الموازنة والنزاهة والبرلمان وشركة جلود!

الاراء 01:45 PM - 2014-12-17
حسين فوزي

حسين فوزي

كل ما طرحته الرئاسات الثلاث يعتلج في صدور المواطنين جميعاً في ارجاء الوطن. والأصل في التحمس لطروحاتها انها خبرت معاناة المواطنين الحبلى بالكثير من الغضب، الذي تحاول القوى الظلامية توظيفه لصالح هجمتها الإرهابية، ومن حسن الحظ ان جرائم الظلاميين عامل مضاف لحماس العراقيين للتغيير والمطالبة بتنفيذ سريع للوعود لدحر المخاطر.

وبقدر ما بدت اجراءات كشف عمليات الفساد مبشرة، فان المواطنين، كذلك المسؤولين، يعرفون بأن “الفضائيين” بعض من فيض، وأن الدولة بحاجة لتفعيل اكبر لقوانين النزاهة، ليس فقط في منع “تداول” الهدايا حتى الدرجة الرابعة من الموظفين العموميين، بل ضرورة الوضوح في التعيينات، مع كامل الأحترام لحق المسؤول في اختيار من يعرفه عند تنافسه بالكفاءات نفسها مع من لا يعرفه.

ومع هذا تظل قضية هيكلة الموازنة العامة المرتقبة لعام 2015، وكيفية معالجة نفقات العام المنتهي، معياراً رئيساً لمنهج محاربة الفساد وبناء اقتصاد وطني انتاجي. ومن ابرز الضرورات “المهدئة” تقليص اكبر لـ”المنافع الخاصة” للدرجات الوظيفية العليا، التي تشكل ما يفوق رواتبهم. والحد من مخصصات الإيفادات وتعداد الموفدين من “الحاشية”. وقبل هذا كله ضرورة ألا تتم الإستجابة لأية دعوة ما لم تكن ضمن مواصفات محددة تحقق للعراق المزيد من الدعم المادي والعملي في محاربة الإرهاب ورعاية النازحين، أو تمكين الدولة من بناء مشاريع انتاجية.

وبغض النظر عن الزوبعة التي اثارها البعض بشأن زيارات رئيس مجلس النواب لبعض المحافظات الساخنة والمتنازع عليها، فان د. سليم الجبوري يبرهن عملياً على منهجية صارمة في ممارسة ضوابط الإيفادات، فاصر ألا يتمتع صديقه وأبن محافظته، بعد تعديل حدود ديالى، النائب عبد العزيز حسن حسين عن خانقين باية مخصصات إيفاد، والأكتفاء باعتبار توجهه إلى المانيا اجازة اعتيادية، برغم انه استطاع تحقيق دعم لنازحي العراق بقيمة تقارب 100 مليون دولار.

ولا أظن أن د. الجبوري بحاجة لمديح، لكن الأصل أن السلطة التشريعية لن تستطيع ممارسة دورها الرقابي والتحقيق في الفساد وكشفه ما لم تكن الهيئة البرلمانية نفسها خاضعة لأشد الضوابط صرامة. وفي هذا السياق ينبغي ان تسارع اللجان النيبابية المعنية بالتعاون مع الوزارات في مراجعة عاجلة لسبل إنقاذ ما يمكن انقاذه من ركام الشركات الإنتاجية العاطلة، وحماية الشركات المنتجة وتمكينها من استرجاع دورها الريادي. وقد يبدو “سخيفاً” الإشارة في تناول “استراتيجي” إلى شركة الجلود (باتا المؤممة)، التي واكبت مواصفات انتاج عالمية، لكن هجمة السلع المستوردة بلا رسوم حالت دون قدرتها على  المنافسة، حد ان موظفيها يعانون من انقطاع رواتبهم.

نعم عزيمة العراقيين تقاتل الإرهاب، لكن الجيوش تظل تسير على معدتها بالأخير، وفقاً لنابليون، وما لم نحرص على موارد مبررة لابنائنا الموظفين والعمال، ونقطع اي انفاق غير ضروري، وننفذ المشاريع الخدمية المؤجلة، فاننا قد ندحر الإرهاب لكننا داخلون في منزلق خطير.

 

حسين فوزي / الاتحاد البغدادية 

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket