عن تحرير الموصل وغيرها

الاراء 09:51 AM - 2015-03-02
عن تحرير الموصل وغيرها

عن تحرير الموصل وغيرها

يشكل صراع القوى التي تقاتل عناصر تنظيم داعش أحد أهم التحديات في مشروع تحرير مدينة الموصل وصلاح الدين والانبار ولعل عملية التحرير تتطلب وجود صفقة بين القوى المتصارعة داخل العراق وقوى اقليمية ودولية لديها نفوذ داخل الدولة، والاستعداد لتحمل ومعالجة خسائر كبيرة قد تحدث في المستقبل خصوصا أن كل عمليات تحرير المدن وخلال عقود ماضية كانت مكلفة على مستوى الارواح والممتلكات واثارها الاقتصادية كبيرة .

في محاولة لتفحص حالة القوى " الكبيرة " في مواجهة تنظيم داعش نجد أن هذه القوات الكبيرة والمتعددة والمنتشرة على مساحات واسعة من الارض تحاصر داعش لكنها في نفس الوقت تعاني التفكك وغياب التخطيط والتنسيق الاستراتيجي من أجل مواجهة شاملة، لذا فان لحظة تحرير الموصل التي تتحدث عنها الحكومة العراقية والولايات المتحدة غير ناضجة الآن لكون الكثير من القوى التي تواجه تنظيم داعش ماتزال تتحرك في اطار من الفئوية والطائفية والمصالح الاقليمية لدول في المنطقة وحتى العالم بينما تغيب استراتيجية وطنية لتحقيق مواجهة شاملة مع التنظيم الارهابي وتنظيمات مسلحة اخرى تمارس الجريمة المنظمة في الدولة .

تحقيق نصر على الجماعات الارهابية يتطلب مراجعة جادة وحقيقية لحالة الدولة ومآل الامور فيها بعد أكثر من عقد على التغيير ما الذي تحقق ؟ واين تتجه الدولة ولماذا تفشل جميع المشاريع ؟ وما دور المؤسسات في التردي الكبير؟ حتى الان الجهود في مواجهة التنظيم الارهابي على الارض مشتتة وهناك حذر واضح وقلق وخشية في صفوف القوات التي تواجه داعش بل هناك صراع على مساحات سوف تتمكن هذه القوات من تحريرها وهي ستتحول الى مساحات نفوذ وحتما تحدث فيها انتهاكات، لذا فان التنظيم الارهابي مستفيد حتى الآن من التمزق الداخلي بل ربما يستثمر هذا التمزق في تحقيق مكاسب .

خلال الايام الماضية كانت هناك مؤشرات جيدة وفك الحصار عن الاهالي في ناحية البغدادي لا يُعد تقدما أمنيا لان عناصر الدولة الاسلامية لم تتمكن من اختراق المدينة بشكل كامل والسيطرة عليها والحديث عن نصر أمر يتطلب تدقيق وفحص هل كانت البغدادي بيد داعش ؟ التحدي الاخر الذي يرتبط بعملية تحرير الموصل اقتصادي كيف ستتمكن الدولة والقوى الساندة لها في حال شنت هجوما واسعا على عناصر التنظيم في الموصل وغيرها من المدن من اعادة اعمار البنية التحتية التي تضررت بفعل الاعمال التخريبية وتعويض المتضررين وايجاد معالجات لضحايا الحرب وللكثير من العوائل التي فقدت معيلها في اطار انخفاض اسعار النفط وغياب الاحتياطيات النقدية للدولة .

مسألة أخيرة في اطار مواجهة عناصر تنظيم الدولة الاسلامية، هل نحن بحاجة الى قوات اميركية على الارض من اجل المساعدة في مواجهة التنظيمات الارهابية ؟ البعض يرفض وجود اية قوات وهناك قوى اخرى مرحبة وثالثة تقبل بأحد الخيارين، البعض متأكد تماما من أن العراق ليس بحاجة الى قوات اميركية على الارض من اجل المساعدة و لا أعرف مصدر الثقة الذي تتحدث به قوى عن قدراتها العسكرية وقدرات الدولة في وقت يسيطر الارهاب على مدن وتعبث الجماعات المسلحة في البلاد علانية، في الوقت نفسه تحاول قوى اخرى الايحاء بان عملية التحرير مستحيلة من دون وجود قوات اميركية،بين الرؤيتين يغيب تصور واضح عن الحاجة الفعلية للدولة وتغيب الكثير من مساحات التنسيق التي يمكن الاستفادة منها، الانقسام العرقي والطائفي خلال السنوات الماضية كانت نتائجه كارثية على الوضع انتجت الكثير من الجماعات الجهادية والمسلحة لم تسمح في الوقت نفسه بعملية بناء الدولة بل دفعت الى خرابها وتشرذمها .

عملية تحرير الموصل سوف ترسم حدود جديدة بين المحافظات داخل الدولة وربما ينتج عنها صراع جديد بين الجماعات المقاتلة لتنظيم الدولة الاسلامية والتي يمكن لها أن تتقاتل فيما بينها في حال تحقيق نصر في الموصل وغيرها من المدن،فرضية الحرب والمواجهات بعد داعش حاضرة بحضور السلاح الثقيل الذي تملكه القوات التي تقاتل على الارض، والخلاص من الارهاب يتطلب نزع سلاح هذه القوات حتى وان كان لها دور في  تحقيق الامن و كل القوى التي تحمل السلاح خارج اطار الدولة وانهاء كافة المظاهر العسكرية التي كلفت وحملت العراق الكثير لأكثر من ثلاثة عقود ماضية . 

 

أزمر أحمد محمد / عن الاتحاد البغدادية

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket