شراء صوت المواطن

الاراء 11:31 AM - 2014-04-16
حسين فوزي

حسين فوزي

في السبعينات، وبعد انتصار “التأميم” تمت زيارة  العديد من المناطق وزعت العطايا، وكانت منها زيارات لم تعرف ابداً مسؤولين كبار، ضمنها الأهوار، الزيارة التي دبج عنها السيد حسن العلوي صفحات في الف باء.

في تلك الزيارات وُزعت هدايا “نادرة” حينها: تلفزيونات وثلاجات، واحياناً سيارات، وقطع اراضي ومبالغ مالية كبيرة. كان المواطن البسيط بـ”اشراف” من اجهزة حزبية وامنية يهزج لـ”عطاء” القيادة و”اهتمامها” بالمواطن الفقير، لكن الذي غاب عن بال المواطنين البسطاء، بل وحتى صحفيين لامعين مثل السيد العلوي، أن هذه العطايا هدفت إلى استمالة مشاعر المواطنين وشدهم للسلطة، ضمن مخطط تصفية القوى السياسية الرئيسة، التي التحق فيما بعد العلوي بصفوفها في الخارج.

ومع كل حلول لموعد الانتخابات النيابية نشهد حملة الهدايا التي كانت بدايتها المدفآت والبطانيات، والمبالغ المالية الدولارية وعقود الأراضي الزراعية والتسهيلات الأخرى لـ”اشراف القوم وشيوخهم”. ومع اكتشاف قيمة “بئر” السلطة تصاعدت قيمة العطايا والهدايا والوعود، فبات توزيع الأراضي السكنية حالة العديد من المسؤولين.

وبعد مؤامرة تجربة النظام الشمولي في سد بعض الأفواه وقطع رؤوس الكثير من الأحرار والمفكرين او تدميرهم، وبعد كل تجربة عدم وفاء بعض السياسيين بوعودهم، بل عجزهم عن معرفة السبل الكفيلة بتحقيقها وبعد اضطرار من وزعت عليهم ارض سكنية بيعها او بناء كوخ لا يوفر متسلزمات لائقة بالمواشي، وبعد معاناة تدني مستوى التعليم والتعليم الجامعي، واستشراء الفساد حد ان المواطن لا يحصل على سنوية سيارته او اجازة قيادة المركبات بدون رشوة تعادل مدخوله لشهر كامل لكل منهما.

وصار الحديث عن النزاعات المبطنة لخلفيات سياسية وطائفية حالة تسود ربوع غرب الوطن ومشرقه، في الأنبار والموصل وديالى وصلاح الدين واطراف بغداد، بجانب تفاقم العلاقات العربية الكوردية بعوامل مشابهة، في مقدمتها التخلي عن برنامج حكومة الشراكة الوطنية واتفاق اربيل الأول، والاستصغار للمعارضين ورموزهم وتخوينها احياناً، فان استسهال القبول باية تعبئة طائفية او عشائرية مقابل الهدايا والعطايا والوعود يعني العودة مرة اخرى إلى ذات الحالة المصاحبة لزيارات راس السلطة الشمولية للأهوار التي هجرَّ اهلها، ولمحافظتي النجف وكربلاء التي قصفت بالمدافع الثقيلة حتى مراقدها المقدسة، وكوردستان التي ذبح مواطنوها جموعاً غفيرة.

قال سيدنا الإمام علي (ع) “الساكت عن الحق شيطان أخرس” فكيف هو حال من يبيع صوته او ولاءه للفاشلين بابخس الأثمان؟!؟

عسى ان يعي المواطنون قيمة اصواتهم، ويشخصوا من يمكن له ان يكون صادقاً فيما يطرحه من وعود بالخبرة والقدرة، بالأمانة ليس في شخصه وحده، إنما في حاشيته، وليس في شخوص من فرخوا مئات الأسر الحاكمة في بغداد وشبانها يعيثون فساداً.

عسى الا يسترخص المواطن صوته مقابل حفنة دنانير او دولارات او قطعة ارض، إنما التصويت لمن يخطط لبناء مساكن تلبي حاجة كل العراقيين ومعامل ومزارع تستوعب كل العاطلين وتستورد عمالة اجنبية.. هل يتحلى الناخب بهذا الوعي، أنه امتحان الحرص على مستقبل الأبناء ووحدة الوطن!؟

 

حسين فوزي

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket