مرة أخرى ثقافة النخب وأهميتها

الاراء 11:00 AM - 2014-12-21
مرة أخرى ثقافة النخب وأهميتها

مرة أخرى ثقافة النخب وأهميتها

اننا نعيش في بلد لا يمكن ان نستثني عائلة او فرد ونعتبرهم بعيدا عن السياسة وما تتطلبه، لم تبدأ افراد المجتمع الولوج في السياسة اليوم، ولكن نسبتهم تزداد وتقل وفق الظروف العامة التي يمر بها الشعب في كل مرحلة . ولكن توجهات ومواقف النخبة تختلف وفق مصالحها، ربما تتقاطع مع عامة الشعب او توافقها، ولكنها مؤثرة على تحركات وافكار واعتقادات الشعب بشكل كبيرسواء سلبا كانت ام ايجابا . ربما من ناحية الحقوق المدنية والديمقراطية والحرية وهي تخص الشعب يمكن ان يتواصلا ويتعاونا ويترافقا في اداء الواجبات الا ان المصالح الذاتية عند النخبة قد تتقاطع مع مصالح الشعب بشكل عام، وعليه يحدث انفصال بينهما ويُراد عندئذ التضحية من النخبة  من اجل اهداف العموم، الا اننا لم نلتق بهم الا باعداد زهيدة جدا في هذا المنحى او الصفات . 

الخطاب الذي يبرز جراء مخاض وتحركات مجموعة من النخبة ربما يتوافق مع ما يهم عموم الشعب او لا، ولكن الخطاب المنبثق من مخاض الحركة العامة لمجموع الشعب وتتبناه النخبة هو الذي يكون مسيطرا وناجحا، لكونه نابعا من المصالح العامة وليس فئة معينة من المثقفين او من مجموعة من النخبة بشكل خاص . ولكن هذا لا يعني ان النخبة ليس لها الدور الكبير في انبثاق الخطاب العام الذي يهم الشعب، اي التفاعل بين الشعب والنخبة وما يتمخض منهما هو المراد في توجيه المسيرة من كافة جوانبها السياسية والثقافية والاجتماعية .

ان التغييرالطبيعي هو سمة الحياة ولابد منه ويفرض نفسه باستمرار، ولكن من يعرقله او يضع العراقيل امامه او يتخوف منه هو الفكر المحافظ مهما كان نوعه مثاليا ام ماديا، لاسباب كثيرة، ومنها تخوفا من المصير المجهول او الفوضى او حفاظا على الحال ان كانت لمصلحة الممانع . وعليه، تكون النخبة غير فعالة وربما تضيع بين المصالح ومتطلبات الشعب وبه تنخفض مستوى تاثيراته المهمة على الشعب وتحركاتهم . وعليه نجد في اكثر من الاحيان تفضل النخبة رجلا قويا عسكريا كان ام مدنيا على رجل مجهول وان كان المجهول اكثر ملاءمة للمرحلة المتغيرة التي اصبحوا فيها .

التغييرات الطبيعية التي تحدث في شؤون الشعب من كافة جوانبه، تحدث نتيجة تفاعل المؤثرات المتعددة الداخلية والخارجية مع بعضها ولن تبقى فرص البقاء على الحال لاطول فترة ممكنة بعد التغييرات، ويمكن ان نشبهها بانسلاخ الجلد لدى الثعابين بعد عملية النمو التي تحدث في كيانها وشكلها، بشكل لا يمكنها تحمل الضيق التي يمنعها من الحركة والاستدامة في حياتها . وهنا يمكن ان نقول ان الدور المناط طبيعيا بالنخبة يمكن ان يكون سلبيا اذا تدخل فيه امور خاصة او خلافات بينها وان لم تصل درجة نضوجها الى حد المطلوب المفيد لعموم الشعب .

العراق وما فيه، وتاريخه المتناقض وكل ما سار عليه، والمراحل المختلفة لحياة شعبه، بحيث نرى فترات يكون لراي النخبة ومواقفهم ونظرتهم الى الاحداث دورا مفصليا وهاما ولا يمكن تحاشيه بل هو ما يفرض التغييرات او يحفظ على الحال، وفي المقابل كانت هناك مراحل لم تكن للنخبة اية مواقف او نظرات او توجهات بل ساروا وراء القافلة نتيجة سيطرة مصالحهم الخاصة على فكرهم وتوجهاتهم العامة، واحيانا وقفوا ضد الموجة لانهم اعتبروها ضد مصالحهم الخاصة لانهم اصبحوا طبقة مغايرة جدا وبعيدة معيشة وطبيعة عن حياة الناس .

اليوم، ونحن وصلنا الى مرحلة فوضوية بكل معنى الكلمة لان ليس هناك رأي عام ولا وعي معتبر ولا ارضية متجسدة للديموقراطية التي تمنح الدور الرئيسي للعموم في التغييرات من جهة، ولا توجد نخب مستقلة بذاتها بحيث يكون لها دور فاصل وقاطع في حدث ما من جهة اخرى، بل النخب توزعت سياسيا وفكريا وعقيديا، او مشغولة في لقمة عيشها واستبعدت عن مهامها الرئيسية في تحسين امور الحياة والتطور المنشود في البلد. وعليه يمكن ان ننتظر مرحلة اخرى كي تتغربل النخبة عن السياسيين المصلحيين او النخبة الايديولوجية او العقائديين، ونراهم ان صح التعبير ان نسميهم بالنخبة المنهمكين بالدين والمذهب وحتى التخرفات اكثر من الهموم المشتركة لابناء الشعب ومصالحهم واهدافهم، والتسمية الصحيحة التي تليق بهم هي المروجون او المرشدون، وليس لهم اي اهتمام بالديموقراطية والفلسفات التي تدفع المجتمع ان تسير نحو الامام دائما .

لو قصرنا كلامنا واختزلناه كثيرا، يمكن ان نعود الى دائرة صغيرة كي تكون شعلة في اشعال النور امام المسيرة الطويلة، ان شارع المتنبي وكملجأ لنخب مختلفة يمكن ان تنبثق منه توجهات وتبدأ حركات، ولو تمخض اكثر فتولد من مخاضه ما يمكن ان ينتشر من نور ويجد له افاقا واسعا في انحاء البلاد في لحظات او في وقت قياسي كي لا نبالغ . رغم ان الحركة التي يشهدها شارع المتنبي غير منتظمة الا ان التنظيم يمكن ان يأتي من جراء نضوج الحركة وتهيئة الظروف المطلوبة لها وفي الوقت المناسب . وهناك طبعا اماكن كثيرة اخرى مشابهة لشارع المتنبي في جميع محافظات العراق واقليم كردستان ايضا، ولكنها تحتاج الى الاهتمام اكثر والتحرك الاقوى.

 

عماد علي /  الحوار المتمدن

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket