الخلافات العائلية والعـوز المادي .. يُجبران النساء على الانتحار !

تقاریر‌‌ 03:49 PM - 2015-10-05
الخلافات العائلية والعـوز المادي .. يُجبران النساء على الانتحار !

الخلافات العائلية والعـوز المادي .. يُجبران النساء على الانتحار !

قلق ومخاوف يعيشها البعض من الكوادر العاملة في صالات الطوارىء لمعظم المستشفيات الحكومية نتيجة الزيادة الملحوظة بمعدل حالات الانتحار عند النساء، إذ أخذ البعض منهن يتفنن في اختيار الادوية التي تحدث تفاعلات كيميائية داخل الجسم نتيجة دخول مادة ثالثة تسبب حدوث مشاكل لا يمكن السيطرة عليها خلال ساعات فيما يعـد شِرب النفط أو حرق النفس أحد المحاولات الشائعة بالانتحار! أحد الكوادر التمريضية العاملة يصف المشكلة ليست بمحاولة الانتحار وانما ان نقول لمرافقي المصابة بانها (محاولة انتحار) ويتطلب اتخاذ الاجراءت القانونية وإحالة الموضوع الى الطب العدلي فتلك مصيبة اكبر، والاكبر منها ان تم انقاذ المرأة التي حاولت الانتحار.
 
التستر وجرعة أكبر
مرتضى مجيد أحد العاملين في مجال العلوم الكيميائية يوضح في حديثه لـ(المدى) أن هناك انواعاً من الادوية تستخدم لغرض الانتحار عند النساء التي تحدث مشاكل وتفاعلات كيميائية، مبينا: انها تأخذ وقتنا واجراء فحوصات لغرض اعطاء العلاج اللازم، مضيفا: نعلم انها محاولة انتحار بسبب هموم ومشاكل نتيجة الوضع العام وخصوصاً المادي بسبب مشاكل عائلية، لافتاً: من خلال إشرافي على العديد من تلك الحالات في مستشفى الشيخ زايد كانت المشكلة تتعلق بأهل المصابة، فهم لا يريدون ان يعلم احد بالموضوع ويدعون أنها مريضة وقد تناولت العلاج المخصص لها ونتيجة الألم المستمر أخذت جرعة أدوية اكثر من المقرر.
مسترسلاً: هناك حالة أخرى ورود العديد من الاصابات بحروق وعند الاستفسار يقولون (إن الطبّاخ هو السبب) أو بسبب انفجار قنينة الغاز، لكن الكادر يعلم انها محاولة انتحار، منوهاً أن هناك زيادة ملحوظة هذه حالات انتحار، لكن بسب التقاليد الاجتماعية لا يمكن الكشف عن الأسباب وتذهب ارواح البعض منهن كضحية لسبب لا يعلم به إلا العائلة نفسها.
 
المسدس الشخصي والموبايل!
الدكتورة رفضت الكشف عن أسمها بيـّنت انه في ثاني ايام العيد حضرت الى صالة الطوارى في مستشفى الامام علي في مدينة الصدر إحدى المصابات بطلق ناري عن قرب وتحديداً في منطقة البطن وعند قيامنا باتخاذ التدابير الخاصة بتهيئة الصالة للعمليات، لاحظنا ان هناك كتماناً ومخاوفَ من المرافقين ومن الزوج نفسه، مضيفة: عند طلب احد المفوضين تسجيل الحادث كونه يتطلب اتخاذ إجراء قانوني رفض جميع المرافقين وبلغة التهديد العشائري!
كما اوضحت الدكتورة: بعد اجراء التداخل الجراحي واستقرار حالة المصابة التي كشفت السبب، إذ تبين ان زوجها يرتبط بعلاقات عـدة مع نساء حيث اكتشفت ذلك من خلال الاطلاع على هاتفه النقال، موضحة: انها استخدمت مسدسه الشخصي في المحاولة.
 
الظاهرة بتزايد مستمر
مدير مستشفى الشيخ زايد للطوارى الاختصاص د.محمد حميد يقول في حديثه لـ(المدى) إن معدل محاولات الانتحار التي تردنا الى المستشفى محدودة جداً، مبيناً:لا يمكننا أن نقرر أنها حالة انتحار، فالامر من اختصاص الطبابة العدلية، مؤكداً وجود اعراض تشير الى محاولة الانتحار وان المصابة استخدمت مادة كيميائية لغرض حصول مشاكل صحية تؤدي الى الوفاة في حال تركها من دون إسعاف، منوهاً: ان هناك زيادة ملحوظة في حالات انتحار التي تصل الى المستشفيات الحكومية البعض منهن قد توفين.
ودعا مدير مستشفى الشيخ زايد الى ضرورة الحد من هذه الظاهرة وبحث أسبابها الحقيقية واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة والرادعة بحق كل من تعرض نفسها للخطر ومتابعة تلك الحالات بشكل قانوني واجتماعي.
 
بكاء أطفالي وأنا أحترق
بمرارة وتتألم كثيراً عندما تتحدث عن همومها، ابتهال إحدى الراقدات في مستشفى الكندي عندما فكرت بالانتحار باستخدام النفط وحرق نفسها إذ تروي قصتها لـ(المدى): فكّـرت بالانتحار بعد ان تفاقمت مشاكلها داخل البيت مع زوجها الذي عاشت قصة حب طويلة معه انتهت بالزواج وانجاب طفلين ، مضيفة: رضيت بالحلوة والمرة في بيت بسيط ومن دون طلبات كثيرة، لكن معاملة زوجي اختلفت بشكل كبير اذ باتت لغة الضرب منهاجا يوميا وبسبب الوضع المادي لأهلي طلبوا مني ان أتحمّل، مشددة: لكن الضرب وصل الى التفكير بالانتقام والخلاص من هذا العذاب، لهذه الاسباب وبساعة انهيار سكبت النفط على ملابسي لكن ألم الحروق لم يكن مؤجعاً بقدر مسك أطفالي بقدمي أثناء الحرق وبكاؤهم على وضعي!
 
مراكز العلاج النفسي
الباحث الاجتماعي عمر هادي حسن ذكر لـ(المدى) أن الشخص الذي يحاول الانتحار في الغالب يشكو من حالة مرضية مثل الهستيرية توصله لاكتئاب شديد يبدأ بالمرض النفسي بالذهان أي الجنون ومن ثم الموت. مبيناً: ان دراسات بحثية قد جرت على العديد من الحالات من قبل الجهات المختصة لمعرفة الأسباب ومعالجة الدوافع التي تحدث وقد حصلت زيادة في هذا المجال وبالظروف الصعبة التي يعيشها العديد من العوائل نلاحظ ان فكرة الانتحار لن تكون عند النساء فقط وانما عند الشباب والاطفال بعمر الأحداث.
داعياً الى حملة توعية تشارك فيها كل الجهات المعنية لبيان خطورة الأمراض النفسية وطرح أهمية الوقاية منها مبكرا وإيجاد مراكز للعلاج النفسي والعنف الأسري من اجل تفادي الكثير من هذه الاشكالات والمشاكل التي باتت تنتشر في المجمتع.
 
غياب الاحصائيات الرسمية
الاختصاصي الاجتماعي رياض عبدالكريم أوضح في حديثه لـ(المدى) لا تتوفر إحصائيات دقيقة عن عدد حالات الانتحار بسبب الضغوطات الاجتماعية واغلاق العديد من القضايا من قبل المحاكم المختصة اثناء مرحلة التحقيق الابتدائي، منوهاً: ان البسبب في ذلك عدم وجود مدع ٍبالحق الشخصي خصوصاً النساء والمتزوجات إذ يعتبر هذا الموضوع عاراً على العائلة.
واضاف عبدالكريم: ربما تستخدم طريقة الضغط على الاب والام في حال المطالبة بالحق الشخصي في ظل غياب البرامج الحكومية الكفيلة في الكشف عن أسبابها ووضع الدراسات موضحا: أن هذه الاسباب وراء عدم وجود احصائيات دقيقة او مُعلنة في العراق عن حالات الانتحار نظراً للظروف التي يعيشها البلد.
 
ذي قــار تتصدر
إلا أن محافظة ذي قار قد اعلنت في وقت سابق عن احصائية لحالات الانتحار في المحافظة وذكرت الدائرة الاعلامية التابعة لقيادة الشرطة بأن في سنة 2012 كانت حالات الانتحار 34 حالة بينها 12 حالة للنساء ، وفي سنة 2013 بلغت حالات الانتحار 37 حالة بينها 14 حالة للنساء ، فيما وصلت حالات الانتحار خلال العام الماضي 2014 الى 18 حالة انتحار نصفها من النساء.
الى ذلك أعلنت قيادة شرطة محافظة ذي قار الاسبوع الماضي، أن شابة انتحرت حرقاً، شمالي الناصرية، وقالت قيادة شرطة ذي قار في بيان تلقت (المدى) نسخة منه، إن شابة تبلغ من العمر (18 عاماً) أقدمت على الانتحار بحرق نفسها داخل منزلها في ناحية الغراف، مشيراً الى أن دوافع الانتحار تقف خلفها أسباب خاصة. مضيفا: أن الضحية توفيت بعد نقلها إلى مستشفى الحسين التعليمي وسط الناصرية.
وكان محافظ ذي قار يحيى محمد باقر الناصري في تموز المنصرم قد أعلن عن تشكيل لجان مشتركة تضم دائرة صحة ذي قار وقيادة الشرطة والدوائر المعنية الأخرى للوقوف على اسباب ارتفاع معدلات الانتحار ووضع الحلول للحد منها، وفيما عــدَّ تنامي معدلات الانتحار مؤشراً غير صحيح اجتماعياً، أعرب عن قلقه من تنامي معدلات الانتحار بين شريحة الشباب في المحافظة.
 
انفجار قنينة في تموز
رازقية فرج داخل مسؤولة شعبة التمريض في مستشفى تحدثت لـ(المدى) قائلة إن حالات الانتحار عند النساء كثيرة وعديدة وكنت شاهدة على العديد من الحالات منها الحرق وشرب النفط وتناول كميات كبيرة من بعض الادوية مستدركة: حدودنا في العمل محددة ولا يمكن ان نتدخل في تفاصيل القضية بسبب التخوف من مضاعفات الحالة الطبية، والتخوف من الفصل العشائري، ذاكرة: حضرت لنا قبل ايام احدى الحالات وهي امرأة محترقة وبعد السؤال قالوا اهل المصابة قنينة غاز في الحمام انفجرت وهذا الحديث في شهر تموز الماضي واثناء موجة الحر الشديد؟ وبعد ان أجرينا الاسعافات اللازمة وكون الحروق من الدرجة الاولى فارقت الحياة الى هنا ينتهي دورنا في الأمر.
 
الأمراض النفسية والانتحار

د. محمد الربيعي اختصاص امراض نفسية يوضح لـ(المدى) ان هناك دورا كبيرا للطبيب النفساني لتفهم الحالة المرضية، وتحديد مختلف مراحل تطورها ومسبباتها النفسية، مبينا: إن الاحتكاك الإنساني الذي يحققه الطبيب مع الشخص الذي حاول الانتحار يمثل بداية مهمة وضرورية تستجيب لمطلب الشخص المستغيث، وطريقة لتفادي تكرار محاولة الانتحار مجدداً. مضيفا: تلي ذلك المعالجة المتواصلة النفسانية والكيميائية التي تمكّن الشخص من استرجاع الثقة بنفسه وقدرته على الاندماج في المجتمع من جديد.
واضاف الربيعي: قد تكون محاولة الانتحار ظاهرة معزولة عند شخص سليم جسديا وعقليا أو حالة مرضية عند شخص مختل عقليا، منوهاً: ان أكثر حالات الانتحار تخص الأشخاص المختلين عقليا (الانهيار العصبي، الحزن، العصاب، الخوف والهستيريا الخ...) مؤكدا: إن المصاب بالانهيار العصبي غالبا ما تكون فكرة الانتحار عنده حاضرة، بسبب شعوره المتزايد بالإثــم والإهانة.
 
أحد مسببات الوفيات الرئيسة
يحتفل العالم في (10) ايلول من كل عام باليوم العالمي لمكافحة الانتحار تحت شعار لغرض تعزيز العمل في شتى أرجاء العالم من أجل منع حالات الانتحار. وتشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلى تسجيل أكثر من 800 ألف حالة انتحار سنويا، وأمام هذا العدد الضخم كان لا بد من إجراء العديد من الدراسات والأبحاث حول هذه الظاهرة الخطيرة.
ففي كل 40 ثانية هناك شخص ينتحر في مكان ما من هذا العالم، وفي كل عام هنالك مئات الآلاف من الأشخاص يموتون منتحرين في العالم، وفي كل عام يموت 873 ألف إنسان بعمليات انتحار مختلفة، وبلغت معدلات انتحار الأطفال إلى 16 طفلا لكل 100 ألف طفل.
وأظهرت التقارير أنه في السنوات الـ 45 الماضية ارتفعت معدلات الانتحار بنسبة 60% في جميع أنحاء العالم، ويعتبر الانتحار على الصعيد العالمي أحد مسببات الوفيات الرئيسة الثلاث لدى الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و44 عاما، والسبب الرئيس الثاني للوفاة بين الذين تتراوح أعمارهم بين 10-24 سنة.

PUKmedia عن جريدة المدى

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket