رسالة الناخب العراقي

الاراء 05:15 PM - 2018-05-20
ستران عبد الله

ستران عبد الله

برغم كل المثالب فأن  الانتخابات البرلمانية الاخيرة  قدمت مؤشرات ايجابية يمكن البناء  عليها اذا ما احسن اولوا الامور واولوا الالباب التصرف و عززوا هذه المؤشرات بمبادرات لاتترك الامور الجوهرية للصدفة، واحدى اهم هذه المؤشرات هو سقوط الاستقطاب القومي عراقيا، فكل من عول على جني الاصوات اعتمادا على لغة تحريضية ضد الكرد و ملفاتهم المختلف عليها من الاستفتاء  الى المادة 140و الحصة  الكردستانية من الموازنة العامة. فقد سقط معظم الرموز السياسية الذين اعتمدوا على لغة قومية متعالية تثير النعرات القومية بحجة اثارة النخوة العربية عند العرب من الشيعة والسنة و لم يحصلوا على ثقة الجمهور سواء لجهة انتخابهم مرة اخرى للبعض منهم او  لجهة تأمين كتلة انتخابية تؤمن البعض الاخر منهم التنازع على امتيازات الحكم و  مسك خيوط العملية السياسية عن طريق احتكار تمثيل مكونات بعينها او الظهور بمظهر حامي حمى الوطنية.  والوطنية الحقة من سير و تحركات البعض منهم براء
لقد رفع البعض من هؤلاء من منسوب الحقد والشوفينية و اختصروا الوطنية العراقية في اعلان العداء الصريح لقضايا الشعب الكردستاني و لكل شاردة و واردة كردية.  وتفننوا في ابتداع الاجتهادات القانونية  والادارية امعانا في ايذاء المواطنين الكرد اقتصاديا وسياسيا، وهم فعلوا ذلك اعتمادا على موقعهم  في الدولة او في اروقة صنع القرار و ماكنة التجاذبات السياسية . ان عملية شيطنة الكرد   وايهام الجمهور العربي بأن الشركاء الكرد ليسوا بشركاء بل الجيب العميل والشوكة التي في خاصرة العرب و غيره من مفردات الترسانة البعثية التي شرعنت لاقصاء الكرد من العملية السياسية رغم ان النخبة الكردستانية وبرغم كل اخطائھا السياسية فيما مضى كانوا من فرسان العراق الجديد و مارافق ذلك من تدشين مؤسسات جديدة. ولولا دورهم كصانع ملوك لعملية التغير  منذ سقوط الدكتاتورية لما ترسخ  العهد الجديد  ولما امكننا الحديث عن الانتخابات و تداول السلطة (والذي منه) كما يقول المصريون . ومن ثم ماكان بأمكان هؤلاء ان يمسكوا بخيوط النفوذ والنقود والنفوس في بيئة كانت فيها الثقافة الصدامية تكبس على انفاس الشعب بكل تلاوينه السياسية ، بديمقراطيه و بأصحاب  الحقوق التأريخية فيه وبأعدائھم من حارقي البخور من سدنة الشوفينية والمركزية المقيتة . لقد اتخذ هؤلاء  من خطوة الاستفتاء الكردستاني  ذريعة ما بعدها ذريعة من اجل الحد من التطلعات الديمقراطية للكرد في العراق واعتبروه قميص عثمان من اجل تجييش الاستقطاب القومي والمذهبي ضدهم. ويقال ان البعض من الافاقين الذين لايراعون لاذمة ولاضمير في تعاملاتهم خلوا الى معابدهم متمنين ان لايتراجع  الكرد عن   خطوة الاستفتاء حتى يكون ذلك حجة من اجل لثم المكاسب الكردية في العراق الجديد وتصفير تلك المكاسب في لعبة اواني مستطرقة اقليمية ومحيط من المجاورة العراقية لاتستسيغ المكانة السياسية للكرد في العراق الدستوري أو في بلدانهم . تلك المجاورة التي لم تكن ضد الحضور الكردي فقط بل كانت ضد مجمل التحولات الديمقراطية والدستورية التي صبت في صالح الشعب الراقي منذ سقوط الصنم في ربيع ٢٠٠٣ . لقد تورط بعض هؤلاء ممن لفظتهم الانتخابات الاخيرة و عاقبهم الناخب العراقي الواعي بأسقاطهم ديمقراطيا،ارتبطوا  بمخططات اقليمية بحجة تحت غطاء الحرص الوطني و وقف المد الكردي المفترض مع ان عناصر من التجاذبات الاقليمية هم نفسهم ابطال المخططات الارهابية ضد الشعب العراقي وابطال التنكيل والتهميش الطائفي و دق اسفين الخلافات بين العراقيين.
ولانريد قط ان نذكي الفائزین الجدد وبرامجهم وهم في اول الطريق ولكن من نافلة القول في اللعبة الديمقراطية ان بعض من صور المفاجأت الانتخابية هو  ان الجمهور يعاقب المجربين والمعروفين بفشلهم بغض النظر عن من يجني ثمار مصائب القوم الخاسر. والشئ المفرح ان الناخب العراقي صوت لبرامج انتخابية تركز على الهم الخدمي والعمراني والوطني دون اعتبار لخطاب الدم بالدم و  ياحوم اتبع لو جرينا وغيرها من الادبيات البعثية التي  (ماتوكل خبز) كما يقول العراقيين.
وبعد هذه الرسالة العراقية في عدم الانجرار مع نغمات الجوقة الشوفينية وتغليب القائمة التي تقدم عهود الخدمات والعمران لمدن العراق بدلا من قوائم تتباهى بمحاصرة كردستان وقطع الارزاق عنهم يجب على الكردستانيين ان  يتعاطوا بأيجابية عميقة مع هذا الحس الوطني العالي للجمهور الناخب ممن لم ينجروا الى قاع الشيطنة والاستقطاب الطائفي ونبذ الكردي الشريك في المصير. وعلى الكردستانين أن يرحبوا بهذا المخرج ويبنوا عليه بما يعزز اللحمة الوطنية والحس الديقراطي والمدني العالي و يبادروا الى الاصطفاف مع دعاوى التجديد والتغيير من اجل انتشال العملية السياسية في العراق من واقع متردي انتج كل هذا الخراب  العنصري وعطل روح المبادرة في حل الملفات الكردية المتراكمة كما في حل كل الملفات العراقية الاخرى. وبمثل هذا التعاطي البناء فقط نكشف للعراقيين الشركاء ان بعض من الخطوات الكردية من التورط في التقوقع السياسي الى خطوة الاستفتاء هو نتيجة خوف من تداعيات خطاب الشيطنة ضد الكرد،  اكثر مما هو خطوة لممارسة حق تقرير المصير وهو حق تأريخي كان و مازال من الممكن ممارسته في بيئة اقل عدائیة من البيئة الاقليمية الحالية التي تعادي ابسط معاني الاستقرار العراقي  وحق العراقيين في الامساك بمصيرهم، فكيف لاتعادي مكون منهم لقضيته  الكردية امتدادات اقليمية وابعاد تأريخية.
وبعد هذه الرسالة العملية ياجماعة الخير ردوا التحية بأحسن منها.

ستران عبدالله

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket