قرار مجلس الامن لمكافحة الارهاب والنتائج المتوقعة

تقاریر‌‌ 05:36 PM - 2014-08-19
قرار مجلس الامن لمكافحة الارهاب والنتائج المتوقعة

قرار مجلس الامن لمكافحة الارهاب والنتائج المتوقعة

تمويل الجماعات الجهادية حكومات وقطاع خاص


صوت مجلس الأمن الدولي بالإجماع، مساء يوم 15 اوغست 2014، على قرار قطع التمويل عن كل من تنظيمي داعش "الدولة الاسلامية" وجبهة النصرة الإرهابيين.
جاء قرار مجلس الأمن رفضا لممارسات تنظيم داعش واعتمد القرار تحت الفصل السابع. وضع القرار ستة أشخاص على القائمة السوداء لارتباطهم بالجماعتين المسلحتين وتجميد أصولهم وفرض حظر على سفرهم وتسليحهم، فإن مجلس الأمن يهدد بفرض عقوبات على أي شخص يساعد الجماعتين الإرهابيتين. وجاء في القرار "إن مجلس الأمن  يعرب عن استعداده للنظر في إدراج الأفراد والجماعات والمؤسسات والكيانات التي تقدم الدعم "لتنظيم الدولة الإسلامية أو جبهة النصرة، بما في ذلك وضع من يقومون بالتمويل والتسليح والتخطيط والتجنيد لهاتين الجماعتين على القائمة السوداء".
تسعى لجنة مكافحة الإرهاب في الامم المتحدة، إلى تعزيز قدرة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على منع وقوع أعمال إرهابية داخل حدودها وفي المناطق التي تقع فيها على حد سواء. وقد أنشئت اللجنة عقب 11 سبتمبر 2001. وتحصل لجنة مكافحة الإرهاب على مساعدة من المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب، التي تتولى تنفيذ قرارات اللجنة المتعلقة بالسياسات، وتجري تقييمات فنية لكل دولة عضو بواسطة خبراء، وتيسر تقديم المساعدة التقنية إلى البلدان في مجال مكافحة الإرهاب.

يعتبر التمويل اساس عمل الجماعات المسلحة، بعض النظريات تقول "إنعدام التمويل يعني إيقاف الإرهاب" وهذا يعني مراقبة الى عمليات غسيل الاموال من خلال البنوك والمصارف وشركات الصيرفة وبعض شركات الاستيراد والتصدير لغسيل الاموال بطريق المقايضة. لكن المشكلة تكون اعظم عندما تقف دول بامكانياتها لدعم المجموعات الارهابية، التي اصبحت اوراق ضغط تستخدمها بعض الحكومات في سياساتها في المنطقة. جاء القرار بعد مساعي مشتركة من قبل الى كل من الولايات المتحدة وأستراليا ودول أوروبية أبرزها ألمانيا وهولندا، إلتي حشدت أضخم عدد من الأصوات وراء هذا التحرك الدولي الذي يتيح لتلك الدول اتخاذ تدابير أكثر صرامة في استجواب أفراد مشتبه بعودتهم من دول ينشط فيها تنظيما القاعدة وداعش، كما يتيح منعهم من العودة في حال ثبوت مشاركتهم في القتال أو تدريبات مع مجموعات تعتبرها هذه الدول إرهابية.
وسبق ان أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية يوم 7 اوغست 2014 أن الولايات المتحدة أدرجت على قائمتها السوداء ثلاثة أشخاص، بينهم كويتيين، بتهمة تمويل جماعات متطرفة في سوريا والعراق. وأوضحت الوزارة أن الكويتيين هما الشيخ شافي العجمي وحجاج العجمي وكلاهما متهم بجمع أموال لصالح جبهة النصرة، فرع تنظيم القاعدة في سوريا. وقال ديفيد كوهين نائب وزير المالية لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب إنه "من خلال الدعوة لجمع أموال عبر شبكات التواصل الاجتماعي وبواسطة شبكات مالية" قام هؤلاء الرجال بتمويل المعارك في سوريا والعراق. والشخص الثالث الذي أدرجته واشنطن على قائمتها السوداء هو عبد الرحمن خلف العنيزي ولم تحدد جنسيته، أما التهمة الموجهة إليه فهي تمويل تنظيم "الدولة الإسلامية".

دعم سعودي مالي الى لجنة مكافحة الارهاب

قدمت المملكة العربية السعودية يوم 13 اوغست 2014 مبلغ 100 مليون دولار إلى الأمم المتحدة لدعم جهودها في مكافحة الإرهاب ودعت الدول الأخرى إلى ان تحذو حذوها. وستوجه الأموال الى مركز مكافحة الإرهاب في الأمم المتحدة الذي تم إنشاؤه في العام 2011 لمواجهة التحديات الأمنية الجديدة التي يشكلها الإرهاب، كما قدمت الولايات المتحدة والمانيا وبريطانيا تبرعات للمساعدة في تشغيل هذا المركز.
الدعم السعودي يأتي ضمن سياسة المملكة العربية السعودية الاخيرة في مواجهة الارهاب التي اتخذتها مطلع عام 2014، بعد ان اصدرت جملة قرارات ابرزها تجريم السعوديين الذين يلتحقون بالتنظيمات "الجهادية" داخل او خارج المملكة وكذلك الحد من فتاوى الجهاد العشوائية.


إستقطاب الارهاب

تحولت سوريا الى محطة بارزة في تأريخ التنظيمات "الجهادية" بعد عام 2011، لتتحول سوريا الى منخفض للحركات "الجهادية" في المنطقة، وتعيش هجرة عكسية من دول الغرب انتشرت فيها رجال الفتاوى السلفية التكفيرية التي اصبحت تمثل مراكز تصدير "الجهادين" للمنطقة. أن ألتحاق المتطوعيين الاجانب في تنظيمات "جهادية داخل" سوريا ثم العراق كان تحت اعين الغرب  بتمويل  قطري وبتعاون تركي وباشراف الولايات المتحدة وبريطانيا. إن استمرار هذه الجماعات للعمل وضمن امكانيات مالية وتسليحية، تثير الشكوك بان هنالك من يقف وراء حركة هذه الجماعات التي نتج عنها زعزعزعة امن المنطقة واستنزاف اقتصادياتها واضعاف قدراتها وقوتها العسكرية واعادة رسم خارطتها. ابرزها ما قامت به "الدولة الاسلامية من اجتياح الى مدينة الموصل في يونيو 2014 وما ارتكبته من جرائم بحق الاديان والمذاهب والاقليات، الشيعة التركمان والمسيحيين واخيرا ضد الايزيدية مطلع شهر اوكست 2014 بعد احتلالها قضاء شنكال والتي تضاف الى جرائمها في سوريا والمنطقة.

التمويل العصب الرئيسي للجماعات "الجهادية"

ألتمويل يعتبر اساس عمل تنظيم القاعدة و"الجهاديين" ألتقارير ألإستخبارية تعطي تفاصيل حول أهمية التمويل، فألجهاديون والمقاتلون الذين يتطوعون للقتال، دائما يختارون الفصائل الأكثر تنظيما والاكثر دفعا وتسلحا. على سبيل المثال أن "الدولة الأسلامية" استطاعت اجتياح التنظيمات الاخرى في العراق والشام بسبب ما تتمتع به من امتيازات مالية وتسلح، هذا دفع الكثير من الألوية وألكتائب بالقتال تحت رايتها بعد ان كانت تقاتل تحت رايات اخرى. كذلك في العراق، بسبب ما يتمتع به تنظيم "الدولة الاسلامية "من تمويل مرتفعة، ساعد على حصوله على مجندين، مقاتلين جدد. التمويل هو العامل الأساسي في استمرارية القاعدة والجهاديين. ويلعب القطاع الخاص دورا في تمويل الإرهاب، فمكاتب الصيرفة الخاصة وتحويل الأموال عبر العالم قد تم أستغلالها من قبل" الجماعات الجهادية". أن فرض الرقابة الشديدة على الشركات المالية الخاصة ومتابعة اصولها المالية من شأنها أن تعمل على تجفيف مصادر التمويل ومكافحة الأرهاب.
لقد تحدثت التقارير الاستخبارية كثيرا عن مصادر تمويل تنظيم "الدولة الاسلامية" والتي تركزت في السيطرة على الثروات والبنوك ومصادر الثروات، لكن مايتمتع به التنظيم من قدرات مالية ربما تفوق هذه المصادر رغم انها مصادر واسعة لايستهان بها.
وفي حديث الى الفريق الركن المتقاعد وفيق السامرائي الى قناة العربية يوم 15 اوغست 2014، لفت الانتباه الى نقطة وهو ان التنظيم يملك عجلات من موديل وطراز واحد، وهذا يعني انه استيرادها تم وفق امكانيات واسعة تتعدى التنظيم وتقع ضمن امكانيات دول، بالاضافة الى ان التسلح الذي يتمتع به يعتبر تسلحا نوعيا. التنظيم استطاع ايضا الحصول على صواريخ ومعدات قتالية من النوع الثقيل جعلت شركات الطيران ان تتخذ قرارا بتغيير مساراتها وعدم التحليق فوق الاجواء العراقية .

النتائج المتوقعة من قرار الامم المتحدة

إن اصدار هذا القرار، ربما لم يأتي بجديد فقد سبق ان صدرت عن الامم المتحدة منذ عام 2001 عدة قرارات في معالجة الارهاب ولكن للاسف لم تكن هنالك سياسات فاعلة على الارض. ومايتعلق في عمل اللجنة الخاصة في مكافحة الارهاب، فأن اعترافات العديد من المسؤوليين داخل الامم المتحدة اشارة الى تعثر بل توقف هذه اللجنة، يشار بأن اللجنة تم البدء العمل الاداري بها عام 2005 لكنها لم تمارس نشاها فعليا الا عام 2011 والذي كان متعثرا، البعض ذكر بان النقص بالتمويل هو السبب. إن اصدار بضعة اسماء على قائمة الارهاب لايتوازن مع حجم الضرر والعمليات الارهابية التي تقوم به هذه الجماعات الارهابية. وكان يجدر بالامم المتحدة ان يشمل القرار جميع التنظيمات "الجهادية" القاعدية دون التحدد ب "الدولة الاسلامية" والنصرة.
إن سياسات الولايات المتحدة في المنطقة ومنها مايتعلق بمكافحة الارهاب لا يوجد لها حضور وغير فاعلة. اما سياسات الولايات المتحدة في مكافحة الارهاب، فأثبتت فشلها وتناقضها، وكانت سوريا ربما تمثل اسوء الخيارات الى الادارة الامريكية والتي تغيرت بها موازين اللعبة اكثر من مرة مما جعلها تفقد مصداقيتها في المنطقة.  هذه القرارات بالتاكيد تكون ايجابية ونافعة اذا تم تطبيقها ومتابعتها، لكن رغم ذلك مثل هذه السياسات والقرارات سوف لاتكون لها نتائج سريعة. ما تحتاجه المنطقة، هو ايجاد اجتماعات اقليمية وورشات عمل من شأنها تعمل على تبادل المعلومات ومسك الحدود وتجفيف منابع الارهاب والحواضن، هذه السياسات اي الاقليمية سيكون لها نفعا اكثر من سياسات الولايات المتحدة وقرارات الامم المتحدة. إن الغرب ما يهمه من قرارات ومن نتائج هو الحد من عودة "الجهاديين" الى اوطانهم وتهديد الامن، دون الاهتمام بما تتعرض له المنطقة من عمليات قتل وابادة جماعية مفتوحة في المنطقة. التناقض في سياسة الولايات المتحدة انها تقاتل "الجماعات" ثم تعود تتفاوض معها على اعادتها للسلطة! وهذا ماحدث في افغانستان والعراق.
ماتحتاجه المنطقة تعاون استخباري اقليمي، على مستوى اللجان الفنية يمكنها من متابعة وتعقب المطلوبين لمواجهة موجة الارهاب في ألمنطقة، واثبتت التجارب بان التعاون الاقليمي اكثر نتائج من التعاون الدولي. يقول ونستون تشرشل "قد تكون الاستراتيجية جذابة، ولكن على المرء أن يراقب نتائجها". فإن وضع إستراتيجية لمكافحة الإرهاب ما هو إلا خطوة  يتطلب المتابعة والاشراف والتقييم.

ـ جاسم محمد
* باحث في قضايا الارهاب والاستخبار

 

PUKmedia

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket