شاعرة من عفرين: دمار وطني قضى على أحلامي الكثيرة

ادب و فن 01:03 PM - 2014-11-24
هدى ومحمد

هدى ومحمد

كلّ من تعرّف على هدى واكتشف الطاقات المخبئة في داخلها وإصرارها على ترك بصمة مميزة في الحياة، يتحسّس العنفوان الذي يحاول الخروج بإبداعٍ يملأ الحياة شعراً ورسماً 

هدى محمد، في العقد الثّالث من العمر شاعرة لها ديوان شعري منشور آخر ينتظر النشر، ورسّامة شاركت في العديد من معارض الرّسم، تعيش في قرية نائية في عفرين ( كوندي بيكة) ناحية بلبلة على الحدود مع شمالي كوردستان، تقول : مارافق الثورة من دمار قضى على أحلامها الكثيرة.

رغم أنّ هدى واجهت بإصرار مايعيقها عن متابعة دراستها في المدرسة الابتدائية، بسبب عدم قدرتها على المشي وعدم تعاون إدارة المدرسة معها، تقول هدى لـ PUKmedia، : لازلت أتذكّر هذا التّاريخ جيداً، لا زال ذلك الإحساس المؤلم يرافقني، لأنني كنت أرغب أنْ أكون كبقيّة أصدقائي، الذين يدرسون ويتابعون نشاطاتهم، كنت أتألّم لنظرة المحيطين بي..  نعم، هدى تركت المدرسة في الصّف الخامس، لكنّها لم تترك الدراسة، واظبت على القراءة والتعلّم إلى أنْ حصلت على شهادة التعليم الأساسي، من ثم أخذت تدرس منهاج المرحلة الإعدادية بمساعدة بعض الأصدقاء، لكنّ تقصيرها في بعض المواد العلمية والرياضية منعها من المتابعة، هكذا أخبرتنا هدى.

كنت اقرأ الجرائد والقرآن الكريم كثيراً والكثير من الروايات العربية والأجنبية، ودواوين أغلب الشعراء المشاهير، كما بدأت في مراحل متأخرة بالاهتمام باللّغة الكوردية وكتابة الشعر بلغتي الأم، وتكمل هدى قائلة: في البداية كنت أكتب لنفسي وأخجل من أنْ يقرأ أحد أشعاري، إحدى صديقاتي عندما قرأت أشعاري شجعتني كثيراً وأصرّت أنْ تخرج كتاباتي للنور وساعدتني في نشر بعض أشعاري (الرحيل-قلب يشكو من الصّمت –لماذا لاتأتي)، شاركت في بعض المناسبات والأمسيات الشعرية، حيث لاقت أشعاري إعجاباً جماهيرياً واسعاً. 

هدى أحبّت القلم الذي فجّر إبداعاتها شعراً ورسماً، حيث بدأت بكتابة الشّعر والنّثر ونشرتْ أشعارها في الصحف المحليّة في مدينة حلب، وتابعت مشوار القصيدة الحزينة، إلى أن طبعت ديوانها الأول، الذي ترك صدى واسعاً في الوسط الثقافي في حلب.

ترى هدى أنّ الحزن يولّد الإبداع، حسب مقولة نجيب محفوظ: "الحزن إمّا أنْ يولّد الإبداع أو الإجرام" وأنّ عمر الألم طويل أمّا عمر الفرح فهو قصير، تقول هدى: لا أشعر بقربي من الفرح كما أشعر بقربي من الألم، الحزن ولّد الإبداع لدي، جملة مؤلمة جدا كنا نسمعها أنا ومحمد، حين يسألون أمّي: هل عقولهم سليمة؟ كنت أصمّم حينها أنْ أريهم أنّ عقولنا سليمة اكثر من عقولهم التي لا تهتّم سوى بالحالة البيولوجية للإنسان من طعام وشراب، بينما نقضي أنا ومحمّد أوقاتنا في البحث والعلم والدراسة. 

تقول هدى: أحبّ التأمل والوحدة، لست اجتماعية بحياتي العادية، خاصة عندما أجد نظرة الشفقة في عيون الآخرين، عندما أرى من يقفون على رجلين لايملكون ضميراً أشعر أني أنْ أملك مالايملكون.

وسألناها هل لديك أمل أنْ تمشي؟

نعم، الكثير من الأطباء زرعوا الأمل في داخلي، بأنّه يمكن زراعة خلايا جذعية، لأنّني أعاني من ضمور في النخاع الشوكي، تواصلت كثيراً مع المنظمات الإنسانية العالمية، لكنّ جميع وعودهم ذهبت سدى، حتى الجمعيات المحلية لم تساعدنا، منذ أربع سنوات، أنتظر أنْ يقدم لي أحدهم عدة رسم، منذ بداية الثورة لم أرسم أبداً رغم أني شاركت بأربعة معارض رسم، في حلب كنت أتابع نشاطاتي واهتماماتي في الرسم، أشعر أنْ أصابعي تلومني على عدم الرسم، الأيّام تمرّ بسرعة أشعر أنّ أيامي تحترق دون أقدم مالدي.

 في سؤال حول ماترسم أجابت هدى: كنت أرسم الأزياء ثمّ الطبيعة كوني أعيش في هذه القرية التي اعشق تفاصيلها، كما كنت أرسم البجعة، جمال الطبيعة في قريتي الجبلّية يوحي بالكثير من الأفكار، لكنّني حالياً أرغب برسم الوجوه، خاصة الوجوه الحالمة، ربّما لأنني أحب عالم الخيال أكثر، الواقع بعيد عنّي، بسبب مالاقيته من قسوة البشر، أمّا التأمّل والخيال يشغل أغلب أوقاتي. 

أنا أجد نفسي في الشّعر أكثر من الرسم، لكني أشعر أنّ طاقتي السلبية تخرج بالرسم، هكذا تقول هدى.        

لديّ الكثير من الأمنيات :أوّلها أنْ أمشي على رجلي كما وعدني الأطباء، كما أتمنّى أنْ أنشر ديواني الشعري، الذي ينتظر الطباعة منذ سنتين، كما أرغب بعمل معرض خاص بلوحاتي، 

الظروف التي ترافقت مع الثورة منعتني من متابعة نشاطاتي.

مما كتبته هدى:

عندما تدق نواقيس الوداع

كأنها كلمات تضرب القلب

وترتفع أشرعة الخداع 

مؤذنة ببدء الرّحيل   

أنا التي أحبّ الحياة.........

الجدير بالذّكر أنّ لهدى أخاً يعاني من المشكلة ذاتها أي ليس لديه القدرة على المشي، هو صديقها الدائم، وشريكها في الحلم، محمد الذي يصغر هدى بثلاث سنوات، يعمل في مجال برامج الكمبيوتر، حاول الهجرة مرّة بمساعدة أصدقائه، لكنّ السلطات البلغارية اعتقلته وأعادته إلى تركيا، محمد لايحب اللقاءات الإعلامية، لأنّه لايحبّ الأضواء.  

 

PUKmedia  اليندا أحمد / عفرين 

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket