الاعتداء على الإعلاميين .. اعتداء على العراق

الاراء 09:53 AM - 2015-03-02
فوزي الأتروشي

فوزي الأتروشي

لن نجافي الحقيقة إن قلنا لقد طفح الكيل وبلغ السيل الزبى وما عاد للصبر فرصة على وقع ما ترتكب من أفعال قبيحة وجرائم بحق أفراد الأسرة الإعلامية في العراق. الى حد أن العراق أصبح البلد الأسوأ في العالم لجهة أمن وحصانة وحماية رجال ونساء الصحافة والإعلام فقد بلغ عدد الضحايا منذ عام 2003 لغاية الان (360) إعلامياً. 

أن هذا الواقع المؤلم أصبح يفترس بانتظام كل هامش الحرية المتوفر نظرياً للإعلاميين في الدستور العراقي فالنصوص الجميلة تصبح سراباً ووهماً وخداعاً حين لا تقترن بالتطبيق العملي على الأرض .

ولا يرضينا في هذا السياق اعلان هذا المسؤول أو ذاك عن تشكيل لجنة تحقيقية نتائجها معروفة سلفاً، أو تقديم اعتذار سطحي أو ادعاء فهم رسالة الإعلام وقيامه بتصنيف العمل الإعلامي بشكل كيفي وانتقائي الى عمل بناء واخر هدام. أن كل هذه الشعارات المنمقة تغدو صفراً الى الشمال في تقارير المنظمات الحكومية وأوساط الرأي العام العالمي، حين ترى أن حمايات وزير (حقوق الانسان) تعتدي على وسائل الإعلام ! وحين ترى عبر الصوت والصورة عدد الإعلاميين الراقدين في المستشفيات نتيجة الضرب واللكمات والاهانات التي لحقتهم في المؤتمر المنعقد مؤخراً في المنطقة الخضراء.

وبغض النظر عن أي تحفظ على قانون حماية الصحفيين الذي كنا باسم وزارة الثقافة مشاركين في الاجتماعات التحضيرية له في مبنى البرلمان، وأيضاً بصرف النظر عن وجود أي قانون وطني في هذا المضمار، فأن هذا لا يعني ترك الحبل على الغارب، فحقوق الصحفي وحقه في التعبير والوصول الآمن الى المعلومة وحمايته جسدياً وفكرياً هو من الحقوق المنصوص عليها في المواثيق الدولية التي أصبحت في كل الدول المتقدمة جزءاً من القانون الوطني .

أنه أمر مؤلم جداً أن نجتمع تارة لتكريم الصحفيين والمراسلين الحربيين الذين يدفعون حياتهم ثمناً لنقل الحقيقة من خطوط النار وفي ميادين المعارك مع (داعش) الارهابي الذي يعتبر كاميرا الصحفي الوطني من ألد أعدائه. نقول أنه مؤلم فعلاً أن يقترن فعل التكريم الجميل الذي أقدمنا عليه بفعل قبيح مناهض له كلياً وهو توجيه الاهانة لحامل رسالة الحقيقة والتنوير. 

أننا في وزارة الثقافة لا يمكننا إلا الوقوف الى جانب المثقف والإعلامي والكاتب والصحفي الذي يفضح الارهاب ويشن عليه حملة فكرية لا تقل عن حملة الجيش الباسل عليه عسكرياً، ولا يمكن أن نقبل بقتل وجرح وانتهاك حرية حامل لواء الكلمة.

ندعو كل المسؤولين في كل المستويات لاستيعاب حقيقة بسيطة جداً هي أن عملهم مهما بلغ شأنه يبقى عالقاً في منتصف الطريق حين لا يتوفر له رجال ونساء لالقاء الضوء عليه وبيان مواطن القوة والضعف فيه وشرح مغزاه وفائدته للشعب، أما إذا شعر المسؤول بأنه في غنى عن الإعلام، فأن هذا الشعور زائف وعمله في النهاية زائف بعيد عن الأعين الساهرة، ونقولها جهاراً ونهاراً أن الأعتداء على الإعلامي أعتداء على العراق وعلى أهم أصول الديمقراطية . 

 

فوزي الأتروشي/ وكيل وزارة الثقافة

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket