خواطر في عيد الصحافة الكردية

الاراء 09:56 AM - 2015-04-28
رجائي فايد

رجائي فايد

كلما حلت ذكرى عيد الصحافة الكردية في 22 إبريل من كل عام، ينتابني شعوران متناقضان، شعور بالفخر، وشعور بالحسرة، الأول فخر بما كانت عليه بلادي، فالأمير مقداد مدحت بدرخان لم يجد في المعمورة على إتساعها مكاناّ يصدر من خلاله صحيفة كردستان سوى مصر ومن عاصمتها القاهرة، وهذا معناه أن الثقافة المصرية كانت حينئذ ثقافة إنسانية منفتحة، تقبل بالآخر وترحب به بل وتحتضنه وتمكنه من عرض همومه من خلال صحيفة تنطق بإسم وطنه بل وحاملة لإسم هذا الوطن (كردستان)، ولم يكن هناك رضوخ لأي تحفظات من أي طرف داخلي أو إقليمي أو خارجي، وأقارن ذلك بما تعرضت له اللجنة التحضيرية للمؤتمر الأول والأخير (حتى الآن) لمؤتمر الحوار العربي الكردي بالقاهرة عام 1998، كانت الضغوط الداخلية والخارجية تتوالى على اللجنة والتي تشرفت بعضويتها، من أجل منع انعقاد هذا المؤتمر، وبالفعل أثمرت تلك الضغوط على إنعقاده في ظل تعتيم إعلامي، وكأنه كان عورة على نيل مصر مطلوب إخفاؤها!!، وكانت حسرتي حينئذ على ذلك، أما حسرتي بالنسبة لمهنة الصحافة وما كانت عليه وما صارت إليه، فهي الأشد، فالمفروض في هذه المهنة وهي مهنة إعلامية، أن تسعى إلى الحقيقة وإعلام الناس بها، لكن الحادث أن هذه المهنة وبكل أسف وفي نسبة كبيرة منها (وحتى لا أعمم) هي مهنة مضللة، لاتقول الحقيقة بل تسعى إما إلى تجميل من تنتمي إليه (حكومة أو حزب أو رجال أعمال)، أو تقلب الحقائق بشأنهم خدمتهم وطعناّ وتجريحاّ في الأطراف الأخرى، يقولون أن الصحافة مستقلة، وتلك أكذوبة كبرى، فالحكومية منها أو الحزبية أو المملوكة لرجال الأعمال، كل منها تنطق بلسان حال من تنتمي إليه، وتضيع الحقيقة، منذ سنوات دخلت في حوار مع شخصية صحفية كبرى كان صاحبها يرأس أكبر مؤسسة صحفية في مصر والشرق الأوسط (مؤسسة الأهرام)، وقلت في حواري أن من يتابع الصحافة المصرية سيتصور أننا أمام دولتين لادولة واحدة، الأولى تتحدث عن مصر على أنها الحرية والديموقراطية والعز والرخاء والتنمية، والثانية لاترى في مصر سوى أطفال الشوارع وساكني القبور والعشوائيات والبطالة وكافة الأمراض الإجتماعية الأخرى، إن هذا الوضع جعل الناس ينصرفون عن الصحف والتي انخفضت أرقام توزيعها وتردت أحوالها، فبعد أن كانت الصحف تنشر كل عام شهادات موثقة بأرقام توزيعها والتي كانت تتعدى المليون نسخة يومياّ، في وقت كان تعداد الشعب المصري لايتجاوز الثلاثين مليوناّ، وصل الحال بتوزيع نفس الصحف إلى رقم لايصل إلى الثلثمائة ألف نسخة يومياّ، في حين أن تعداد الشعب المصري تجاوز التسعين مليون نسمة، وهذا مؤشر على أن الشعب المصري فقد مصداقيته للصحافة وبالتالي أعطاها ظهره، إنني أتذكر أيام طفولتي وصباي في القرية عندما كانت الصحيفة التي تصل للقرية مع راجع من المدينة، تمر على بيوت القرية بيتاّ بيتاّ، لتلتهم صفحاتها كل من يجيد القراءة والكتابة، كما كان من المناظر المألوفة، أن تجد مجموعة تتحلق حول قارىء صحيفة يقرأ لهم سطورها، في خاتمة حواري مع الصحفي الكبير، تمنيت صحافة متوازنة موضوعية صادقة، حتى تكتسب ثقة القارىء التي إفتقدتها، وأعتذر للقارىء الكريم لأنني بدلاّ من تقديم التهاني بعيد الصحافة الكردية حملته بتلك الهموم، وعلى كل حال عيد سعيد وكل عام وأنتم بألف خير.

 

رجائي فايد

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket