اصفهان.. مدينة الجمال وبوابة التاريخ و ينبوع الحضارة

اصفهان مدينة الجمال وبوابة التاريخ و ينبوع الحضارة

نصف العالم!
اصفهان مدينة تاريخية في وسط ايران وتقع على بعد 420 كيلومتراً جنوب طهران ويقطن فيها مابين 4 او 5 ملايين نسمة. مدينة اصفهان هي مركز المحافظة، ولجمالها ومعالمها الحضارية تسمى في الثقافة الإيرانية «اصفهان نصف جهان» اي «اصفهان نصف العالم». وكانت هذه المدينة منذ القديم من احدى المناطق الحضارية في ايران. ونظراً لاحتواء هذه المدينة على عمارات وبنايات أثرية عدّة، فقد سجلت منظمة «اليونسكو» الدولية عدداً منها في قائمة التراث العالمي. تقع اصفهان في منطقة شبه صحراويه وسط ايران وعلى ضفاف نهر «زاينده رود». مناخ المدينة معتدلٌ ولها فصولٌ منتظمة.
وتعد اصفهان من المراكز السياحية والثقافية والاقتصادية في ايران.
وكان أوج ازدهار مدينة اصفهان قبل 500 عاما وبالتحديد فترة الملك شاه عباس لما قام به من عملية انتقال العاصمة الى هذه المدينة.
اصفهان هي من اكثر مناطق ايران شهرة في العالم، فان تسميتها «بنصف العالم» تعود الى قرون خلت، فان وجود اكثر من ستة آلاف معلم أثري في محافظة اصفهان، جعل هذه المنطقة المباركة من ارض ايران تتحلى بهذه التسمية. ترى في اصفهان مزيجاً من التراث الثقافي الرائع والطبيعة الجميلة الخلابة، والتي يمتد قدمها الى قدم تاريخ الحضارة والثقافة الايرانية. ان المعالم الاثرية الرائعة المتبقية من مختلف الأدوار والحقب التاريخية في هذه المحافظة، حولت اصفهان الى متحف فني تاريخي طبيعي، يقصدها السياح الايرانيون والأجانب لزيارتها.
وتدلّ المعالم الأثرية القيمة المتبقية من شتى العصور التاريخية في هذه المنطقة، على ان سكان هذه المدينة تميزوا بالنضج الحضاري والثقافي منذ الألفية الثالثة قبل الميلاد. يضاف إلى ذلك وجود هضاب وتلال أثرية وبما في ذلك هضاب سيلك التاريخية التي هي معلم آخر من تلك الحضارة.
 
قصر «جهلستون»
أي (قصر الأربعين عموداً) بمدينة اصفهان هو من أحد القصور الثلاثة المتبقية من العهد السابق. رغم أن هذا القصر كان يحظى بعظمة أقل مقارنة مع قصور الملوك السابقين، إلا أنه وبسبب زخارفه الفريدة الرائعة كان قصراً جدّ جذاب.
يتكون القصر من قاعة ملكية وايوان وغرف ترتبط ببعضها البعض. ومن جماليات هذا القصر التي تبعث على الاعجاب، هي زخرفته بالمرايا والمجصصات والرسومات البارعة الجمال.
كان جميع ايوانات (صالات) الأبنية والعمارات وقبل البدء ببناء ايوان قصر «جهلستون»، مسوراً من ثلاث جهات باستثناء جهة واحدة وهي كانت مفتوحة، بيد أنه في هذا الايوان ثلاث جهات مفتوحة سوى جهة واحدة فقط وهي مغلقة. هذا الأمر تسبب في انشاء مساحة جديد في العمارة الإيرانية تربط خارج المبنى بداخله بشكل منقطع النظير.
من العناصر الجذابة الأخرى لهذا القصر، وجود حديقة وحوض ماء أمامه. فكان انعكاس القصر على سطح ماء الحوض، يضفي عليه منظراً جميلاً خيالها يجذب الناظر.
انشاء شارع جميل وطويل باسم «جهارباغ» أي (الحدائق الاربع) وحدائق عدة حول هذا الشارع كان من أحد مشاريع البلدية في عهد شاه عباس الاول واختيار مدينة اصفهان عاصمة لايران في عام 1007 هـ.ق.
إن تتابع الحدائق المختلفة ومنها حديقة «خرغاه» وحديقة «بلبل» أي (العندليب) وحديقة «هشت بهشت» أي (الجنائن الثماني) وحديقة «فتح آباد» وحديقة «خلعت» وحديقة «انجورستان» أي (الكرم) وحديقة «كاج» أي (الصنوبر) و«نسترن» أي (النرجس) وغيرها كان من المشاريع الرئيسية للبلدية لتجميل مدينة اصفهان ، إلا أنه وفي الوقت الحاضر، لم تتبق من هذه الحدائق سوى حديقتي «هشت بهشت» و«جهلستون».
أمر شاه عباس ببناء عمارة على شكل قبعة افرنجية في وسط حديقة جهلستون، تضم غرفاً صغيرة حولها، ما تحول فيما بعد الى النواة الأولى لقصر جهلستون. وكانت هذه الحديقة تستخدم لاستضافة ضيوف البلاط الملكي في المراسم والحفلات، وبعد تربع شاه عباس الثاني، سابع ملوك العرش، تم توسيع قصر جهلستون وأضيفت اليه قاعات منها قاعة المرايا وقاعة الثمانية عشر عموداً، والغرفتان الكبيرتان في شمال قاعة المرايا وجنوبها، والايوانات الملكية في كلي الطرفين، وحوض ماء كبير أمام القاعة، اضافة الى زخرفة الجدران والسقوف بالرسومات والمرايا والقاشاني (نوع من الزخرفة الايرانية). القاعات الموسعة للقصر كانت في عهد شاه عباس الثاني مكاناً ملكياً لاستضافة الوفود الرسمية واقامة المراسم. وافتتح شاه عباس الثاني هذا القصر في عام 1642 للميلاد وبحضور سفراء الدول الخارجية.

جسر خاجو
يقع جسر خاجو في مدينة اصفهان وعلى نهر زاينده رود، وفي شرقي جسر الله وردي خان. تم بناء هذا الجسر الذي يبلغ ارتفاعه 133 متراً وعرضه 12 متراً، في عهد الملك شاه عباس الثاني عام 1060 هـ.ق.
وتأتي شهرة جسر خواجو مقارنة بباقي الجسور والقناطر الواقعة على زاينده رود بسبب جمالية هندسته المعمارية وتزيينه بالقاشاني. هذا الجسر الذي كان يعدّ من أجمل جسور العالم ، كان في الغالب يستخدم كسد على النهر. وفي الجانبين الشرقي والغربي من الجسر، هناك مبنى يحتوي على غرف مزخرفة بالرسومات. وكان هذا المبنى مخصصاً للأمراء والشخصيات البارزة، حيث تتم دعوتهم الى هذا المكان الذي يشكل بحيرة اصطناعية للتفرج على مسابقات السباحة والتجذيف.
يضم جسر خواجو 24 فوهة متشكلة من مكعبات منحوتة دقيقة تسد وبواسطة سدور خشبية معبأة في وسط الجسر، تسدّ تقدم المياه.
يصل طول جسر خواجو المبني من الطابوق والحجر الى 150 متراً وعرضه الى 14 متراً فضلاً عن أن معبر الجسر يبلغ 7/5 أمتار. ويقدر عدد ينابيع الجسر فيما بين 24 و28 ينبوعاً والبعض منها مدفون تحت أكداس من الرمل والتراب.
هذا الجسر بمثابة سد على زاينده رود، ويتمتع بهندسة معمارية وقوة ومتانة جعلته في غاية الجمال والروعة. وبني الجسر على اربعة طوابق، وفي الجانبين الداخليين للمعبر العلوي، توجد 51 غرفة صغيرة وكبيرة.
لا تتجاوز أحجاز هذا الجسر المترين، وهناك نتوءات وحفر أمام كل سقف من فوهات الجسر. وكان في الماضي يتم تخزين المياه عند ارتفاع منسوب مياه النهر، وذلك من خلال وضع أخشاب بقياس فوهات الجسر، ناهيك عن أنه كان يستخدم في الماضي مكاناً للتجذيف واقامة مراسم ومهرجانات وما الى ذلك.
يرتبط جسر خاجو بقاع النهر عبر أحد عشر سلماً حجرياً، وفي الجهتين الشرقيتين للجزء الأسفل للجسر، نرى تمثالين حجريين كبيرين لأسد بقيا منذ ذلك الزمن القديم لحد الآن.
ويذكر أن الغرف المبنية على وسط الجسر والمزينة بالرسوم وفن التذهيب بقيت كما عليه  منذ القدم الى الآن.

مسجد الشيخ لطف الله
 هو من المساجد التاريخية المعروفة في مدينة اصفهان ومن روائع الفن المعماري الايراني وفي الزخرفة خلال القرن الحادي عشر الهجري. هذا المسجد الذي أمر بتشييده شاه عباس الاول، استغرق بناؤه ثمانية عشر عاماً وقام بانجازه المعمار البارع محمد رضا اصفهاني. وجدران المسجد الداخلية من تحتها الى مافوقها كلها مغطى بالقراميد.
وحول روعة الفن المعماري المستخدم في مسجد الشيخ لطف الله، قال خبراء علم الآثار الأجانب: «يصعب الإقرار بأن هذا المبنى صنيع يد الانسان».
مسجد الشيخ لطف الله من أجمل المعالم التاريخية باصفهان والذي يقع في شرق ساحة نقش جهان وأمام قصر عالي قابو.
يفتقر هذا المسجد الى أي منارة ورواق داخلي وساحة، وتوجد أمام مدخله السلالم؛ ما جعل المسجد، وعلى ما يبدو، غير طبيعي. قد يعزى عدم وجود رواق وصحن في هذا المسجد الى ما تقتضيه ساحة نقش جهان من تنسيق وتقارن أي وقوع المسجد أمام قصر عالي قابو، ما قد أسفر أخيراً عن هذه النتيجة وهي عدم التمكن من تصميم وبناء صحن أو ساحة باتجاه القبلة لأداء الصلاة فيه.
بني مدخل المسجد المغطى بالقرميد في عام 1011 الهجري وانتهت أعمال تشييد المسجد وزخرفته عام 1028 الهجري.
قبة مسجد الشيخ لطف الله هي من إحدى القباب ذات الجدار الواحد. يصل ارتفاع القبة الى درجة أنها تبرز الى جانب ساحة نقش جهان وتغلب على المحيط. ويمتد انحناء القبة من نقطة نتوئها الكبير الى الداخل فجأة ويشكل بذلك قمة القبة وتتحمل هذه الضغوط جدران المسجد السميكة. وتم تصميم جدران مسجد الشيخ لطف الله بشكل سميك يجعلها تتحمل ثقل وضغط القبة الكبيرة، فضلاً عن أن سماكة الجدران القريبة من النوافذ تصل الى 70/1 متراً وفي الأجزاء الرئيسة منها تتجاوز المترين.
ان النقوش والألوان المستخدمة في زخرفة قبة هذا المسجد هي من أجمل وأزهى أنواع القاشاني في الفن المعماري والتي تم نصبها بشكل ماهر ودقيق على القبة. أما الاضاءة داخل المسجد فتتم من خلال نوافذ مشبكة مركبة على مختلف جدران القبة. فالاضاءات الساطعة الى داخل المسجد عبر هذه النوافذ توفر نوراً كافياً ملائماً للداخل اضافة الى انها تضفي حالة روحانية هادئة على الفضاء الداخلي. كما تم تزيين جدران القبة بالقاشاني الأزرق ورسومات عن الأزهار والورود وكذلك كتيبة مكسوة بالقرميد نقش عليها عددٌ من قصار السور القرآنية.
هذا ويعتبر محراب مسجد الشيخ لطف الله من أجمل محاريب المساجد باصفهان ومن أروع ما أبدعه الفن المعماري الايراني الفريد في نوعه. محراب المسجد مزينٌ بأنواع القراميد زاهية الألوان.

منار جنبان (المنارة المتحركة باصفهان)
تقع في طريق اصفهان الى منطقه نجف آباد قرية باسم «كارلادان» والتي هي اليوم جزءٌ من مدينة اصفهان. يوجد في هذه القرية، بناء يضم مقبرة أحد الزهاد الصالحين المعروفين في القرن الثامن الهجري ألا وهو العم عبدالله كارلاداني. وتوضح السنة المكتوبة على لحد مقبرة عبدالله وهي 716 للهجرة، توضح أن هذا العارف الكبير كان يعاصر السلطان الايلخاني محمد خدا بنده.
ايوان هذا البناء هو من معالم العهد الايلخاني، غير أن بعض الباحثين يعتقدون بان منارتي العمارة تمت اضافتهما الى الايوان فيما بعد. ولكن مما لا شك فيه هو أن ما يميز (المنارة المتحركة باصفهان) عن مثيلاتها المتحركة هو تحرك باقي أجزاء البناء ناهيك عن المنارتين المتحركتين نفسيهما. ان تحرك هاتين المنارتين كان لمدة من الزمن يثير تساؤلاً يشغل بال العلماء والخبراء. ومازال الفن المعماري الخاص بهذا البناء يكتنفه السر والغموض. «منار جنبان» ليست هي العمارة الوحيدة التي تتحرك في العالم بل نجد نظيرات لها في العراق والعربية السعودية. وكيفما كان فان السبب العلمي الرئيس في تحرك المنارتين انما يعود الى ظاهرة «دوبلر» في علم الفيزياء، فوجود تشابه في النمط المعماري الخاص بهاتين المنارتين، جعلهما تتأثران بعضهما بالبعض.
لكن ما هو سرّ الغموض الذي يكتنف المنارتين؟ فاذا صعد شخصٌ سطح هذا البناء عن طريق سبعة عشر سلماً موجوداً في كل منارة وينتهي الى السطح وبدأ يهز واحدة من المنارتين، تتحرك هذه المنارة وفي الوقت نفسه تتحرك المنارة الأخرى فالحقيقة هو أن البناء كله يتحرك، بيد أن حركة المنارة نفسها فقط يمكن رؤيتها ولأجل مشاهدة حركة البناء ولمسها.
إن استخدام آجر خاص يتميز بمطاطية عالية مقارنة بالآجر الاعتيادي المستخدم في باقي الأقسام فضلاً عن تحرّك المنارتين عبر اهتزازها وفقاً للقوانين الفيزيائية، كل ذلك يسدل الستار عن سر أشهر منارة متحركة في العالم، كما يكشف لنا جوهر وعمق العلوم والتقنية التي استخدمها معماريو هذا البناء على مدى القرون السبعة المنصرمة، وليست هناك معلوماتٌ دقيقة عن أسماء معماريي هذا البناء. لكن وكما يرى الخبراء ثمة منارات أخرى تضاهي هذه المنارة في حركتها الفيزيائية وبنيت بالتزامن مع بناء هذه العمارة ومنارتيها. ونذكر منها على سبيل المثال منارات مسجد أشترجان على بعد 40 كيلومتراً في غرب اصفهان والتي تعرض معظمها للدمار
هذا البناء مزين بأنواع القاشاني اللازوردي والفيزوزجي، ونصبت على مقبرة العارف عبدالله قطعة من حجر الرخام نقشت على زواياها سورة يس. كما توجد كتيبات أخرى في هذه البقعة بما فيها كتيبة من الرخام تعلو المقبرة.

معبد النور
معبد النور في اصفهان من المعالم الأثرية المتبقية في ايران. هذا المعبد له تاريخ قديم وتم استخدامه في شتى العصور والأدوار التي مرّت بالمنطقة. يقع هذا المعبد الأثري على مقربة من نهر زاينده رود وعلى تل مرتفع، ما يمكن للناظر من مشاهدة مساحات بعيدة بشكل جيد.
النسيج الأصلي لهذا المعبد هو طبقات من الطوب، تتخللها طبقة رقيقة من القصب كانوا يأتون به من النهر، وذلك لإضفاء القوة والصلابة على المبنى. الدعائم الكبيرة للمبنى والمكونة من الطوب تكاد تبدأ من وسط تل المعبد وتتحول الى أعمدة قوية في القسم العلوي منه، كما توجد غرف صغيرة فوقها. كذلك نرى في بعض الأجزاء من المعبد آثار سلالم منتظمة منحوتة في جوف الصخر، تمتد الى الأعلى، ولكن بمرور الزمن طمث آثاره. الى ذلك، كان قد بني على هضبة المعبد ، مبنىً مدور يمكن القول انه النقطة المعمارية الاخيرة في المعبد، حيث لم يتم بناء أي شيء يرتفع منه فوق التل. هذا المبنى أو لنقل هذه الغرفة ذات ثمانية اضلاع وفي كل زاوية منها نافذة تطل على الخارج.
وكانت هذه المجموعة الاثرية تشتمل على غرف وحجرات في الجهات الأربع للهضبة وتمتد الى الغرفة الموجودة في اسفل المعبد، الا أنّ الاقسام الشمالية وجزءاً من القسم الشرقي للمعبد بقيت كما هي عليه الآن، وعلى ما يبدو فان هذه الأجزاء تمت اعادة اعمارها في العصر البهلوي. وأقدم معلم اثري بقي من العصور الخوالي في اصفهان هو المعبد نفسه.
واللافت هنا هو بقايا الطبقات من الطوب في أطلال هذا المعبد، وقلما نجد أثراً مكوناً من الطوب بهذا القياس والحجم، وكما يعتقد خبراء علم الآثار فان هذه الطبقات كانت تتشكل من الطوب اضافة الى رمال وحصى وقصب يؤتى بها من ضفاف نهر زاينده رود لاستخدامها كلبنة أساسية في بناء المعبد وذلك لإضفاء قوة اكثر عليه.
وبحسب خبراء علم الآثار، فان تاريخ بناء هذا المعبد يعود الى ما قبل العصر الساساني، لأن المعابد في ذلك الوقت لم تكن تبنى على الجبال أو التلال، بل كانت هذه المعابد تبنى في أماكن يسهل الوصول اليها. فبإمكاننا أن نقول بصراحة إن معبد اصفهان التاريخي خير دليل وشاهد على وجود حضارات اكثر قدماً من السلالة الساسانية وما قبلها من السلالات والحكومات.
ان الموقع الجغرافي الذي يتميز به هذا المعبد وانشاءه على تل مرتفع وطريقة بنائه، كل ذلك يثير الشك بأن الهدف وراء بناء مثل هذا المعبد لم يكن منحصراً على تقديم القرابين والأضاحي، بل بني للأغراض الدفاعية أيضاً. وفي الحقيقة كان المعبد بمثابة برج للرصد.

معالم تاريخية وسياحية في اصفهان
اصفهان مدينة الحضارة والتاريخ تقع على خط العرض الشمالي 32 درجه و37 دقيقه وعلى خط الطول 51 درجه و40 دقيقه. تحدها من الشمال مدينتا كاشان ونطنز ومن الجنوب مدينه شهر رضا اما الغرب فمدينه نجف اباد وتتصل شرقا بمدينه نائين وقد برزت أهميتها نظرا لموقعها الجغرافي في مركز ايران منذ القدم وعلى مرور القرون كانت محط لأنظار  المحققين والسياح وقد كانت مركز سكن الملك جهانغير هخامشي ايام حكومته وفي العصر الساساني أي قبل الفي عام كانت موطنا لنفوذ اقوام واسبوهران يجمعون فيها قواهم وعساكرهم. بعد ظهور الاسلام وتثبيت امره فتحت اصفهان على يد جيوش المسلمين ( 4-23 هجري الموافق / 4-643 ميلادي ) وقد اخذت في قلوب فاتحيها موقعا واهتماما بحيث ان الوالي الحجاج ابن يوسف الثقفي اختار حاكما لاصفهان أوصاه بقوله لقد اخترتك لمدينه حجرها كحل وذبابها زنبور عسل وعشبها زعفراني رائع الجمال!.
في عهد ركن الدولة البويهي ( 61_320 هجري ) ومع توحيد المدينة واقامة الحصون المنيعه جعل لاصفهان اهميه مضاعفه غير ان شهرتها وازدهارها يرجع في الحقيقة الى اقدم من ذلك بكثير حيث عهد السلاجقة الاتراك الذين جعلوا شهرتها تنتشر شرقا وغربا لتنتشر وتتوسع فيها الحرف والاعمال وتقام فيها المؤسسات والمدارس الدينية ويكثر فيها العلماء المختصون في فروع العلوم المختلفة جعل من هذه المدينة مركزا للفكر والثقافة. وقد تداولها الزمن صعودا وهبوطا كحال باقي الحضارات على مرور التاريخ حتي اختيرت عاصمة توج بها الشاه عباس إمبراطورا لتأخذ بعد تثبيت حكومته وسلطنته فيها لقب عروس مدن العالم لدرجة جعلت الرحالة الشهير بتيرودالاواله يقارنها بالقسطنطينية بل يفضل اصفهان عليها في مبانيها و هندستها المعمارية وازدهار مراكزها التجارية والاقتصادية. اما الرحالة شاردن فقد اعتبر مكانة نصف العالم ( اصفهان ) في اسيا على نفس الدرجة والمقياس مع مدينه لندن في اوروبا. وضاعت كل تلك العظمة بعد ان هجم الافغان ( غلزائيو قندهار ) فاحترق البلد واختلط الحابل بالنابل وظهرت الخلافات الداخليه بوجود مسئولين غير اكفاء. وبقيت اصفهان رغم كل ما مر صامدة كعهدها تحافظ على هويتها التاريخيه وتحرس اصالتها التاريخية مدافعة عن اثارها النفيسة. في عهد ثورة الدستور  نهض الاصفهانيون مع باقي مواطنيهم للدفاع عن حقوق لدرجه كانت اصفهان من اوائل المدن التي شملها قانون البلديات لتقوم بتأسيس البلديه فيها في العام 1325 هجري وكان هذا الامر مصدر خير وبركة عظيمه. انها اصفهان مركز الثقل للثقافة التي كانت قد رعتها في رحمها لتخرج مشعة ومضيئة في هذا المكان التاريخي من العالم.

المنارتان المتحركتان (منارجنبان)
توجد على الطريق بين اصفهان ونجف آباد قرية تسمي كارلادان وتعتبر جزءا من مدينة اصفهان ، يوجد في هذه القريه بناء هو مزارا لاحد عباد الله الصالحين والزهاد المشهورين في القرن الثامن الهجري يدعي عبدالله كارلاداني .
التاريخ المذكور على صخرة القبر يشير الى العام 716 هجري مما يذكرنا بان هذا العبد الصالح الزاهد عاش في عصر السلطان ( محمد خدا بنده ) الايلخان المسلم . ايوان هذا البناء واحد من الاثار الخاصة بالعهد الايلخاني بينما يعتقد البعض بان المنارتين بنيتا واضيفتا الى البناء فيما بعد .
في هذا الايوان يقع مزار العم عبدالله ، اما الصعود الى سطح المبني والى المنارتين فيتم عن طريق سلم رفيع صغير حلزوني دائري .
الامر الذي جعل هاتين المنارتين تحملان تلك الشهره وتجبر القاصي والداني لزيارتهما هو ان تحريك احداهما سيحرك الاخرى مباشرة بل يهز المبني كله ويصيبه بالارتعاش .
البعض من المهندسين يظهرون بعض الاراء الفنيه الهندسية في حركة المنارتين . غير ان القسم الاخر منهم لايجدون اي دليل منطقي مقنع لحركة هاتين المنارتين . يبلغ ارتفاع ايوان مقبرة عمو عبدالله عشرة امتار عن سطح الارض ويبلغ ارتفاع كل من المنارتين 5/7 متر .

جهلستون (الاربعين عمود)
بستان وحدائق جهلستون التي تبلغ مساحتها 67000 متر مربع قد احدثت في عهد الشاه عباس الاول وتم اكمال مبانيها في عهد سلطنة الشاه عباس الثاني وتشتمل على قاعة المرايا ، قاعة الثماني عشرة عمود ، الغرفتان الكبيرتان الشمالية والجنوبية لقاعة المرايا ، اؤاوين طرفي الصاله الملكية ، وحوض كبير امام الصالة بكل نقوش الزينه والاعمال الزجاجية وتغطية الجدران والسقوف بالبلاط . ولعل من اهم اسباب تسمية هذا القصر بجهلستون اي الاربعين عمود هو انعكاس العشرين عمودا داخل المسبح ( الحوض ) وهناك احتمال اخر هو ان العدد اربعين يمثل في الثقافة والادب رقما مؤثرا ومستعملا على الدوام .
ان ايوان القصر يشتمل على قسمين يحتوي على 18 عمود خشبي رفيع وقائم ، أربعة منها في الوسط قامت على اربعة أسود صخرية حفر عليها بالنقوش بشكل يجعل كل اسدين برأس انسان واما القسم الثاني من الايوان فهو مرتفع بعض الشيء شكل المدخل الكبير للصالة التي يسميها البعض صالة المرايا .
القاعة المركزية للقصر اعدت للضيوف الاجانب ورجال الدوله المهمين وتحتوي على رسوم ونقوش تشير الى الحوادث التاريخيه المتعاقبة .

سي وسه بل
ان احد اجمل الجسور المقامة على نهر زاينده رود  منذ  5 قرون هو جسر سي وسه بل ( وتعني جسر الثلاثه والثلاثين ) وفي وقتها كان يسمي جلفا وله تسمية اخرىهو جسر الله ورد يخان العسكري الشهير زمان الشاه عباس الاول المكلف ببناء هذا الجسر .
كان لهذا الجسر الذي يربط شارع جهار باغ العباسي بجهار باغ العلوي اربعين عينا لم يبق منها الا ثلاثه وثلاثين وتم اغلاق الباقي – طول الجسر 295 متر وعرضه 75/13 متر وهو من اوائل الاثار الباقيه من عصر الشاه عباس الاول .
لهذا الجسر رصيف للتجول اقيم فوق الجسر ورصيف آخر في الاسفل . وكانت احتفالات رش واراقة المياه في ذلك العهد تجري الى جانب هذا الجسر ، في هذه الاحتفالات التي تجري كل عام في يوم 3 تموز ويقوم الناس برش المياه وماء الورد على بعضهم البعض .
يعتبر جسر الله ورديخان المبني في العام 1011 هجري من اشهر الاثار التاريخية باصفهان والذي يقصده الرحالة والسياح من كل حدب وصوب.

ساحة  الشاه
كانت بستانا كبيرا باسم نقش جهان في عهد الشاه عباس الاول قبل اختيار اصفهان عاصمتا لإيران . ولقد وسعوا هذا البستان بشكل يشبه ساحة حسن بادشاه بمدينة تبريز الى الحد الذي هو عليه اليوم ليبنوا عليه اشهر واعظم المباني التاريخية التي عرفتها اصفهان مثل مسجد الجامع العباسي او ما سمي بمسجد شاه ( في الضلع الجنوبي ، ومسجد الشيخ لطف الله على الضلع الشرقي وعمارة عالي قابو على الضلع الغربي والقيصرية الكبرى على الضلع الشمالي . ان طول هذه الساحة ألمعروفه بالميدان من الشمال الى الجنوب يبلغ بحدود 507 متر وعرضها بحدود 158 متر.
لقد كان هذا الميدان خلال القرن الحادي عشر الهجري القمري ( القرن السابع عشر الميلادي ) واحد من أكبر ساحات وميادين العالم وخلال عهد الشاه عباس وخلفه مكانا لاستعراض الجيش ، وللاحتفالات النورية ومعرضا للقضايا المختلفة ولعل منطقه دروازه سنغي جوغان الباقية هناك تحكي لنا اجمل الحكايات عن ذلك الزمان.
البنايات الثلاث مسجد الامام ومسجد الشيخ لطف الله والقيصرية بأواوينها وأطواقها المتشابهة ترتبط مع بعضها البعض في أطراف الميدان الأربعة ، هناك اربعة اسواق ترتبط عن طريق المحلات الى داخل الميدان وباستثناء الشوارع التي تمر على الميدان فان ما يحيط حول الميدان هو عبارة عن مجموعة غرف بطابقين .
ويمكن القول بكل جرأه بان هذا الميدان مع ساحاته التكميلية وما يرتبط بها من عمارة عالي قابو – مسجد شيخ لطف الله – توحيد خانه سوق القيصرية هي وحدها تعادل كل الاماكن السياحية المستقطبة للسياح في كل ايران وتضاهيها جمالا وجاذبية.

قصر عالي قابو
عمارة اقيمت غرب ميدان نقش جهان بمقابل مسجد الشيخ لطف الله وحصلت على شهرة عالمية استثنائية كواحدة من اعظم وقمم الفنون الهندسية المعمارية في بداية القرن الحادي عشر الهجري بناه الشاه عباس في العام 1054 هجري قمري .
لهذا القصر مدخل مركزي يعتبر مدخل لكل القصور التي بنيت في ميدان نقش جهان. واسمه المركب من كلمتين يعني الباب العالي او المكانة العليا ومن اسمائه الاخرى علي قابو – دولتخانه مباركه نقش جهان دولتخانه قصر.
يحتوي هذا القصر على خمسة طوابق وكل طابق له نقوشه وزينته الخاصه به ، في الطابق الارضي هناك صالتان ( قاعتان) كانتا مكانا للشؤون المالية والاداريه في تلك الحقبة وفيها ايضا ادارة شؤون الديوان . في الطابق الثالث يوجد أيوان كبير يقف على 18 عمودا مرتفعا ورفيعا وثابتا ، وفي وسط الايوان يوجد حوض ماء جميل من المرمر .
ولعل عمل الفنان المعروف في عصر رضا عباسي يتجلي كثيرا في الطابق الاخير المعروف باسم قاعة الموسيقى او غرفة الصوت مما جعل هذا الطابق وبناية عالي قابو جزءا من البنايات الفريدة التاريخية النفيسة.

كنيسة وانك
وتسمي ايضا بكنيسة سنسور وكذلك سميت آمنه پركيج وهي اكبر كنائس جلفا وقد تم احداثها على بستان الزرشك في العام 1605 الميلادي وقد تم توسيعها وتكبيرها على الشكل الحالي في العام 1655 ميلادي وتحتوي الكنيسه على قبة عظيمه وكبيره وجدران واطواق عاليه وجميلة ورائعة ويقيم فيها خليفة الارمن لايران والهند .
صمم المصلي الرئيسي بشكل متوازي الاضلاع ويحتوي على قسمين مربعين فالقسم الاول هو بالكون او ايوان والقسم الثاني يستقر تحت القبه وتقام به المراسم والأناشيد الدينيه .ويغطي جدران المصلي الاصلي الرئيسي البلاط الملون ، وعلى القسم الاعلى منه صور جميله مستوحاة من الكتاب المقدس .
رسمت حول القبة من الداخل صور تمثل خلق آدم وحواء ، وكذلك تم رسم المسيح (ع) على المحراب الجميل وغطى الجزء الخارجي للقبه بالبلاط
هناك متحـف للكنيسة تم بناؤه في العام 1905 وفيه اللوحات الفنية الأوروبية المهداة الى الكنيسة وعدد من الكتب المخطوطة النفيسة .
 هناك مطبعه كانت تعتبر في وقتها عصريه اسست في العام 1636 في زمان رأس الكنيسة المسماة خاجاطور كساراتسي واول كتاب طبع فيها هو زبر داوود (ع) ويحتفظ به الان بمدينة اكسفورد البريطانية وتم عرض صور الكتاب المشار اليه في متحف الكنيسة ، اما مكتبة كنيسة وانك وباحتوائها على 25000 مجلد كتاب فتعتبر من اغني المصادر للمحققين الأرمن ومحققي الأديان الاخرى .


اعداد التقارير بقلم
د.خ.ا.الفائز
[email protected]