل الى قارتي الثامنة
أختصر الكون وأجتاز كل المظالم
أُشارك بأقماري الخجولة وليمة الفقراء
أُعزّي نواقيس الصباح التي ترنُّ في الضباب
بقداستي المجانية وأبجدية دمي الصافية
التي تستريح على ضفاف النجوم
سأزحف بظلّي باحثا عن أنهار الرماد
والأعاصير التي عصفت بسُحبي
وعلّقتني كالأُرجوحة بين الشمس والقمر
سأخترق البرق من غير أن أهاب الرّدى
معي فراشاتي الصغيرة وضياعي الجميل

إشتياق...!
مَنْ يُعيد ترتيبنا الأول في سماوات الحنين
ويُغيّر صحارى أحزاننا بعطر الناردين
بعد أن احتفتْ بنا عواصف الهروب
ودحرجتنا الرياح على الشاطيء كالغيم
بهبوطنا الأخير على أهداب المطر..؟!
لقد ذٌبح الفجر الذي كان يُنير لنا الطريق
وشُلَّتْ ضحكتنا الخضراء وقُطع حبل الوريد
عرّفتنا المنابر على آخر خيبات الجوع
وقادتنا الى المقابر كي نتقاسم وداعة الطين
لم يبق لدينا غير أحلامنا المُتعفّنة فوق النبيذ
لازالت الثعالب تُلاحقنا وتخنُقنا الطواغيت
تبّاً للذين تركونا تحت قبضة الخراب
نواجه مصيرنا المجهول بذاكرةٍ مشلولة
ونتنفّس هواء الخيبات والفجائع والمستنقعات
تبّاً للذين حرقوا البيادر وقتلوا الزنبق والنسرين
وأمطروا الأرض غدراً وظلاماً وحقداً وأنين
هكذا يمضي بنا الوقت ويقتلنا الخريف
مازلنا صرعى نبحث عن تقاويم الجذور
ونحلم بتراتيل الأٌمهات وبقايا ذكريات الجدود
مُقمّطين بأوراق الشجر وسنابل الحب الأول
نحلم بإعادة إعمار قداديس الربيع
وعناق النجوم وتقبيل مساحيق التجميل
مازلنا نبحث عن قبلات الأمل وزقزقات العصافير

PUKmedia/ وعدالله إيليا/ باريس

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket